يتبقى أقل من شهر على انتهاء الحظر المفروض على اللاعب الفرنسي السابق ميشيل بلاتيني، بمنعه من ممارسة أي نشاط رياضي لمدة أربع سنوات. وبطبيعة الحال، من غير المحتمل أن يعود بلاتيني، الذي كان يشغل منصب رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لتولي أي منصب إداري في أي وقت قريب. إنه يقوم الآن بمقاضاة كل شخص تقريباً، وقد تم استجوابه في يونيو (حزيران) كجزء من تحقيق أجرته الشرطة في قضايا فساد تتعلق باستضافة نهائيات كأس العالم. وأظهر خلال التحقيقات احتقاره الواضح للرئيس الحالي للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو.
وقبل الحظر المفروض عليه بسبب حصوله على «أموال بطريقة غير شريفة»، كان يُنظر إلى بلاتيني من قبل كثيرين في بلده على أنه شخصية لديها كثير من الأفكار التي تسعى لتنظيم الأمور المالية، واستعادة قوة الأندية الكبيرة. وعلى عكس شخصيات مثل جاك ورنر وجوزيف بلاتر، فشل بلاتيني في إخفاء كراهيته للإنجليز.
وفي بداية هذا الصيف، لعب تشيلسي وآرسنال المباراة النهائية للدوري الأوروبي، وهي المسابقة التي تلعب الآن بالشكل الذي ابتكره بلاتيني، وقبل بداية المباراة عزف نشيد الدوري الأوروبي الذي لحنه صهر بلاتيني السابق، وأقيمت المباراة في الاستاد الأولمبي في عاصمة أذربيجان، باكو، وهو الملعب الذي تم افتتاحه من قبل بلاتيني أيضاً.
وكان بلاتيني هو من سمح بأن تقام بطولة كأس الأمم الأوروبية، التي تنطلق في نهاية الموسم الحالي، في 12 دولة أوروبية مختلفة، وهو أيضاً الذي دافع بشكل غير متوقع عن استضافة قطر لنهائيات كأس العالم عام 2022.
كما كانت هناك خطوة أخرى للأمام خلال هذا الأسبوع في قضية أخرى متعلقة ببلاتيني؛ حيث أشار تقرير نشر في صحيفة «الصن» إلى التقدم الذي أحرز في المحاولات المستمرة من قبل الاتحاد الأوروبي للأندية للحصول على مزيد من العائدات من دوري أبطال أوروبا، بالشكل الذي يعني مزيداً من المباريات للفرق الكبيرة، ومزيداً من الضمانات للوجود في المسابقة، والانهيار التدريجي لمسابقات الكأس المحلية في منتصف الأسبوع.
لقد كان بلاتيني يقاتل من أجل السيطرة على الأندية الأوروبية لكرة القدم، وربما يكون هذا هو الأمر الذي أدى إلى سقوطه في نهاية المطاف. وصادف الأسبوع الماضي أيضاً مرور 12 عاماً على انعقاد أول اجتماع لمجلس استراتيجية كرة القدم للمحترفين، والذي كان عبارة عن منصة سُمح من خلالها للرئيس المنتخب حديثاً للاتحاد الأوروبي لكرة القدم آنذاك ميشيل بلاتيني، بأن يعرض «أفكاره وفلسفاته» حول الاتجاه الذي تسير فيه أندية النخبة في عالم كرة القدم.
واقترح بلاتيني في هذا الاجتماع أن يتم تخصيص 75 في المائة من المقاعد في المباريات النهائية للمسابقات الكبرى للمشجعين، وليس للشركات والجهات الراعية والشخصيات المهمة؛ لكن بلاتيني نفسه تورط بعد ذلك في قضايا فساد. وبالتالي، فربما يكون الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في قصة بلاتيني هو أنها تعد مثالاً آخر على الآثار التي لا تقاوم لكرة القدم، والطريقة التي تُغير بها النفس البشرية من جوهرها، لارتكاب أخطاء بسبب الطمع والجشع.
ولكي تفهم دوافع رئيس الاتحاد الدولي السابق، جوزيف بلاتر، في التورط في قضايا فساد، يتعين عليك بكل بساطة أن تشاهده وهو يعتني بكأس العالم على خشبة المسرح في زيوريخ، ويقربه من خده، وينظر إليه بشكل غريب في طقوس غريبة!
عند هذه النقطة، أنتقل بسرعة إلى خشبة مسرح أخرى بعد ذلك بـ12 عاماً، عندما كان اللاعب السابق إريك كانتونا يلقي خطاباً في حفل توزيع جوائز الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في موناكو منذ أسبوعين؛ حيث كانت كل الأنظار تركز على رد فعل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، بينما كان المدافع الهولندي العملاق فيرجيل فان دايك يتسلم جائزة أفضل لاعب في أوروبا من كانتونا. رغم أن رونالدو قد حاول السيطرة على مشاعره بسبب عدم حصوله على الجائزة، فإن علامات عدم الرضا بدت واضحة على وجهه، لا سيما أنه يدرك من داخله أنه قدم الكثير خلال الموسم الماضي.
ومما لا شك فيه أن كانتونا يرى نفسه الآن منافساً ومواجهاً مباشراً لبلاتيني، الذي كان يعشقه كلاعب، والذي أعاده من الاعتزال المبكر، وجعله قائداً لمنتخب فرنسا؛ لكن بمرور الوقت، أصبح كانتونا لا يحترم الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
ولذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الذي كان يسعى بلاتيني لتحقيقه مما فعل؟ يبدو أنه كان يسعى لأن يكون متفرداً، وأن يستعرض على الجميع باعتباره رمزاً للضمير الرياضي؛ لكن الأمر انتهى به للتصويت لصالح قطر لاستضافة نهائيات كأس العالم عام 2022، متخلياً عن أفكاره المتعلقة بالأندية الكبيرة والتمويل الكبير، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى حرمانه من العمل في أي شيء يتعلق بكرة القدم، بسبب تورطه في قضايا فساد. وخلال نهائيات كأس الأمم الأوروبية في فرنسا، كان بلاتيني يتجول في باريس متنكراً ومرتدياً نظارات داكنة وقبعة، بعدما كان دائماً يوجد في المقدمة عندما كان لاعباً فذاً يتحكم في مجريات المباريات كما يشاء؛ لكنه الآن سقط سقوطاً مدوياً، وأصبح منفياً نتيجة تورطه في قضايا فساد.
«سأعود»، بهذه الكلمة المقتضبة، أكد بلاتيني نيته العودة إلى عالم كرة القدم لدى انتهاء عقوبة إيقافه في 7 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقال نائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السابق لشبكة «آر تي إس» السويسرية: «سأعود. لا أدري أين ولا أدري كيف. لا أستطيع أن أتوقف بعد توقيفي، على الرغم من أن هذه العقوبة قام بها أشخاص معتوهون».
وتعرض بلاتيني (63 عاماً) الذي رأَس الاتحاد القاري بين 2007 و2015، للإيقاف عن ممارسة أي نشاط كروي لثمانية أعوام، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2015، قلصتها محكمة التحكيم الرياضي إلى أربع سنوات في العام التالي، لقبوله دفعة مشبوهة عام 2011 بقيمة 1.8 مليون يورو عن عمل استشاري قام به لرئيس «الفيفا» السابق جوزيف بلاتر عام 2002، لم يكن مرتبطاً بعقد مكتوب.
وكشف بلاتيني للشبكة السويسرية: «نعم، لقد كنت ضحية مؤامرة حيكت ضدي بين جماعة (الفيفا) وجماعة وزارة العدل السويسرية. كان هناك ثمة تفاهم، تفاهم ودي بين (الفيفا) ووزارة العدل لطردي. أنا لا أقول هنا بأن هذه مؤامرة قامت بها الدولة السويسرية». وكشف بلاتيني بأنه سيقوم بنشر كتاب عن «السنوات العشرين لحياته» سيسرد فيه «الحقيقة». وختم: «لم أشعر قط بأنه تم إيقافي. كيف يمكن لمؤسسة خاصة أن توقف شخصاً عن كرة القدم؟».
هل تنجح مساعي بلاتيني للعودة إلى دائرة الضوء بعد أربع سنوات من سقوطه؟
قبل أقل من شهر على انتهاء الحظر المفروض عليه بمنعه من ممارسة أي نشاط رياضي
هل تنجح مساعي بلاتيني للعودة إلى دائرة الضوء بعد أربع سنوات من سقوطه؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة