نقابة المعلمين الأردنيين ترفض دعوة الرزاز لـ«العودة للدراسة»

أكدت التزامها بمطالبها ومواصلة الإضراب

TT

نقابة المعلمين الأردنيين ترفض دعوة الرزاز لـ«العودة للدراسة»

أعلنت نقابة المعلمين الأردنيين، أمس (السبت)، رفضها لرسالة رئيس الحكومة عمر الرزاز، التي دعا خلالها النقابة إلى «عودة الطلبة لمقاعد الدراسة، والمعلم لأداء رسالته»، ووصفتها بـ«المخيبة للآمال»، معلنة موقفها من استمرار إضراب المعلمين.
وأكد رئيس الحكومة الأردني عمر الرزاز، في رسالة بثتها وكالة الأنباء الرسمية (بترا): «إننا لا نختلف على المبدأ، ولا على الهدف، وإنما نتحاور حول الإمكانيات والخطوات والتوقيت، وهي مسائل يمكن بالحوار الجاد الحقيقي وضع تصور وطني مشترك لها بين وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين».
وشدد الرزاز على أن حكومته «تدرس الملاحظات التي تتبناها النقابة حول المسار المهني، وتحسين الوضع المعيشي للمعلم، ضمن إطار متكامل لتطوير أداء القطاع العام بشكل يضمن مكافأة المتميزين، وتحفيز جميع العاملين في القطاع العام، من مختلف مستويات المسؤولية».
وفور بث رسالة الرزاز، أصدرت نقابة المعلمين ردها، مؤكدة أن رسالة الحكومة جاءت «مخيبة للآمال، ولا ترتقي لأدنى طموح المعلمين، إذ إنها لم تتطرق إلى حق المعلمين في العلاوة»، مجددة استمرارها بالإضراب، والتزامها بمطلب الـ50 في المائة، وعدم التنازل عنه.
وبذلك، يدخل إضراب نقابة المعلمين الأردنيين أسبوعه الثاني، بعد أيام شهدت خلالها مدارس المملكة امتناعاً عن التدريس من جانب المعلمين بنسبة بلغت 100 في المائة؜، وفق إحصائيات النقابة، وبعد دعوات مستمرة من الحكومة للحوار، وفشل الوساطات النيابية التي كان آخرها يوم الأربعاء الماضي.
وتطالب نقابة المعلمين لمنتسبيها بعلاوة تصل إلى 50 في المائة على رواتبهم، في حين تتشدد الحكومة برفض المطلب، متذرعة بعدم توفر المخصصات، أمام عجز الموازنة المتفاقم مع الثلث الأخير من العام، ولأسباب تتعلق ببدء احتجاجات مماثلة لدى نقابات مهنية أخرى تطالب بالعلاوات على الرواتب.
وفيما تتمسك النقابة بمطالبها، أكدت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» وجود خطة رسمية لكسر الإضراب، من خلال فتح صفوف لمراحل دراسية، واستدعاء عدد من المعلمين المتقاعدين للخدمة. وأضافت المصادر أن بلاغات رسمية ستوجه للمعلمين لإخطارهم بالتجاوزات الإدارية نتيجة الامتناع عن العمل خلال الأسبوع الماضي، وهو ما يخالف نصوصاً من قانون العمل الأردني، في وقت دخل فيه أولياء أمور الطلبة على خط الأزمة، عبر رسائل احتجاج على تعطيل أبنائهم ووقف التدريس.
ويتلخص الموقف الحكومي بتصريحات سابقة لرئيس الوزراء عمر الرزاز، قال فيها إن «نقابة المعلمين اختارت التصعيد والمغالبة»، عندما اتخذت قرار الإضراب، مشيراً إلى أن هذا الأسلوب لن ينتج عنه شيء لمصلحة المعلم.
وشدد الرزاز على أنه لا يجوز أن «يتحول الطالب من غاية للعملية التدريسية إلى وسيلة ضغط»، منتقداً منطق الإضراب الذي وصفه بـ«المرفوض»، محذراً نقابة المعلمين، في حال إصرارها على موقفها، بقوله: «إذا أصروا على موقفهم، فلكل حادث حديث»، وذلك بعد تأكيده على أن هناك «جانب قانوني، وسنحتكم للقانون».
وبعد إحباط محاولات مجلس النواب، عبر سلسلة لقاءات ومبادرات لاحتواء موقف النقابة من فك الإضراب والذهاب إلى الحوار، عبّر المجلس خلال بيان صحافي له عن «إيمانه التام بأن لدى نقابة المعلمين من الوعي والإدراك ما يدفعها لإعادة النظر بقرار الإضراب، انطلاقاً من حرصها الوطني على العملية التربوية والتعليمية، وهذا لا يعني بأي شكل تنازلها عن أي مكتسبات وحقوق لمنتسبيها»، ما فسره مراقبون بأنه انسحاب للنواب من جهود الوساطات التي انعكست على أكثر من مستوى.
ودفعت الحكومة نقابة المعلمين إلى واجهة التصعيد، بعد إغلاقها منطقة الدوار الرابع، مكان إقامة الحكومة، مما تسبب في إغلاقات لطرق رئيسية وحيوية من العاصمة، واعتقال نحو 50 معلماً حاولوا تجاوز نقاط الغلق؛ تم الإفراج عنهم لاحقاً مساء الخميس قبل الماضي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر رفيعة بأن قراراً رسمياً قضى بعدم التعامل مع مطالب المعلمين بالعلاوة، خصوصاً أنها لجأت للإضراب، واستخدام الطلبة كورقة ضغط، وهو ما يعني فتح باب المطالَب بشكل مستمر.
وتحولت أزمة نقابة المعلمين إلى تصعيد سياسي في الكواليس، بعد اتهام مؤسسات رسمية حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة في البلاد، باستحواذه على أغلبية مقاعد مجلس نقابة المعلمين، ما شكل تحدياً أمام المؤسسات الرسمية، بعد أن مارس أعضاء من المجلس شكلاً من أشكال ازدواجية الأهداف النقابية بين السياسي والمهني في مطالبهم، ولغة التصعيد المستخدمة في عمل النقابة، بحسب مصادر تحدثت إليها «الشرق الأوسط».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.