سوزي نصيف: دخلت الفن بالصدفة وتصميم الأزياء عن عمد وسبق إصرارhttps://aawsat.com/home/article/1887601/%D8%B3%D9%88%D8%B2%D9%8A-%D9%86%D8%B5%D9%8A%D9%81-%D8%AF%D8%AE%D9%84%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%B5%D9%85%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%86-%D8%B9%D9%85%D8%AF-%D9%88%D8%B3%D8%A8%D9%82-%D8%A5%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B1
سوزي نصيف: دخلت الفن بالصدفة وتصميم الأزياء عن عمد وسبق إصرار
يأتي الكيمونو بأطوال عدة
الجدل حول علاقة الموضة بالفن لا يزال مثاراً. ربما الآن أكثر من أي وقت مضى. فالموضة دخلت المتاحف، والفن خرج إلى الموضة والشوارع، إما من خلال تعاونات بين بيوت أزياء كبيرة وفنانين، أو من خلال استلهام أعمال مُبدعي عصر النهضة وغيرهم. لكن رغم هذا التداخل منذ عهد بول بواريه في بداية القرن العشرين وكوكو شانيل وإلسا سكاباريللي في الثلاثينات إلى الآن، لم يكن هناك تخطٍ لحدود الآخر. بقي الفنان مجرد كومبارس في عالم الأزياء، بينما ركز المصمم على اللعب بالأقمشة والألوان والتطريزات لرسم لوحاته. طبعاً، هناك استثناءات نادرة، وحتى هؤلاء تحولوا إلى فنانين في أواخر العمر أو بعد التقاعد، مثل كل من هيلموت لانغ وكنزو تاكادا. الأول من خلال خوض الأعمال التركيبية والنحت، والثاني من خلال الرسم. هذا الأخير صرح عندما وُجه له سؤال حول هذا الأمر بأن «الفن والموضة لا يختلفان عن بعضهما بعضاً».
رأي توافق عليه اللبنانية سوزي نصيف كلياً، وإن كانت العملية بالنسبة لها عكسية. فقد دخلت مجال الموضة من باب الفن مؤخراً. كانت المسألة طبيعية بالنسبة لها كما تقول: «فأنا ككل امرأة أعشق الموضة وأتابعها دائماً، وفي الوقت ذاته أقدّر أن جانباً كبيراً منها فني للغاية». تُباع لوحات سوزي بعشرات الآلاف من الدولارات، رغم أنها لم تدرس فن الرسم ولم تتدرب على يد أحد. دخلته عن عشق وكهواية في البداية للتنفيس عن طاقة كانت تغلي بداخلها وتُشعرها بأن هناك أشياء أخرى يمكنها أن تمنحها السعادة «فالحياة ليست بالأبيض والأسود أو محددة بالأرقام».
تخرجت من مجال التسويق الذي عملت فيه لفترة، لكنها لم تشعر بالانتماء إليه. استعملت الرسم وسيلةً للتنفيس عن نفسها وإشباع رغبتها في الحلم. الصدفة لعبت دورها في تغيير مسارها، حين قابلت صاحب قاعة فنية، رأى أحد أعمالها وأعجب بها. اقترح عليها أن يعرضها في قاعته، لتبدأ قصتها كمحترفة. أما كيف تفرعت لعالم الموضة، فهذا «أمر شخصي»، حسب قولها «شعرت أن هناك الكثير من النساء يتذوقن الفن، وربما لا يستطعن إليه سبيلاً؛ لأن أسعار لوحات بعض الفنانين خيالية، فضلاً عن أني لا أومن بأن الفن يجب أن يبقى حكراً على فئة معينة أو أن مكانه الوحيد في المتاحف وقاعات العرض. من الممكن، والجميل أيضاً، أن يخرج إلى الشارع ويكون متعة للنظر في كل المناسبات».
حتى الآن لم تطرح سوزي نصيف سوى مجموعة محدودة من «الكيمونو» طبعت عليها رسمات من لوحاتها. لم تكن العملية سهلة؛ لأنها «ليست حالة خاصة» ينفرد فيها المرء بنفسه أمام كنفس أبيض وبيده ريشة وألوان يلعب بها حسب ما يُمليه عليه خياله ومزاجه في تلك اللحظة. تصميم الكيمونو، كقطعة أزياء للاستعمال اليومي، يتطلب مهارات أخرى تعترف أنها لا تمتلكها في الوقت الحالي، مثل التصميم نفسه والطباعة على القماش وما شابه من تفاصيل اكتشفت أيضاً أنها مُكلفة ومعقدة. ومع ذلك لم تُصب بالإحباط. بالعكس «وجدت في التحدي مُتعة، وكلما تبلورت القطعة أمام عيني، وبدأت تأخذ شكلها النهائي كنت أشعر بالسعادة كما لو أنها مولود جديد».
ما تؤكد عليه سوزي أن هدفها حتى هذه اللحظة فني لهذا لا تريد أن تبخل على أي قطعة بوقتها ولا بجهدها، بقدر ما تريدها أن تعكس شخصيتها وفنها، أياً كان الثمن. وبالنتيجة، فإن سعر الكيمونو قد لا يتعدى الـ10 في المائة من سعر أي لوحة من لوحاتها، لكنه يبقى بالنسبة للبعض بعيد المنال، وموجه لفئة تُشبهها في بوهيميتها وفي حبها للحياة. والأهم من هذا «أن تُقدر الفن إلى حد أنها تريده أن يكون معها في كل أوقاتها» حتى تستمتع به من جهة ويعكس الجانب الفني الكامن في شخصيتها من جهة أخرى.
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.
ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».
بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.
صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.
كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.
الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.
المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.
المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.
سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»
من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.
موسم الأعياد والحفلات
بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.
وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».
دمج بين الفينتاج والبوهو
تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.
مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.
إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.
أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.
رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.