جعجع يطالب بحكومة تقنيين أكفاء «لإنقاذ لبنان»

اعتبر السكوت عن موقف نصر الله مؤشراً على «افتقاد رجال الدولة»

TT

جعجع يطالب بحكومة تقنيين أكفاء «لإنقاذ لبنان»

دعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى تشكيل حكومة من التقنيين الأكفاء «لإنقاذ البلد»، معتبراً أن السكوت على موقف الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله عن الدفاع عن إيران يشير إلى أن «لبنان يفتقد إلى قماشة رجال الدولة من رأس الهرم».
وقال جعجع: «كيف يتم السكوت على تكرار الأمين العام لـ(حزب الله) أن الحزب لن يقف مكتوف الأيدي إذا تعرضت إيران إلى أي هجوم؟ نحن مواطنون عاديون ونستهيب الموقف. وفي كل هذه الورطة لا يمكن أن نتدحرج إلى حرب».
ورأى أن رئيس الجمهوريّة ميشال عون «موجود ليس للعراضات وإنما هناك مسؤوليّة دستوريّة على أكتافه بامتياز. وعليه مع رئيس الحكومة سعد الحريري إيجاد طريق للجلوس مع نصر الله والقول له إنه من غير المقبول أن يقرر عن اللبنانيين. أم أن السيادة وقْفٌ على التعيينات والمغانم؟».
وجاء كلام جعجع خلال لقاء مع عدد من الإعلاميين اعتبر خلاله أن «الوضع سيئ. ولا أفق لأي حل ينقذ لبنان. ونحن نعمل كل يوم بيومه». وشدد على أن «الكلام عن فشل القوات هو منطق خاطئ، فالمقياس لهذا المنطق هو الشطارة على الطريقة اللبنانيّة. لكننا نرفضه ونلتزم بمواقفنا السيادية والمبدئية ولو دفعنا الثمن». وأضاف أن «الشطارة على الطريقة اللبنانيّة هي التي أوصلتنا إلى هنا. وهي تتناقض مع مفهومنا للسياسة». وشدد على أن «تحالفات القوات مع حلفائها أقوى من التحالفات القائمة على المحاصصة».
وعن الوضع الاقتصادي، قال جعجع: «كلنا عشنا الحرب. وعندما بدأت تتدهور الليرة لم نشعر أن الناس يعيشون الضائقة التي يعيشونها اليوم. فهم مختنقون». واعتبر أن «موازنة 2020 ككل الموازنات، في حين أن الوضع حرج جداً اقتصادياً ومالياً. تقاتلنا معهم في موازنة 2019، والبنود التي طالبنا بها ألغيت لذا صوتنا ضدها. ولا هواية لدينا للبقاء ضد الموازنة، إلا أننا نريدها أن ترتقي إلى مستوى الوضع». ولفت إلى أن «الحكومة بصدد مناقشة الموازنة الحاليّة، ولدينا ورقة عمل اقتصاديّة تتضمن مجموعة من الإصلاحات التي يجب تطبيقها فوراً، لأن من المفترض أن ننتقل إلى حالة طوارئ. وإذا وافقوا عليها وبدأوا بتنفيذها فسنوافق على الموازنة». وقال: «خلال جلسة الحوار الاقتصادية في قصر بعبدا أوضحت أن إنقاذ الوضع في لبنان يتطلب تغييراً جذرياً في ظل فقدان الثقة داخلياً وخارجياً بنسبة 99 في المائة. وأول خطوة لإصلاح الوضع تفرض استقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة من 14 أو 16 وزيراً من التقنيين أصحاب الإنجازات. وذلك كي يخرج البلد من الورطة. وعندما انتهيت من طرح وجهة نظري، تظاهروا بأنهم لم يسمعوا».
ورأى أن «أي إصلاح فعلي يتطلب القيام ببضع خطوات، منها إيقاف عقود 5300 موظف غير قانوني في الدولة تم توظيفهم بعد القانون 46 الذي منع أي توظيف في الدولة، وإقفال المعابر غير الشرعيّة التي كان ينفي وجودها وزير الدفاع. وإذا لم يقبلوا بتطبيق النقاط، فنحن ضد الموازنة التي يتم بحثها».
وشدد جعجع على أن «بقاء القوات في الحكومة مسألة حسابات تتعلق بإمكانية التأثير ومواجهة الفساد، كما حصل في مسألة البواخر. وكل الخلاف مع الوزير جبران باسيل بدأ من هذه المسألة، وينتهي إن تغيّر موقفنا. بالتالي وجودنا مفيد فيها أكثر من وجودنا خارجها». وانتقد طرح قانون جديد للانتخاب الأربعاء المقبل على اللجان المشتركة في مجلس النواب. وقال: «بعد مخاض 10 سنوات للوصول إلى قانون انتخاب، لا أفهم لماذا نريد اليوم تغيير هذا القانون. يجب أن يمرّ على اللجان الفرعية قبل اللجان المشتركة. ولم ندر سوى أننا دعينا إلى اللجان المشتركة لطرح الموضوع. لماذا يريد البعض زيادة مصيبة جديدة على مصائبنا؟ من هذا المنطلق سيكون موقفنا في اللجان المشتركة أننا لن نناقش أي قانون انتخابي لأننا في هذه المرحلة لسنا في صدد هذا الأمر».



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.