أسباب خفية لأمراض الشيخوخة

بكتيريا اللثة لها دور مهم في حدوثه

أسباب خفية لأمراض الشيخوخة
TT

أسباب خفية لأمراض الشيخوخة

أسباب خفية لأمراض الشيخوخة

لفترة طويلة من الزمن، كانت جميع المعلومات تركز على العادات السيئة، خصوصاً تناول السكريات، في حدوث «أمراض نمط الحياة» التي غالباً ما يصاب بها الإنسان عندما يكبر بالعمر. وتشمل تلك الأمراض أمراض القلب، وألزهايمر، ومرض السكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطانات، ذلك أن أكثر من 70 في المائة من الوفيات حول العالم سببها هذه الأمراض، وترتفع النسبة إلى 90 في المائة في المملكة المتحدة. ويبدو أن سبب جميع تلك الأمراض هي كثرة تناول اللحوم الحمراء، والقليل جداً من الفواكه والخضراوات، وعدم ممارسة الرياضة، وأن الإصابة بأحدها يساعد على الإصابة بالأمراض الأخرى، ولا يعرف أحد سبب الإصابة بأي منها. ويعد ألزهايمر من أكثر الأمراض القاتلة في المملكة المتحدة. ورغم ذلك، لا يعرف العلماء كيف ينشأ، وليس للأدوية المستخدمة في العلاج أي مفعول. ويلقى باللوم على النسبة العالية من الكوليسترول في الدم في الإصابة بالأزمات القلبية، رغم أن بعض المرضى ليس لديهم تلك النسب المرتفعة من الكوليسترول. وهذه الأمراض غير معدية، بل إنها تظهر بسبب العادات السيئة، كما أنها ليست أمراضاً جينية... إذن ما سببها؟
- أمراض اللثة
يقول موريزيو تونيتي، من جامعة هونغ كونغ، في بحثه المنشور هذا العام (2019) في مجلة «Journal of Clinical Periodontology» المتخصصة بدراسات اللثة، إن من أكثر الأشياء غرابة، والتي لم يتطرق لها الباحثون، البكتيريا التي تسبب أمراض اللثة، وهي من أكثر الأمراض الشائعة لدى المسنين، بل إنه المرض الأكثر انتشاراً لدى البشرية. ففي الولايات المتحدة، تصيب أمراض اللثة نحو 42 في المائة من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 30 سنة أو أكثر، وترتفع النسبة إلى 60 في المائة لدى الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 88 في المائة في ألمانيا. والمثير للانتباه في محنة الشيخوخة أن أمراض التهاب المفاصل الروماتيزمي وباركنسن تكون كثيرة الحدوث، وأكثر شدة في الأشخاص المصابين بأمراض اللثة. وهناك أدلة متزايدة على أن العلاقة مباشرة، حيث إن البكتيريا المسببة لالتهاب اللثة تقف وراء الإصابات الأخرى. كيف يمكن للبكتيريا المسببة لأمراض اللثة أن تلعب دوراً في كل هذه الحالات؟ للإجابة على ذلك، علينا أن ننظر في كيفية تحويل الجهاز المناعي ليصبح ضد الجسم نفسه. يستضيف فم الإنسان أكثر من ألف نوع من البكتيريا في تجمعات ثابتة، غالبيتها غير مرضية، وهناك أماكن أخرى في الجسم، مثل الجلد أو بطانة الأمعاء، تستوطن البكتيريا خلاياها، حيث يتم انسلاخ الطبقة الخارجية باستمرار، والتخلص من البكتيريا الغازية، لكن الأسنان لا تستطيع التخلص من هذه الطبقة، لأن البكتيريا تعيش على سطح صلب، وتخترق الغلاف الواقي الخارجي لخلايا الأسنان. وعندما تتراكم الترسبات السنية (البلاك) plaque من البكتيريا الموجودة على الأسنان بشكل كاف لتتصلب وتنتشر تحت اللثة، فإنها تؤدي إلى التهاب. وعندها تقوم الخلايا المناعية بغمر المنطقة، وتدمير البكتيريا والخلايا المصابة معاً. وإذا ما استمرت هذه الحالة لفترة طويلة، فسوف ينشأ جيب قليل الأوكسجين بين اللثة والسن تستفيد منه بعض البكتيريا لكي تتكاثر وتتضاعف. أحد هذه الأنواع بورفيوموناس جنجفالس (Porphyromonas gingivalis)، وهي خبيثة بشكل خاص تحل بالبكتيريا المتوطنة، وتطيل أمد الالتهاب.
في دراسة نشرت في مجلة جمعية أمراض الشيخوخة الأميركية في مارس (آذار) 2019، فحص الباحثون من جامعة سيول الوطنية في كوريا الجنوبية العلاقة بين التهاب اللثة المزمن والخرف، ووجدوا علاقة متدنية الدرجة بين أمراض اللثة الحادة والخرف، وهو ما يتفق مع بعض الدراسات السابقة. ويشير الباحثون أيضاً إلى أن الدراسة هي الأولى على الأرجح التي تثبت أن عوامل نمط الحياة، مثل استهلاك الكحول والتدخين والتمارين الرياضية، لم يكن لها أي تأثير على تلك العلاقة. ويصف مصطلح الخرف انخفاض القدرة العقلية - مثل الصعوبة المتزايدة في الذاكرة والاستدلال - الذي يصبح شديداً لدرجة أنه يؤدي إلى تعطيل الحياة اليومية. ومرض ألزهايمر هو السبب الأكثر شيوعاً للخرف.
من جهة أخرى، تم ربط الاكتئاب الذي يسبب مرض اللثة بمرض ألزهايمر في دراسة يعتقد العلماء أنها يمكن أن تمهد الطريق لعلاجات جديدة تستهدف حالة الوهن. وقال الدكتور ستيف دوميني، مؤلف الدراسة الأستاذ المشارك في جامعة كاليفورنيا، إن إنزيماً يُسمى «جنجبين» (gingipain)، تطلقه بكتيريا بورفيوموناس جنجفالس، هو «السبب الرئيسي لمرض ألزهايمر». ومع ذلك، استجاب خبراء آخرون في هذا المجال بحذر للنتائج التي نشرت في مجلة «سلينس أدفانسيز».
- بكتيريا مراوغة
غالباً ما تسقط الأسنان المصابة في نهاية المطاف، لكنها تسقط قبل فترة طويلة من هروب بكتيريا بورفيوموناس جنجفالس إلى مجرى الدم، حيث تلتقيها الأجسام المضادة المناسبة، لكن يبدو أن تلك الأجسام المضادة لهذه البكتيريا ليس لها علاقة بحماية الجسم، بل على العكس، حيث أشارت إحدى الدراسات الحديثة إلى أن احتمال موت الأشخاص المصابين بهذه الأجسام أكثر من أولئك الذين لا يملكونها، وأنهم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتيزمي أو بنوبة قلبية أو بسكتة دماغية. ويدعي العلماء أنه ما إن تدخل بكتيريا بورفيوموناس جنجفالس الدم حتى تغير البروتينات السطحية، لتتمكن من الاختباء داخل خلايا الدم البيضاء في الجهاز المناعي، وكذلك تدخل خلايا بطانة الشرايين، وتبقى في حالة سبات في تلك المواقع، ومن ثم تصحو وتصيب خلايا أخرى متخفية عن المضادات الحيوية والدفاعات المناعية. ومع ذلك، فلها القدرة على تغيير التعبير الجيني لخلايا الدم البيضاء، وجعلها تهاجر إلى أماكن أخرى من الالتهابات، حيث يمكنها أن تقفز وتتغذى من جديد.
وفي يناير (كانون الثاني) 2019، عثرت الفرق المشاركة في ثماني جامعات، إضافة إلى شركة «كورتكسيم» في سان فرانسيسكو، على إنزيم لهضم البروتين «جنجبين» في أكثر من 95 في المائة من عينات الدماغ من الأشخاص الذين ماتوا بمرض ألزهايمر، ووجدت البكتيريا أيضاً في سائل النخاع الشوكي. وتسبب إعطاء البكتيريا للفئران بأعراض مرض ألزهايمر، لأن الضرر قد يتراكم لأكثر من 20 عاماً قبل بدء الأعراض، وأن الأشخاص الذين يصابون بالأعراض هم أولئك الذين تراكمت لديهم كمية كافية من «الجنجبين» خلال حياتهم، كما يدعي كازي لينتش من شركة «كورتكسيم».
ولم يتم إدراج أي من أمراض اللثة كعامل خطير، وفقاً للأكاديمية الأميركية لطب اللثة. ويميل الأشخاص الذين يتناولون المزيد من الكحول إلى أن يكونوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض اللثة، لوجود وفرة من بكتيريا بورفيوموناس جنجفالس، ويساعد دخان التبغ البكتيريا على غزو خلايا اللثة. ويعتقد دوغلاس كيل Douglas Kell، من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة، في بحثه المنشور عام 2019 في مجلة «مايكروبيولوجي» أن دم الإنسان يحتوي على كثير من البكتيريا في حالة سبات، ولا تحتاج سوى جرعة من الحديد لإيقاظها لكي تسبب المرض، وهذا ما يفسر أن كثرة تناول اللحوم الحمراء والسكر، والقليل من الفواكه والخضراوات، يؤدي إلى زيادة الحديد في الدم، ومن ثم الإصابة بمثل هذه الأمراض.
- عامل خطر
ويقول دوميني إنه يجب على المجتمع أن يعترف بشكل أفضل بمرض اللثة، إذ إنه من عوامل الخطر الثابتة، وإحدى هذه المخاطر هو مرض ألزهايمر، لكن المبادئ التوجيهية لتجنب ألزهايمر، التي نشرت في مايو (أيار) 2019 من قبل منظمة الصحة العالمية، لم تقل شيئاً عن الوقاية من أمراض اللثة. بينما أفاد بينوا فارين، من منظمة الصحة العالمية، عام 2017، بعدم وجود أدله كافيه تشير إلى أن علاج أمراض اللثة يقلل من خطر الإصابة بالخرف، مردداً أنها تؤثر على أمراض القلب. كما توصي الإرشادات بتجنب مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، رغم أنه لا يوجد دليل على أن ذلك يوقف مرض ألزهايمر.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> نايف بن بندر السديري، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة الأردنية الهاشمية، استقبل أول من أمس، الدكتور زهير حسين غنيم، الأمين العام للاتحاد العالمي للكشاف المسلم، والوفد المرافق له، حيث تم خلال اللقاء بحث سبل التعاون المشترك بين الجانبين. من جانبه، قدّم الأمين العام درع الاتحاد للسفير؛ تقديراً وعرفاناً لحُسن الاستقبال والحفاوة.
> حميد شبار، سفير المملكة المغربية المعتمد لدى موريتانيا، التقى أول من أمس، وزير التجارة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة الموريتاني لمرابط ولد بناهي. وعبّر الطرفان عن ارتياحهما لمستوى التعاون الاقتصادي في شقيه التجاري والاستثماري، وحرصهما واستعدادهما لدفع التبادل التجاري إلى ما يأمله البلدان الشقيقان؛ خدمةً لتعزيز النمو الاقتصادي، كما أكد الطرفان على ضرورة تبادل الخبرات في القطاع الزراعي؛ للرقي بهذا القطاع المهم إلى ما يعزز ويطور آليات الإنتاج في البلدين الشقيقين.
> إريك شوفالييه، سفير فرنسا لدى العراق، التقى أول من أمس، محافظ الديوانية ميثم الشهد؛ لبحث آفاق التعاون المشترك والنهوض به نحو الأفضل، وتم خلال اللقاء الذي أقيم في ديوان المحافظة، بحث إمكانية الاستثمار من قِبل الشركات الفرنسية في الديوانية، خصوصاً أنها تمتلك بيئة استثمارية جيدة، والتعاون المشترك بين فرنسا والحكومة المحلية في عدد من المجالات والقطاعات.
> عبد اللطيف جمعة باييف، سفير جمهورية قيرغيزستان لدى دولة الإمارات، التقى أول من أمس، اللواء الركن خليفة حارب الخييلي، وكيل وزارة الداخلية، بمقر الوزارة، بحضور عدد من ضباط وزارة الداخلية. وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين الصديقين. ورحب اللواء الخييلي بزيارة السفير القيرغيزي، مؤكداً حرص الوزارة على توطيد علاقات التعاون والعمل المشترك مع البعثات الدبلوماسية والقنصلية في الدولة.
> عبد الله حسين المرزوقي، القنصل العام لدولة الإمارات العربية المتحدة في مومباي، حضر أول من أمس، احتفالاً بذكرى يوم الدستور لجمهورية بولندا، الذي استضافه القنصل العام لبولندا داميان إرزيك، بحضور رؤساء البعثات الدبلوماسية في مومباي، وعدد من المسؤولين في الحكومة الهندية ورجال الأعمال.
> عمر عبيد الشامسي، سفير دولة الإمارات لدى المملكة الإسبانية، اجتمع أول من أمس، مع خوسيه لويس ديلبايي، مدير مكتبة «الإسكوريال» الملكية في إسبانيا، وذلك لبحث سبل تعزيز التعاون مع المكتبة. جاء ذلك خلال الجولة التي قام بها السفير في مكتبة «الإسكوريال والبازيليكا» الملكية، بالإضافة إلى المبنى الملكي للضيافة الذي كان يستقبل فيه الملك فيليب الثاني، ملك إسبانيا (1556 - 1598م)، مختلف سفراء دول العالم.
> ستيفن بوندي، سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى مملكة البحرين، استقبله أول من أمس، الدكتور محمد بن مبارك جمعة، وزير التربية والتعليم رئيس مجلس أمناء مجلس التعليم العالي بالبحرين؛ لمناقشة تعزيز أوجه التعاون في الجوانب التعليمية والثقافية، واستعراض أهم التجارب التعليمية الناجحة، كما تم بحث تعزيز الشراكة بين الجانبين في تدريب معلمي اللغة الإنجليزية بالمدارس الحكومية على مهارات وطرق تدريس الإعداد لاختبارات (TOEFL)، لزيادة مستويات التحصيل العلمي لدى طلبة المرحلة الثانوية في اللغة الإنجليزية.
> ماجد مصلح، سفير جمهورية مصر العربية لدى سريلانكا، استقبله أول من أمس، رئيس الوزراء السريلانكي دينيش غوناواردينا، حيث تناول اللقاء سُبل تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات كافة. وأشاد رئيس الوزراء السريلانكي بعلاقات الصداقة التاريخية التي تجمع بين البلدين، مُسلطاً الضوء على دور البلدين في إقامة حركة عدم الانحياز، الأمر الذي كان له أثره الكبير على صعيد العلاقات الدولية بصفة عامة، ومصالح واستقلالية الدول النامية على وجه الخصوص.
> بيتر بروغل، سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى تونس، التقى أول من أمس، رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة، بقصر باردو. وعبّر السفير عن استعداد بلاده لمواصلة دعم مجهودات تونس في مسارها التنموي ومؤازرتها اقتصادياً واجتماعياً. وأكد ارتياحه للمستوى الممتاز للعلاقات الثنائية، معبّراً عن تقديره للخطوات الإيجابية التي تم قطعها في مجال البناء الديمقراطي، كما اطلع على صلاحياته وطرق عمل المجلس وعلاقته بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم من جهة، وبالحكومة من جهة أخرى.