«قلبي... قلبك»... شعار اليوم العالمي للقلب 2019

أمراض القلب والأوعية الدموية تتسبب في 31 % من الوفيات في العالم

«قلبي... قلبك»... شعار اليوم العالمي للقلب 2019
TT

«قلبي... قلبك»... شعار اليوم العالمي للقلب 2019

«قلبي... قلبك»... شعار اليوم العالمي للقلب 2019

يحتفل العالم في 29 سبتمبر (أيلول) من كل عام باليوم العالمي للقلب، والذي يأتي هذا العام تحت شعار (قلبي، قلبك MY HEART، YOUR HEART)؛ ليؤكد من خلاله الاتحاد العالمي للقلب World - Heart - Federation ضرورة العمل سويا للعناية بقلبي... وقلبك... وجميع القلوب، وأن ضمان صحة القلب هو جزء من مهمة الاتحاد، لخلق مجتمع عالمي من أبطال القلب الذين يعملون الآن على العيش لفترة أطول، بقلب أفضل، وحياة صحية أكمل. ويقدم الاتحاد وعده بذلك لأطفال العالم وللعائلات وللمرضى ولصانعي القرارات بدعم السياسات التي تشجع قلوب صحية. وتعمل كافة المنظمات المعنية بصحة القلب على أهمية الوقاية من أمراض القلب، وخفض انتشارها حول العالم، والتمتع بصحة قلبية جيدة.
تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة جميلة الرحيمي: استشارية أمراض القلب والتصوير التلفزيوني للقلب نائبة رئيس مركز الملك فيصل لأمراض وجراحة القلب بالشؤون الصحية للحرس الوطني بجدة، ورئيسة اللجنة المنظمة لفعاليات اليوم العالمي للقلب بالمركز – أوضحت أهم أهداف اليوم العالمي للقلب، وهي:
> التشجيع على اتباع نمط حياة صحي، وعادات غذائية جيدة.
> وضع خطة تساهم في الحد من التدخين؛ لتقليل خطر الإصابة بمرض القلب.
> خفض معدل انتشار ارتفاع ضغط الدم على المستوى العالمي.
> التوعية بأهمية ممارسة الرياضة لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يوميّاً.
ووفقا للاتحاد العالمي للقلب WHF، فإن أمراض القلب تُعد، اليوم، السبب الرئيسي والأول للوفيات حول العالم، وبنسبة بلغت 31 في المائة من عدد الوفيات عالميّاً. ولكن، مع رفع الوعي وتعزيزه، سيكون بالإمكان السيطرة على أمراض القلب، وعلى عوامل الخطر المسببة لها، فضلا عن تحسين نوعية الحياة.
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 17.7 مليون نسمة قد قضوا نحبهم جرّاء الأمراض القلبية الوعائية في عام 2015. مما يمثّل 31 في المائة من مجموع الوفيات التي وقعت في العالم في العام نفسه. ومن أصل مجموع تلك الوفيات حدثت 7.4 مليون حالة وفاة بسبب الأمراض القلبية التاجية وحدثت 6.7 مليون حالة جرّاء السكتات الدماغية. وأن 82 في المائة من الـ17 مليون حالة وفاة الناجمة عن الإصابة بالأمراض غير السارية قبل سن 70 سنة قد حدثت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتسببت أمراض القلب والأوعية الدموية في 37 في المائة منها. وتؤكد منظمة الصحة العالمية على أن المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية أو الأشخاص المعرضين لمخاطر عالية فيما يتعلق بأمراض القلب والأوعية الدموية (بسبب وجود عامل خطر أو أكثر مثل الارتفاع المفرط في ضغط الدم أو داء السكري أو ارتفاع نسبة الشحوم في الدم) يحتاجون إلى الكشف المبكر والتدبير العلاجي باستخدام المشورة الطبية والأدوية، حسب الاقتضاء.
- الأمراض القلبية الوعائية
أوضح الدكتور عثمان متولي استشاري أمراض وقسطرة القلب بمستشفى الملك فهد بجدة أن الأمراض القلبية الوعائية هي مجموعة من الاضطرابات التي تصيب القلب والأوعية الدموية، وفقا للاتحاد العالمي لطب القلب، وتشمل ما يلي:
> أمراض القلب التاجية، وهي تصيب أوعية الدم التي تغذي عضلة القلب
> الأمراض الدماغية الوعائية، وهي تصيب الأوعية التي تغذي الدماغ
> الأمراض الشريانية المحيطية، وهي تصيب الأوعية الدموية التي تغذي الذراعين والساقين
> أمراض القلب الروماتيزمية، وهي أضرار تصيب العضلة القلبية وصمامات القلب جرّاء حمى روماتيزمية ناجمة عن جراثيم العقديات
> أمراض القلب الخلقية، وهي التشوّهات التي تُلاحظ عند الولادة في الهيكل القلبي
> الخثار الوريدي العميق أو الانصمام الرئوي، وهو عبارة عن الجلطات الدموية التي تظهر في أوردة الساقين والتي يمكنها الانتقال إلى القلب والرئتين
ما هي عوامل الخطر المتعلقة بمرض القلب والأوعية الدموية؟ يتمثل عادة سبب النوبات القلبية والسكتات الدماغية في وجود توليفة من عوامل الخطر السلوكية، وأهمها اتّباع نظام غذائي غير صحي، والخمول، وعدم ممارسة النشاط البدني، تعاطي التبغ والكحول، الارتفاع المفرط في ضغط الدم وداء السكري، وارتفاع نسبة الشحوم في الدم.
وقد تظهر آثار ذلك على شكل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى الغلوكوز في الدم، وارتفاع مستوى الشحوم في الدم، والزيادة المفرطة في الوزن والسمنة. ويمكن أن تُقاس «عوامل الخطر المتوسطة» هذه في مرافق الرعاية الصحية الأولية، وأن تدل إلى مخاطر متزايدة لحدوث نوبة قلبية وسكتة دماغية وقصور القلب ومضاعفات أخرى.
- أعراض الحالات
لا توجد، في غالب الأحيان، أي أعراض تنذر بحدوث الأمراض الكامنة التي تصيب الأوعية الدموية، فقد تكون النوبة القلبية أو السكتة الدماغية الإنذار الأوّل بحدوث تلك الأمراض.
> أكثر أعراض النوبة القلبية شيوعا: ألم أو إزعاج في وسط الصدر؛ ألم أو إزعاج في الذراعين أو الكتف اليسرى أو المرفقين أو الفك أو الظهر. وقد يعاني المرء، علاوة على ذلك، من صعوبة في التنفس أو ضيق النفس؛ وغثيان أو تقيّؤ، ودوخة أو إغماء؛ وعرق بارد؛ وشحوب الوجه.
> أكثر أعراض السكتة الدماغية شيوعاً: حدوث ضعف مفاجئ في الوجه أو الذراع أو الساق، وغالباً ما يحدث ذلك في جانب واحد من الجسم. ومن الأعراض الأخرى شعور مفاجئ بما يلي:
- خدر في الوجه أو الذراع أو الساق، في جانب واحد من الجسد على وجه التحديد؛
- التشوش الذهني أو صعوبة في الكلام أو في فهم كلام الآخرين؛
- صعوبة في الرؤية بعين واحدة أو بكلتا العينين؛
- صعوبة في المشي أو الشعور بالدوخة أو فقدان التوازن أو القدرة على التنسيق
- صداع شديد بدون سبب ظاهر؛
- الإصابة بالإغماء أو فقدان الوعي.
وينبغي للأشخاص الذين تظهر عليهم هذه الأعراض التماس الرعاية الطبية على الفور.
- العلاج والوقاية
العلاج. إضافة إلى ذلك، يتطلب علاج أمراض القلب والأوعية الدموية أحياناً إجراء عمليات جراحية مرتفعة التكلفة. وتشمل هذه العمليات:
> مجازة الشريان التاجي coronary artery bypass
> استعمال البالون لفتح انسداد الأوعية الدموية balloon angioplasty
> إصلاح الصمام واستبداله valve repair and replacement
> عمليات زرع القلب البشري والقلب الاصطناعي heart transplantation
ويتطلب علاج بعض أمراض القلب والأوعية الدموية استعمال الأجهزة الطبية مثل منظمات دقات القلب والصمامات البديلة والمرقعات لسد الثقوب في القلب.
> الوقاية. إنّ الأمر الذي يبعث على التفاؤل هو إمكانية توقّي 80 في المائة من الأزمات القلبية والسكتات التي تحدث في سن مبكّرة من خلال:
- اتّباع نظام غذائي صحي ومتوازن: فهو ضروري لصحة القلب والجهاز الوعائي، ويشمل الإكثار من الخضراوات والفواكه والحبوب غير منزوعة النخالة، واللحوم الخالية من الدهون، والأسماك والبقول، والإقلال من تناول الملح والسكر.
- ممارسة النشاط البدني بانتظام: لمدة لا تقلّ عن ثلاثين دقيقة، تساعد على صون الجهاز القلبي الوعائي.
- الامتناع عن تعاطي التبغ بأنواعه: وما يبعث على التفاؤل هو أنّ خطر الإصابة بالأزمة القلبية والسكتة يتقلّص فور إقلاع الشخص عن تعاطي منتجات التبغ، ويمكن أن يتقلّص بنسبة قد تصل إلى النصف بعد مضي عام على الإقلاع.
- التأكّد من ضغط الدم: إنّ فرط ضغط الدم لا يؤدي، عادة، إلى ظهور أعراض على المصاب به، غير أنّه قادر على إحداث سكتة دماغية أو أزمة قلبية مفاجئة.
- التأكّد من نسبة السكر في الدم: فلا بد للمصابين بالسكري من مراقبة ضغط الدم ونسبة سكر الدم للحد من مخاطر الأزمات القلبية والسكتات الدماغية إلى أدنى مستوى.
- التأكّد من نسبة الشحوم في الدم: والتحكّم في كولسترول الدم باتباع نظام غذائي صحي أو بتناول الأدوية المناسبة، عند الحاجة.
- أعباء الأمراض
يموت العديد من الأشخاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في سن أصغر بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض غير السارية الأخرى، بسبب أن سكان هذه البلدان أقلّ استفادة من غيرهم من خدمات الرعاية الصحية الفعالة والمنصفة التي تلبّي احتياجاتهم.
تحدث ثلاثة أرباع الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية في العالم على الأقل في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بسبب عدم استفادة سكانها من برامج الكشف المبكر مقارنة مع سكان البلدان المرتفعة الدخل.
وأشدّ الفئات فقراً في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل هي التي تتحمّل أكبر الضرر. وقد بدأت تظهر، على المستوى الأسري، بيانات كافية تدلّ على أنّ الأمراض القلبية الوعائية وغيرها من الأمراض غير السارية تسهم في الفقر بسبب نفقات الرعاية الصحية الباهظة الواقعة على عاتق الأسرة.
وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، فإنّ الأمراض القلبية الوعائية تفرض عبئاً فادحاً على اقتصادات البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.
كيف يمكن التخفيف من العبء الناجم عن أمراض القلب والأوعية الدموية؟ حددت منظمة الصحة العالمية «أفضل» التدخلات العالية المردودية للغاية التي يمكن تنفيذها حتى في البيئات ذات الموارد المنخفضة فيما يتعلق بالوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية ومكافحتها. وهي تشمل نوعين من التدخلات:
أولا: التدخلات التي تنفذ على النطاق السكاني، والتي يمكن تنفيذها للحد من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية تشمل ما يلي:
> سياسات شاملة لمكافحة تعاطي التبغ
> فرض الضرائب للتقليل من مدخول الأغذية الغنية بالدهون والسكر والملح
> بناء مسارات المشي وركوب الدراجات لزيادة النشاط البدني
> استراتيجيات للتقليل من تعاطي الكحول على نحو ضار
> تقديم الوجبات الصحية للأطفال في المدارس
ثانيا: التدخلات التي تنفذ على مستوى الفرد، والتي يوصى باستخدامها معاً بغية تقليل أكبر عبء مرضي ينجم عن أمراض القلب والأوعية الدموية. وعلى مستوى الفرد يجب، لأغراض الوقاية من أولى النوبات القلبية والسكتات الدماغية، أن توجه تدخلات الرعاية الصحية الفردية نحو الأشخاص المعرضين لمخاطر تتراوح بين المخاطر المتوسطة والمخاطر الكلية العالية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، أو نحو الأشخاص المعرضين لمستويات عامل خطر واحد تتجاوز عتبات العلاج الموصى بها، مثل داء السكري والارتفاع المفرط في ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.
ووفقا للمنظمة الدولية لمكافحة السكتات الدماغية World Stroke Organization، فإن التدخلات الأولى (اتباع نهج متكامل يشمل المخاطر الكلية) تعتبر أكثر مردودية من التدخلات الثانية كما أنها تتميز بالقدرة على التقليل من أحداث الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية إلى حد بعيد. ويكون هذا النهج مجدياً في بيئات الرعاية الصحية الأولية ذات الموارد المنخفضة، بما في ذلك الرعاية بواسطة العاملين الصحيين غير الأطباء.
وفيما يتعلق بالوقاية الثانوية من أمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص المصابين بها فعلاً، بما في ذلك داء السكري، يلزم العلاج بالأدوية التالية: الأسبيرين - حاصرات البيتا - مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين – والستاتينات. وتكون فوائد هذه التدخلات مستقلة إلى حد كبير، ولكن عند استعمالها مع الإقلاع عن التدخين، يمكن الوقاية من الأحداث المتكررة بنسبة 75 في المائة.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».