اهتمام متاحف دولية بالكشف عن ملامح المومياوات المصرية

ما بين الدوافع الترويجية والعاطفية

طفلة تشاهد المومياء (متحف مابي جرير)
طفلة تشاهد المومياء (متحف مابي جرير)
TT

اهتمام متاحف دولية بالكشف عن ملامح المومياوات المصرية

طفلة تشاهد المومياء (متحف مابي جرير)
طفلة تشاهد المومياء (متحف مابي جرير)

تتوق النفس البشرية دائما إلى استكشاف ما تم إخفاؤه عنها، وتصبح هذه الحاجة أكثر إلحاحا عندما يكون السر عمره آلاف السنين... بعض المتاحف الأوروبية والأميركية تعمل حالياً على إشباع تلك الحاجة لدى زوارها من خلال نشاط بحثي بدأت تركز عليه في الآونة الأخيرة عبر استخدام التقنيات ثلاثية الأبعاد لمحاولة استعادة وجوه المومياوات التي توارت منذ آلاف السنين خلف الأقنعة الذهبية التي ترتديها.
أحدث نشاط في هذا الاتجاه، أقدم عليه متحف «مابي غرير» الموجود بالحرم الجامعي لجامعة أوكلاهوما المعمدية بأميركا، حيث أعاد بناء وجه مومياء مصرية تدعى «توتو» في إطار الاحتفال بمئوية المتحف، وقاموا بتصميم تمثال للوجه، وضعوه إلى جانب المومياء التي توارت خلف قناعها الذهبي منذ ألفي عام.
وخلال هذا المشروع استخدم العلماء المسح الضوئي لاكتشاف ما توارى خلف الصمغ والضمادات الملصقة على سطح الوجه أثناء عملية التحنيط، ثم قاموا بإنشاء جمجمة مطبوعة ثلاثية الأبعاد، وأعادوا بناء الوجه المطابق لها باستخدام نتائج بعض الدراسات التي أجريت على المصريين المعاصرين، ليظهر تمثال يكشف عن وجهها.
ويقول المتحف في بيان صحافي له «تم تجسيد 34 علامة في الجمجمة تمثل عضلات الوجه بالاعتماد على دراسات المصريين المعاصرين، وتم تحديد طول الأنف باستخدام طرق علمية تعتمد على معايير قياسية تراعي العلاقة بين الأنف وملامح الوجه».
ويضيف البيان أن المومياء «توتو» التي توفيت في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد بالقرب من مدينة تدعى حوارة بمحافظة الفيوم جنوب القاهرة، ظهرت في شكلها الأخير بوجه أرستقراطي، وأنف من النوع الذي يطلق عليه «أنف أرستقراطية»، والتي تكون معقوفة وذات فتحات جميلة.
وقبل مشروع المتحف الأميركي، كان متحف جامعة أبردين البريطانية قد نفذ نشاطا شبيها في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي مع جمجمة مومياء مجهولة توجد ضمن مقتنيات المتحف.
وتعاون المتحف في هذا العمل مع فنان الطب الشرعي الاسكوتلندي الشهير هاي موريسون لإعادة بناء شكل الوجه، بعد أن ساعدته الأشعة المقطعية في الكشف عن شكل الجمجمة التي توجد لدى الجامعة منذ نحو 200 عام، ثم تم استخدام التقنيات الرقمية لإعادة بناء هيئه الوجه.
وأفاد المتحف في بيانه أن «النتيجة التي توصل إليها هي الحصول على صورة لامرأة ذات بشرة ناعمة نسبيا وشعر أسود به خصلات بسيطة من الشيب، وعينين داكنتين، وفم دقيق ووجه به بعض التجاعيد، وهي ملامح تبدو متوافقة مع دلائل اسم المومياء».
وتشير ترجمة اسم المومياء «تا – خيرو» إلى أن أصلها من سوريا، وجاءت الملامح متطابقة مع ما هو معروف عن ملامح المرأة السورية في العمر الذي توفيت عنده صاحبة المومياء، وهو أواخر العقد السادس أو بدايات العقد السابع.
ولا يرى د.عبد المنعم سعيد، رئيس منطقة آثار أسوان والنوبة، من فائدة لهذا النشاط الذي أصبحت تقدم عليه هذه المتاحف سوى محاولة التسويق للمتحف الخاص بهم، لكنه لا يرى أي قيمة علمية لهذا النشاط.
ويتساءل د.سعيد في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «ما هي القيمة العلمية من مشاهدة الوجه واستنتاج الطبقة الاجتماعية من الملامح، فهذا في رأيي لا يعدو أن يكون نوعا من الدعاية للمتحف».
ويؤكد سعيد على دعمه للدراسات التي تجرى على المومياوات بشرط أن يكون لها قيمة علمية، مستشهدا بدراسات أجريت على مومياوات بمقابر النبلاء بأسوان، كشفت عن إصابة إحدى المومياوات بمرض السرطان، وتلقيها علاجا للمرض ثم الوفاة في النهاية متأثرة به، لافتاً: «مثل هذه الدراسات مهمة لأنها تكشف عن تاريخ المرض في مصر القديمة، وتطور أساليب وطرق العلاج».
ما أسماه د.سعيد بالأغراض الترويجية، اختار له د. نيل كورتيس، مدير متحف جامعة أبردين البريطانية الذي نفذ متحفه تلك التجربة مع المومياء «تا – خيرو»، وصفا آخر وهو «الدوافع العاطفية».
وقال في تصريحات خاصة عبر البريد الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط»: «القيمة الرئيسية لهذا العمل هي على الأرجح عاطفية، حيث يمكن للزوار الشعور بالتواصل مع شخص حقيقي، وليس مجرد مومياء رحلت عن الدنيا منذ آلاف السنين، ومع ذلك، فإنه يمكن في بعض الحالات أن تعطي عمليات إعادة بناء الوجه معلومات عن صحة الشخص».


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

جدّد مقطع فيديو قصير مُولد بالذكاء الاصطناعي، يشرح طريقة بناء الأهرامات، الجدلَ بشأن نظريات تشييد هذه الآثار الضخمة.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.