تصاعد احتجاجات هونغ كونغ عشية اليوم الوطني.. ومخاوف من رد أمني عنيف

آلاف المتظاهرين يلتحقون بـ«ثورة المظلات» المطالبة بالديمقراطية.. ويخزنون المؤن تحسبا للأسوأ

حشود من المتظاهرين يحملون هواتفهم الجوالة للإضاءة خلال ليلة جديدة من الاعتصام أمام مقار الحكومة في هونغ كونغ أمس (إ.ب.أ)
حشود من المتظاهرين يحملون هواتفهم الجوالة للإضاءة خلال ليلة جديدة من الاعتصام أمام مقار الحكومة في هونغ كونغ أمس (إ.ب.أ)
TT

تصاعد احتجاجات هونغ كونغ عشية اليوم الوطني.. ومخاوف من رد أمني عنيف

حشود من المتظاهرين يحملون هواتفهم الجوالة للإضاءة خلال ليلة جديدة من الاعتصام أمام مقار الحكومة في هونغ كونغ أمس (إ.ب.أ)
حشود من المتظاهرين يحملون هواتفهم الجوالة للإضاءة خلال ليلة جديدة من الاعتصام أمام مقار الحكومة في هونغ كونغ أمس (إ.ب.أ)

واصل المتظاهرون المطالبون بالديمقراطية في هونغ كونغ الاحتشاد بأعداد كبيرة أمس، متجاهلين الدعوات المتكررة من رئيس الحكومة بالعودة إلى منازلهم، وباشروا إجراءات عديدة مثل تكثيف إغلاق الشوارع وتخزين المؤن وإقامة المتاريس، أمس، تحسبا لحملة قد تشنها الشرطة بهدف إخلاء الطرق تزامنا مع اليوم الوطني الصيني.
وكان آلاف المحتجين وصلوا مع حلول فجر أمس إلى «سنترال وأدميرالتي»، الرئة المالية للمدينة قرب مقر الحكومة، وذلك قبل يومي عطلة إحياء لنصر الشيوعيين على الوطنيين وإعلان جمهورية الصين الشعبية في 1949. واضطر المتظاهرون، بسبب تساقط أمطار مع بداية الليل، إلى الاحتماء تحت مظلاتهم المتعددة الألوان التي كانوا استخدموها الأحد الماضي للاحتماء من الغاز المسيل للدموع وغاز الفلفل. وأوحى ذلك المشهد لمستخدمي الشبكات الاجتماعية بتسمية التحرك «ثورة المظلات». وقال الطالب شوي: «لقد أمضينا أكثر من أسبوع تحت وطأة الشمس وغاز الفلفل، يمكننا تحمل المطر. لا شيء يمكنه أن يوقفنا».
واقسم المحتجون على البقاء في وسط المدينة حتى تحقيق مطالبهم في الإصلاحات السياسية الموعودة بعد إعادة المستعمرة البريطانية السابقة إلى الصين في 1997. وهم يحتجون خصوصا على قرار الصين في أغسطس (آب) الماضي بالسماح بانتخاب مباشر لرئيس الحكومة في هونغ كونغ في 2017 مع الاحتفاظ بالحق في مراقبة الترشحات.
وانتشرت وسط حشود المحتجين أمس، معلومات بأن الشرطة قد تعد للتحرك تزامنا مع ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي لجمهورية الصين الشعبية عام 1949 التي تحل اليوم. وقالت سوي -ينغ تشينغ (18 عاما) وهي طالبة بالسنة الأولى في كلية التعليم المهني والمستمر بجامعة هونغ كونغ، عن اليوم الوطني للصين: «سيحضر كثير من أصحاب النفوذ من البر الرئيس إلى هونغ كونغ. لن تريد حكومة هونغ كونغ أن يروا هذا، لذا على الشرطة أن تفعل شيئا. لسنا خائفين. سنبقى هنا الليلة. الليلة هي الأهم».
وبعد أن عطلوا لليلة جديدة العديد من الأحياء والتقاطعات والطرقات الحيوية في هونغ كونغ التي تتمتع بحكم شبه ذاتي لكن معظم سياساتها تتقرر في بكين، عاد المتظاهرون إلى منازلهم لأخذ قسط من الراحة.
ودعا رئيس الحكومة لونغ شون- ينغ حركة «أوكوباي سنترال»، أبرز الحركات الاحتجاجية المطالبة بإحلال الديمقراطية، لوضع حد للاحتجاجات دون إبطاء لتحركها والسماح بعودة المدينة إلى حياتها الطبيعية. وقال لونغ في أول تصريح له منذ الصدامات التي وقعت ليل الأحد إن «مؤسسي حركة (أوكوباي سنترال) قالوا مرارا إنه في حال خرج التحرك عن السيطرة فسيدعون إلى التوقف. وأنا أطلب منهم الآن احترام تعهداتهم ووضع حد لحملتهم فورا». وكان ليل الاثنين - الثلاثاء شهد صدامات بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب عندما حاول شرطيون طرد ناشطين باستخدام غاز مسيل للدموع وغاز الفلفل.
وأعلنت الصين التي لا يعتقد أي مراقب أنها ستلين موقفها، أنها تدعم بالكامل رئيس حكومة هونغ كونغ في إدارة أزمة المظاهرات «غير المشروعة» في المستعمرة البريطانية السابقة. وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية هوا شونينغ: «ندعم بالكامل حكومة منطقة هونغ كونغ الخاصة الخاضعة لحكم ذاتي لمعالجة مشكلة الأنشطة غير المشروعة» المرتبطة بالمظاهرات. وأضافت المتحدثة الصينية أن «بعض الدول أدلت بتصريحات حول هذا الموضوع»، مؤكدة أن «شؤون هونغ كونغ من القضايا الداخلية الصينية. وندعو الأطراف الخارجية إلى ضبط النفس وعدم التدخل بأي شكل كان».
وكانت لندن دعت أول من أمس إلى فتح مفاوضات «بناءة» في هونغ كونغ، فيما دعت واشنطن التي تخوض حربا تجارية وسياسية ودبلوماسية مع بكين في آسيا، السلطات والمتظاهرين إلى ضبط النفس. لكن قادة «احتلوا سنترال» العازمين على الإفادة من التعبئة الطلابية، رفضوا مطالب رئيس حكومة هونغ كونغ وطالبوه مجددا بالاستقالة. وقال شان كي –مان، أحد مؤسسي الحركة، لصحافيين بعيد تصريح رئيس الحكومة: «إذا أعلن لونغ شون - ينغ استقالته، فهذه الحركة ستتوقف على الأقل مؤقتا في غضون فترة قصيرة حتى نقرر التحرك التالي».
وفي حين تصف سلطات بكين المحتجين بـ«المتطرفين سياسيا»، يشكل طلاب الجامعات والثانويات رأس حربة حملة العصيان المدني التي أطلقت للتنديد بما يعده عدد كبير من مواطني هونغ كونغ الهيمنة المتزايدة لبكين على شؤون المدينة.
وشدد الرئيس الصيني تشي جينبينغ الضغط على التمرد في هونغ كونغ منذ نحو عامين، وهو يتوجس بشدة من العدوى الديمقراطية. وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحية أمس: «من الصعب عدم الخشية من حدوث تكرار للقمع الدامي قبل 25 عاما لمظاهرات تيان آنمان». لكن مايكل كوغلمان، المتخصص في آسيا بالمركز الدولي للباحثين «وودرو ويلسون»، يرى أن هذا أمر غير وارد. وأضاف أن الصين تطمح إلى أن «تكون لاعبا مسؤولا على المستوى الدولي، وهذا ما لم تكن الحال عليه في 1989».
وعلى المستوى الاقتصادي، قررت شركة «لوريال» أكبر الشركات العالمية في مجال مواد التجميل، تعليق رحلات الأعمال التي يقوم بها المتعاونون معها إلى هونغ كونغ حتى 6 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بسبب الأوضاع.
وتزامنا مع هذه الاحتجاجات، أعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية مساء أمس أن الحزب الشيوعي الصيني سيعقد من 20 إلى 23 أكتوبر الحالي اجتماعا موسعا في بكين للجنة المركزية يتمحور حول «سلطة القانون». وأضافت الوكالة أن القرار قد اتخذ خلال اجتماع للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني ترأسه تشي بينغ الأمين العام للحزب ورئيس الجمهورية. ونقلت الوكالة عن بيان للمكتب السياسي أن «من الضروري وضع منظومة قانونية كاملة قابلة لتطبيق فعال تحت إشراف محكم، على أن ترفق بضمانات قوية». وأوضحت الوكالة أن هذا الاجتماع الموسع للجنة المركزية المنتخبة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 في المؤتمر الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، سيكون «الأول الذي سيضع سلطة القانون في صلب أعماله».
ويعقد الاجتماع فيما يتعرض الحزب الشيوعي الصيني الذي يواجه احتجاجات حادة في هونغ كونغ، لحملة واسعة لمكافحة الفساد أطقها تشي بعد المؤتمر، وسقط خلالها عدد من كبار مسؤولي النظام، منهم زهو يونغكانغ المسؤول السابق الواسع النفوذ عن الأجهزة الأمنية من 2002 إلى 2012.
يذكر أن تان زهو يونغكانغ هو أول مسؤول سابق في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني - «قدس أقداس» السلطة الصينية - يخضع للتحقيق بتهمة الفساد، وقد أعلن التدبير هذا الصيف. ويقول خبراء إن الاجتماع الموسع سيناقش حصيلة هذه الحملة التي شملت عشرات آلاف الأعضاء في الحزب الشيوعي الصيني على مختلف المستويات والتصديق على الإقالات الرفيعة المستوى. وكان الاجتماع الموسع الأخير الذي عقد العام الماضي، حدد الاتجاهات الاقتصادية الكبيرة للبلاد، خصوصا التشديد على الاستهلاك بدلا من الاستثمارات في البنى التحتية.



دمشق: رئيسي يلتقي اليوم ممثلي الفصائل الفلسطينية

الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
TT

دمشق: رئيسي يلتقي اليوم ممثلي الفصائل الفلسطينية

الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)

يجري الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي محادثات في دمشق اليوم (الخميس)، في اليوم الثاني من زيارته البارزة التي أكد خلالها دعم بلاده المتجدد لسوريا وتخللها توقيع مذكرة تفاهم لتعاون استراتيجي طويل المدى في مجالات عدّة بين البلدين.
وزيارة رئيسي إلى دمشق على رأس وفد وزاري رفيع هي الأولى لرئيس إيراني منذ أكثر من 12 عاماً، رغم الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري الكبير، الذي قدّمته طهران لدمشق وساعد في تغيير مجرى النزاع لصالح القوات الحكومية. وتأتي هذه الزيارة في خضمّ تقارب بين الرياض وطهران اللتين أعلنتا في مارس (آذار) استئناف علاقاتهما بعد طول قطيعة، بينما يسجَّل انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة منذ عام 2011.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1654027328727711744
وبعدما أجرى محادثات سياسية موسّعة مع نظيره السوري بشار الأسد الأربعاء، يلتقي رئيسي في اليوم الثاني من زيارته وفداً من ممثلي الفصائل الفلسطينية، ويزور المسجد الأموي في دمشق، على أن يشارك بعد الظهر في منتدى لرجال أعمال من البلدين.
وأشاد رئيسي الأربعاء بـ«الانتصار»، الذي حقّقته سوريا بعد 12 عاماً من نزاع مدمر، «رغم التهديدات والعقوبات» المفروضة عليها، مؤكّداً أنّ العلاقة بين البلدين «ليست فقط علاقة سياسية ودبلوماسية، بل هي أيضاً علاقة عميقة واستراتيجية».
ووقّع الرئيسان، وفق الإعلام الرسمي، مذكرة تفاهم لـ«خطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد»، التي تشمل مجالات عدة بينها الزراعة والسكك الحديد والطيران المدني والنفط والمناطق الحرة. وقال رئيسي إنه «كما وقفت إيران إلى جانب سوريا حكومة وشعباً في مكافحة الإرهاب، فإنها ستقف إلى جانب أشقائها السوريين في مجال التنمية والتقدم في مرحلة إعادة الإعمار».
ومنذ سنوات النزاع الأولى أرسلت طهران إلى سوريا مستشارين عسكريين لمساندة الجيش السوري في معاركه ضدّ التنظيمات «المتطرفة» والمعارضة، التي تصنّفها دمشق «إرهابية». وساهمت طهران في دفع مجموعات موالية لها، على رأسها «حزب الله» اللبناني، للقتال في سوريا إلى جانب القوات الحكومية.
وهدأت الجبهات في سوريا نسبياً منذ 2019. وإن كانت الحرب لم تنته فعلياً. وتسيطر القوات الحكومية حالياً على غالبية المناطق التي فقدتها في بداية النزاع. وبات استقطاب أموال مرحلة إعادة الإعمار أولوية لدمشق بعدما أتت الحرب على البنى التحتية والمصانع والإنتاج.
وزار الأسد طهران مرتين بشكل معلن خلال السنوات الماضية، الأولى في فبراير (شباط) 2019 والثانية في مايو (أيار) 2022، والتقى خلالها رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.
وكان الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد زار دمشق في 18 سبتمبر (أيلول) 2010. قبل ستة أشهر من اندلاع النزاع، الذي أودى بأكثر من نصف مليون سوري، وتسبب في نزوح وتهجير أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.