فيلم {1982} اللبناني يسترجع ذكرى «القصف الإسرائيلي» في مهرجان الجونة

تدور أحداثه في مدرسة على مشارف بيروت

لقطة من الفيلم اللبناني {1982}
لقطة من الفيلم اللبناني {1982}
TT

فيلم {1982} اللبناني يسترجع ذكرى «القصف الإسرائيلي» في مهرجان الجونة

لقطة من الفيلم اللبناني {1982}
لقطة من الفيلم اللبناني {1982}

بعد مرور 37 عاماً على الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، يستعيد المخرج اللبناني وليد مؤنس، بعض تفاصيل العدوان والقصف الجوي ضدّ المدنيين اللبنانيين عبر فيلمه الروائي الطويل «1982»، ليؤكّد أنّ هذا التاريخ لن يغيب أبداً عن ذاكرة اللبنانيين.
الفيلم الذي عرض، مساء أول من أمس، في مهرجان الجونة السينمائي ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة لا يحاكم أطراف الحرب، ولا يزجّ بمشاهد منها، بل يعكسها على وجوه الأطفال، ويغلفها بقصة حب بين طفل وطفلة من تلاميذ إحدى المدارس.
الفيلم هو التجربة الروائية الطويلة الأولى للمخرج وليد مؤنس، وتدور أحداثه في عام 1982، أثناء حرب لبنان، في إحدى المدارس الخاصة على مشارف بيروت.
وبينما يذيع الراديو أنباء الغزو أثناء إجراء الامتحانات، تصاب المعلمة ياسمين (المخرجة والممثلة نادين لبكي) بالذّعر بمجرد سماعها أصوات الطائرات وهي تحلق فوق المدرسة، ويزداد قلقها حين تعلم أنّ شقيقها جورج انضم إلى إحدى الميليشيات، وفيما يُخبرها زميلها جوزيف (رودريغ سليمان) بأنباء الغزو من خلال راديو صغير يحمله، تختلط أنباء الحرب بالحب، إذ يحاول جوزيف أن ينفرد بالحديث معها ورغم أنّها تكنّ له مشاعر إيجابية، فإنّها تعارض آراءه القومية، يأتي ذلك في الوقت الذي يحاول التلميذ وسام الذي لا يتجاوز عمره 12 عاماً إخبار زميلته بالفصل جوانا بمشاعره تجاهها، وبينما تبدأ أجواء الحرب يتركز كل اهتمامه على إخبارها سواء بخطاب يرسم فيه قلباً، أو بدخول معركة مع زملائه لإفساح مكان لها بجواره في الحافلة المدرسية، حيث يصيب التوتر المدرسين أثناء توصيل الأطفال إلى منازلهم. وفي اللقطات الأخيرة من الفيلم يسرع المخرج من وتيرة الأحداث كثيراً، حيث ينتاب الذعر الجميع مع بث خبر توقف الدراسة، عبر أثير الإذاعة، لتظهر فصول المدرسة خالية من التلاميذ بينما توجد حمامتان بنافذة الفصل في إشارة إلى حلم السلام.
ويقول المخرج وليد مؤنس إنّ قصة الفيلم تعدّ سيرة ذاتية، مشيراً إلى أنّه يستدعي ما حدث له في آخر يوم بالمدرسة في لبنان عام 1982، قبل مغادرته البلاد، وتدور أحداث الفيلم بالكامل في مكان واحد، وهو المدرسة، وخلال يوم واحد، في جبال لبنان. وحصل الفيلم على جائزة دعم من الدورة الماضية من مهرجان الجونة السينمائي للأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج.
وشهد عرض الفيلم حضوراً كثيفاً من الجمهور، والفنانين المصريين، وعبّر مؤنس عن سعادته بعرضه في المهرجان، ودعا فريق الفيلم كاملاً للصعود على خشبة المسرح لتحية الجمهور فيما غابت لبكي عن الحضور. وأشاد عدد كبير من الفنانين بالمستوى الفني للفيلم، والقضية التي يطرحها.
ويشارك في المهرجان 12 فيلماً في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، و9 أفلام في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، و23 فيلماً في مسابقة الأفلام القصيرة، و3 أفلام في البرنامج الخاص، تتنافس جميعها على جوائز مالية تبلغ 224 ألف دولار أميركي.
ويعرض المهرجان 21 فيلماً خارج المسابقة، وتعرض الأفلام بترجمة إنجليزية، ومعظمها مترجم للعربية أيضاً، إضافة إلى ندوات مع صناع الأفلام، أو طاقم عمل الفيلم.
ويهدف مهرجان الجونة السينمائي إلى عرض مجموعة من الأفلام المتنوعة للجمهور الشغوف بالسينما والمتحمس لها. ويسعى لخلق تواصل أفضل بين الثقافات، من خلال فن السينما. كما يعمل على وصل صناع الأفلام من المنطقة، بنظرائهم الدوليين، من أجل تعزيز روح التعاون والتبادل الثقافي، ووفقاً لإدارة المهرجان فإنه يلتزم باكتشاف الأصوات السينمائية الجديدة، ويتحمس لتطوير السينما في العالم العربي، عبر منصة الجونة السينمائية.
وتركز الدورة الثالثة من مهرجان الجونة السينمائي على عدد من القضايا السينمائية التي تشغل بال الصناع والمهتمين، ومن بينها ترميم الأفلام القديمة وقضايا اللاجئين
ويهتم المهرجان بشكل لافت بالجانب الإنساني في الأعمال الفنية، ما يميزه عن غيره من المهرجانات المماثلة في العالم، إذ يجمع بين رسالة الفن، والإنسانية، بجانب إتاحة منصة تهتم بالشباب للتعبير عن قضاياهم المتعلقة بالنزاعات، واللجوء، والنزوح، وفق المسؤولين عن المهرجان.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».