منذ رحلة ماجلان... كيف تطور التطواف حول الأرض خلال خمسة قرون؟

عالمة النباتات جين باريت نفذت رحلة مماثلة قديماً وتلتها الصحافية نيلي بلاي

منذ رحلة ماجلان... كيف تطور التطواف حول الأرض خلال خمسة قرون؟
TT

منذ رحلة ماجلان... كيف تطور التطواف حول الأرض خلال خمسة قرون؟

منذ رحلة ماجلان... كيف تطور التطواف حول الأرض خلال خمسة قرون؟

قبل ما يقارب خمسة قرون من الزمان، شرع المستكشف البرتغالي القديم فرديناند ماجلان وطاقمه البحري في أول رحلة تطواف ناجحة حول العالم المعروف. وبدأ أسطول ماجلان البحري المكون من خمس سفن، في 20 سبتمبر (أيلول) من عام 1519، في الإبحار انطلاقاً من إسبانيا باتجاه الجنوب، عابراً المحيط الأطلسي، متوجهاً صوب أميركا الجنوبية. واعترضت سبيل البحارة هناك قناة أطلقوا عليها اسم قبطانهم ماجلان، من ثمّ تجاوزوها إلى المحيط الهادي، وواصلت سفن الأسطول الصغير الانطلاق مبرحة نحو الغرب.
لقي ماجلان مصرعه في خضم إحدى الصراعات التي واجهها في جزر الفلبين عام 1521، غير أن طاقم سفنه واصل الإبحار رغم الفاجعة، وتمكنوا من عبور المحيط الهندي ووصلوا إلى الطرف الجنوبي لقارة أفريقيا، مع مواصلة الإبحار شمالاً قافلين إلى إسبانيا مرة أخرى. وشهدت موانئ مدينة إشبيلية رسو سفينة واحدة فقط من الأسطول الخماسي في عام 1522.
خلال القرون الخمسة المنصرمة منذ رحلة ماجلان الأولى، توصلت البشرية إلى غير طريق وسبيل للتطواف حول الكرة الأرضية. وكان الهدف منها، «ربط العالم بعضه ببعض»، على حد وصف جيريمي كيني، رئيس قسم الملاحة الجوية لدى متحف سميثسونيان للطيران والفضاء في العاصمة واشنطن.

وفيما يلي بعض أشهر وأبرز رحلات التطواف حول العالم...
- التطواف البحري
في أواخر عام 1774 وأوائل 1775، صارت عالمة النباتات ورائدة الاستكشافات جين باريت، أول امرأة تجوب العالم. وكان ذلك في جزء من حملة استكشاف بحرية خرجت من فرنسا عام 1766، وتخفت فيها باريت بأزياء الرجال حتى تتمكن من الصعود على متن السفينة «إيتوال»، وأبحرت إلى أماكن مثل أوروغواي، والبرازيل، وتاهيتي، وموريشيوس، لتواصل عملها في توثيق النباتات المحلية التي تعثر عليها في تلك المناطق.
واستطاع رفاق الرحلة على السفينة اكتشاف هويتها الحقيقية مما عرّض سلامتها الشخصية للخطر؛ الأمر الذي دفعها إلى المكوث في جزر موريشيوس. ولقد تمكنت من العودة إلى وطنها بعد ذلك بسنوات عدة. حسب ما ذكرت مجلة «ساينس نيوز».
- التطواف البري والبحري
يمثل شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، علامة فارقة في مجال التطواف حول العالم: مرت نحو 130 عاماً منذ أن خرجت الصحافية الأميركية نيلي بلاي في رحلة كسرت بها الأرقام القياسية السابقة عليها عام 1889، حين أرسلتها صحيفة «نيويورك وورلد» لكسر الزمن الذي استغرقته شخصية فيلياس فوغ الخيالية، بطل رواية «حول العالم في ثمانين يوماً» من تأليف الروائي الفرنسي جول فيرن. استمدت بلاي إلهامها من رواية فيرن القديمة، بيد أنها تشككت في إمكانية الانتهاء من هكذا رحلة في غضون 79 يوماً فقط. لكنّها أحرزت نجاحاً منقطع النظير وأنهت رحلتها في زمن لا يتجاوز 72 يوماً فقط.
وتمكنت من توثيق السرد التأريخي لرحلتها، الذي أثار ذهول الرأي العام ودهشته في بلادها وجعلت من خلاله العالم الكبير أكثر سهولة في السفر والترحال عما يبدو، وذلك في كتابها وعنوانه «حول العالم في 72 يوماً».
- التطواف الجوي
تعتبر سلسلة الرحلات الجوية من عام 1942، التي نفّذتها طائرات الخدمات الجوية في جيش الولايات المتحدة (والتي صارت تعرف فيما بعد بالقوات الجوية الأميركية)، أولى رحلات التطواف الجوية حول العالم إلى حد كبير. إذ خرج فريق من الطيارين – يطلقون على أنفسهم «ماجلانز الهواء» – في رحلة طيران غربية صوب شمال المحيط الهادي، ثم عبر جنوب آسيا، ثم إلى أوروبا، ثم رجوعاً مرة أخرى إلى الولايات المتحدة الأميركية في رحلة استغرقت 175 يوماً، لم يخرجوا خلالها من نصف الكرة الأرضية الشمالية أبداً.
- التطواف الفضائي
في خضم السباق الفضائي السوفياتي الكبير، تحول رائد الفضاء الروسي يوري غاغارين إلى أول شخصية يرتاد الفضاء وأول من دار حول الأرض من البشر. واستكملت كبسولته الفضائية المسماة «فوستوك - 1» رحلته المدارية حول الأرض في زمن لا يتجاوز 108 دقائق في أبريل (نيسان) من عام 1961. وبعد مرور 4 أشهر أخرى، تمكن رائد الفضاء الروسي أيضاً، غيرمان تيتوف من استكمال 17.5 رحلة مدارية حول الأرض على متن الكبسولة الفضائية السوفياتية المسماة «فوستوك - 2» في فترة لا تتجاوز اليوم الواحد.
- السرعة الفائقة
في عام 2017، سجل البحار الفرنسي فرانسيس جويون وطاقمه البحري رقماً قياسياً جديداً من الإبحار حول العالم على متن يخت يبلغ طوله 30 متراً أطلقوا عليه اسم «تريماران». وتمكن البحار الفرنسي من التطواف حول جميع أنحاء العالم في غضون 40 يوماً، و23 ساعة، و23 دقيقة، و30 ثانية؛ مما أهّله للحصول على جائزة «جول فيرن». وفي العام نفسه، حقق البحار الفرنسي فرنسوا غابار رقماً قياسياً جديداً من سرعة الإبحار المنفرد حول العالم.
وفي يوليو (تموز) لعام 2019 الحالي، كسرت طائرة «غولف ستريم» النفاثة الرقم القياسي لأسرع رحلات التطواف الجوي حول العالم عبر القطبين المتجمدين الشمالي والجنوبي، حيث استكملت الرحلة في 46 ساعة فقط. وكانت جزءاً من مهمة تحمل مسمى «مدار واحد آخر» مكرسة لتكريم الذكرى الـ500 لرحلة الرحالة ماجلان وحلول الذكرى الخمسين كذلك لهبوط المركبة «أبوللو – 11» على سطح القمر. وكانت الطائرة قد أقلعت من مركز كينيدي الفضائي في فلوريدا، وحلقت عبر القطب الشمالي إلى كازاخستان. من ثم واصلت الطيران إلى موريشيوس، ومنها إلى القطب الجنوبي فتشيلي قبل أن ترجع إلى المركز الفضائي في فلوريدا. وتفوقت هذه الرحلة على الرقم القياسي السابق بنحو 6 ساعات كاملة.


مقالات ذات صلة

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

يوميات الشرق زاهي حواس (حسابه على فيسبوك)

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

أكد الدكتور زاهي حواس، أن رفض مصر مسلسل «كليوباترا» الذي أذاعته «نتفليكس» هو تصنيفه عملاً «وثائقي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

وجد علماء الأنثروبولوجيا التطورية بمعهد «ماكس بلانك» بألمانيا طريقة للتحقق بأمان من القطع الأثرية القديمة بحثًا عن الحمض النووي البيئي دون تدميرها، وطبقوها على قطعة عُثر عليها في كهف دينيسوفا الشهير بروسيا عام 2019. وبخلاف شظايا كروموسوماتها، لم يتم الكشف عن أي أثر للمرأة نفسها، على الرغم من أن الجينات التي امتصتها القلادة مع عرقها وخلايا جلدها أدت بالخبراء إلى الاعتقاد بأنها تنتمي إلى مجموعة قديمة من أفراد شمال أوراسيا من العصر الحجري القديم. ويفتح هذا الاكتشاف المذهل فكرة أن القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الأسنان والعظام هي مصادر غير مستغلة للمواد الوراثية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

يُذكر الفايكنغ كمقاتلين شرسين. لكن حتى هؤلاء المحاربين الأقوياء لم يكونوا ليصمدوا أمام تغير المناخ. فقد اكتشف العلماء أخيرًا أن نمو الصفيحة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى فيضانات ساحلية هائلة أغرقت مزارع الشمال ودفعت بالفايكنغ في النهاية إلى الخروج من غرينلاند في القرن الخامس عشر الميلادي. أسس الفايكنغ لأول مرة موطئ قدم جنوب غرينلاند حوالى عام 985 بعد الميلاد مع وصول إريك ثورفالدسون، المعروف أيضًا باسم «إريك الأحمر»؛ وهو مستكشف نرويجي المولد أبحر إلى غرينلاند بعد نفيه من آيسلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

لا تزال مدينة مروي الأثرية، شمال السودان، تحتل واجهة الأحداث وشاشات التلفزة وأجهزة البث المرئي والمسموع والمكتوب، منذ قرابة الأسبوع، بسبب استيلاء قوات «الدعم السريع» على مطارها والقاعد الجوية الموجودة هناك، وبسبب ما شهدته المنطقة الوادعة من عمليات قتالية مستمرة، يتصدر مشهدها اليوم طرف، ليستعيده الطرف الثاني في اليوم الذي يليه. وتُعد مروي التي يجري فيها الصراع، إحدى أهم المناطق الأثرية في البلاد، ويرجع تاريخها إلى «مملكة كوش» وعاصمتها الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الخرطوم، وتقع فيها أهم المواقع الأثرية للحضارة المروية، مثل البجراوية، والنقعة والمصورات،

أحمد يونس (الخرطوم)
يوميات الشرق علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

اتهم علماء آثار مصريون صناع الفيلم الوثائقي «الملكة كليوباترا» الذي من المقرر عرضه على شبكة «نتفليكس» في شهر مايو (أيار) المقبل، بـ«تزييف التاريخ»، «وإهانة الحضارة المصرية القديمة»، واستنكروا الإصرار على إظهار بطلة المسلسل التي تجسد قصة حياة كليوباترا، بملامح أفريقية، بينما تنحدر الملكة من جذور بطلمية ذات ملامح شقراء وبشرة بيضاء. وقال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولة تصوير ملامح كليوباترا على أنها ملكة من أفريقيا، تزييف لتاريخ مصر القديمة، لأنها بطلمية»، واتهم حركة «أفروسنتريك» أو «المركزية الأفريقية» بالوقوف وراء العمل. وطالب باتخاذ إجراءات مصرية للرد على هذا

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.