إحياء كلاسيكيات الشاشة في عرض «سينما مصر» المسرحي

بمشاركة 67 طالباً بمركز الإبداع الفني

تجسيد مشهد من فيلم «الزوجة الثانية»
تجسيد مشهد من فيلم «الزوجة الثانية»
TT

إحياء كلاسيكيات الشاشة في عرض «سينما مصر» المسرحي

تجسيد مشهد من فيلم «الزوجة الثانية»
تجسيد مشهد من فيلم «الزوجة الثانية»

يحظى العرض المسرحي «سينما مصر» باهتمام لافت على المستوى الجماهير والنقدي، خصوصاً مع محاولته إعادة إحياء ما يعرف بـ«زمن الفن الجميل»، عبر إعادة تقديم مشاهد من كلاسيكيات السينما المصرية، ويجسدها 67 طالباً من الدفعة الجديدة بمركز الإبداع الفني، أدواراً مهمة وخالدة لكبار الرواد من الممثلين.
واستطاع العرض المسرحي «سينما مصر» الذي يقدم على مدار الأسبوع بمسرح مركز الإبداع الفني بدار الأوبرا المصرية، للمخرج خالد جلال، رئيس قطاع شؤون الإنتاج الثقافي والمشرف العام على مركز الإبداع الفني المصري، تحقيق رواج كبير في الآونة الأخيرة، عبر نسب إقبال مرتفعة لحفلاته.
وأثنى عدد كبير من الفنانين والمتابعين على «سينما مصر»، من بينهم الفنانة المصرية رجاء الجداوي، التي قالت: «لقد ضحكت وبكيت مع هؤلاء الشباب المبدعين الذين أعادوا لي ذكرياتي مع نجوم زمن الفن الجميل، الذين كنت أعتقد أنهم لن يعوضهم أحد، حتى شاهدت هؤلاء المبدعين».
وعلى هامش عروض المسرحية، كرّم مخرج العمل، عدداً من كبار الفنانين، من بينهم الفنانة رجاء الجداوي، واسم الفنانة الراحلة تحية كاريوكا، والنجم الراحل محمود عبد العزيز، والكاتب الكبير بشير الديك، والموسيقار نصير شمة، والكاتبة فاطمة ناعوت، والملحن هيثم الخميسي، والفنانة سميرة أحمد، ووزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم التي سبق لها العزف بالفلوت في أعمال سينمائية للمخرج يوسف شاهين.
فكرة عرض «سينما مصر» جاءت بعد طلب المخرج خالد جلال، من طلاب الدفعة الخامسة بمركز الإبداع الفني، تمثيل شخصيات مدهشة لا يستطيعون تمثيلها وبعيدة عن شخصيتهم الحقيقية، وبعد نجاح الطلاب في تجسيد تلك الأدوار، طلب جلال منهم تمثيل مشهد محدد جذبه إلى الفن، وبعد نجاحهم في تجسيد تلك الأدوار مرة ثانية، رأى جلال أنه يمكن الاستفادة من إمكانياتهم التمثيلية في المشاركة في عرض فني يسلط الضوء على كبار نجوم السينما المصرية الذين أسعدوا الملايين بالعالم العربي خلال القرن الماضي، ويبرز إمكانياتهم الفنية الرائعة والنادرة، واعتبار العرض بمثابة تكريم لهم على ما قدموه من أعمال خالدة.
وأثنى المخرج خالد جلال في أكثر من مناسبة على عروض الطلاب، مشيراً إلى أن «تدريب الطلاب المكثف ومذاكرتهم للشخصيات المتنوعة التي يقدموها ساهم في نجاح العرض».
المشاهد السينمائية الكلاسيكية الشهيرة والمتنوعة ربطها جلال ببعضها بفكرة النسيان، وفقدان الذاكرة عبر آخر مشهد لفاتن حمامة في فيلم «الليلة الأخيرة».
يؤمن جلال بأن الرموز الفنية المصرية التاريخية تمثل اسم مصر، فأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ومحمد عبد الوهاب ونجيب محفوظ وغيرهم من كبار الفنانين والأدباء والمثقفين بمثابة صورة مصر الرائدة والمبدعة، وفق جلال، الذي قال على هامش عرض سينما مصر: «نفخر بماضي مصر ومستقبلها».
الفنانة الشابة غادة طلعت تألقت في تجسيد أدوار شخصيات فنية شهيرة على غرار سناء جميل، وماري منيب، وتحية كاريوكا، وغيرهن من الشخصيات المميزة. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «رغم مشاركتي في مسلسل (رحيم) العام الماضي، فإني أردت تعلم فنون المسرح وصقل موهبتي وهو ما تحقق على يد المخرج خالد جلال، وساهمت كثرة البروفات في ذلك بشكل كبير حتى أصبحت أجسد الشخصيات بسلاسة، رغم اختلاف النوع الدرامي الذي أقدمه خلال دقائق قليلة».
وتتنقل الفنانة الشابة غادة طلعت بين التراجيدي والكوميدي والدرامي، فهي تضحك الجمهور بتجسيد شخصية سناء جميل في «الزوجة الثانية»، وماري منيب في «عفريتة إسماعيل ياسين»، وتبكيهم بتجسيد دور الفنانة السودانية فائزة عمسيب في «عرق البلح»، بالإضافة إلى تجسيدها دور جمالات زايد في «عريس مراتي»، وتحية كاريوكا في «شباب امرأة».
وعن الصعوبات التي واجهتها وواجهت رفقاءها في العرض قالت: «المقارنة مع الأساطير السينمائية الكبيرة التي نجسدها بالعرض كان من أبرز التحديات والصعوبات التي تخوفنا منها في البداية، لكن الأستاذ جلال قال لنا أنتم لا تقلدونهم بل تجسدون أدوارهم، وعليكم التفكير فيما كان يفكر فيه هذا الفنان قبل أدائه للمشهد، واقتنعنا برؤيته جداً، لأن التقليد يفتح باب التهكم، ونحن نعيد تجسيد هذه الأدوار الكلاسيكية لتخليد مشوار هؤلاء النجوم».
ورغم تقديم غادة لشخصيات أساسية متنوعة بالعرض فإنها تعد دور تحية كاريوكا في «شباب امرأة» كأفضل دور تحبه على المستوى الشخصي لكنها ترى أن الجمهور يحب دور ماري منيب أكثر بجانب دور سناء جميل.
وتوضح غادة قائلة إنها تمر بأفضل مراحلها الفنية حالياً، عبر عرض المسرحية بشكل شبه يومي بدار الأوبرا المصرية، وأنها سعيدة للغاية بردود فعل الجمهور. وتطمح في تقديم دور مؤثر خلال الفترة المقبلة يتذكره الجمهور مثلما يتذكر أدوار النجوم الكبار الذين يجسدون أدوارهم في مركز الإبداع الفني.
عرض «سينما مصر» من أشعار عماد عبد المحسن، وألحان منار الشاذلي، وإنتاج صندوق التنمية الثقافية وبطولة إيمان غنيم، وغادة طلعت، وعمرو كمال بدير، وبسمة ماهر، ورباب القعيد، وربيعة رفيع، ومايا ماهر، وريهام الشنواني، وشيماء عباس، ومحمد عبده، وهالة مرزوق، وأحمد فوزي، ومروة عيد، وباهر النويهي، ونورهان المرحومي، ونيهال فهمي، وغيرهم.


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».