مطالبات بإطلاق استراتيجية موحدة لمواجهة العنف ضد المرأة في العراق

رئيس البرلمان طالب بالسماح لمحتجزات المخيمات بالعودة إلى منازلهن

نازحات مع أطفالهن في مخيم بحمام العليل جنوب الموصل (أ.ف.ب)
نازحات مع أطفالهن في مخيم بحمام العليل جنوب الموصل (أ.ف.ب)
TT

مطالبات بإطلاق استراتيجية موحدة لمواجهة العنف ضد المرأة في العراق

نازحات مع أطفالهن في مخيم بحمام العليل جنوب الموصل (أ.ف.ب)
نازحات مع أطفالهن في مخيم بحمام العليل جنوب الموصل (أ.ف.ب)

أكدت قوى وشخصيات سياسية ومجتمعية عراقية أهمية إطلاق استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة العنف ضد المرأة العراقية إن كان من قبل المجتمع أم التنظيمات الإرهابية. جاءت هذه الدعوات والمطالبات خلال مؤتمر مناهضة العنف ضد المرأة الذي عقد في بغداد أمس.
وفي هذا السياق، أكد رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي أن «أخطر أنواع العنف ضد المرأة هو العنف الذي يغلف بغلاف ديني». وأضاف الحلبوسي أن «هناك قصورا حكوميا وبرلمانيا في معالجة قضايا النازحات في المخيمات»، مؤكداً أنه «خلال الأيام المقبلة ستكمل أمهاتنا وأخواتنا السنة الخامسة لهن في مخيمات النزوح ولا ذنب لهن، ولا زلن في المخيمات دون حلول واقعية تسمح بعودتهن إلى منازلهن». وبين الحلبوسي «إننا لم نرتقِ إلى تفعيل دور المرأة في إدارة مؤسسات الدولة الحكومية والنيابية»، مؤكداً أن «هناك نساء فاعلات في البرلمان لكن نسبتهن مقارنة بأعداد النساء قليلة». ودعا الحلبوسي جميع الجهات إلى دعم المرأة وتسليط الضوء على نشاطها والعمل على منحها دورا أكبر في مختلف المجالات».
بدوره، أكد عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة المعارض، في كلمة له خلال المؤتمر أن الرؤية الإسلامية للمرأة تعتمد على التكاملية في الأدوار مع الرجل ذلك أن «الإسلام في قراءته الصحيحة والسليمة اعتمد في بنائه المجتمعي على المرأة بوصفها ركيزة اجتماعية أساسية ومؤسسة للمجتمع، ولم يتعامل معها على أنها عنصر ثانوي أو إضافي». وأوضح الحكيم أن المرأة العراقية تترقب «أدواراً كبيرة ومهمة، ولكنها للأسف ليست مفعلة حتى الآن، ورغم المناخ الديمقراطي الذي تعيشه العملية السياسية في وطننا، إلا أن النظرة القاصرة بحق المرأة ما زالت هي السائدة في العديد من الأوساط، وحتى داخل التيارات السياسية فإن التعامل مع واقع المرأة انحصر في مفهوم الكوتا (الحصة) البرلمانية واستثمار وجودها كرقم برلماني مضمون، وهو يدل على مستوى القصور في النظرة السياسية للمرأة ودورها ومساحتها، وما زلنا محشورين بتصوراتنا التقليدية الضيقة». ودعا الحكيم إلى «حملة وطنية لإجراء إحصاء خاص بالمرأة، فالحقوق تحتاج إلى معرفة، والمعرفة تحتاج إلى إحصاء، وأدعو منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون المرأة إلى أخذ زمام المبادرة والقيام بهذه الحملة، ومساعدة الأجهزة الحكومية التي تعاني من الإجراءات الروتينية المعرقلة، وعدم الالتفات إلى الحساسيات السياسية التي قد تعرقل أي مشروع يكون الهدف منه معرفة المجتمع بحقيقة الأوضاع التي يعيشها».
وحول وضع الحكومة الحالي بعد ما يقرب من مرور سنة على تشكيلها انتقد الحكيم الخلل الذي تعانيه الحكومة قائلا إنها «تعاني من ضعف واضح في بناها بعد مرور ما يقارب من سنة من تشكيلها من حيث اكتمال الكابينة الوزارية ومن حيث تماسكها وفاعليتها، فوزارة التربية لا تزال شاغرة والصحة التحقت بها بفعل استقالة الوزير التي لم تكن الأولى من نوعها». كما حذر الحكيم مما أسماه «ارتفاع نبرة الطائفية والمناطقية والقومية والمزايدات مع اقتراب موعد انتخابات المجالس».
إلى ذلك، أكدت إلا طالباني، عضو البرلمان العراقي ورئيسة تجمع البرلمانيات العراقيات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤتمر تضمن توصيات مهمة على صعيد كيفية وضع استراتيجية لمواجهة العنف ضد المرأة من قبل عدة جهات برلمانية ومنظمات مجتمع مدني ولجنة المرأة والأسرة حيث إن هناك اهتماما رسميا وشعبيا في مجال التوصل إلى حلول لهذا الأمر»، مبينة أن «أشد حالات العنف التي تواجهها المرأة هي في مناطق النزاعات المسلحة حيث عانت المرأة العراقية الكثير على هذا الصعيد خلال احتلال «داعش» لعدد من المحافظات العراقية». وأضافت أن «المرأة العراقية تعاني اليوم العنف في مخيمات النزوح حيث أعددنا مشاريع قوانين مهمة لإنصاف المرأة». وأوضحت أن «من بين ما تم التركيز عليه هو الإسراع باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإقرار والتصويت على قانون مناهضة العنف الأسري والإسراع في تشكيل وزارة المرأة، واتخاذ ما يلزم بتحييدها عن المحاصصة المقيتة والتنسيق الفعال بين السلطات الثلاث لإيجاد آلية مناسبة تضمن نشر ثقافة حقوق الإنسان في ضوء الصكوك الدولية».
أما فيان دخيل، عضو البرلمان العراقي السابق عن المكون الإيزيدي، فقد أكدت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المرأة العراقية عموما تعرضت لشتى أنواع العنف الأسري والمجتمعي خصوصا أثناء الحروب والنزاعات حيث كثيرا ما يتم اختطاف النساء أو قتل أزواجهن أو أولادهن أمامهن فضلا عن شتى أنواع إهانة الكرامة والشرف وهنا أتحدث خصوصا عن المرأة الإيزيدية التي تكاد تكون مأساتها هي الأكبر على صعيد كل ما عانته المرأة من ظلم واضطهاد». موضحة أن «عدد من قام «داعش» باختطافهم من الإيزيديين أكثر من ستة آلاف عند بداية دخول «داعش» الموصل عام 2014 من بينهم أكثر من 3 آلاف امرأة والأكثر إيلاما أن هؤلاء المتوحشين يتعاملون مع النساء الإيزيديات بطرق عنف لا مثيل لها عبر كل العصور». وحول الجهد الحكومي في مجال تبني معاناة الإيزيديات، تقول دخيل إن «هناك نوعين من الجهد الحكومي هو أولا ما قامت به حكومة إقليم كردستان التي عملت كل ما يمكن عمله في مجال التعامل مع هذا الملف، والثاني هو الجهد الذي قامت به الحكومة الاتحادية وهو جهد لا يرتقي إلى مستوى المسؤولية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.