اليونيسكو لاعتماد «الثوب السوداني»، و«الجَبَنة» و«الحنة» من التراث غير المادي

أقامت ورشة بمشاركة خبراء لتعزيز القدرات الوطنية

الثوب السوداني  -   الحنة السودانية وطقوسها
الثوب السوداني - الحنة السودانية وطقوسها
TT

اليونيسكو لاعتماد «الثوب السوداني»، و«الجَبَنة» و«الحنة» من التراث غير المادي

الثوب السوداني  -   الحنة السودانية وطقوسها
الثوب السوداني - الحنة السودانية وطقوسها

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، فعاليات ورشة عمل لوضع إطار ومؤشرات استراتيجية لصون التراث الثقافي غير المادي في السودان، الذي يأتي ضمن شراكة وتعاون دولي ينمي هذا القطاع من خلال تعزيز القدرات الوطنية.
شارك في الورشة التي عقدت أول من أمس، منظمة اليونيسكو، ودولة الإمارات المتحدة، والحكومة السودانية ممثلة في المجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات القومية، ومنظمات المجتمع المدني ممثلة في بيت التراث.
وأكد وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح خلال الجلسة الافتتاحية للورشة، أن «هذه الشراكة الذكية بين المجتمع الدولي ممثلة في اليونيسكو، تعطي دفعة قوية للمهتمين بالتراث في السودان». وتابع: «المؤسسات الرسمية المعنية بهذا المجال، عانت طيلة الفترة الماضية من العجز في إدارة التنوع الثقافي الذي شابه قلة الاهتمام وندرة الدعم المادي».
ويقصد بـ«التراث الثقافي غير المادي»، الممارسات والتصورات وأشكال التعبير، والمعارف، والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية، تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحياناً الأفراد، جزءاً من تراثهم الثقافي.
وقال دكتور بافل كرويكن مدير مكتب اليونيسكو بالخرطوم إنه سيتم اعتماد 34 عنصراً من التراث غير المادي في السودان من بينها «الجَبَنة»، والثوب السوداني، والحنة الذي يشترك فيه السودان مع عدة دول، مضيفاً أنهم سيبدأون في تنفيذ استراتيجية، صون التراث غير المادي في السودان لمدة خمس سنوات، مؤكداً أنهم يتطلعون للعمل مع الشركاء، كما أمل في دعم وزارة التعليم العالي، والبحث العلمي في مجال جمع وتوثيق وتدريس التراث في الجامعات، كما تطلع لدعم وزارة الثقافة والإعلام بإتاحة منصة إلكترونية للتعريف بالتراث السوداني ونقله للعالم.
ودعت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، بروفسير انتصار صغيرون، إلى الاستفادة من مراكز التراث، الموجودة بجامعة الفاشر، والنيل الأزرق، ومركز سنار الإقليمي للحوار والتنوع الثقافي، مؤكدة أن مؤسسات التعليم العالي مستعدة لتقديم العون وتشجيع الدراسات العليا الخاصة بالتراث غير المادي.
وفي السياق، قال الأمين العام للجنة الوطنية لليونيسكو بالخرطوم عبد القادر محمد حسن، إن وضع استراتيجية لصون التراث غير المادي هي خطوة أولى وهو مشروع مدعوم من اليونيسكو وممول من دولة الإمارات المتحدة، بدأ في عام 2013. واشتمل على تدريب وتأهيل 164 من الإداريين والباحثين في مجال التراث والثقافة في كل أنحاء السودان خاصة أن عدد الكفاءات الوطنية العاملة في مجال التراث قليل لذا وقعنا مع اليونيسكو اتفاقية صون التراث غير المادي في 2003 وقمنا بدعوة 30 خبيراً لمعرفة كيفية صون التراث غير المادي السوداني، وهدفنا في نهاية المطاف إبراز التراث السوداني الغني المشتمل على تراث أفريقي وعربي نسعى للمحافظة عليه وأن يصبح رمزاً للهوية والوحدة الوطنية، متمنياً تسجيل هذا التراث عالمياً للاستفادة منه في عدد من المجالات خاصة السياحة. وأشار حسن إلى قيمة المساعدات التي قدمتها اليونيسكو وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة للمشروع والبالغة 350 ألف دولار.
ولفت أسعد عبد الرحمن الأمين العام للمجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات، النظر إلى وضع مستقبل التراث في السودان من خلال تنفيذ أنشطة وبرامج الدولة وسياستها، وإلقاء الضوء على المطلوبات العالمية والسعي لتنفيذ الاتفاقيات، مع وضع اعتبار الألفية، وأهداف التنمية المستدامة في إطارها الإقليمي ووضع رؤية وتجسير الهوة بين الوضع الراهن والوضع المستهدف.
وتقدم دكتور إسماعيل الفحيل مدير بيت التراث بعدة مطالب نيابة عن الباحثين والخبراء لمجلس الوزراء لتنجز في فترة الثلاث سنوات، أهمها إيلاء الثقافة والتراث والإبداع أهمية وعناية كبرى لمساهمتها في توحيد الأمم والمجتمعات وصناعة ثقافتها ورفع مستوى الدخل القومي وتوظيف السودان، مؤكداً أن السودان هو من أكثر الدول حاجة لمثل هذا النوع من التراث المتنوع الذي يساعد على التئام هذا الشتات القومي، مستدلاً ببعض التجارب العالمية كدولة جنوب أفريقيا.
وتضمن جدول أعمال الورشة عرضاً حول مجهودات السودان في مجال صون التراث غير المادي ومقترح الخطة الاستراتيجية، بالإضافة إلى إفادات وملاحظات المشاركين وأخيراً المسودة النهائية للاستراتيجية.


مقالات ذات صلة

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

العالم طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

حذّرت منظمة «اليونيسيف» من التحول الديموغرافي والتداعيات المتزايدة لظاهرة الاحترار وتهديد التكنولوجيا المتصلة، وكلها «توجهات كبرى» ترسم مستقبلاً قاتماً للأطفال.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة (أميركا))
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي مبنى مقر «اليونيسكو» في باريس (رويترز)

«اليونيسكو» تعزز مستوى حماية 34 موقعاً تراثياً في لبنان

أعلنت «اليونيسكو» أنها منحت عشرات المواقع التراثية المهددة بالغارات الإسرائيلية في لبنان «حماية مؤقتة معززة»، لتوفر لها بذلك مستوى أعلى من الحماية القانونية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» لحماية آثار لبنان من هجمات إسرائيل

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» للنظر في توفير الحماية للآثار اللبنانية المهددة بسبب الهجمات الإسرائيلية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق فنون شعبية مصرية في أسبوع التراث العربي باليونيسكو (وزارة الثقافة المصرية)

عروض فلكلورية وأزياء شعبية في الأسبوع العربي للتراث بباريس

شاركت مصر في الأسبوع العربي للتراث بمنظمة اليونيسكو في العاصمة الفرنسية باريس، الاثنين، بأنشطة متنوعة بين حفلات للغناء والرقص التراثي، وعروض الأزياء المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».