الرياض تقيّم حادثة «بقيق»... وواشنطن تدرس نشر صور تثبت مسؤولية إيران

الكويت تعزز أمن المنشآت وتحقق في اختراق طائرة مسيرة... والعراق ينفي استخدام أراضيه ضد السعودية

الدخان يتصاعد من منشأة نفطية تابعة لـ«أرامكو» بعد الهجوم (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من منشأة نفطية تابعة لـ«أرامكو» بعد الهجوم (أ.ف.ب)
TT

الرياض تقيّم حادثة «بقيق»... وواشنطن تدرس نشر صور تثبت مسؤولية إيران

الدخان يتصاعد من منشأة نفطية تابعة لـ«أرامكو» بعد الهجوم (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من منشأة نفطية تابعة لـ«أرامكو» بعد الهجوم (أ.ف.ب)

تمكنت السعودية، أمس، من استيعاب الآثار الكبيرة للعدوان على منشأتين نفطيتين تمثلان قلب صناعة النفط في المملكة والعالم، حيث نجحت شركة «أرامكو» في تفعيل خطط الطوارئ لاستخدام مخزوناتها من النفط لامتصاص الصدمة الناجمة عن الحادث، في حين تواصل السلطات السعودية تحقيقاتها لتحديد الجهات المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ لهذه الأعمال الإرهابية، حسبما أعلن المتحدث باسم قوات التحالف. وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، في تقرير لها أمس، أن الإدارة الأميركية تبحث نشر صور سرية التقطتها أقمار صناعية، تُثبت مسؤولية إيران عن هجوم المنشأتين.
وكان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو قد اتهم طهران بالوقوف وراء الحادث، لتسارع إيران لنفي ذلك صباح أمس، على لسان عباس موسوي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الذي وصف الاتهامات الأميركية بأنها «فارغة»، ليعود الرئيس الإيراني حسن روحاني في تصريحات يتهم فيها واشنطن بتحميل دول المنطقة مسؤولية الحرب في اليمن.
وقال روحاني، وفق ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية: «اليوم، نحن نرى الأبرياء يموتون في اليمن كل يوم... وبدلا من أن يلوم الأميركيون أنفسهم، ويعترفون بأن وجودهم في المنطقة يخلق المشكلات، فإنهم يلومون دول المنطقة أو الشعب اليمني».
وأضاف قبل توجهه إلى أنقرة للمشاركة في اجتماع ثلاثي حول سوريا، مع تركيا وروسيا، أن «الحل لاستتباب الأمن الحقيقي في المنطقة هو توقف العدوان الأميركي»، وتابع: «نعتقد أن حل أزمات المنطقة لن يأتي إلا من خلال المحادثات في اليمن، والمفاوضات بين اليمنيين الذين يجب أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم».
وحذر قائد بارز بـ«الحرس الثوري» من أن إيران مستعدة لحرب «شاملة»، وأن قطعاً عسكرية أميركية توجد في مرمى الصواريخ الإيرانية. كما حذر مسؤول عسكري بارز في «الحرس الثوري» مجدداً، أمس، القوات الأميركية في الخليج.
ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوفضائية بـ«الحرس الثوري» الإيراني، قوله: «على الجميع أن يعلم أن كل القواعد الأميركية وحاملات طائراتهم على بعد يصل إلى ألفي كيلومتر من إيران، وهي تقع في مرمى صواريخنا».
وخيم الحادث على أجواء اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الإيراني حسن روحاني، إذ أعلن البيت الأبيض، الأحد، أن الرئيس الأميركي قد يلتقي نظيره الإيراني حسن روحاني، رغم اتهام الولايات المتحدة لإيران بأنها وراء الهجمات بطائرات مسيرة على منشآت نفطية سعودية. ولم تستبعد مستشارة البيت الأبيض، كيليان كونواي، احتمال اللقاء في مكالمة تلفزيونية، وقالت إن الهجوم الذي وقع أول من أمس «لا يساعد» فرص عقد اجتماع بين الرئيسين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، لكنها تركت الباب مفتوحاً لإمكانية عقده، وقالت لمحطة «فوكس نيوز» مخاطبة الإيرانيين: «أنتم لا تساعدون قضيتكم جيداً»، بمهاجمة السعودية والمناطق المدنية والبنية التحتية الحيوية التي تؤثر على أسواق الطاقة العالمية.
وكان بومبيو قد قال إنه ليس هناك دليل على أن الهجمات انطلقت من اليمن، فيما ذكرت بعض المنافذ الإعلامية العراقية أن الهجوم انطلق من العراق، حيث أصبحت جماعات مدعومة من إيران تتمتع بنفوذ متزايد، لكن بغداد نفت ذلك أمس، وتوعدت بمعاقبة كل من يحاول استخدام الأراضي العراقية في شن هجمات بالمنطقة.
وفي المقابل، رد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في تغريدة له أمس، بالقول إن واشنطن وحلفاءها «عالقون في اليمن»، وإلقاء اللوم على إيران «لن ينهي الكارثة». وقال ظريف: «بعد فشل وزير الخارجية (مايك) بومبيو في ممارسة (أكبر ضغط ممكن)، يلجأ الآن إلى (أكبر خداع ممكن)... أميركا وعملاؤها عالقون في اليمن بسبب وهم أن التفوق في التسلح سيقود إلى نصر عسكري، وإلقاء اللوم على إيران لن ينهي الكارثة».
بغداد تنفى استخدام ارضيها للهجوم
من جهتها، نفت الحكومة العراقية استخدام الأراضي العراقية لاستهداف منشآت نفطية سعودية. وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، في بيان أمس (الأحد)، إن «العراق ينفي ما تداولته بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن استخدام أراضيه لمهاجمة منشآت نفطية سعودية بالطائرات المُسيرة».
وأضاف البيان أن العراق «يؤكد التزامه الدستوري بمنع استخدام أراضيه للعدوان على جواره وأشقائه وأصدقائه، وأن الحكومة العراقية ستتعامل بحزم ضد كل من يحاول انتهاك الدستور، وقد شكلت لجنة من الأطراف العراقية ذات العلاقة لمتابعة المعلومات والمستجدات».
ودعا البيان «جميع الأطراف إلى التوقف عن الهجمات المُتبادَلة، والتسبب بوقوع خسائر عظيمة في الأرواح والمنشآت»، مبيناً أن «الحكومة العراقية تتابع باهتمام بالغ هذه التطورات، وتتضامن مع أشقائها، وتعرب عن قلقها من أن التصعيد والحلول العسكرية تعقد الأوضاع الإنسانية والسياسية، وتهدد أمننا المشترك والأمن الإقليمي والدولي».
فيما أشار عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي محمد الكربولي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «العلاقات العراقية - السعودية بنيت في الآونة الأخيرة على أسس صحيحة سليمة، يضاف إليها حرص من الطرفين على تقويتها وتنميتها نحو الأفضل، وبالتالي فإن من شأن هذه العلاقة أن تثير حفيظة بعض الأطراف».
وأضاف الكربولي أن «النفي العراقي لاستهداف المنشآت النفطية السعودية جاء منسجماً مع هذه القناعات بعدم استخدام الأراضي العراقية منطلقاً لأي عدوان ضد المملكة»، فيما أكد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط»، أن «النفي العراقي جاء لطمأنة الجانب السعودي، حتى مع عدم وجود اتهامات رسمية أو حتى مؤشرات. لكن مع ذلك، فإن الجانب العراقي، ونظراً لما يوليه من أهمية للعلاقة مع السعودية، حرص على التأكيد أن أراضيه لن تكون منطلقاً للعدوان والاستهداف».
تنسيق أمني سعودي ـ كويتي
إلى ذلك، اتخذت الكويت، أمس، إجراءات أمنية لحماية المواقع الحيوية في البلاد، كما أمر رئيس الوزراء القادة العسكريين بالتحقيق في معلومات محلية برصد طائرة مسيرة كانت تحوم فوق قصر أمير البلاد.
وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الداخلية بالإنابة، أنس خالد الصالح، أن القيادات الأمنية قد باشرت إجراء التحقيقات اللازمة بشأن ما تم رصده من تحليق طائرة مسيرة في مناطق على الجانب الساحلي من مدينة الكويت، وما تم اتخاذه من إجراءات، والسبل الكفيلة للتصدي لها.
وأضاف الصالح، في تصريح صحافي أمس (الأحد) عقب اجتماع رئيس الوزراء جابر المبارك الحمد الصباح والأجهزة الأمنية والجيش، أن القيادات الأمنية قدمت إيجازاً عن الأوضاع الأمنية في المنطقة، وآخرها العمليات التخريبية لمنشآت نفطية داخل أراضي السعودية، وقد بينت رئاسة الأركان أنها على تنسيق مباشر مستمر مع الأشقاء في القوات المسلحة السعودية والدول الصديقة.
وأوضح الصالح أن المبارك قد وجه القيادات العسكرية والأمنية بتشديد الإجراءات الأمنية حول المواقع الحيوية داخل دولة الكويت، واتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على أمن الكويت والمواطنين والمقيمين على أرضها من كل خطر. والتقى المبارك أمس عدداً من الوزراء، مع كل من رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الفريق الركن محمد الخضر، ووكيل وزارة الداخلية الفريق عصام النهام، وعدد من قيادات الجيش والشرطة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أبلغ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استعداد واشنطن للتعاون مع المملكة لحماية أمنها، بعد الهجمات الإرهابية على منشآت النفط السعودية أول من أمس.
نجاح سعودي في تهدئة الأسواق العالمية
ورغم الأضرار الفادحة التي أصابت منشأة النفط الأكبر على مستوى العالم، فقد نجحت السعودية في استيعاب الصدمة الأولى للحادث الإرهابي الذي أسفر عن خروج نحو 5.7 مليون برميل، وهو ما يساوي تقريباً نصف الإنتاج النفطي السعودي، عن الخدمة، فضلاً عن توقف إنتاج كمية من الغاز المصاحب تقدر بنحو ملياري قدم مكعب في اليوم، حيث تم تفعيل خطط الطوارئ التي تعتمد على استخدام المخزونات الهائلة من النفط داخل وخارج البلاد، لتعويض إمدادات الطاقة.
كما أدت الهجمات إلى انخفاض إمدادات النفط العالمية بنسبة 6 في المائة، مما أثار احتمال ارتفاع الأسعار بشكل كبير مع فتح الأسواق أبوابها اليوم (الاثنين)، لكن «أرامكو» السعودية بذلت جهوداً كبيرة لطمأنة الأسواق، وأعلنت أنها ستستخدم مخزوناتها الاحتياطية للتعويض عن نقص الإنتاج.
وفي مسعى لتهدئة الأسواق، صرح الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو»، أمين ناصر، بأن العمل جارٍ لاستئناف الإنتاج بطاقته الكاملة، في حين أعربت الولايات المتحدة عن استعدادها لاستخدام احتياطات البلاد النفطية لتعويض أي اضطرابات في أسواق النفط.
ونقلت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، أمس (الأحد)، عن وزير الطاقة ريك بيري القول إن إدارة الرئيس ترمب «مستعدة لنشر موارد من احتياطي النفط الاستراتيجي إذا لزم الأمر، لتعويض أي اضطرابات في أسواق النفط».
وفي تصريح للشبكة ذاتها، قالت الناطقة الرسمية لوزارة الطاقة، شايلين هاينز، إن الوزير «أمر إدارة وزارة الطاقة بالعمل مع وكالة الطاقة الدولية للبحث عن الخيارات المتاحة المحتملة للعمل العالمي الجماعي، إذا لزم الأمر».
وأشار مسؤول في وزارة الطاقة إلى أن احتياطيات النفط الاستراتيجية الأميركية تبلغ «630 مليون برميل... لهذا الغرض خصيصاً». ووسط تنديدات واسعة من المجتمع الدولي بالهجوم الذي تبناه الحوثيون في اليمن، فإن المراقبين ينتظرون نتائج التحقيقات السعودية التي أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف (تحالف دعم الشرعية في اليمن)، العقيد الركن تركي المالكي، القيام بها «لمعرفة وتحديد الجهات المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ لهذه الأعمال الإرهابية».


مقالات ذات صلة

«فيتش» تثبّت تصنيف «أرامكو‬» عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»

الاقتصاد شعار أرامكو (أ.ف.ب)

«فيتش» تثبّت تصنيف «أرامكو‬» عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»

ثبّتت وكالة «فيتش‬» للتصنيف الائتماني تصنيف شركة «أرامكو‬ السعودية» عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شعار «أرامكو» في معرض بباريس (رويترز)

«أرامكو» توقع اتفاقية لبناء أحد أكبر مراكز استخلاص الكربون وتخزينه على مستوى العالم

وقّعت «أرامكو السعودية» اتفاقية مساهمين مع شركتي «لينداي» و«إس إل بي»، تمهّد الطريق لتطوير مركز استخلاص الكربون وتخزينه في مدينة الجبيل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو» متحدثاً في منتدى «مبادرة السعودية الخضراء» (الشرق الأوسط)

الناصر: «أرامكو» تبحث التعاون مع الشركات الناشئة في التحول الطاقي

قال الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» إن «أرامكو» تبحث التعاون مع الشركات الناشئة في التحول الطاقي.

الاقتصاد صفقة استحواذ «ارامكو» على 10 % في «هورس باورترين» بلغت 7.4 مليار يورو (رويترز)

«أرامكو» تكمل الاستحواذ على 10 % في «هورس باورترين المحدودة» بـ7.4 مليار يورو

أعلنت «أرامكو السعودية» إكمال شراء 10 في المائة بشركة «هورس باورترين» المحدودة الرائدة في مجال حلول نقل الحركة الهجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناقلة نفط يتم تحميلها في مصفاة رأس تنورة النفطية التابعة لـ«أرامكو السعودية» (رويترز)

شركات الطاقة السعودية تحقق 27.45 مليار دولار أرباحاً في الربع الثالث

حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بلغت نحو 102.94 مليار ريال سعودي (27.45 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)