قد تكون مشاعر الحب أو الصداقة المتينة أو ربّما الرّغبة بالتميّز ولفت الأنظار، من الأمور التي كانت تدفع بعضاً من الناس لاختيار ملابس تتطابق باللون أو بالشكل. «تطابق الملابس»، لدى سماعنا لهاتين الكلمتين، قد يذهب تفكيرنا مباشرة لتخيّل أزواج متقاعدين يرتدون السترة نفسها أو قد نفكّر في فتيات مراهقات أردن ملابس مماثلة.
ولكن هل فكرنا في الأمهات وبناتهن اللاتي يرتدين الملابس نفسها؟ أو الآباء وأبناؤهم يتطابقون بـ«التيشيرت» الأزرق نفسه والسروال القصير المطبوع عليه موز؟
في حقيقة الأمر، لم تعد فكرة ارتداء ملابس متطابقة، تراود محبيها الذين يحاولون التميز بها باختيارهم لأزياء من لون واحد، بل تطوّرت لتصبح اليوم موضة تقدّمها وتروّج لها الكثير من متاجر الملابس بين مجموعات الأطفال وآبائهم أو أمهاتهم مثل «أتش أند إم» و«وي فاشون» وغيرها عدا عن المصممين الكبار من «كارولينا هيريرا» و«دولتشي أند غابانا» إلى «ديور».
فكرة قد تكون جميلة ولافتة للبعض، لأنها تعبّر عن الحب والارتباط بين الآباء وأولادهم ومشاركة الأزياء بتطابق ألوانها وأزيائها، بيد أنّ فئة أخرى تعتبرها عملية تجارية تلعب بها شركات صناعة الثياب والمصممون على نفسية الناس. وفيما تؤكد جوديت كيسلر، خبيرة ألمانية في أزياء الأطفال: «إنه اتجاه كبير في صناعة الملابس الفاخرة»، تقول روزا بياتسو وهي أيضاً، خبيرة أزياء في المتجر الإلكتروني «تسالون»: «إنه من دون شك، لأمر مدهش أن نرى رضيعا يرتدي سترة وسروال شينو أو طفلة ترتدي تنورة ذات طيات (كُسر)، إنّه منظر جميل». لكن يأتي بعض الأطباء النفسيين ليدلون بدلوهم حول هذا الموضوع، متحدثين عن نوع من تسلّط الآباء على حرية اختيار أولادهم للثياب التي يرغبون ارتداءها من جهة، وتمسكهم بمظهر شبابي من جهة أخرى.
المعالجة الألمانية كلاوديا هارمان كانت من بين المنتقدين لهذا الاتجاه، علما بأنها أيضا مؤلفة تتناول العلاقات الأسريّة. تقول «إنّه اتجاه يثير أسئلة بشأن ما إذا كانت الابنة تريد أن تبدو مثل والدتها أم أنّ الأم تحب الابنة». وتعتقد أنّ كل ما في الأمر أن البالغين يريدون أن يبدو أصغر سنّاً. وتضيف: «في الوقت نفسه إنه استعراض للوحدة... نحن صديقات ونحن مترابطات ونحن واحد».
وتعتقد المتخصصة في علم الاجتماع كريستيانا فارجا أنّ «الاستعراض» يلعب دوراً مهماً في اتجاه «ميني مي» (الصورة المصغرة مني)، في عصر الانستغرام وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي. وتقول وهي باحثة في معهد المستقبل في فيينا: «إذا نظرت إلى صور الأطفال في الثمانينات والتسعينات، (ستجد أنّهم) لم يكونوا متعبين... بالنسبة لي هناك أيضا بعض الغزو، استيلاء على الطفل». وتتابع: «يجب أن يختار الآباء والأطفال ملابسهم معاً، على قدم المساواة».
جدير ذكره، أنّ كثيراً من الأطفال يحبون تجربة أحذية أمهاتهم ذات الكعوب العالية أو المكياج. ولكن من المهم أن ينأى الأطفال بأنفسهم في سن البلوغ ومعرفة كيف يختلفون، حسب هارمان، التي تجد أنّه من غير اللائق أن تُملي الأمهات على بناتهن ما يجب أن ترتدينه أو تقليد أسلوبهن.
تطابق الملابس بين الآباء والأبناء تمسك بالشباب أم فرض رأي؟
تطابق الملابس بين الآباء والأبناء تمسك بالشباب أم فرض رأي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة