«بيك نعيش» يفتتح عروض «الأفلام العربية» بـ«القاهرة السينمائي»

بطل الفيلم التونسي فاز بجائزة أحسن ممثل في قسم «آفاق» بـ«فينسيا»

لقطة من فيلم «بيك نعيش»
لقطة من فيلم «بيك نعيش»
TT

«بيك نعيش» يفتتح عروض «الأفلام العربية» بـ«القاهرة السينمائي»

لقطة من فيلم «بيك نعيش»
لقطة من فيلم «بيك نعيش»

يفتتح الفيلم التونسي «بيك نعيش» للمخرج مهدي البرصاوي، الذي فاز بطله سامي بوعجيلة بجائزة أحسن ممثل في قسم «آفاق» بالدورة الأخيرة لمهرجان فينسيا السينمائي، مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بعدما تم اختياره ضمن 14 مشروعاً للمشاركة في النسخة الرابعة لملتقى القاهرة السينمائي في الدورة 38. وتدور أحداث الفيلم التونسي بعد «ثورة الياسمين» في تونس، حول أسرة تتحول عطلتها الأسبوعية إلى جحيم بعد إصابة الابن بطلق ناري في حادث إرهابي، وفيما يتطلب علاجه زراعة كبد جديد تظهر خلافات عائلية مفاجئة تهدد حياة هذا الطفل.
وقررت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، التوسع في مسابقة «آفاق السينما العربية» بدءاً من الدورة 41 التي تقام في الفترة من 20 وحتى 29 نوفمبر المقبل، وذلك في خطوة جديدة تستهدف مزيداً من الدعم وتسليط الضوء على السينما العربية التي تشهد طفرة في السنوات الأخيرة، جعلتها ممثلة في كبرى المهرجانات الدولية.
وقالت إدارة المهرجان، في بيان صحافي أمس، إن «اللجنة الاستشارية العليا لمهرجان القاهرة السينمائي استقرت في اجتماعها الأخير، على أن يتحقق هذا التوسع عبر ثلاثة قرارات، أولها، زيادة عدد أفلام المسابقة إلى 12 فيلماً بدلاً من 8 كما كان في الدورات السابقة. بجانب إضافة جائزتين جديدتين، تمنح الأولى لأفضل فيلم غير روائي، والثانية لأفضل أداء تمثيلي، ليصل إجمالي الجوائز التي تقدمها المسابقة إلى 4 جوائز، إذ كانت تقدم المسابقة في الدورات السابقة جائزتين فقط هما «سعد الدين وهبة» لأحسن فيلم عربي، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، التي تحمل اسم «صلاح أبو سيف». أما القرار الثالث، فينص على زيادة أعضاء لجنة تحكيم مسابقة آفاق عربية إلى 5 أعضاء بدلاً من 3 فقط كما كان متبعاً في الدورات السابقة.
ويقول المنتج محمد حفظي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، إن «التواجد المكثف للسينما العربية في المهرجانات الكبرى وخصوصاً (فينيسيا) و(تورونتو) في 2019، مؤشر قوي على أن هناك عدة دول عربية منها تونس والمغرب تسير على الطريق الصحيح بسبب الدعم والبنية التحتية والبيئة التي توفرها». مشيراً إلى أن «هناك دولاً أخرى لا يوجد بها دعم أو سوق سينمائية حقيقية مثل السودان، إلا أنها بدأت في إنتاج أفلام مستقلة مهمة، بالإضافة إلى دولة لبنان التي أصبحت الأولى عربياً على مستوى الأفلام التسجيلية الجيدة، وغيرها من الدول التي استطاعت الوصول إلى المنصات الدولية وتمثل نموذجاً مثيراً للاهتمام والدراسة».
وأكد حفظي أن هذا النمو الإنتاجي الذي تشهده السينما العربية كان لا بد أن يعكسه مهرجان القاهرة السينمائي، بأن يعطي فرصاً لعدد أكبر من الأفلام لتصل إلى جمهوره، وتنافس ضمن مسابقاته وبرامجه المختلفة، ومنها «آفاق السينما العربية».
ويسعى المهرجان إلى توفير مزيد من الدعم للسينما العربية منذ دورته الـ40، التي شهدت إضافة جائزة مالية بقيمة 15 ألف دولار لأفضل فيلم عربي روائي طويل، ضمن مسابقات المهرجان المختلفة، وتمنحها لجنة تحكيم مستقلة، فضلاً عن الجوائز المالية التي يقدمها لمشاريع الأفلام في مراحل التطوير وما بعد الإنتاج، والتي زادت قيمتها في الدورة الماضية على 110 آلاف دولار، وفق مدير المهرجان.
وضمت مسابقة «آفاق السينما العربية» في الدورة الماضية 8 أفلام، منها فيلمان من مصر هما «ورد مسموم» للمخرج أحمد فوزي صالح، و«الكيلو 64» للمخرج أمير الشناوي، وفيلمان من لبنان هما «غداء العيد» للمخرج لوسيان بورجيلي، و«جود مورنينج» للمخرج بهيج حجيج، وفيلمان من المغرب هما «الجاهلية» للمخرج هشام العسري، و«لعزيزة» للمخرج محسن البصري، بالإضافة إلى «فتوى» من تونس للمخرج محمود بن محمود، و«عمرة والعرس الثاني» من السعودية للمخرج محمود صبّاغ.
من جانبه، يقول الناقد أحمد شوقي، مدير «آفاق السينما العربية»، إن المسابقة كانت على مدار السنوات الماضية أحد أكثر أقسام المهرجان جماهيرية، ونادراً ما بقيت مقاعد خاوية في عروض أحد أفلام هذه المسابقة، مؤكداً أن هذا الأمر يعكس اهتمام جمهور القاهرة بمتابعة الجديد في السينما العربية.
في سياق منفصل، تقدمت نقابة المهن التمثيلية المصرية، ببلاغ للنائب العام المصري، ضد 11 فناناً من أبطال الجزء الثالث بمسلسل «نصيبي وقسمتك»، الذي يُعرض حالياً على عدد من القنوات الفضائية المصرية.
وقال أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية في بلاغه، إن 11 ممثلاً من أبطال العمل ليسوا أعضاء في نقابة المهن التمثيلية ولا يملكون تصريحاً منها بمزاولة المهنة، وذلك بالمخالفة للقانون، بما يؤثر بالسلب على أعضاء نقابة المهن التمثيلية، خصوصاً أن من بين أعضائها عناصر جيدة وتتمتع بمهارات وعلى دراية بعلوم وفنون التمثيل المختلفة. وطالب زكي بالتحقيق في الواقعة، وإحالة المشكو في حقهم إلى المحاكمة الجنائية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».