مطاعم مومباي تثور على تطبيقات توصيل الطعام

هناك ما يقرب من 18 ألف مطعم هندي تشترك في برامج التوصيل
هناك ما يقرب من 18 ألف مطعم هندي تشترك في برامج التوصيل
TT

مطاعم مومباي تثور على تطبيقات توصيل الطعام

هناك ما يقرب من 18 ألف مطعم هندي تشترك في برامج التوصيل
هناك ما يقرب من 18 ألف مطعم هندي تشترك في برامج التوصيل

اشتركت آكانكشا بوروال، صاحبة مطعم (فاهنيلا) الهندي الصغير ذي الديكورات الكلاسيكية، في تطبيق «زوماتو» لتوصيل طلبات الطعام بهدف إعداد مأكولات، تضاهي برغر الجبن بالخضراوات أو ربما كعك «الكيت كات» اللذين تشتهر بهما، وإتاحتها للجمهور على نطاق أوسع. كما أنها انضمت إلى برنامج «زوماتو» الذهبي حيث يمكنها الإعلان عن بيع طبقين بسعر طبق واحد للأعضاء الذين يفضلون تناول الطعام بأنفسهم في مطعمها الصغير.
كان الهدف من وراء ذلك هو المساعدة في توسيع نطاق مشروعها الوليد، غير أنه بعد مرور ثلاثة شهور، مع 150 طبقا خرجوا من المطعم بصورة مجانية، أصيبت السيدة بوروال بخيبة أمل كبيرة في ذلك التطبيق.
اقتطعت الوجبات المجانية المعروضة نسبة بلغت نحو 20 في المائة من إيرادات المطعم، وذلك بالإضافة إلى رسوم التسجيل الباهظة في برنامج «زوماتو» الذهبي بواقع 550 دولارا، كما قالت. كما يتسم مستخدمو البرنامج الذهبي في التطبيق المذكور، والذين يسددون 14 دولارا فقط في العام الواحد لقاء الحصول على حق تناول الطعام بنظام شراء وجبة مقابل وجبة أخرى مجانية في نحو 6 آلاف مطعم في الهند، بالوقاحة الواضحة سيما عند المطالبة بخصومات إضافية. ذلك بالإضافة إلى عمولة كبيرة تبلغ 28 في المائة يحصل عليها تطبيق «زوماتو» من كل طلب يحصل عليه المستخدم.
تقول بوروال: «زوماتو من أفضل التطبيقات التي يستفيد منها العملاء بلا شك، ولكنه لا يرجع بنفس الفائدة أبدا على أصحاب المطاعم».
واليوم، إثر الرفض الجماعي الذي اجتاح أصحاب المطاعم، شاعت حالة من التمرد الواضحة ضد تطبيق زوماتو وغيره من تطبيقات خدمات المأكولات والمشروبات الرائدة في البلاد.
وقبل أسبوعين، طالبت مجموعة من أصحاب المطاعم بالقرب من العاصمة نيودلهي بوضع حد للخصومات الكبيرة على طلبات الطعام التي يقدمها تطبيق زوماتو والتطبيقات الأخرى المنافسة مثل «سويغي»، و«أوبر إيتس». وقال أصحاب المطاعم إن التكاليف انخفضت للغاية لدى المطاعم في حين تحقق التطبيقات المزيد من الأرباح. وبرزت الاحتجاجات، التي جذبت تأييد الآلاف من المطاعم الهندية الأخرى، عبر وسم يحمل اسم (#Logout - اخرج من التطبيق). وخرج الكثير منهم بالفعل من خدمات البرنامج الذهبي لتطبيق زوماتو، أو أنهم تعهدوا بفعل ذلك.
من جانبه، راهول سينغ، المدير التنفيذي لسلسلة مطاعم (بير كافيه)، ورئيس الرابطة الوطنية للمطاعم الهندية، والذي يتزعم التمرد الراهن ضد تطبيقات خدمات الطعام: «يظن العميل أن الخصم حق أصيل من حقوقه، وليس مجرد امتياز مقدم من المطعم. ولا يدركون أن تلك الأموال تقتطع من أرباح أصحاب المطاعم مباشرة».
وتجاوزت حالة الإحباط المجال الهندي إلى الخارج، وذلك مع ازدياد طلبات الطعام وتسليمه عبر شبكة الإنترنت، إذ يتساءل أصحاب المطاعم وعمال التسليم حول العالم بشأن الحصة الصغيرة المقتطعة من كعكة الأرباح التي يحصلون عليها بالكاد من التطبيقات القوية واسعة الانتشار مثل «زوماتو» في الهند، و«غراب - هاب»، و«دور - داش» في الولايات المتحدة، و«ديلفريو» في أوروبا.
كما سهلت تلك التطبيقات على العملاء خدمة طلب وجبات الطعام الجاهزة، وصارت المطاعم تواجه تزايدا ملحوظا في أعداد الضيوف. غير أن التطبيقات صارت تتقاضى عملات باهظة على كل طلب مع تقليص الهوامش الربحية لدى شركات الطهي وإعداد الوجبات. وفي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أغلقت بعض المطاعم أبوابها إثر تلك الممارسات حيث عجزت عن مواكبة تكاليف العمل في ظل توغل تطبيقات طلب وتسليم الطعام.
يؤكد تمرد أصحاب المطاعم والكافيهات في الهند على مدى توتر العلاقات بين المطاعم وبين تطبيقات طلب وتسليم الوجبات. وقضى أصحاب المطاعم الهنود أغلب ساعات الخميس الماضي في اجتماع مطول مع كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة زوماتو وسويغي، غير أن الاجتماع لم يسفر عن تسوية تذكر للخلافات القائمة بين الجانبين.
إلى ذلك، يقول ساتيش مينا، أحد أبرز المحللين في مجال التوقعات الاقتصادية من مكتب شركة «فورستر» لأبحاث التكنولوجيا العالمية في العاصمة نيودلهي: «تمكنت تلك التطبيقات من بلوغ حد الإدمان لدى العملاء، لقد عملوا على تربية وتدريب العملاء على انتظار الخصومات تلو الخصومات إن لم يكن اليوم فلا بد أنه في الغد».
تؤكد تطبيقات توصيل الطعام في الهند على أنها توفر خدمات قيمة ذات تكاليف مرتفعة للعملاء في البلاد تلك التي لا تنال ما تستحقه من التقدير من قبل أصحاب المطاعم. ولكن التطبيقات تحاول الآن إجراء بعض التغييرات في مواجهة حالة التمرد الراهنة.
وبعد فترة وجيزة من انطلاق حملة (#Logout - اخرج من التطبيق)، تقدم ديبيندر غويال، الرئيس التنفيذي لشركة زوماتو، باعتذاره عبر صفحته في «تويتر» جراء الآلام المالية التي تسبب فيها «صائدو الخصومات» لبعض المطاعم في البلاد. وفي الأسبوع الماضي، بعث السيد غويال رسالة بالبريد الإلكتروني إلى كافة المطاعم الهندية المشاركة في خدمة البرنامج الذهبي يعلن فيها عن إدخال 10 تغييرات جديدة استجابة منه لشواغلهم بشأن تطبيق زوماتو، بما في ذلك «الحد اليومي المفرد»، ومضاعفة الاشتراك السنوي للعملاء من 14 إلى 25 دولارا.
غير أن غويال رفض تماما إيقاف البرنامج عن العمل. بل على العكس قال في مقابلة شخصية أجريت معه الخميس الماضي إنه يعتزم توسيع نطاق خدمات برنامج زوماتو غولد لتشمل توصيل الطعام. وهناك ما يقرب من 18 ألف مطعم هندي مشتركين في ذلك البرنامج حتى الآن، على حد قوله، وأن تطبيق زوماتو يعتزم اختبار الفكرة الجديدة مع مجموعة محدودة من العملاء.
وقال غويال إنه بالنسبة إلى الكثير من المطاعم المشاركة كانت حركة المرور الزائدة التي وفرها برنامج زوماتو غولد من مصادر العمل الحيوية بالنسبة لهم، واستطرد قائلا: «تسعون في المائة من المطاعم المشاركة تقول لنا: كيف يمكنكم زيادة العملاء المشاركين في البرنامج؟ وفي نهاية كل يوم، يرجع الخيار إلى المطعم. فلا يجبرك أحد قط على استخدام برنامج زوماتو غولد!»
يقول أنوراغ كاتريار، الذي يدير سلسلة مطاعم على الطراز الأوروبي تحت علامة «إنديغو» التجارية ويترأس شعبة مومباي في رابطة المطاعم الهندية: «في بعض الأحيان، ومع كافة الخصومات المتاحة، يكون من الأرخص بالنسبة للعميل طلب الطعام عبر الإنترنت عن الطهي في المنزل. وبالنسبة لأغلب التطبيقات فإن عدد المستخدمين والنقرات على صفحات التطبيق هي التي تزيد من زخم الاستخدام وتميزه عن غيره».
وتمكن تطبيق زوماتو في الآونة الأخيرة من إدراج 250 مطعما ضمن تجربة أطلق عليها اسم «إنفينيتي»، وفيها يتناول العملاء قدر ما يريدون من كافة عناصر قائمة المطعم بسعر ثابت لا يتغير. وكانت حالة الشراهة الناجمة عن تلك التجربة أكبر من طاقة المطاعم على التحمل وأسفر الأمر في نهايته عن كميات كبيرة من الطعام المهدر. وقال السيد غويال إن تطبيق زوماتو يخطط في الوقت الحالي إلى الحد من تلك الممارسة وقصرها على عناصر معينة من القائمة تتضمن الفطائر أو نوعا من الكعكات الهندية المحلاة (الدوسا).
وشرع تطبيق سويغي، المعني أساسا بخدمات توصيل الطلبات، في المنافسة المباشرة مع شركاء المطاعم من خلال علاماتها التجارية الخاصة، والتي تصنع الطعام عبر مطابخ «سحابية» خاصة تتعلق بالتسليم فقط. وكانت صناعة المطاعم الهندية قد طالبت الجهات الرقابية الحكومية المعنية بمكافحة الاحتكار بوقف ممارسات صناعة الطعام الهندية في المنازل لأهداف تجارية. هذا، وقد رفضت شركة سويغي التعليق على الأمر.وبلغت حالة الإحباط ذروتها في 13 أغسطس (آب) الماضي، قبل الاحتفالات الهندية بيوم الاستقلال الوطني.
وقرر أصحاب نحو 300 مطعم في ضاحية «غوروغرام» بالعاصمة نيودلهي، التي تضم الكثير من شركات التكنولوجيا مثل شركة زوماتو، أنهم طفح بهم الكيل من استمرار خسارة الأموال لصالح عملاء برنامج زوماتو غولد. وتعهدوا بالانسحاب الجماعي من ذلك البرنامج، ومن غيره من برامج الخصومات الأخرى لعدة أيام، وقالوا إنهم يريدون «مساعدة العملاء على التحرر من إدمان الخصومات التي لا تنتهي».
وكانت أنباء تمرد المطاعم قد انتشرت على نطاق واسع في البلاد. وفي غضون أيام، بلغ عدد المشاركين في احتجاجات المطاعم نحو 2000 مطعم من المطاعم الراقية ذات الطاولات الفاخرة وحتى متاجر بيع فطائر الدوسا في الأحياء. وخلال الأسبوع الجاري، دعت صناعة المطاعم إلى إجراء المزيد من التغييرات في برامج تسليم الوجبات التي تديرها الشركات الرئيسية، بما في ذلك شركة «أوبر إيتس».
-خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».