حمدوك إلى جوبا في أول زيارة خارجية للقاء «أبناء العمومة»

TT

حمدوك إلى جوبا في أول زيارة خارجية للقاء «أبناء العمومة»

حدد مجلس الوزراء السوداني، في أول اجتماع له أمس، برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك، 10 قضايا، ستكون لها الأولوية، خلال المائتي يوم الأولى من عمر الفترة الانتقالية، في وقت يعتزم فيه رئيس الحكومة القيام بأول زيارة خارجية، اختار لها «أبناء العمومة» في دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن الوطن الأم قبل عقد من الزمان، خلال عهد الرئيس المعزول عمر البشير، ومن جانب ثانٍ يلتقي بقادة الحركات المسلحة، في ظل وجود مؤشرات على وجود توافق على الخطوط العريضة، لإنهاء الحرب المستمرة في السودان منذ عقدين من الزمان.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وزير الإعلام والثقافة، فيصل محمد صالح، في مؤتمر صحافي، أمس بالخرطوم، إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، يرافقه 4 من الوزراء، سيجري أول زيارة خارجية له إلى دولة جنوب السودان غداً الخميس.
وأضاف صالح في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس: الزيارة تستغرق يومين، للتأكيد على العلاقات الوثيقة بين السودان وجنوب السودان. وقال صالح إن اجتماع مجلس الوزراء ناقش بشكل موسع الأولويات التي ستعمل عليها أجهزة الحكومة الانتقالية المختلفة، وأبرزها إيقاف الحرب وبناء السلام العادل الشامل، ومخاطبة جذور المشكلة، واحترام التعدد والتنوع، ومعالجة الأزمة الاقتصادية، ووقف التدهور والارتفاع الحاد في الأسعار، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وضمان استقلال القضاء، وتحقيق العدالة الانتقالية، وتشكيل لجنة التحقيق المستقلة للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت بما فيها جريمة فض اعتصام القيادة العامة، ومكافحة الفساد.
وقال صالح: تم الاتفاق على وضع سياسة خارجية متوازنة قوامها استقلالية القرار السوداني ومراعاة المصالح المشتركة، كما جرى نقاش جاد في مسألة ضمان تعزيز حقوق النساء، واتخاذ إجراءات تضمن مشاركتهن بفعالية بعيداً عن المشاركة الديكورية والشكلية، بجانب إصلاح أجهزة الدولة، وعلاقة المركز بالولايات، ومراجعة هياكل الحكم المقترحة.
وقال صالح: من الأولويات أيضاً التحضير للمؤتمر الدستوري قبل انتهاء الفترة الانتقالية، بما في ذلك الإجراءات التي تساعد في عملية التحول الديمقراطية، وتعزيز دور الشباب من الجنسين عبر إجراءات عملية وفعالة في أجهزة الدولة المختلفة، بجانب التركيز على الرعاية الاجتماعية والخدمات (التعليم، الصحة، السكن) وقضايا البيئة والتنوع الحيوي، مشيراً إلى توجيه رئيس الوزراء باعتماد التبادل الشبكي في مؤسسات الدولة والتقليل من استخدام الأوراق.
وأكد صالح أنه جرى نقاش حول تشكيل لجنة التحقيق المستقلة، وسيتم اتخاذ إجراء عاجل خلال الأيام المقبلة، بعد تعيين رئيس القضاء والنائب العام.
وكشف عن توجيه عاجل ببدء العام الدراسي، وأن رئيس الوزراء وجه وزير المالية ووزير التعليم العالي بمعالجة مشكلتي إجلاس الطلاب والكتاب بشكل عاجل لكل ولايات البلاد، وإعطاء الأولوية للولايات التي تواجه مشاكل الإجلاس.
وقال صالح إن اجتماع الوزراء ناقش فتح الجامعات، ودعوة لاجتماع عاجل لكل الوزارات ذات الصلة يناقش الاحتياجات وتهيئة الأجواء المناسبة قبل اتخاذ قرار بتحديد مواعيد فتح أبواب الجامعات حتى لا تحدث إشكالات.
وأشار المتحدث باسم الحكومة، إلى أن المجلس استمع إلى تقرير من وزير الصحة الدكتور أكرم علي التوم، بشأن الإصابات بالكوليرا في ولاية النيل الأزرق، تحدث عن ظهور 4 حالات مؤكدة، وتم اتخاذ إجراءات عاجلة، وتم التأكيد على التعامل مع هذه القضايا بشفافية كبيرة دون إخفاء المعلومات.
أثناء ذلك، تتواصل في جوبا المشاورات بين وفد مجلس السيادة الذي يقوده، الفريق أول، محمد حمدان دلقو «حميدتي»، مع قادة الحركات المسلحة المنضوية في «الجبهة الثورية»، والحركة الشعبية لتحرير السودان - بقيادة عبد العزيز آدم الحلو.
وفي تصريحات أمس، قال «حميدتي» إن اللقاءات مع الحركات المسلحة تهدف لوضع أسس لإعلان مبادئ وخارطة طريق للتفاوض، مشيراً إلى أن المشاورات التي تجري حاليا بجوبا هي مجرد «حوار وليس تفاوض». وأضاف: إذا تواصل الحوار مع الإخوة قادة الحركات المسلحة سنصل إلى سلام عاجل قبل انقضاء فترة الستة أشهر المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية.
وأكد «حميدتي» أنه من دون سلام لن يتحقق الاستقرار والأمن والتنمية، وأن البلدين يحتاجان إلى تحقيق السلام العادل والعاجل. وأضاف أن الحركات المسلحة شركاء أساسيون في الثورة وجزء من قوى الحرية والتغيير، وسنضع الأمور في نصابها للوصول إلى سلام عادل وشامل في السودان وجنوب السودان.
من جهته، قال نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال قيادة مالك عقار، ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماعات التي بدأت في جوبا بين وفد المجلس السيادي، وقوى الكفاح المسلح تتعلق بإجراء مشاورات حول المسائل الإجرائية تمهيداً لبدء مفاوضات السلام، مشيراً إلى أن الاجتماعات التي انتظمت أول من أمس ليست مفاوضات، وأضاف: «نحن نناقش كيفية تنفيذ إجراءات بناء الثقة التي نصت عليها الوثيقة الدستورية».
وذكر عرمان أن، أول من أمس، شهد الجلسة الافتتاحية التي خطب بها رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ورئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس يحيى ورئيس الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو، وقال إن الاجتماعات انتقلت إلى فندق «كراون»، وجرى لقاء بين وفد مجلس السيادة والجبهة الثورية وناقشا القضايا الإجرائية ولم تكن هناك مفاوضات. وأضاف: «القضايا الإجرائية التي تشمل إجراءات بناء الثقة وفق الوثيقة الدستورية، منها فتح الممرات الإنسانية وإطلاق سراح الأسرى وغيرها من القضايا»، منوهاً إلى أن جلسة أمس، ناقش الأطراف فيها قضايا شملت تحديد أطراف النزاع، ومقر التفاوض، والوسطاء، وكيفية مشاركة المجتمع الدولي، والقرارات السابقة الصادرة منه، وإشراك دول الجوار.
من جهة ثانية، دعا «تجمع المهنيين السودانيين»، إلى مليونية غداً «الخميس»، تنطلق من السوق العربي وسط الخرطوم إلى القصر الجمهوري لتسليم مذكرة تطالب بتعيين رئيس القضاء والنائب العام. وكان العسكريون في مجلس السيادة اعترضوا تعيين مولانا عبد القادر محمد أحمد، مرشح قوى إعلان الحرية والتغيير رئيساً للقضاء، ورفضوا النائب العام مولانا محمد عبد الحافظ.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.