حملة توعوية في السعودية تشدد على الفحص المبكر لـ«سرطان الثدي»

55 % من حالات السرطان يتم اكتشافها في مراحل متأخرة

جانب من البرنامج التوعوي لحملة «الشرقية وردية» التي انطلقت هذا الأسبوع
جانب من البرنامج التوعوي لحملة «الشرقية وردية» التي انطلقت هذا الأسبوع
TT

حملة توعوية في السعودية تشدد على الفحص المبكر لـ«سرطان الثدي»

جانب من البرنامج التوعوي لحملة «الشرقية وردية» التي انطلقت هذا الأسبوع
جانب من البرنامج التوعوي لحملة «الشرقية وردية» التي انطلقت هذا الأسبوع

أطلقت الجهات الصحية في السعودية حملة توعوية تشدد على أهمية مبادرة النساء إلى إجراء الفحص المبكر للتأكد من عدم الإصابة بسرطان الثدي، والإسراع بالعلاج في حال اكتشاف الإصابة، خصوصاً أن نسبة الشفاء من المرض في مراحله الأولى تصل إلى أكثر من 95 في المائة.
وتأتي الحملات التوعوية بالتزامن مع بداية أكتوبر (تشرين الأول) شهر التوعية بسرطان الثدي على مستوى العالم، إذ يتصدر سرطان الثدي قائمة أكثر أنواع السرطان شيوعاً في العالم بعد سرطان الرئة ويعتبر السرطان الأول عند النساء عالمياً بحسب وزارة الصحة السعودية.
وأشارت الوزارة إلى أن المعضلة الحقيقية التي تواجهها هي في تأجيل الكشف المبكر، عازية ذلك لاعتقاد معظم السيدات أن عدم ظهور الأعراض يعني عدم وجود المرض، ما تسبب في أن أكثر من 55 في المائة من حالات السرطان في البلاد يتم اكتشافها في مراحل متأخرة، الأمر الذي دفع الوزارة إلى تسمية حملتها هذا العام: «لا تنتظري الأعراض، افحصي الآن».
وتطرقت إلى أن الحملة التوعوية تهدف إلى تشجيع النساء من عمر 40 سنة فما فوق على الكشف المبكر لأهميته؛ فهو الوسيلة الوحيدة لاكتشاف المرض في مراحله الأولى التي تصل نسبة الشفاء فيها إلى أكثر من 95 في المائة.
وبينت الوزارة من خلال تصاميم إنفوغرافيك توعوية نشرتها عبر حسابها على «تويتر» أن واحدة من بين كل 8 نساء عرضة للإصابة بسرطان الثدي، مشيرة إلى احتمالية التقليل من الإصابة من خلال الابتعاد عن تناول حبوب منع الحمل لمدة طويلة والكشف بالماموغرام كل سنة إلى سنتين بعمر الـ40 سنة فما فوق، والكشف المبكر في حال وجود تاريخ عائلي بهذا المرض، وتجنب استخدام المعالجة الهرمونية بعد انقطاع الطمث، وممارسة النشاط البدني فيما لا يقل عن 30 دقيقة يومياً، وتناول الغذاء الصحي الغني بالخضار والفواكه، وتجنب السمنة وزيادة الوزن وممارسة الإرضاع الطبيعي والإنجاب المبكر قبل عمر 30 سنة.
ولا تزال المنطقة الشرقية الأولى في عدد الإصابات بسرطان الثدي على مستوى البلاد، بحسب الدكتورة إيمان المهوس رئيسة برنامج الكشف المبكر في جمعية السرطان السعودية بالشرقية رئيس قسم الأشعة بمستشفى قوى الأمن بالدمام.
وأضافت المهوس لـ«الشرق الأوسط» أن الجمعية أطلقت حملتها السنوية «الشرقية وردية» في أول يوم من شهر أكتوبر في مجمع تجاري بالخبر، مع خطة للوجود في أكثر من منشأة للتوعية بأهمية الفحص المبكر.
وتابعت: «اخترنا هذا العام شعار (شجاعة في ربع ساعة) لتشجيع السيدات على الفحص، إذ يتم إنقاذ حياة فرد خلال 15 دقيقة فقط، وهو ما ركزنا عليه في حملتنا الموجهة للنساء والرجال».
وتطرقت إلى نساء كثيرات يقمن بالفحص الذاتي بطريقة خاطئة، ما يجعله بلا جدوى، الأمر الذي دفع الحملة لوضع أركان توضح الطريقة السليمة لإجراء هذا الفحص.
وبيّنت أن حملة «الشرقية وردية» انطلقت عام 2008، وهي الآن في عامها الحادي عشر، وتمكنت خلال تلك الفترة من الكشف على قرابة 18 ألف سيدة، واكتشاف 131 مصابة، مشيرة إلى أن معظم الحالات المكتشفة في المرحلتين الثانية والثالثة.
وذكرت المهوس أن وعي السيدات ازداد في السنوات الأخيرة، إلا أن كثيراً من الأسر لا تزال تواجه السيدة المصابة بنظرات الشفقة والعطف وهذه النظرة من المفترض أن تُنتزع، فالحياة لا تنتهي بعد الإصابة.
وكان مجلس الضمان الصحي التعاوني في السعودية، أكد أنّ شركات التأمين الصحي ملزمة بتغطية تكاليف علاج الأورام الحميدة والسرطان، لا سيما سرطان الثدي وبحد المنفعة القصوى. وأوضح ياسر المعارك المتحدث باسم المجلس، أنّ حد المنفعة الأقصى لعلاج سرطان الثدي يبلغ 500 ألف ريال (133 ألف دولار) خلال مدة الوثيقة، ويشمل ذلك جميع مصاريف الكشف الطبي والتشخيص والعلاج والأدوية وعمليات الترميم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».