اتفاق أهلي ينهي نزاعاً دامياً شرق السودان وشكري يصل إلى الخرطوم غداً

TT

اتفاق أهلي ينهي نزاعاً دامياً شرق السودان وشكري يصل إلى الخرطوم غداً

توعد عضو مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي»، بلهجة حاسمة، قبائل البني عامر وقبائل النوبة بترحيلهم قسرياً من مدنية بورتسودان، وذلك بعد مخاشنات كلامية بين الطرفين قبل التوقيع على اتفاق (صلح) لإنهاء النزاع الذي امتد لثلاثة أشهر.
وقال دقلو لدى مخاطبته مراسم التوقيع على السلام المجتمعي: «لن نقبل بمصالحات على الورق، وإنما حلول جذرية للمشكلة»، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة تأكيد المجموعتين على الالتزام القاطع بعدم العودة إلى الصراع مجدداً، وأقسم بعدم السماح بفوضى تؤدي إلى الانفلات في البلاد، مؤكداً أن الدولة ملتزمة بتطبيق القانون على الجميع.
ووقعت المجموعتين المتنازعتين، أمس، اتفاق صلح، يعرف في الثقافة المحلية بـ«القلد»، بحضور عدد من أعضاء مجلس السيادة، ورجال الإدارات الأهلية بولايات البلاد.
وشدد دقلو على ضرورة فرض الأمن، وبسط هيبة الدولة، وسيادة حكم القانون، مشيراً إلى أهمية بورتسودان، بوصفها شريان الاقتصاد في البلاد.
وتجددت الاشتباكات بين القبليتين بمدينة بورتسودان، ولاية البحر الأحمر، في أغسطس (آب) الماضي، وخلفت عشرات القتلى والمصابين، وأقيل على أثرها الحاكم العسكري ومدير جهاز الأمن، وعين والٍ جديد للولاية.
وكانت السلطات السودانية قد أشارت إلى أيادٍ خارجية وداخلية تعمل على تأجيج الصراع بين المجموعتين، وأعلنت توقيف مجموعة من المتورطين في الأحداث بجانب أسلحة نارية.
وتشير إحصائيات لجنة أطباء السودان المركزية «غير الحكومية» إلى مقتل 37 جراء طلق ناري، وإصابة 92 من الطرفين، خلال الأحداث التي جرت الشهر الماضي.
وفي غضون ذلك، يصل إلى الخرطوم، اليوم (الاثنين)، وزير الخارجية المصري سامح شكري، مبعوثاً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في زيارة يجري خلالها مباحثات مع الجانب السوداني حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية.
وقالت وكالة السودان للأنباء إن الوزير المصري سيلتقي الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، كما سيلتقي وزيرة الخارجية أسماء محمد عبد الله. وتتطرق المشاورات بين الجانبين المصري والسوداني إلى التنسيق بين البلدين حول عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».