مصر تفتتح مقبرتي «كاهن أمون» و«كاتب مائدة» الأسرة العشرين في الأقصر

مقبرة نياي التي افتتحت بالأقصر أمس
مقبرة نياي التي افتتحت بالأقصر أمس
TT

مصر تفتتح مقبرتي «كاهن أمون» و«كاتب مائدة» الأسرة العشرين في الأقصر

مقبرة نياي التي افتتحت بالأقصر أمس
مقبرة نياي التي افتتحت بالأقصر أمس

افتتحت وزارة الآثار المصرية مقبرتين جديدتين للزيارة بمحافظة الأقصر (جنوب مصر)، بعد الانتهاء من مشروع ترميمهما بمعونة أميركية بلغت 35 مليون جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 16.5 جنيه مصري). وترجع المقبرتان إلى عصر الأسرة التاسعة عشرة والأسرة العشرين (1293-1077 قبل الميلاد)، أي أكثر من 3 آلاف عام، وتخصان كاهن الإله آمون في الأسرة التاسعة عشرة، وكاتب مائدة الأسرة العشرين.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في مؤتمر صحافي بالأقصر أمس، إن «الوزارة انتهت من مشروع متكامل لترميم المقبرتان، بالتعاون مع هيئة المعونة الأميركية، وستبدأن في استقبال الزوار الأحد المقبل». وتعود المقبرة الأولى إلى عصر الأسرة الـ19، وتخص شخص يدعى «رعيا»، وزوجته «موتمويا». وكان «رعيا» يشغل منصب الكاهن الرابع لآمون، وتضم جدرانها نقوشاً لكتاب الموتى، ومشاهد جنائزية. أما المقبرة الثانية، فتخص شخص يدعي «نياي»، كان يشغل منصب كاتب المائدة، وهو من عصر الأسرة العشرين، وجدرانها مزينة بمشاهدة من الحياة اليومية، ونقوش جنائزية، وفق وزيري.
ونفذت أعمال الترميم بعثة مصرية - أميركية، شاركت فيها وزارة الآثار، ومركز البحوث الأميركي في مصر (ARCE)، بمنحه من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) «قيمتها 35 مليون جنيه مصري، لترميم مقبرتين للنبلاء في منطقة ذراع أبو النجا، وأربع مقاصير بمعبد (خونسو) بالكرنك، من خلال مدارس الترميم الميدانية التي عقدت سلسلة من التدريبات العملية لأكثر من 300 من أثريي ومرممي وزارة الآثار»، بحسب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.
وأشاد الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، في المؤتمر الصحافي «بجهود الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لدعم التراث المصري، وتدريب شباب العاملين بالوزارة، بوصفهم النواة الأساسية لحفظ التراث المصري»، مشيراً إلى أن «هذا التعاون أسفر عن تنفيذ عدد من المشاريع، من بينها تخفيض منسوب المياه الجوفية في منطقة آثار كوم الشقافة بالإسكندرية، وكوم إمبو بأسوان». وقال وزير الآثار إن «الوزارة لديها خطة لفتح المزيد من المزارات الأثرية في الفترة المقبلة لتنشيط حركة السياحة».
ومن جانبه، قال توماس جولدبرجر، القائم بأعمال السفير الأميركي بالقاهرة، في المؤتمر الصحافي، إن «الولايات المتحدة ملتزمة بالشراكة مع وزارة الآثار للحفاظ على التراث الثقافي لمصر، بهدف خلق فرص عمل دائمة، وتحقيق الازدهار لمصر»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة قدمت منذ عام 1995 حتى الآن أكثر من 100 مليون دولار لترميم الآثار والحفاظ عليها».
وتقع المقبرتان في جبل ذراع أبو النجا، بالبر الغربي بالأقصر، على مقربة من وادي الملوك، التي تضم مئات المقابر الفرعونية، بدءاً من عصر الأسرة السابعة عشرة. وشهدت المنطقة، في أبريل (نيسان) الماضي، اكتشاف أكبر مقبرة (صف) لشخص يُدعى «شد سو جحوتي»، أي الإله جحوتي ينقذه، تتضمن أول مقصورة كاملة يتم العثور عليها بجبانة طيبة، حيث تُمثل المقصورة نموذجاً كاملاً لمقبرة من الطوب اللبن، ومقبية ذات فناء صغير من الحجر يتوسطه بئر عميق.
وتفقد وزير الآثار انتهاء أعمال ترميم أربع مقاصير بمعبد خنسو، حيث تم تدعيم وترميم الأسقف والجدران الخاصة بها، كما تم تنظيف الأعمدة والمناظر، وإزالة الترميم القديم الذي تم في الستينات والسبعينيات من القرن الماضي، لتتم أعمال الترميم وفقاً للطرق العلمية الحديثة.

إضافة إلى ترميم بوابة بطليموس الثالث التي تربط معبد خونسو بطريق الكباش، ووضع مشايات من الخشب لتسهيل الوصول إلى المعبد، وتسهيل الزيارة.
وخونسو هو إله القمر في الديانة المصرية القديمة، وابن آمون وموت في ثالوث طيبة، ويعد معبد خونسو بالكرنك من المعابد المتميزة، وهو نموذج كامل للمعبد المصري القديم، بدأ بناؤه الملك «رمسيس الثالث»، واستكمل من بعده في عهده ابنه «رمسيس الرابع»، ثم «رمسيس الحادي عشر»، وأكمله «حريحور» رئيس الكهنة الذي أصبح آخر ملوك الأسرة العشرين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».