زعماء العالم مطالبون في نيويورك بالتحرك سريعاً لوقف تغيّر المناخ

غريتا ثونبرغ تحولت صوتاً لجيل يحذر من «خسارة المناصب عبر صناديق الاقتراع»

غوتيريش يتحدث إلى مجموعة من الناشطين الشباب عن مكافحة تغير المناخ بنيويورك السبت (أ.ف.ب)
غوتيريش يتحدث إلى مجموعة من الناشطين الشباب عن مكافحة تغير المناخ بنيويورك السبت (أ.ف.ب)
TT

زعماء العالم مطالبون في نيويورك بالتحرك سريعاً لوقف تغيّر المناخ

غوتيريش يتحدث إلى مجموعة من الناشطين الشباب عن مكافحة تغير المناخ بنيويورك السبت (أ.ف.ب)
غوتيريش يتحدث إلى مجموعة من الناشطين الشباب عن مكافحة تغير المناخ بنيويورك السبت (أ.ف.ب)

عندما يتعلق الأمر بفهم ظاهرة تغير المناخ، يصح القول إن زعماء العالم في واد، وشباب العالم في واد آخر. عشية بدء الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تحوّلت الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ البالغة 16 عاماً من العمر صوتاً للجيل الجديد، ورمزاً لمطالبة رؤساء الدول والحكومات بالتحرك سريعاً للجم ظاهرة الاحتباس الحراري التي باتت تهدد كوكب الأرض ومن عليه.
اكتسبت صدقيتها من خيارات يمكن أن تكون مساعدة على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وآخرها قرارها السفر من أوروبا إلى الولايات المتحدة في مركب شراعي عبر المحيط الأطلسي. ورفضت المراهقة السويدية ركوب طائرة تستهلك الغاز، مستعيضة عن ذلك بوسيلة نقل خالية من الكربون لزيادة الوعي حول خطر التلوث الناجم عن النشاط البشري. ورغم الضيق وعدم توافر وسائل الراحة، أبحرت مع والدها وطاقم من رجلين ومصور على متن مركب يبلغ طوله 60 قدماً مزود بألواح شمسية وتوربينات تحت الماء تولد الطاقة الكهربائية. ولإظهار التضامن مع مهمتها نحو عالم أفضل بحلول عام 2030 استقبلت الأمم المتحدة هذه الفتاة بأسطول من 17 قاربا شراعياً. ومنذ ذلك، صارت ثونبرغ نموذجاً ملهماً للشباب في أنحاء العالم، ورمزاً قوياً لرغبتهم في اتخاذ إجراءات لمنع تغير المناخ.
واستقبل المقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك حشوداً من الناشطين الشباب والطلاب والتلامذة الذين شكلوا صوتاً واحداً يطالب زعماء الدول الـ193 الأعضاء بأن «يتوقفوا عن إضاعة الوقت»، وأن يبذلوا المزيد من الجهود للحد من انبعاثات الغازات السامة «وإلا فستخسرون مناصبكم عبر صناديق الاقتراع»، وفقاً للتحذير الذي أطلقته مبعوثة الأمم المتحدة للشباب جاياثما ويكراماناياكي التي رحبت بحشد صاخب من شباب وشابات يريدون من الزعماء «إجراء تغييرات جذرية لتحييد الوقود الأحفوري وتوجيه العالم نحو الطاقة النظيفة وحماية محيطاتنا وتعزيز الاستهلاك المستدام». وأضافت: «رأينا كيف تنظمون مجتمعاتكم (...) وزملاءكم وآباءكم وأمهاتكم. وبعد أن طالبتم لسنوات بأن تُسمع أصواتكم فيما يتعلق بالمناخ، تخيلوا الآن قوة الحركة التي خلقتموها! فالقادة يطلبون الآن الانضمام إلى طاولتكم»!
وهي كانت تشير بذلك إلى قمة المناخ للشباب، وهي الأولى من نوعها، التي تلت «إضراب المناخ» العالمي الذي نظم الجمعة وشهد خروج ملايين الشباب من المدارس في كل أنحاء العالم، مما تسبب في إقفال الشوارع والمدن الكبرى، من نيويورك إلى نيودلهي، ومن سانتياغو إلى سان فرنسيسكو. وحمل خلالها الشباب لافتات فيها شعارات احتجاج مثل «يبدأ كل فيلم كارثي بتجاهل أفكار عالم»، و«أنا أتخلى عن المدرسة لأنك أنت تتخلى عن الكوكب».
وقالت غريتا ثونبرغ، الناشطة المناخية السويدية البالغة من العمر 16 عاماً، والتي ساعدت في إطلاق حركة عالمية جديدة «بالأمس، شارك ملايين الأشخاص في كل أنحاء العالم بالمسيرة وطالبوا بتحركات مناخية حقيقية، وخاصة الشباب»، مضيفة «أظهرنا أننا متحدون. وأننا - نحن الشباب - لا يمكن ردعنا». ويدرك الشباب أن «معالجة تغير المناخ تحتاج إلى مشاركة جميع الناس، الصغار والكبار، من ذوي الحظوة والمحرومين منهم، من البلدان المتقدمة والنامية. الشباب يريدون ويستحقون دورا فيما ينبغي أن يكون عملية تشاركية للجميع».
وتحض ثونبرغ الزعماء على القيام بإجراءات ملموسة من أجل الإبقاء على درجات الحرارة العالمية دون مستوى 1.5 درجة مئوية زيادة عن مستويات ما قبل الصناعة.
والقمة التي كانت مختلفة عن اجتماعات الأمم المتحدة المعتادة، تضمنت سلسلة مناقشات حيوية وجلسات أسئلة وأجوبة، بقيادة مشرفين وشباب يرتدون أحذية رياضية وثياباً عادية بدلاً من البدلات الرسمية لممثلي الأمم المتحدة. وتجاذبوا أطراف الكلام عن حالة الطوارئ المناخية وعن ابتكار طرق جديدة لمكافحة الأزمة.
وجلس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ونائبة الأمين العام أمينة محمد وغيرهما من المسؤولين الكبار في المنظمة الدولية في مقاعد المستمعين، ولم يكونوا حتى في الصفوف الأمامية. وبين أكثر من 600 مشارك، كان هناك 100 فائز بـ«تذكرة خضراء»، وهم أبطال شباب بارزون في العمل المناخي جرى اختيارهم من كل أنحاء العالم.
ومثل هؤلاء شباب العالم، الذين يصل عددهم إلى نحو 1.8 مليار شاب وشابة، وفقاً لويكراماناياكي، مؤكدة أنه «من الأهمية البالغة بمكان أن يكون لشباب العالم رأي في مستقبل هذا الكوكب، وفي مستقبلهم». ولاحظت أن «الإضراب المدرسي من أجل العمل المناخي الذي قامت به غريتا ثونبرغ في مسقط رأسها استوكهولم، والإضرابات الأخرى التي قام بها الشباب في كل أنحاء العالم، أثبتت أنهم يطالبون باتخاذ إجراء بشأن المناخ ويريدون أن يكون لهم دور حاسم في عملية صنع القرار». ورأت أن «وقت القيام بالاستجابة هو الآن».
ورسم غوتيريش صورة قاتمة لآثار الطوارئ المناخية، من الجفاف في أفريقيا إلى ابيضاض الشعاب المرجانية وموجات الحرّ في أماكن أخرى، قائلاً إنه رأى «تغييراً في الزخم» قبل قمة العمل المناخي، بسبب حركات مثل تلك التي قادتها غريتا ثونبرغ، وغيرها من الناشطين على مستوى القاعدة والمبادرات التي يجري تنفيذها «على مستوى القرية».
وفي خطوة مهمة واستجابة لأصوات الشباب، اعتمدت الأمانة العامة للأمم المتحدة خطة عمل مناخية مدتها عشر سنوات تهدف إلى تحويل في عملياتها يؤدي إلى خفض بنسبة 45 في المائة لانبعاثات الغازات الدفيئة وتوفير 80 في المائة من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وجرى تبني هذه الخطة قبيل قمة العمل المناخي، التي يستضيفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش اليوم من أجل زيادة العمل للحد من تغير المناخ. وتمثل العمليات العالمية للأمانة العامة للأمم المتحدة نحو 58 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة من منظومة الأمم المتحدة بأسرها، وفقاً لتقرير أصدره الجمعة برنامج الأمم المتحدة للبيئة. وتعد الأمانة العامة للأمم المتحدة أكبر كيان داخل منظومة الأمم المتحدة وتشمل عمليات السلام التي تواجه ظروفاً أمنية ولوجيستية وسياسية صعبة في أكثر المناطق هشاشة في العالم. لذلك تلعب دوراً مهماً في تحقيق الأمم المتحدة لأهداف الاستدامة الداخلية.
وجرى تصميم خطة العمل المناخية الجديدة لتحويل عمليات الأمانة العامة للأمم المتحدة لتتماشى مع أهداف تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ لعام 2018 الذي وجد أن هناك فوائد واضحة للحد من تغير المناخ. وتتبع الخطة توصيات الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بشأن خفض انبعاثات الكربون، لتوجيه عملها حتى عام 2030. وفي التفاصيل، تهدف الخطة إلى تحقيق خفض مطلق لنصيب الفرد من انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 25 في المائة بحلول عام 2025 و45 في المائة بحلول عام 2030، وسيجري خفض نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء بنسبة 20 في المائة بحلول عام 2025 و35 في المائة بحلول عام 2030 وتوفير 40 في المائة من الكهرباء من الطاقة المتجددة قبل عام 2025 و80 في المائة بحلول عام 2030.


مقالات ذات صلة

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

الاقتصاد جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

لا تزال المداولات مستمرة في الساعات الأخيرة قبل اختتام مؤتمر «كوب 16» المنعقد بالرياض.

عبير حمدي (الرياض)
العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
الاقتصاد حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس) play-circle 00:30

البنك الدولي: الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً

قال البنك الدولي إن الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً، موضحاً أن له تأثيرات البشرية والاقتصادية بعيدة المدى.

عبير حمدي (الرياض)
بيئة مواطنون في حديقة بمدينة شوني بولاية أوكلاهوما الأميركية في نوفمبر 2024 (أ.ب)

2024 يتجه لتسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ الأرض

سجلت درجة حرارة الأرض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثاني أعلى درجة حرارة في مثل هذا الشهر من أي عام.

«الشرق الأوسط» (برلين )
العالم العربي برامج البنك الدولي تساهم في التوعية بمخاطر التغير المناخي في اليمن (البنك الدولي)

تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

حذّر اليمن من تدهور الأراضي الزراعية بمعدل مقلق، بالتوازي مع إعلان أممي عن نزوح نصف مليون شخص خلال العام الحالي بسبب الصراع والتغيّرات المناخية.

وضاح الجليل (عدن)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.