مصر ترفض محاولات «فرض الإرادة» في ملف «سد النهضة» الإثيوبي

شكري: لم يتم تحقيق تقدم ملموس خلال 4 سنوات

عمال إثيوبيون في موقع {سد النهضة} خلال أعمال البناء عام 2015 (غيتي)
عمال إثيوبيون في موقع {سد النهضة} خلال أعمال البناء عام 2015 (غيتي)
TT

مصر ترفض محاولات «فرض الإرادة» في ملف «سد النهضة» الإثيوبي

عمال إثيوبيون في موقع {سد النهضة} خلال أعمال البناء عام 2015 (غيتي)
عمال إثيوبيون في موقع {سد النهضة} خلال أعمال البناء عام 2015 (غيتي)

استبقت مصر اجتماعاً وزارياً بدأ أمس في القاهرة، حول سد «النهضة» الإثيوبي، بتصعيد لافت، مؤكدة على لسان وزير خارجيتها سامح شكري، أنه «ليس هناك مجال لمحاولة أي طرف فرض إرادته على الطرف الآخر بخلق واقع مادي لا يتم التعامل معه في إطار من التفاهم والتشاور والاتفاق المسبق».
وانطلقت في أحد فنادق القاهرة الجديدة، أمس، جولة جديدة من المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، للوصول إلى توافق حول تطبيق فترة الملء الأولى للسد والإدارة المشتركة لتشغليه.
وتقام المفاوضات على مدى يومين، بحضور الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري المصري، ونظرائه في إثيوبيا والسودان، ومن المقرر أن تشهد اجتماعات بين وزراء الخارجية في البلدان الثلاثة.
وقال وزير الخارجية المصري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الكينية مونيكا جوما، أمس، في إطار زيارتها القاهرة، إن مصر على استعداد دائماً للوصول إلى توافق بخصوص المفاوضات، مشيراً إلى ضرورة أن يتم الاتفاق في أقرب فرصة، واستدرك: «ليس هناك مجال لمحاولة أي طرف فرض إرادته على الطرف الآخر بخلق واقع مادي لا يتم التعامل معه في إطار من التفاهم والتشاور والاتفاق المسبق».
وتخوض دولتا مصبّ نهر النيل (مصر والسودان) ودولة المنبع (إثيوبيا) مفاوضات انطلقت قبل أكثر من 7 سنوات بشأن بناء السد، وتجنب الإضرار بحصة مصر من مياه النيل (تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب).
وقال وزير الخارجية إن اجتماع وزراء الري، في كل من مصر والسودان وإثيوبيا، أمس، لاستئناف المشاورات والمفاوضات حول تنفيذ اتفاق المبادئ، الذي تم التوقيع عليه في مارس (آذار) عام 2015 بين الدول الثلاث، يأتي بعد انقطاع نحو عام و3 أشهر، وهي فترة تجاوزت ما كان مقرراً، وتركت الأمور معلقة لفترة كبيرة، لافتاً إلى أن السنوات الأربع الماضية لم يتم خلالها تحقيق تقدم ملموس في إطار التوصل إلى اتفاق لتنفيذ ما تم التعهد به في اتفاق المبادئ من ضرورة التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث حول ملء وتشغيل السد في أقرب فرصة.
وأوضح أن هناك أيضاً مسارات توقفت مثل المسار المتعلق بدراسات «الاستشاري الدولي» الذي توافقت عليه البلدان الثلاثة لتقييم آثار السد، معرباً عن الأمل في أن يتم تجاوز هذه الأمور خلال الاجتماعات الحالية لكى يتم العودة مرة أخرى وبخطى سريعة، ووفقاً لجدول زمنى محدد يتم في نهايته التوصل إلى اتفاق.
وشدّد وزير الخارجية على أن مصر تؤكد دائماً أنها تراعى وتحترم حق إثيوبيا في التنمية، طالما أن هذا لا يؤدي إلى وقوع أضرار جسيمة على مصر، لافتاً إلى ما قاله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر الشباب أول من أمس من أن مصر سوف تتحمل تحت أي ظرف من الظروف أضراراً، لكنها الأضرار التي تستطيع أن تستوعبها وتتعامل معها من الناحية الاقتصادية وتحفظ مصالح الشعب المصري.
وأضاف أنه إذا ما تجاوزت الأضرار، فإن الأمر سيخرج تماماً عن قواعد القانون الدولي والعرف الدولي الذي يحكم العلاقة بين الأنهار العابرة للدول.
وأكد وزير الخارجية أن مصر دائماً منفتحة وتبدي مرونة كبيرة، وأنها دائماً على استعداد كامل لبحث الأوجه كافة؛ حيث إن هذه المفاوضات مفاوضات فنية علمية، وإن العلم ليس خاضعاً للتأويل السياسي، ولكنه أمر يسهل التوصل إلى اتفاق، لأنه مبني على أسس علمية، وليس هناك مجال للخروج عن إطارها... منوهاً بالاستعداد لدراسة كل ما هو مطروح من آراء وأفكار كانت محل نقاش في السابق.
وقال إننا نتوقع أن يكون لدى الطرفين الإثيوبي والسوداني الاستعداد لبحث وتناول ما نطرحه من أفكار وخطط في هذا الشأن، مذكراً بأن مصر تقدمت للسودان وإثيوبيا بخطة متكاملة مبنية على المناقشات السابقة خلال الاجتماعات المختلفة، وهي متكاملة في منظورها وتحقق العدالة للدول الثلاث وتراعى مصالحهم بالتساوي، ونتقبل أي ملاحظات وأي نقاش متعمق يتعلق بهذه الخطة، مؤكداً أن مصر على استعداد دائماً للوصول إلى نقطة توافق، وأنه بالضرورة أن يتم هذا الاتفاق في أقرب فرصة، لأنه ليس هناك مجال لمحاولة أي طرف فرض إرادته على الطرف الآخر بخلق واقع مادي لا يتم التعامل معه في إطار من التفاهم والتشاور والاتفاق المسبق.
وكانت الخارجية المصرية استدعت الخميس الماضي سفراء الدول الأوروبية المعتمدين لدى القاهرة، لاطلاعهم على آخر مستجدات المفاوضات الخاصة بسد النهضة؛ حيث أعرب نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية السفير حمدي سند لوزا عن عدم ارتياح مصر لطول أمد المفاوضات.
وأوضح نائب وزير الخارجية أن مصر قدمت للجانب الإثيوبي طرحاً عادلاً لقواعد ملء وتشغيل السد يحقق أهداف إثيوبيا في توليد الكهرباء من سد النهضة، ويحفظ في الوقت نفسه مصالح مصر المائية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.