فرقة «ميّاس» تحقق حلمها وتتلقى عروضاً عالمية

أبهرت بعرضها الراقص جمهور «بريتانز غوت تالنت الأبطال»

مدرب فرقة «ميّاس» اللبنانية نديم شرفان في صورة تذكارية مع سايمون كويل
مدرب فرقة «ميّاس» اللبنانية نديم شرفان في صورة تذكارية مع سايمون كويل
TT

فرقة «ميّاس» تحقق حلمها وتتلقى عروضاً عالمية

مدرب فرقة «ميّاس» اللبنانية نديم شرفان في صورة تذكارية مع سايمون كويل
مدرب فرقة «ميّاس» اللبنانية نديم شرفان في صورة تذكارية مع سايمون كويل

استطاع نديم شرفان؛ ابن الثلاثين ربيعاً ومدرب فرقته الراقصة «ميّاس»، أن يحقق واحداً من أحلامه الوردية؛ ألا وهو الوصول إلى العالمية. فبالنسبة لهذا الشاب اللبناني ابن بلدة قرطبا في قضاء جبيل، لا شيء مستحيلاً لديه، والمثابرة والشغف لا بدّ من أن يثمرا النجاح.
ومع وقوف فرقته على مسرح البرنامج البريطاني «بريتانز غوت تالنت 2019 الأبطال» (تشارك فيه عروض فنية وصلت إلى نهائيات البرنامج في نسخاته المختلفة)، حبس الجميع أنفاسهم وارتفع العلم اللبناني يرفرف فخراً مع جمهور لبناني حضر إلى القاعة لمساندته. فقدّمت الفرقة ولمدة دقيقتين ونصف الدقيقة استعراضها الراقص على أنغام موسيقى أغنية «انت عمري» للراحلة أم كلثوم. فوقف أعضاء لجنة تحكيم البرنامج سايمون كويل (مؤسسه)، وأماندا هولدن، وأليشا ديكسون، ووديفيد ويليامز، يصفقون لها انبهاراً وإعجاباً بما قدمته. وجاءت تعليقاتهم إثر العرض لتصب في خانة واحدة أنّه استعراض لم يسبق أن شاهدوا مثيلاً له في البرنامج. ولتقف اللجنة مرّة أخرى تصفق بحماس في تحية منها لأعضاء الفريق وهو يغادر خشبة المسرح. ورغم أنّ «ميّاس» لم يصل إلى مرحلة النهائيات في البرنامج، فإن ما حققه على الصّعيد العالمي، يعدّ إنجازاً تحدثت عنه وسائل الإعلام البريطانية الذي كان لبعضها مأخذها على عدم اختيارها له للمرحلة المذكورة.
«يكفينا الوقوف على هذا المسرح العالمي (Britain’s got talent 2019 the champions) إلى جانب كثير من أبطال برنامج (غوتز تالنت) من دول أخرى». يقول نديم شرفان في حديث لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «هو انتصار بحد ذاته نفتخر به ويفتح الطريق أمامنا إلى العالمية بامتياز».
فحسب شرفان؛ هناك أفكار كثيرة تراوده في شأن تطوير فريقه الراقص، وأنه قد تلقى عروضاً من دول أجنبية كثيرة إثر عرض البرنامج لا تزال قيد الدرس... «أطمح إلى زيادة عدد أعضاء الفريق ليمثل لبنان على مسارح عالمية، وليتناولوا هذا البلد بوجهه المشرق والمبدع معاً».
لطالما سرت موهبة الرقص في دماء شرفان منذ صغره، ولذلك كان حريصاً على اختيار أعضاء فريقه منذ تأسيسه من أعمار فتيّة. فتدربوا على يديه بعد أن زرع فيهم حبّ الرقص وتحولوا فيما بعد إلى فرقة راقصة لا تشبه غيرها. وأطلق اسم «ميّاس» على الفريق لأنّه يحمل معاني جميلة كثيرة... «إنّه مشتق من كلمة (ماس) هذه الحجرة الكريمة الرائعة، وكذلك فهو يرمز إلى القوام الممشوق، ومشية الأسد المتبختر... وغيرها من المعاني التي تحمل في طياتها مشهدية جميلة». ويتألف فريق «ميّاس» من نحو 50 راقصة يتمايلن بخصورهّن بأسلوب فني يرتكز على خطوات الرقص الشرقي. وفي إطلالتهن العالمية شارك نحو 30 منهن في العرض. «مع الأسف لم نلق أي تجاوب أو دعم من جهات رسمية في لبنان كي تساعدنا لإنجاز رحلتنا إلى بريطانيا. فتدبّرت الأمر مديرة أعمالي إلينا العانوسي التي تكفلت بمصاريف الرحلة كي لا تفوت علينا الفرصة». يوضح شرفان في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط». ويتابع: «وعندما عدنا إلى بلاد الأرز محققين هذا النصر تهافت الجميع على تهنئتنا وفي مقدمهم رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري. فتواصلت معه عبر موقع (إنستغرام) الإلكتروني... أشكره على لفتته التي تمثلت في تغريدة له إثر العرض قال فيها: (عندما يرفرف علم لبنان)».
لم يتوانَ سايمون كويل؛ أحد أهم أعضاء لجنة تحيكم «بريتانز غوت تالنت 2019 الأبطال» عن الدخول إلى الكواليس إثر تقديم «ميّاس» استعراضها الراقص. فالتقط صورة تذكارية معها واقفاً على مواهب هذه الفرقة. «لقد بقي نحو 20 دقيقة معنا، وسألني عن الفريق وعن طبيعة التدريبات التي نقوم بها والموسيقى التي نختارها». يوضح نديم شرفان في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط».
ولكن كيف تلقّف شرفان هذا الإنجاز؟ يرد: «شعور الفرح الذي سبق أن غمرني أثناء فوزي في النسخة العربية من البرنامج (أرابز غوت تالنت) على شاشة (إم بي سي)، كان مشابهاً لذلك الذي شعرت به في بريطانيا. فكان سريعاً وقصيراً غمرني من رأسي إلى أخمص قدمي لفترة. وبعد لحظات قليلة رحت أفكر بالخطوات التي عليّ القيام بها من أجل تطوير الفرقة وتقديمها بأفضل حلّة. فأنا أحلم بالتعاون مع فنانين عالميين لأقف على مسارح كبرى. وأتمنى أن تحفر هذه الفرقة وإبداعها في ذاكرة كثيرين ليطلبوها بالاسم ويلمع بالتالي اسم لبنان عالياً».
لا مصادر محدّدة يتأثر بها نديم شرفان فيستوحي منها تابلوهاته الراقصة؛ ويعلّق: «لحظة الإبداع تأتيني على حين غرة، فأتصور اللوحة، وأرسمها في رأسي، لأنفذها بعد فترة على أرض الواقع».
ويتمثّل فن الرقص الذي تقدمه فرقة «ميّاس» في خليط من الموسيقى الشرقية والغربية معاً، إضافة إلى استعارة مدربها حركات تعبيرية مصدرها موضوع اللوحة التي يرسمها... «هي نوع من الفلكلور الصيني، وأحياناً تتبدّل لتأخذ الصبغة الهندية البوليوودية، أو أخرى كلاسيكية. فالأمر منوط بخيالي الذي يتحكّم في اللوحة الفنية من ألِفها إلى يائها، والموسيقى التي أختارها لها».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».