اقتصاديون يدعون الحكومة الألمانية إلى التوسع في الاستدانة

أغنى 10 % من السكان يمتلكون 56 % من إجمالي الثروات في البلاد

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير المالية الألماني أولاف شولتس الذي يُوجه إليه الانتقادات لرفضه زيادة الديون (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير المالية الألماني أولاف شولتس الذي يُوجه إليه الانتقادات لرفضه زيادة الديون (أ.ف.ب)
TT

اقتصاديون يدعون الحكومة الألمانية إلى التوسع في الاستدانة

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير المالية الألماني أولاف شولتس الذي يُوجه إليه الانتقادات لرفضه زيادة الديون (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير المالية الألماني أولاف شولتس الذي يُوجه إليه الانتقادات لرفضه زيادة الديون (أ.ف.ب)

انتقدت معاهد مرموقة في البحوث الاقتصادية وزير المالية الألماني أولاف شولتس لرفضه إدخال ديون جديدة في الموازنة رغم الخفوت الاقتصادي. وكتبت المعاهد في تقريرها الخريفي الذي نُشر أمس الأربعاء: «التمسك بعدم إدخال ديون جديدة إلى الموازنة سيكون مضرا».
وأوضحت المعاهد أنه من أجل ضمان استقرار النشاط الاقتصادي يتعين إفساح مجال داخل الموازنة العامة للاستدانة على نطاق محدود.
وخفضت المعاهد من توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي في ألمانيا، حيث تتوقع أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي هذا العام بنسبة 0.5 في المائة فقط، بينما تتوقع زيادة بنسبة 1.1 في المائة العام المقبل.
كما تتوقع الحكومة الألمانية أن تحقق البلاد نموا اقتصاديا هذا العام بنسبة 0.5 في المائة فقط، وذلك بسبب عوامل اقتصادية خارجية، مثل النزاعات التجارية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفي المقابل، ترى المعاهد أنه ليس هناك داع لوضع برامج تحفيز اقتصادي في ألمانيا، حيث ليس من المتوقع حدوث أزمة اقتصادية رغم الانكماش الاقتصادي في الربع الثاني من هذا العام.
في غضون ذلك، قدّر الاقتصاديون في هذه المعاهد الألمانية، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق سيتسبب بتراجع النمو الألماني 0.4 نقطة العام 2020 مخفّضة بذلك توقعاتها الظرفية جراء «ركود» اقتصادي.
واعتبرت هذه المؤسسات الخمس للأبحاث في تقريرها نصف السنوي أن خروجاً غير منظم للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي «قد يخلف تداعيات كبيرة على النمو في ألمانيا».
وبحسب الخبراء: «يُتوقع تراجع (النمو في ألمانيا) بنسبة 0.4 في المائة» فيما «ينبغي أن تتحسّن التوقعات الظرفية» في حال «توضّحت العلاقات المستقبلية مع المملكة المتحدة».
لكن «لن يُسجل تراجع مأساوي للوضع في منطقة اليورو» وفق خبراء ألمان توقعوا تراجع النمو بنسبة 0.2 في المائة العام 2020 في حال حصول بريسكت من دون اتفاق. وبحسب النماذج، إما سيتراجع النمو في فرنسا بنسبة 0.2 في المائة أو لن يتأثر، فيما قد ينخفض النمو الآيرلندي بنسبة 0.9 في المائة، ولا يُتوقع أن تتأثر إسبانيا بشكل خاص.
وخفّضت المؤسسات توقعاتها لنمو الاقتصاد الألماني لعام 2019 وبشكل أوضح لعام 2020، محذّرة من أن «الركود في القطاع الصناعي يتوسّع» حالياً إلى قطاعات أخرى.
ويتوقع الخبراء نمواً لا يتجاوز 0.5 في المائة العام 2019 مقابل 0.8 في المائة في تقريرهم السابق الصادر في فصل الربيع ويتوافقون بذلك مع توقعات الحكومة. أما بالنسبة لعام 2020، فتظهر المعاهد أنها أكثر تشاؤماً وتتوقع تسجيل نسبة نمو 1.1 في المائة مقابل توقع الحكومة نمواً بـ1.5 في المائة. وكانت أعلنت في وقت سابق أن النمو العام 2020 سيسجّل نسبة 1.8 في المائة.
وتشير المعاهد إلى أن «أسباب النمو المنخفض هي تراجع الطلب الدولي على السلع الاستثمارية وهي اختصاص الصناعة الألمانية والتقلبات السياسية والتغيرات الهيكلية في قطاع صناعة السيارات».
ويشكل هذا القطاع الذي يُعتبر ركيزة القطاع الصناعي في ألمانيا منذ عقود، نقطة ضعف على نحو متزايد وهو أكثر هشاشة بسبب النزاعات التجارية. ويبدو أيضاً غير مستعدّ للثورة الكهربائية.
وعلى غرار السنوات الأخيرة، يبقى الاستهلاك الخاص مدفوعا بصلابة سوق العمل، المحرّك الرئيسي للنمو في البلاد، بحسب الخبراء. وارتفعت ثروات الأفراد في ألمانيا العام الماضي، إلا أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء لا تزال مرتفعة.
فقد أظهرت دراسة أجراها المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية أن أغنى 10 في المائة من السكان في ألمانيا يمتلكون 56 في المائة من إجمالي الثروات، بينما يمتلك النصف الأفقر من السكان 1.3 في المائة فقط من الثروات.
وقال معد الدراسة، ماركوس جرابكا: «انعدام التكافؤ في الثروات مرتفع للغاية في ألمانيا وعلى المستوى العالمي أيضا، إلا أنه لا يزال في نفس المستوى على مدار السنوات العشرة الماضية».
وأشارت الدراسة، إلى أنه بفضل انخفاض البطالة وارتفاع الأجور زادت ثروات الأفراد خلال الأعوام الماضية. وارتفع متوسط صافي الثروات للفرد في ألمانيا خلال الفترة من العام 2012 حتى العام 2017 بنسبة 22 في المائة في المتوسط لتصل إلى نحو 103 آلاف يورو.
وأشارت الدراسة إلى أن الأفراد الذين يمتلكون منازل استفادوا من الازدهار العقاري وارتفعت ثرواتهم بقوة، حيث بلغ متوسطها للفرد نحو 225 ألف يورو، مقابل 24 ألف يورو للأفراد الذين يستأجرون سكنهم.
كما ارتفعت ثروات الشركات، أي امتلاك شركة أو أسهم فيها، أيضا بوضوح منذ العام 2012، إلا أن هذه الثروات تتركز في يد الأغنياء على وجه الخصوص.


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
TT

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل، يوم الجمعة، إن اقتصاد ألمانيا سينكمش للعام الثاني على التوالي هذا العام، وسيكون تعافيه باهتاً، وربما يتفاقم بسبب حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

وتعاني ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، منذ سنوات، منذ أن فقد قطاعها الصناعي القوي القدرة على الوصول إلى الطاقة الروسية الرخيصة، وأيضاً مع تضاؤل ​​شهية الصين للصادرات الألمانية.

ومن المتوقع الآن أن يشهد الاقتصاد الألماني ركوداً خلال أشهر الشتاء ثم يتعافى بأبطأ وتيرة ممكنة؛ حيث سيكون الارتفاع المتوقع في الاستهلاك الخاص أقل ما كان مرتقباً، وقد يضعف سوق العمل أكثر وتتعافى استثمارات الأعمال ببطء.

وقال ناغل: «الاقتصاد الألماني لا يكافح فقط الرياح الاقتصادية المعاكسة المستمرة، ولكن أيضاً المشاكل البنيوية. كما تستجيب سوق العمل الآن بشكل ملحوظ للضعف المطول للنشاط الاقتصادي».

ويتوقع البنك المركزي الألماني الآن انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2 في المائة هذا العام، بعد أن توقع في يونيو (حزيران) توسعاً بنسبة 0.3 في المائة، بينما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 0.2 في المائة من 1.1 في المائة سابقاً.

ولكن حتى هذه الأرقام قد تكون مفرطة في التفاؤل، كما حذر البنك، نظراً للتهديدات الناجمة عن الحمائية المتزايدة والصراعات الجيوسياسية وتأثير التغيير الهيكلي على الاقتصاد الألماني.

وأضاف البنك المركزي الألماني أن محاكاة الرسوم الجمركية المتزايدة المتوقعة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، تظهر أن الولايات المتحدة ستعاني من أكبر ضربة للنمو، ولكن ألمانيا ستخسر أيضاً ما بين 1.3 و1.4 في المائة من الناتج حتى عام 2027، وقد يرتفع التضخم أيضاً بسبب هذه التدابير.

وقال البنك المركزي الألماني إن التضخم سيرتفع بنسبة 0.1 إلى 0.2 في المائة سنوياً حتى عام 2027 بسبب سياسة الحماية التي ينتهجها ترمب، لكن نموذج المعهد الوطني للاقتصاد القياسي العالمي توقع انخفاضاً بنسبة 1.5 في المائة العام المقبل، و0.6 في المائة في عام 2026. وقال البنك المركزي الألماني: «المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي حالياً تميل إلى الجانب السلبي، والمخاطر التي تهدد التضخم تميل إلى الجانب الإيجابي»، مضيفاً أن الانتخابات الفيدرالية الألمانية في الأشهر المقبلة قد تغير التوقعات المالية.

وهذا الضعف المستمر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس، والتلميح إلى المزيد من التيسير في المستقبل، مع تراجع مخاوف التضخم إلى حد كبير وتحول التركيز نحو النمو.

لكن البنك المركزي الألماني ليس مستعداً بعد لإعلان الفوز في معركة التضخم؛ حيث قال يوم الجمعة إن تضخم أسعار المواد الغذائية قد يقفز، وإن تضخم الخدمات سيظل مرتفعاً، مما يبقي الزيادات في الأسعار أعلى من متوسط ​​منطقة اليورو.

وفي غضون ذلك، أظهرت البيانات يوم الجمعة تراجع الصادرات الألمانية على نحو ملحوظ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن أن الصادرات انكمشت في أكتوبر بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بسبتمبر (أيلول) السابق عليه، إلى 124.6 مليار يورو. كما انخفضت الصادرات بنفس النسبة على أساس سنوي.

وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق للصادرات الألمانية، بنسبة 14 في المائة على أساس شهري لتصل إلى 12.2 مليار يورو. وفي الوقت نفسه، انخفضت الصادرات الألمانية إلى الصين بنسبة 3.8 في المائة. وفي التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، انخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 0.7 في المائة.

وكتب كبير الاقتصاديين في مصرف «في بي»، توماس جيتسل، أن بداية الربع الأخير من عام 2024 لا تبشر بالخير مع الانخفاض الذي سجلته الصادرات في أكتوبر الماضي، وأضاف: «حتى لو كان الانخفاض الكبير في الصادرات إلى الولايات المتحدة يتعلق على الأرجح بالطلبيات الكبيرة، فإن التراجع يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في حالة حدوث نزاعات جمركية كبيرة مع الولايات المتحدة».

وتسببت المنافسة المتزايدة في الأسواق العالمية من الصين، على سبيل المثال، فضلاً عن مشكلات هيكلية في الصناعة الألمانية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والأعباء البيروقراطية الكثيرة، في إنهاك ألمانيا بوصفها دولة تصديرية لفترة طويلة. وكانت الصادرات قد انخفضت بالفعل في سبتمبر الماضي.

وانخفضت الواردات إلى ألمانيا بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر مقارنة بسبتمبر إلى 111.2 مليار يورو. وبالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، كانت هناك زيادة بنسبة 1.7 في المائة. وكان الميزان التجاري إيجابياً عند 13.4 مليار يورو.