شويغو: في سوريا تعلمنا من جديد كيف نحارب

وزير الدفاع الروسي كشف تفاصيل عن تطوير التجربة القتالية لبلاده

TT

شويغو: في سوريا تعلمنا من جديد كيف نحارب

كشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، تفاصيل عن جوانب من القفزات التي حققتها الصناعة العسكرية الروسية من خلال الخبرة المكتسبة في الحرب السورية، وتحدث عن تطوير مئات النماذج من الأسلحة والتقنيات الحربية، مشيراً إلى أن كثيراً من التقنيات «لم يكن سبق وجربت في ظروف الحرب الحقيقية، لا في الاتحاد السوفياتي السابق ولا في روسيا بعد ذلك».
وسبق لروسيا أن فاخرت أكثر من مرة خلال السنوات الماضية بحصولها على فوائد كبرى، على صعيد تطوير قدراتها القتالية، منذ بدء المشاركة الفعلية في الحرب السورية في نهاية سبتمبر (أيلول) عام 2015. وأشار الرئيس فلاديمير بوتين، في وقت سابق، إلى أن «الحصول على خبرات في ظروف الحرب الحقيقية في سوريا لا تضاهيها أي تدريبات»، لكن حديث شويغو الذي نشرته، أمس، صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس»، كشف عن تفاصيل جديدة حول هذا الملف.
وقال الوزير الروسي إنه «في سوريا، كان علينا أن نتعلم كيف نحارب بطريقة جديدة. وقد فعلنا ذلك»، مشيراً إلى أنه «إذا تحدثنا عن الطائرات المقاتلة والهجومية والمقاتلات بعيدة المدى، وطائرات النقل والإمداد، فنحو 90 في المائة من مجمل وحدات هذه القطاعات خاضت عمليات عسكرية مباشرة في سوريا». وزاد أنه بفضل الحرب السورية أصبح لدى روسيا طيارون راكموا خبرات واسعة، وبعضهم باتت لديه 150 - 200 طلعة جوية، هذا فضلاً عن جميع الذين شاركوا في ضمان رحلاتهم على الأرض».
ولفت إلى أنه «في بعض الأوقات بلغ معدل نقل الإمدادات إلى سوريا نحو ألفي طن يومياً»، مشدداً على الأهمية القصوى لهذه الخبرة، لأنها شملت «الأسطول الجوي، وقدرات النقل، وعمل مراكز التوريد والموانئ لدينا، وآليات نقل واستقبال وصيانة المعدات. فضلاً عن أن مشاركة ممثلي المؤسسات الصناعية والعلمية المختلفة، في بعض المراحل كانوا أكثر من 70 شركة ومؤسسة كبرى من المهندسين والمصممين يعملون في الوقت نفسه في سوريا».
وأوضح الوزير الروسي أنه «بناءً على نتائج هذا العمل، أعطى الرئيس أوامر مباشرة لتحسين أو تجديد خصائص بعض الأسلحة. لذلك بدأت عمليات تحسين أداء الصواريخ المجنحة، وتحسين تسليح الطيران بعيد المدى والغواصات».
وزاد شويغو أنه «في كل تاريخ الأسطول الحربي للاتحاد السوفياتي وروسيا، تم في سوريا لأول مرة، استخدام هذا الأسطول في ظروف القتال الحقيقية. وإذا كنا نتحدث عن استخدام الأسلحة الدقيقة، على سبيل المثال، فقبل الحرب السورية كان تحميل وتشغيل صاروخ من طراز (كاليبرا) يستغرق الكثير من الوقت ما يعني احتمال فقدان الهدف، واليوم، انخفض وقت التحميل لمهمة إطلاق (كاليبرا)، مرات عدة، وهذا العمل لتقليل وقت الإطلاق ما زال مستمراً».
وقال إنه بفضل تراكم التجربة خلال الحرب «تم تطوير نحو 300 طراز من الأسلحة مع مراعاة التجربة السورية». في المقابل أشار الوزير إلى أن روسيا أوقفت إنتاج 12 طرازاً من التقنيات الحربية التي أثبتت فشلها خلال العمليات العسكرية في سوريا، بعدما كانت التجارب الأولى عليها واعدة.
في الوقت ذاته، أشار شويغو إلى الخبرات على مستوى إعداد الكادر العسكري، وقال إن «قادة الأفواج والألوية والوحدات وقادة الجيوش وقادة قوات المناطق العسكرية ورؤساء الهيئات المركزية للإدارة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، وأيضاً أعضاء هيئة التدريس في جميع المؤسسات التعليمية العسكرية العليا، تقريباً كل هؤلاء تم إرسالهم لتطوير خبراتهم في سوريا أثناء الحرب».
وحذر شويغو من الاعتقاد بأن الحرب السورية كانت نزهة سهلة، مشيراً إلى أن «أولئك الذين يعتقدون أننا قاتلنا في سوريا مع مجموعة محدودة من المتشددين البدائيين مخطئون للغاية. لقد قاتلنا أكبر منظمة إرهابية مكونة من عدة آلاف، ويمكن القول إننا حاربنا نظاماً متكاملاً كان يحصل على إمدادات وعلى دعم من جانب البلدان المهتمة بتوسيع عدم الاستقرار في المنطقة. كان الإرهابيون مسلحين بمئات الدبابات وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة والمركبات المدرعة ومئات الآلاف من الأطنان من الذخيرة التي تم الاستيلاء عليها من جيوش العراق وسوريا في السنوات السابقة، وكان لديهم مئات من الانتحاريين المدربين؛ مسلحين بالتكنولوجيات الأكثر تقدماً، بما في ذلك معدات الاتصالات وأجهزة الاستطلاع. كان لديهم نظام دولي يعمل بشكل جيد لإجلاء الجرحى، وآلية عمل لجمع الضرائب في الأراضي المسيطر عليها».
وزاد أن «العائدات المتأتية من البيع غير المشروع للنفط لعبت دوراً مهماً للغاية في ضمان أنشطة الإرهابيين. وحتى انخراط روسيا في العمليات العسكرية، كان الإرهابيون ينتجون تحت نظر التحالف الدولي، أكثر من 100 ألف برميل من النفط يومياً. وبيع هذه المواد الخام جلب للإرهابيين دخلاً يومياً يزيد عن 5 ملايين دولار».



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.