جولة «المشي في العتمة» أداء للحواس الأربع في خدمة النظر

تنظمها «ريد أوك» في محيط متحف «مقام» في جبيل

ملصق جولة «المشي في العتمة»
ملصق جولة «المشي في العتمة»
TT

جولة «المشي في العتمة» أداء للحواس الأربع في خدمة النظر

ملصق جولة «المشي في العتمة»
ملصق جولة «المشي في العتمة»

ماذا يمكن أن نتعلّم من الظلمة؟ وكيف باستطاعتها أن توجهنا في غياب استخدام حاسة النظر؟ وما العبر التي نتوخاها من العتمة؟ أسئلة سنتعرّف على أجوبتها في جولة «المشي في العتمة».
وتعد هذه الجولة التي تنظمها «ريد أوك»، بدعم من الصندوق العربي للفنون والثقافة (آفاق)، بمثابة تجربة أداء يخوضها المشاركون فيها وهم يسيرون في الظلام في محيط متحف «مقام»، في منطقة جبيل، في 28 سبتمبر (أيلول) الحالي، حيث يعيشون تجربة فريدة من نوعها تعزّز الدور الذي تلعبه الحواس الأربع (الشم والذوق والسمع واللمس)، في غياب أحد أبرزها (النظر).
«إنها تجربة أداء تحول المشاركين فيها ركيزة للعرض».. تقول نادين أبو زكي، رئيسة «ريد أوك»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، التي تنظمه تحت عنوان «فيل في الظلمة»، وتضيف: «وفيها، ستأخذ الأمور منحى مغايراً تماماً للذي نعيشه عادة ونحن نستخدم حاسة النظر. فتعزز بالتالي عمل الحواس الأربع الباقية التي لا نعطيها عادة أهمية كبرى، في ظل استخدامنا نظرنا. كما أنها تأخذنا في مشوار ذي وجهات غير محددة، نأخذ في البحث عنها بصورة تلقائية، وبغريزة الشخص الضائع، لتولّد لدينا علاقة جديدة مع المكان الذي نوجد فيه، لا تحددها أفكار مسبقة لدينا».
وسيجري خلال هذه الجولة التي تدور في باحة المتحف المذكور (مقام) في السابعة مساء، وفي الهواء الطلق، وضع عصبة على عيون المشاركين فيها كي تحجب عنهم القدرة على النظر. «على المشاركين في هذا الأداء أن يكون لديهم استعداد للتخلي عن أي معتقدات وأفكار وأشياء يخيّل إليهم أنها صحيحة حقيقية، قد تسكنهم قبل الانطلاق في هذه النزهة التي تجري لأول مرة في لبنان».. توضح نادين أبو زكي في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»، وتتابع: «فالاستماع إلى واقع مغاير من خلال حواسنا الأربع الأخرى يشكل عنواناً أساسياً للجولة».
وسبق لنادين أبو زكي أن عاشت التجربة ذاتها عندما نفّذت منحوتات لها في عتمة تامة، وهو ما دفعها للقيام بتجربتين مشابهتين. فهي إلى جانب إدارتها جمعية «ريد أوك»، الخاصة بالفنون التربوية والثقافية، فنانة تشكيلية تجيد النحت، إلى جانب الكتابة والإخراج، ومتخرجة من جامعة «السوربون» في باريس.
«التجربة التي ذكرتها أخذتني إلى آفاق واسعة ترتبط بالعتمة، وهو ما دفعني إلى القيام بمبادرة (الرجاء اللمس) في عام 2014، لتمكين المكفوفين وذوي الإعاقات البصرية من تقدير أعمال بصرية بحتة معروضة في المتاحف. فكانت بمثابة التجربة الأولى لي التي أتشارك فيها مع آخرين من ذوي فاقدي البصر. وفي التجربة الحالية (المشي في العتمة) أكمل ما بدأته في الأولى، كي يقف الناس غير المكفوفين على أهمية حواس أخرى يتمتعون بها، غير النظر».
وعن عنوان هذه النزهة «فيل في الظلمة»، تشرح أبو زكي: «هو عنوان استلهمته من رواية هندوسية، ومن شعر لجلال الدين الرومي، يتخذ فيها الظلام أبعاداً أخرى، تغدو منطلقاً للفكر والشك. لكأننا نعيد النظر حتى في يقيننا الأعمى. فشكّلت رمزاً أركن إليه في هذه التجربة».
ومن المتوقع أن تأخذ نزهة «المشي في العتمة» طابعاً خاصاً، تتخلله إضاءة خافتة، ودائماً حول متحف «مقام» في الهواء الطلق. تقول أبو زكي: «هذه التجربة ستذكّر المشاركين بأعماقهم، وبحواس لم يسبق أن ركنوا إليها في حياتهم اليومية من هذا المنطلق. فهي حواس نتمتع بها، ويجب أن نعي أهميتها». وعما إذا كان المشاركون سيقومون بجولة داخل المتحف، يتحسسون فيها المنحوتات والرسومات المعروضة مستخدمين فقط حاسة اللمس، ترد: «لم أحدد تماماً مسار هذه الجولة، الذي سيرتبط ارتباطاً مباشراً باللحظة التي سنعيشها. فكل شيء وارد في برنامج هذه الزيارة».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».