يعاني نحو ربع عدد النساء في الولايات المتحدة من أحد أنواع اضطرابات قاع الحوض، مثل سلس البول، أو سلس البراز، وفقا لتقارير مؤسسة كليفلاند، حيث من المتوقع أن تتأثر المزيد من النساء بهذه الأعراض كلما تقدم بهن العمر.
سلس البول
سلس البول هو عرض مرضي شائع يصيب الرجال والنساء، ويعرف بأنه فقدان السيطرة على المثانة. وفي النساء، يمكن أن يؤثر عليهن في جميع الأعمار، مع مجموعة واسعة من الشدة والمراحل وطبيعة الحالة. ورغم أنه نادراً ما يهدد الحياة، إلا أن السلس البولي يمكن أن يكون ضاراً جداً بالرفاه البدني والنفسي والاجتماعي للنساء المصابات به حيث تمتد تأثيراته إلى الحياة الشخصية والزوجية، كما يمكن أن يؤثر في العلاقات العملية والاجتماعية، وهذا ما يستوجب طلب المشورة الطبية خصوصا عند تكرار سلس البول وتأثيره في حياة المرأة المصابة.
ولحسن الحظ فإن سلس البول يمكن علاجه بوسائل غير جراحية كخيار أول ثم بالوسائل الجراحية، كما يمكن تقليل خطر الإصابة به عن طريق اتخاذ بعض الخطوات.
ويزداد خطر الإصابة بسلس البول لدى للنساء لتوفر العديد من عوامل الخطورة لديهن، مثل: التغيرات الجسدية بسبب الحمل والولادة – هبوط أعضاء الحوض - انقطاع الطمث - وجود عيوب خلقية في المسالك البولية – وجود مشاكل عصبية – وجود سعال مزمن - السمنة - داء السكري - التقدم في العمر - الوراثة.
أنواع الحالات
بناء على التقييم السريري، يتم تصنيف سلس البول عند النساء إلى واحد من الأنواع الرئيسية التالية: سلس البول الإجهادي (stress)، سلس البول الملح أو الإلحاحي (urgency)، سلس البول المختلط (mixed)، سلس البول الوظيفي والسلس العابر.
> سلس البول الإجهادي. يحدث عند السعال أو العطس أو الضحك أو النشاط البدني، بسبب الضغط على المثانة، كما قد ينجم بسبب التغيرات الجسدية مع الحمل والولادة؛ حيث إن ضعف عضلات قاع الحوض يؤدي إلى نزول المثانة إلى أسفل الحوض، ما يجعل من الصعب على العضلة العاصرة أن تضغط بإحكام بما فيه الكفاية، مسببة بذلك تسرب البول. كما يمكن أن يحدث سلس البول دون أن تتحرك المثانة إلى الأسفل، إذا كان جدار مجرى البول (الإحليل) ضعيفا.
> سلس البول الإلحاحي. يحدث عند الرغبة القوية والعاجلة أو الملحة إلى التبول، بسبب انقباضات المثانة اللاإرادية نتيجة الإشارات العصبية غير الطبيعية التي تؤدي إلى تقلصات في المثانة، مسببة بذلك رغبة قوية وعاجلة أو إلحاح إلى التبول.
قد يؤدي تلف الحبل الشوكي أو الدماغ أو أعصاب وعضلات المثانة إلى انقباضات المثانة اللاإرادية (عند الإصابة بأمراض مثل الزهايمر، التصلب اللويحي، مرض باركنسون، السكتة الدماغية، وغيرها). كما توجد محفزات تؤدي إلى سلس البول على سبيل المثال عند شرب كمية صغيرة من الماء، أو لمس الماء، أو سماع المياه الجارية، أو الوجود في بيئة باردة حتى ولو لفترة قصيرة.
> سلس البول المختلط. يحدث عند الإصابة بأعراض كل من سلس البول الإجهادي وسلس البول الإلحاحي معاً.
> سلس البول الوظيفي. يحدث بسبب وجود إعاقة جسدية، أو عوائق خارجية، أو مشاكل عقلية، تؤخر الوصول إلى المرحاض في الوقت المناسب.
> سلس البول العابر. يحدث عادة بسبب الأدوية أو يكون حالة مؤقتة. على سبيل المثال عند التهاب المسالك البولية، تناول الكافيين بكثرة، السعال المزمن، الإمساك، الضعف العقلي.
دليل حديث للتقييم والعلاج
صدرت في شهر أبريل (نيسان) 2019. عن المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية، (The National Institute for health and Care Excellence، NICE) في بريطانيا النسخة الأخيرة من الدليل التوجيهي حول تقييم وإدارة سلس البول وهبوط أعضاء الحوض عند النساء اللائي تبلغ أعمارهن من 18 عاماً فأكثر. وتم التركيز على سلس البول والمثانة مفرطة النشاط (Over Active Bladder (OAB). وكان من أبرز توصياته:
> أن تكون الخيارات غير الجراحية هي الخيار الأول لعلاج سلس البول أو هبوط أعضاء الحوض.
> إذا كان سلس البول الإجهادي هو العارض السائد، فلا بد من مناقشة فوائد العلاج غير الجراحي مع المريض قبل التفكير في الجراحة.
> أن يتم البحث عن العوامل المهيئة والمسببة ذات الصلة والتشخيصات الأخرى التي قد تتطلب الإحالة لمزيد من الفحص والعلاج.
> أن يتم إجراء تقييم رقمي روتيني للتأكد من وجود تقلص عضلات قاع الحوض قبل البدء في تدريب هذه العضلات.
التشخيص
وفقا لتوصيات الدليل التوجيهي الأخير حول تقييم وإدارة سلس البول وهبوط أعضاء الحوض عند النساء 2019. يتم اتباع الخطوات التالية في التشخيص:
> أولا: التاريخ الطبي والفحص السريري.
> ثانيا: التحاليل المخبرية، ومنها:
- اختبار البول. يعمل لكافة أنواع السلس اختبار مقياس البول بالشريط للكشف عن وجود دم، غلوكوز، بروتين، كريات بيضاء ونيترايت في البول. ثم ﻘﻴﺎس ﻣﺴﺘﻮى حجم كمية البول المتبقي ﺑﻌﺪ إﻔﺮاغ المثانة. ويجب علاج التهاب المسالك البولية بشكل مناسب، إن وُجد.
- اختبار ديناميكا البول. يجب إجراء فحص ديناميكي للبول Urodynamic testing للحالات التي تقرر علاجها جراحيا عند وجود سلس بول مختلط سائد أو سلس بول نوعه غير واضح، أعراض تشير إلى وجود خلل وظيفي، هبوط أعضاء الحوض الأمامي أو القمي، أو تاريخ سابق للجراحة لعلاج سلس البول.
> ثالثا: الفحص بالموجات فوق الصوتية. تستخدم الموجات فوق الصوتية ultrasound فقط لتقييم حجم البول المتبقي. ولا ينصح بإجراء تنظير للمثانة أو التصوير سواء بالرنين المغناطيسي، التصوير المقطعي، الأشعة السينية للتقييم الروتيني للنساء المصابات بسلس البول.
> رابعا: الإحالة إلى الاختصاصي. تتم إحالة المصابة بسلس البول إلى العيادة المتخصصة في المسالك البولية النسائية إذا توفرت المؤشرات التالية:
- ألم مستمر في المثانة أو الإحليل.
- المثانة الملموسة عند الفحص بعد إفراغها.
- ورم حميد في الحوض أو جراحة سابقة لسرطان الحوض.
- صعوبة التبول، أو وجود سلس البراز.
- الاشتباه بمرض عصبي أو الاشتباه بناسور بولي تناسلي.
> قبل إعطاء العلاج الإشعاعي للحوض.
العلاج
> أولا: وسائل غير جراحية:
- تغيير نمط الحياة، خاصة للمصابات بالمثانة المفرطة النشاط (OAB). ويتضمن خفض الكافيين، تعديل كمية السوائل، فقدان الوزن للنساء مع مؤشر كتلة الجسم ≥30.
- العلاج الفيزيائي (الطبيعي)، خاصة لعلاج سلس البول الإجهادي أو المختلط. ويتم بتدريب عضلات قاع الحوض بمعدل 8 انقباضات تكرر 3 مرات في اليوم لمدة 3 أشهر. كخيار أول في العلاج.
- العلاج السلوكي، خاصة لعلاج سلس البول الإلحاحي أو المختلط. ويتم بتدريب المثانة لمدة 6 أسابيع على الأقل كعلاج أولي. وإذا فشل هذا العلاج وحده، يتم دمجه مع برنامج علاج المثانة مفرطة النشاط (OAB).
> ثانيا: العلاج الدوائي. قبل البدء في علاج المثانة مفرطة النشاط (OAB)، يُوصَى بمناقشة المريضة حول: احتمالية نجاح الدواء، واحتمالية حدوث آثار طويلة الأجل للأدوية المضادة للكولين (anticholinergic) على الوظيفة الإدراكية والتي تستخدم لعلاج سلس البول الإلحاحي، الآثار الشائعة المرتبطة بالدواء مثل جفاف الفم والإمساك للأدوية المضادة للكولين والتي تعتبر طبيا مؤشرا على أن الدواء قد بدأ تأثيره، وأن الفوائد الجوهرية لن تتضح حتى يتم تناول الدواء لمدة 4 أسابيع على الأقل وبعدها تبدأ الأعراض في التحسن مع مرور الوقت. أما سلس البول الإجهادي. فيستخدم لعلاجه دواء دولوكسيتين.
> ثالثا: الوسائل الجراحية. تختلف الوسائل الجراحية باختلاف حالات السلس البولي الإجهادي والإلحاحي.
+ السلس الإجهادي:
- عملية تعليق عنق المثانة.
- الحقن بمادة (مثل الكولاجين) بالقرب من عنق المثانة لمنع تسرب البول.
- عملية تركيب شريط الإحليل: يتم إدخال شريط بلاستيكي عبر شق داخل المهبل يمتد خلف الإحليل.
+ السلس الإلحاحي: حقن سم البوتولينيوم (أيه) على جدار المثانة.
الوقاية
ينصح الاختصاصيون في الإدارة العامة لتعزيز الصحة والتثقيف الصحي بوزارة الصحة السعودية باتباع الخطوات التالية من أجل تقليل خطر الإصابة بسلس البول:
- المحافظة على وزن صحي.
- التدرب على تمارين قاع الحوض.
- ممارسة النشاط البدني للمحافظة على اللياقة وقوة العضلات، وتجنب مهيجات المثانة مثل الكافيين وغيره.
- تناول المزيد من الألياف لتجنب الإمساك.
- الإقلاع عن التدخين.
ويقدمون الإرشادات التالية للمصابين بسلس البول:
- المحافظة على كمية السوائل الموصى بها من قبل الطبيب.
- التقليل من شرب المشروبات التي تحتوي على الكافيين (مثل: الشاي والقهوة).
- حماية الملابس من البلل وتغييرها عند تسرب البول فوراً.
- لحد من تناول السوائل بعد العشاء في المساء لتقليل الحوادث الليلية.
- مراقبة الوزن لتجنب الضغط على المثانة.