«الشرق الأوسط» تخسر أحد أبرز صحافييها

الزميل سمير السعداوي في ذمة الله

«الشرق الأوسط» تخسر أحد أبرز صحافييها
TT

«الشرق الأوسط» تخسر أحد أبرز صحافييها

«الشرق الأوسط» تخسر أحد أبرز صحافييها

رحل الزميل سمير السعداوي، أمس، في لندن بعيداً عن بيروت التي وُلد فيها عام 1959 وغادرها مؤقتاً لظروف العمل على أمل العودة القريبة. فارق الحياة بعد صراع مع المرض لفترة قصيرة منعته حتى من أن يودّع زملاءه في مكتب «الشرق الأوسط» في لندن، وهم الذين عاشوا معه آخر أيامه التي كان منشغلاً فيها بتأمين متطلبات حياة ولديه بعد انتقالهما منذ أشهر قليلة إلى لندن.
سمير (الذي يتحدر من منطقة مصراتة الليبية) هو حفيد شقيق المناضل الليبي بشير السعداوي، الذي ورث الفكر اليساري والحلم العروبي عن عائلته، إحدى كبرى العائلات الليبية. حمل سمير الجنسيتين اللبنانية والبريطانية. وعاش في بريطانيا نحو 16 عاماً بعد تخرجه في الجامعة الأميركية في بيروت وعمل في مجال العلاقات العامة في عدة شركات بريطانية.
في عام 1990 قصد صاحب «جريدة الحياة» مالك مروة، طالباً منه العمل كمحرّر، زاهداً في حياة الرفاهية التي اعتاد عليها لسنوات طويلة نتيجة عمله الخاص مع أقاربه، واختار أن يعود إلى حياة والده الصحافي الراحل زهير السعداوي الذي تولى منصب مدير الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية في عامي 1972 و1973.
وفي عام 2000 انتقل إلى مكاتب «الحياة» في بيروت مشرفاً على قسم الشؤون الدولية، ثم مديراً للتحرير، قبل أن يعود مجدداً إلى لندن وينضم إلى أسرة «الشرق الأوسط».
وكما كان والده، عُرف سمير بصداقته لجميع الصحافيين الذين امتلأت صفحاتهم، أمس، على مواقع التواصل الاجتماعي بكلمات رثاء زميل وصديق كان معروفاً دائماً برقيّ أخلاقه وروحه الطيبة والمرحة.
تأثر سمير بمسيرة حياة عائلته السياسية، وتحديداً جدّه بشير السعداوي وشقيقه نوري السعداوي اللذين قادا «حزب المؤتمر الوطني» في ليبيا، أحد أكثر الأحزاب شعبية في المناطق الغربية من البلاد (طرابلس ومصراتة) في الخمسينات. وبرز اسمه كناقد ومعلق سياسي على الأحداث الليبية مع انطلاق انتفاضة 17 فبراير (شباط). وهو المعارض الشرس للرئيس معمر القذافي، مناضلاً في سبيل تحقيق العدالة والديمقراطية والسلام في ليبيا، حتى كان يقول لمن يطلب منه الذهاب إلى ليبيا لاستعادة أراضي وممتلكات عائلته: «كل هذا لا يعني لي شيئاً. الأمل الوحيد هو عودة السلام إلى البلاد».
وأمس، نعت نقابة محرري الصحافة اللبنانية الزميل سمير السعداوي وأشارت في بيان إلى أن «الأسرة الصحافية اللبنانية والعربية فُجعت برحيل الزميل سمير السعداوي، وهو صحافي محترف، عُرف بموضوعيته وهدوئه وتواضعه وإخلاصه لعمله ومحبته لزملائه وأصدقائه. تميز بشهامته وكبر نفسه وعلو همته وغيرته على المهنة والعاملين فيها والتزامه الصادق بنقابة المحررين. الفترة الكبرى من حياته الصحافية أمضاها في صحيفتي (الحياة) و(الشرق الأوسط)، في العاصمة البريطانية، ودول الخليج ووطنه الأم لبنان، الذي أحبه حباً لا وصف له، وأوصى بأن يوارى الثرى في ترابه».
وقال نقيب محرري الصحافة اللبنانية الزميل جوزف القصيفي: «كان لنبأ رحيل الصديق والزميل ورفيق الدرب المهني، وقع الصاعقة، لأنه غاب عنا وعن محبيه فجأة ومن دون إيذان، وأنفذ المرض الخبيث حكمه فيه سريعاً ولم يعطه فرصة مقاومته، وهو الفارس الشجاع والرجل الصلب المؤمن بربه ووطنه ورسالته الصحافية التي جعلها في خدمة الحق والحقيقة، فلم يجنِ منها ثروة ولا توسلها سبيلاً لوجاهة، أكل خبزه بعرق قلمه وكان يتقي الله الذي يجد له مخرجاً عندما تُسد في وجهه الآفاق ويعبس القدر. ما كان يحب الطواف من بلد من بلد إلى بلد، لكن ظروف المهنة ومشاقّها وسعيه إلى لقمة العيش يجنيها بكرامة من دون ارتهان، حملته إلى سندباديةٍ ما رغب فيها يوماً على ما أسرّ لي، غير مرة».
وأضاف: «كان مثقفاً، واسع الاطلاع، مهذباً، أنيقاً، ودوداً. سعى دائماً إلى الخير والوفاق، جاذب الإطلالة، متفانٍ في سبيل الآخر. اجتمعت فيه كل مواصفات الإنسان، الإنسان. وها هو يعود إلى وطن الأرز ملفوفاً بالكفن ليُدفن في جوار مَن سبقه من أهل وأحباء».
وتابع: «أبكيك أيها الصديق والزميل، كما يبكيك كل زملائك في نقابة المحررين، وأبكي فيك الوفاء، ودماثة الخلق، وصدق الالتزام، معزّياً عائلتك وأسرة (الشرق الأوسط) وكل الزملاء الذين أحزنهم رحيلك وفاجأهم، سائلاً الله أن يتغمدك بواسع رحمته ويسكنك فسيح جناته وأن يكرم مثواك، صحبة الصالحين من عباده».
و«الشرق الأوسط» التي تفتقد بخسارة سمير السعداوي زميلاً صديقاً، تسأل الله الرحمة لنفسه وتتوجه بصادق العزاء إلى زوجته وطفليه وإلى أهله ومحبيه الكثر.
غسان شربل يكتب: مقعد شاغر وحضور دائم



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.