مخاوف من دخول الاقتصاد الروسي «حلقة مفرغة» مع تراجع دخل المواطنين

مخاوف تباطؤ الاقتصاد الروسي تزداد مع تراجع الدخل الحقيقي للمواطنين (رويترز)
مخاوف تباطؤ الاقتصاد الروسي تزداد مع تراجع الدخل الحقيقي للمواطنين (رويترز)
TT

مخاوف من دخول الاقتصاد الروسي «حلقة مفرغة» مع تراجع دخل المواطنين

مخاوف تباطؤ الاقتصاد الروسي تزداد مع تراجع الدخل الحقيقي للمواطنين (رويترز)
مخاوف تباطؤ الاقتصاد الروسي تزداد مع تراجع الدخل الحقيقي للمواطنين (رويترز)

لا يتوقف الجدل عملياً بشأن الدخل الحقيقي للمواطنين الروس، ومستوى الفقر في البلاد. وبعد تقارير رسمية أكدت تراجع الدخل خلال الفترة الماضية، وزيادة مستوى الفقر، أكدت وزارة الاقتصاد الروسية توقعاتها بشأن نمو دخل المواطنين خلال النصف الثاني من العام الحالي، في الوقت الذي عرضت فيه دراسات تقديرات المواطنين لمستوى الدخل الذي يشكل «عتبة الفقر»، وأشارت تقارير أخرى إلى تراجع تجارة التجزئة خلال الفترة الماضية، نتيجة تراجع دخل المواطنين، وحذرت من تداعيات هذا الأمر على نمو الاقتصاد الروسي.
في آخر تصريحات بهذا الصدد، قال مكسيم أوريشكين، وزير التنمية الاقتصادية الروسي، إن «دخل المواطنين سيبدأ بالنمو على أساس سنوي بدءاً من النصف الثاني من العام الحالي»، لافتاً إلى أن «تراجع التضخم بشكل ملموس خلال هذه الفترة»، فضلاً عن النمو المتوقع في الأجور الشهرية، من العوامل التي ستساهم في نمو الدخل الحقيقي للمواطنين.
وتولي الحكومة الروسية اهتماماً كبيراً لتحسين دخل المواطنين، في إطار جهود الحد من الفقر، بوصفه من الأهداف الرئيسية التي دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إنجازها حتى عام 2024، في إطار خطته الاقتصادية التي طرحها على شكل «مشروعات قومية».
ويرى المواطنون الروس أنه هناك حاجة إلى 38.1 ألف روبل (نحو 595 دولاراً) للشخص الواحد في الأسرة، لضمان حفاظها على مستوى معيشتها الطبيعي، وأنه يمكن تصنيف الأسرة «فقيرة» في حال كان دخل الفرد الواحد فيها لا يتجاوز 12.5 ألف روبل (195 دولاراً). هذا ما كشفت عنه دراسة وضع «رفاهية السكان»، التي أعدها مركز «ليفادا سنتر» عن تقديرات «حياة الفقر» و«حياة طبيعية» وفق رؤية المواطنين الروس.
وتظهر نتائج استطلاع الرأي تبايناً بين التقديرات الرسمية وتقديرات المواطنين لمعدل «الحد الأدنى المعيشي». ووفق التقديرات الرسمية؛ فإن هذا الحد، والذي يشكل «عتبة الفقر» كانت قيمته خلال الربع الثاني من العام الحالي نحو 11.2 ألف روبل (175 دولاراً).
وقال 40 في المائة من المشاركين في استطلاع للرأي، ضمن الدراسة، إن دخلهم أدنى من تقديرات الرأي العام لعتبة الفقرة (12.5 ألف روبل)، وقال 60 في المائة إن دخلهم الشهري أعلى من تلك التقديرات، مما يعني بالتالي تسجيل تراجع على «مستوى الفقر» خلال العام الحالي، مقارنة بالعام الماضي، حين قدر 55 في المائة من المواطنين الروس أن دخلهم الشهري أعلى من «عتبة الفقر».
في الوقت ذاته، تم تسجيل زيادة من 4 في المائة عام 2018، حتى 7 في المائة خلال العام الحالي على نسبة المواطنين الذين أكدوا أن دخلهم أعلى من تقديرات «عتبة مستوى الحياة الطبيعي» (38.1 ألف روبل شهرياً للفرد الواحد). وكانت دائرة الإحصاء الفيدرالية الروسية قالت في وقت سابق إن معدل الحد المعيشي الأدنى ارتفع خلال الربع الثاني من العام الحالي حتى 7.1 في المائة على أساس سنوي، وهو ما أدى بالتالي إلى نمو «مستوى الفقر» خلال الفترة ذاتها حتى 13.5 في المائة من المواطنين الروس، أو 19.8 مليون روسي يعيشون تحت خط الفقر.
إلى ذلك، قالت «المدرسة العليا الروسية للاقتصاد» إن وتيرة نمو تجارة التجزئة في البلاد تراجعت من 1.7 في المائة حتى 0.7 في المائة في شهر أغسطس (آب) الماضي، وعزت هذه الدينامية السلبية إلى استمرار تراجع الدخل الحقيقي للمواطنين. ووصف خبراء «المدرسة» مستقبل الاقتصاد الروسي بأنه «ضبابي»، محذرين من أن تراجع تجارة التجزئة يهدد بتباطؤ النمو الاقتصادي، ويحرم أرباب العمل من إمكانية تحسين ورفع الأجور الشهرية، بينما يحول التضخم دون إضافة العمال والموظفين منتجات جديدة إلى «سلة المشتريات الاستهلاكية»، وبذلك يدخل الاقتصاد «حلقة مفرغة».
وكان لافتاً تأكيد دائرة الإحصاء تراجع الدخل الحقيقي للمواطنين، رغم نمو الأجور الشهرية. وقالت الدائرة أخيراً إن الدخل الحقيقي للمواطنين تراجع بمعدل 1.3 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، هذا بينما زادت قيمة الأجور الشهرية بنسبة 1.9 في المائة، مقارنة بقيمتها في النصف الأول من عام 2018.



تقرير «مستقبل الوظائف 2025»... 78 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030

الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
TT

تقرير «مستقبل الوظائف 2025»... 78 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030

الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)

كشف تقرير «مستقبل الوظائف 2025»، الذي نشره «المنتدى الاقتصادي العالمي»، أن الاضطراب سيصيب 22 في المائة من الوظائف بحلول عام 2030، وأن 170 مليون وظيفة جديدة ستخلق، في حين ستلغى 92 مليون وظيفة، مما يؤدي إلى زيادة صافية قدرها 78 مليون وظيفة. وعدّ أن التقدم التكنولوجي، والتحولات الديموغرافية، والتوترات الجيو - اقتصادية، والضغوط الاقتصادية هي المحركات الرئيسة التي تدفع هذه التغيرات، مما يعيد تشكيل الصناعات والمهن على مستوى العالم.

وبالاستناد إلى بيانات من أكثر من ألف شركة، كشف التقرير أن فجوة المهارات تظل أكبر عائق أمام تحول الأعمال التجارية اليوم، حيث يُتوقع أن تتغير 40 في المائة من المهارات المطلوبة في الوظائف. ومن المتوقع أن يشهد الطلب على مهارات التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني نمواً سريعاً، لكن المهارات الإنسانية، مثل التفكير الإبداعي، والمرونة، والقدرة على التكيف ستظل حاسمة. ويُتوقع أن يكون الجمع بين كلا النوعين من المهارات أمراً بالغ الأهمية في سوق عمل سريعة التبدل.

ومن المتوقع أيضاً أن تشهد الأدوار الأمامية والقطاعات الأساسية، مثل الرعاية والتعليم، أكبر نمو في الوظائف بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه، سيؤدي تقدم الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة إلى إعادة تشكيل السوق، مما يزيد من الطلب على وظائف تكنولوجية ومتخصصة، مع انخفاض الطلب على وظائف أخرى، مثل التصميم الغرافيكي.

وقال تيل ليوبولد، رئيس شؤون العمل والأجور وخلق الوظائف في «المنتدى الاقتصادي العالمي»: «اتجاهات، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي والتحولات التكنولوجية السريعة، تقلب الصناعات وأسواق العمل، مما يخلق فرصاً غير مسبوقة ومخاطر عميقة». وأضاف: «الوقت الآن للعمل معاً من قبل الشركات والحكومات، والاستثمار في المهارات، وبناء قوة عاملة عالمية متكافئة وقادرة على الصمود».

سوق العمل في 2030

من المتوقع أن تشهد الأدوار الأمامية والخدمات الأساسية، مثل عمال المزارع، وسائقي التوصيل، وعمال البناء، أكبر زيادة في عدد الوظائف بحلول عام 2030، كما يُتوقع زيادة كبيرة في الطلب على وظائف الرعاية، مثل الممرضين، ووظائف التعليم، مثل معلمي المدارس الثانوية، مع دفع الاتجاهات الديموغرافية لنمو الطلب في القطاعات الأساسية. وفي الوقت نفسه، سيؤدي التقدم في الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وأنظمة الطاقة، وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والهندسة البيئية، إلى زيادة الطلب على الأدوار المتخصصة. في المقابل، تظل وظائف، مثل أمين الصندوق والمساعدين الإداريين، ضمن الوظائف الأكثر انحداراً، بينما انضمت إليها وظائف أخرى، مثل مصممي الغرافيك، مع تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على سوق العمل.

فجوة المهارات

تستمر فجوة المهارات بوصفها أكبر عائق أمام تحول الأعمال في مواجهة التوجهات العالمية الكبرى، حيث يعد 63 في المائة من أصحاب العمل أنها التحدي الرئيس لمستقبل عملياتهم. وإذا تم تمثيل القوة العاملة العالمية من خلال 100 شخص، فمن المتوقع أن يحتاج 59 منهم إلى إعادة تدريب أو تطوير مهاراتهم بحلول 2030، مع احتمال ألا يتلقى 11 منهم هذا التدريب، ما يعني أن أكثر من 120 مليون عامل مهدد بالبطالة على المدى المتوسط. بينما يُتوقع أن يشهد الطلب على مهارات التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني نمواً سريعاً، وتظل المهارات الإنسانية، مثل التفكير التحليلي، والمرونة، والقيادة، والتعاون أساسية.

الذكاء الاصطناعي وتحسين المهارات

يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل نماذج العمل التجاري، حيث يخطط 50 في المائة من أصحاب العمل لإعادة توجيه أعمالهم للاستفادة من الفرص الجديدة. ويخطط 77 في المائة من أصحاب العمل لتطوير مهارات القوى العاملة، بينما يخطط 41 في المائة لتقليص العمالة بسبب أتمتة المهام. ويتوقع نصف أصحاب العمل تحويل الموظفين إلى مجالات أخرى؛ لتخفيف نقص المهارات، وتكاليف التحول التكنولوجي. ومع النمو السريع للتكنولوجيا، يجب على القادة وصنّاع السياسات والعملاء التعاون لضمان استعداد القوى العاملة، وتقليل مخاطر البطالة.

ما وراء التكنولوجيا

يعد ارتفاع تكلفة المعيشة عاملاً رئيساً في تغيير سوق العمل، مع توقع فقدان 6 ملايين وظيفة عالمياً بحلول 2030 بسبب ضغوط الأسعار والنمو الاقتصادي الأبطأ. كما يعزز التقدم العمري في البلدان ذات الدخل المرتفع من الطلب على وظائف الرعاية الصحية، بينما يعزز نمو السكان في سن العمل في المناطق ذات الدخل المنخفض من وظائف التعليم. وتثير التوترات الجيوسياسية وقيود التجارة قلق 34 في المائة من الشركات، مما يزيد الطلب على مهارات، مثل الأمن السيبراني.

ضرورة التحرك العاجل

تتطلب مواجهة التغيرات الكبيرة تحركاً عاجلاً ومشتركاً من الحكومات والشركات والمؤسسات التعليمية. تشمل الأولويات سد فجوات المهارات، والاستثمار في برامج إعادة التدريب، وتوفير مسارات للوظائف ذات النمو السريع. ومن خلال التركيز على استراتيجيات انتقال العمل العادلة والشاملة ودعم العمال، يمكن بناء قوة عاملة عالمية مرنة، وقادرة على التكيف، ومؤهلة للنجاح في وظائف المستقبل.