معبد حتشبسوت لاستضافة 4 آلاف مشاهد عبر «أوبرا عايدة» في الأقصر

بمشاركة 100 موسيقي و40 راقصاً

معبد حتشبسوت في الأقصر
معبد حتشبسوت في الأقصر
TT

معبد حتشبسوت لاستضافة 4 آلاف مشاهد عبر «أوبرا عايدة» في الأقصر

معبد حتشبسوت في الأقصر
معبد حتشبسوت في الأقصر

يستعد معبد حتشبسوت الأثري في الوادي الغربي بمحافظة الأقصر (جنوب مصر)، لاستضافة نحو أربعة آلاف مشاهد في حفل أوبرا عايدة الجديد بدءاً من يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بعد غياب 22 عاما وبالتزامن مع مرور 150 عاما على ظهور الأوبرا لأول مرة. وعقدت اللجنة المنظمة لحفل أوبرا عايدة مؤتمراً صحافياً مساء أول من أمس، للكشف عن تفاصيل الحفل، بحضور نخبة من الفنانين المصريين من بينهم يسرا وإلهام شاهين والمخرجة إيناس الدغيدي والمطرب إيهاب توفيق والفنان محمود قابيل ونهال عنبر والإعلامي خيري رمضان والإعلامية لما جبريل.
وتقام حفلات أوبرا عايدة في معبد حتشبسوت على مدار يومين، وفق ياسر مصطفى، رئيس اللجنة المنظمة لحفلات أوبرا عايدة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «نفتخر بأننا استطعنا إعادة أوبرا عايدة من جديد لمدينة الأقصر بعد غياب دام 22 عاما، فتلك العودة تعد بمثابة عودة الروح مرة أخرى إلى جنوب مصر، لأنّها ليست مجرد حفلات فنية وثقافية إنما هي مشروع تنموي يساهم في ازدهار السياحة التي تشهد معدلات إقبال متزايدة في السنوات الأخيرة».
ويؤكد مصطفى أن «اختيار معبد حتشبسوت لإقامة الحفلات كان موفقا للغاية لأنّ المعبد مصمم من أيام الفراعنة على أن يكون مسرحاً فنياً، وهو مكون من ثلاث طبقات تليق بأي مسرح فني ولا يحتاج إلى أي إضافات عليه».
يشارك في الحفل أكثر من 100 موسيقي أكاديمي، عبر الأوركسترا الرسمية للحفل من أوكرانيا بقيادة المايسترو الأوكرانية أوكسانا لينيف، بجانب كورال فريق دومكا الأوكراني، كما يشارك أيضا 80 مطرباً و6 مطربين رئيسيين و40 راقصا، وتؤدي الكورية «ساي كيونغ ريم» دور «عايدة»، وتشتهر باسم المغامر العظيم في السوبرانو الحديث، ويقدم دور قائد الجيش المصري «راداميس» البلجيكي «مايكل سباداكسيني»، أما الملك المصري فيجسده اليوناني أرجيرس، ويخرج العمل المخرج المسرحي الألماني «مايكل شتورم».
ويوضح مصطفى أنّ تذاكر حفل أوبرا عايدة في الأقصر تعد أغلى من تذاكر أوبرا برلين وفيينا، مشيراً إلى أنّ الشركة الألمانية المسؤولة عن تذاكر الحفل كانت متخوفة من ارتفاع سعر التذاكر، إلّا أنّها فوجئت ببيع 90 في المائة منها في وقت قصير جداً وهو الأمر الذي جعلنا نفكر جدياً في العمل من الآن على تنظيم 4 حفلات لأوبرا عايدة في عام 2020.
يذكر أن أوبرا عايدة عبارة عن عرض مسرحي يشتمل على مناظر ولوحات راقصة يتخللها أغان موسيقية متوزعة على أربعة فصول تجسد الصراع بين الواجب والعاطفة، تحكي عن قصة الحب التي نشأت بين الأسيرة الحبشية عايدة وراداميس قائد الجيش المصري، الذي حكم عليه فرعون مصر بالإعدام بعد أن ثبت عليه محاولته للهرب مع عايدة إلى الحبشة، قدمت أوبرا عايدة لأول مرة عام 1871 على مسرح دار الأوبرا القديمة، وعرضت في أوروبا لأول مرة على مسرح لاسكالا في إيطاليا في فبراير (شباط) 1872.
ويعود أصل أوبرا عايدة إلى المخطوطات التي اكتشفها عالم الآثار الفرنسي «أوجست ماريتا» في وادي النيل، والمخطوطة عبارة عن قصة من أربع صفحات، ألف قصتها ميريت باشا عالم المصريات الفرنسي الشهير، وكتب نصها الغنائي جيسلا نزوني وبعد ترجمتها سلمت إلى الموسيقار الإيطالي فيردي في عام 1870، من أجل تأليف أوبرا عايدة بطلب من الخديوي إسماعيل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».