أصبحت الطائرات المسيّرة تشغل فكر القادة العسكريين في أي صراع قد ينشب في العالم نتيجة لتطورها والتوسع في استخدامها، وعلى الرغم من ظهور أجيال عديدة منها فإن أساليب استخدام هذه الطائرات أضافت إليها أبعاداً جديدة أحدثت ثورة في مجال الاستخدام مما أدى إلى فتح آفاق متعددة للطائرات المسيّرة، واهتم كثير من الدول المنتجة للسلاح بإنتاج الطائرات المسيّرة لاستخدامها في تنفيذ العديد من المهام التي تكلَّف بها طائرات القتال الحديثة.
وتأكدت أهمية الدور الذي تقوم به الطائرات المسيّرة كسلاح فعال في الحرب الحديثة، مما جذب الانتباه إليها لما حققته من مميزات كبيرة في هذا المجال، كان من نتيجتها تسابق الدول المنتجة للسلاح على تصميم أنواع متطورة من هذه الطائرات وتزويدها بوسائل وأجهزة مع «داتا» إلكترونية تتيح إمكانية استخدامها في مهام متعددة تتناسب مع مطالب الحرب الحديثة، ولقد ظلت الطائرات المسيّرة في بداية عملها مقصورة على استخدامات معينة مثل: الإنذار، والاستطلاع، واكتشاف الأهداف المعادية، وتدريبات الدفاع الجوي... إلا أنها شهدت تطورات متتالية في تنوع الاستخدام خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين وأضافت القوات المسلحة الأميركية من خلال العمليات العسكرية التي تمت في أفغانستان والعراق والبلقان قدرات جديدة لهذه الطائرات المسيّرة.
الطائرات المسيّرة هي طائرات موجّهة لاسلكياً ويمكنها أن تطير في أي اتجاه أو ارتفاع، ويتم تشغيلها والتحكم بها عن بُعد، ويمكن إطلاقها من قاذف أرضية أو من على سطح السفن أو إسقاطها من طائرات أخرى، ويمكن استعادتها مرة أخرى إلى مكان الإطلاق أو إلى أي مكان آخر بعد الانتهاء من مهمتها. وتنقسم أنواع الطائرات المسيّرة من حيث التوجيه إلى: الطائرات الموجهة ذاتياً – الطائرات الموجهة عن بُعد)، ومن حيث إمكانية الاستعادة إلى: (طائرة مسيّرة يمكن استعادتها – طائرة مستهلكة)، ومن حيث الشكل الخارجي إلى: طائرة مسيّرة على شكل طائرات ذات جناح ثابت، أو طائرة موجّهة من دون طيار على شكل طائرات عمودية.
- الخصائص الفنية والتعبوية للطائرات المسيّرة
تعتمد الخصائص الفنية على استخدام وتطوير التقنية لتصميم الطائرة من مواد وشكل انسيابي، وخصائص المحرك تساعد على صعوبة اكتشاف الطائرة وزيادة قدرتها على البقاء.
ونتيجة التطور السريع والمتلاحق للطائرات المسيّرة صارت تتمتع بالعديد من الخصائص التعبوية مما يحقق إمكانية تنفيذ مهامها القتالية بكفاءة عالية.
ومن أهم مميزات الطائرات المسيّرة: عدم القدرة على تغيير مهمتها أو إعادة توجيهها لتنفيذ مهمة أخرى بعد عملية الإطلاق. ضعف هيكل الطائرة يقلل إمكانية صمودها بعد إصابتها بنيران الدفاع الجوي. فقد الطائرة كفاءتها عند تدمير محطة التحكم الأرضي. إمكانية الإعاقة الإلكترونية على محطة التوجيه الأرضية لها وبالتالي يتم فقد السيطرة عليها. عدم القدرة على اكتشاف العدائيات المخططة والموجودة في منطقة عمل الطائرة أو خلال خط السير والتعامل معها. طاقة حمل أوزان محدودة في بعض الأنواع تؤثر على قدرتها في أثناء تنفيذها مهامها.
تستخدم الطائرات المسيّرة في المهام التالية: مهام الاستطلاع الذي يعد المهمة الرئيسية للطائرات المسيّرة بهدف جمع المعلومات الدقيقة على امتداد وعمق منطقة العمليات وفي جميع الأوقات والظروف لمساعدة القائد في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وتتعدد صور الاستطلاع وفقاً لطبيعة التجهيزات المزودة بها.
وتستخدم الطائرة المسيّرة لتنفيذ الحرب الإلكترونية بالتنسيق مع طائرات القتال التقليدية لتأمين أعمالها ومعاونتها على اختراق الدفاعات الجوية المعادية وإحداث شلل وإرباك نظام القيادة والسيطرة المعادي.
وتتم أعمال الخداع بتنفيذ مهام مخططة خلال توقيت محسوب وأماكن واتجاهات محددة مستخدمةً وسائل إلكترونية مختلفة بغرض شغل المجال الكهرومغناطيسي المعادي لتحقيق هدف محدد ضمن التخطيط الشامل للعملية العسكرية.
كما يتم تجهيز الطائرات المسيّرة بأجهزة إعادة الإرسال للعمل فوق مسرح العمليات لزيادة مدى وكفاءة الاتصالات اللاسلكية وبالتالي تمكن السيطرة على القوات الصديقة العاملة في مواجهة وأعماق كبيرة للعدو.
وتُجهز الطائرات المسيّرة بقنابل ذات أوزان صغيرة ومتوسطة يتم إطلاقها من الجو على أهداف محددة أو استخدام الطائرة المسيّرة نفسها كقذيفة موجهة تقوم بالهجوم المباشر على الأهداف المهمة والحيوية. كما يمكن تجهيزها بالمستشعرات الخاصة بحالات الطقس وخدمة محطات الأرصاد الجوية للحصول على معلومات الطقس المختلفة مثل الحرارة، والرياح، والضغط سواءً في المجال العسكري أو المدني.
وتُستخدم الطائرات المسيّرة من دون طيار في جميع الجيوش المتقدمة وتعمل قبل وخلال المعركة وتقدم خدمات كبيرة لفروع القوات المسلحة الرئيسية كافة.
ويواجه استخدام الطائرات المسيّرة تحديات مستقبلية منها التطور المتسارع في أنظمة الكشف الراداري لوحدات الدفاع الجوي، والقيود التقنية التي تفرضها الدول المصنِّعة على نقل تقنيات هذه الطائرات مما يجعل تطويرها وإنتاجها رهناً للقدرات التقنية للدول المستخدمة، وتطور أنظمة وسائل الحرب الإلكترونية مما يجعل إعاقة الطائرات المسيّرة والتشويش عليها أمراً ممكننا ويفقدها إنجاز مهامها ويمكّن من تدميرها أو تعطيل عملها، ومهما تقدمت تقنية الطائرات المسيّرة فلا بد أن يتأثر عملها بأحوال الطقس.
أما الخطر الأكبر من الطائرات المسيّرة فيكمن في إمكانية استخدامها من قِبل المنظمات الإرهابية لسهولة تصنيعها، مما يفرض على القوات الحكومية إيجاد الوسائل اللازمة لتدميرها وبالتالي تطور أنظمة الحماية ضدها.
- باحث عسكري أردني
الطائرات المسيّرة سلاح فعال في الحروب الحديثة
الطائرات المسيّرة سلاح فعال في الحروب الحديثة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة