خلافات داخل إدارة ترمب حول دور «سي آي إيه» في أفغانستان

قوات أفغانية تعرض مجموعة من المتطرفين قبل تنفيذهم عمليات إرهابية في العاصمة كابل يناير الماضي (غيتي)
قوات أفغانية تعرض مجموعة من المتطرفين قبل تنفيذهم عمليات إرهابية في العاصمة كابل يناير الماضي (غيتي)
TT

خلافات داخل إدارة ترمب حول دور «سي آي إيه» في أفغانستان

قوات أفغانية تعرض مجموعة من المتطرفين قبل تنفيذهم عمليات إرهابية في العاصمة كابل يناير الماضي (غيتي)
قوات أفغانية تعرض مجموعة من المتطرفين قبل تنفيذهم عمليات إرهابية في العاصمة كابل يناير الماضي (غيتي)

اقترح مستشارون بارزون في البيت الأبيض توسيع وجود وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) سراً داخل أفغانستان حال بدء انسحاب قوات دولية من البلاد، تبعاً لما أفاده مسؤولون أميركيون. إلا أن مسؤولين من الوكالة وآخرين عسكريين أعربوا عن تحفظهم على هذه المقترحات؛ ما أثار جدالاً داخل صفوف الإدارة يمكن أن يزيد المفاوضات مع جماعة «طالبان» لإنهاء الحرب، تعقيداً.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين حاليين وسابقين، أن هناك انقساماً داخل إدارة الرئيس دونالد ترمب حول مستقبل الوجود الأميركي في هذا البلد. وأضافت أن الخلاف يدور خصوصاً حول الدور الذي يمكن أن تلعبه وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، التي تدعم ميليشيات أفغانية خاصة، بعد انسحاب القوات الأميركية من هذا البلد.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» أمس، فقد يؤدي هذا الانقسام إلى تعقيد مهمة خليل زاد، وتعريض الاتفاقيات التي تم التوصل إليها مع ممثلين عن «طالبان» للفشل، في حين هو يستعد لعرضها على زعماء أفغانستان بهدف إنهاء الحرب.
فقد اقترح كبار مستشاري البيت الأبيض توسيع وجود «سي آي إيه» في أفغانستان بشكل سري إذا بدأت قوات التحالف الدولية بالانسحاب من البلاد، لكي يشكل وجودها ضمانة للولايات المتحدة بعد انسحاب قواتها من هذا البلد.
والاقتراح يشير إلى أن تعمل ميليشيات مدعومة من «سي آي إيه» بصفتها جزءاً من قوة مكافحة الإرهاب التي من شأنها أن تمنع عودة تنظيم «داعش» أو تنظيم «القاعدة»، بعد انسحاب القوات الأميركية.
لكن البعض يشكك في أن تلك الميليشيات التي لا تعرف هويتها والتي يواجه بعضها اتهامات بالقيام بممارسات وحشية، يمكن أن تشكل ضمانة ضد الإرهاب، من دون دعم الجيش الأميركي. وبحسب تقرير «نيويورك تايمز»، فإن مديرة «سي آي إيه» أثارت مخاوف لوجيستية حول الخطة؛ لأن عملاء الوكالة الذين يشرفون بشكل مباشر على تلك الميليشيات التي وجدت لملاحقة مقاتلي «طالبان» و«داعش» و«القاعدة»، يعتمدون بشكل مباشر على القوات الأميركية في توفير الدعم الجوي والمراقبة والدعم الطبي وخبراء المتفجرات.
ويقول خبراء «سي آي إيه»، إن تنظيم «داعش» وخطره لا يبرر زيادة هائلة في الموارد في ظل الموازنة المحدودة، ولا يشكل تهديداً فورياً للغرب، رغم هجماته المتكررة على المدنيين الأفغان ومواصلة القتال مع «طالبان».
كما أن الإبقاء على هذا الحضور قد يعرّض مستقبلاً الوجود الأميركي ولو كان سرياً إلى هجمات مستمرة، قد تتعاظم لاحقاً في ظل انسحاب القوات الأميركية المقاتلة الرئيسية.
وبحسب التسريبات التي نشرتها الصحافة الأميركية، فإن مفاوضي «طالبان» أصروا على انسحاب عناصر «سي آي إيه» مع القوات الأميركية في الأشهر أو السنوات المقبلة، شرطاً لنجاح المفاوضات». وفي حين أعلن زلماي خليل زاد، أن الجانبين على عتبة توقيع اتفاق، نقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول مطلع على المفاوضات أن المحادثات غطت مصير قوات الأمن الأفغانية، لكنها لم تتعامل مباشرة مع الميليشيات التي تدعمها «سي آي إيه».
ويناقش داعمو فكرة توسيع عمل الميليشيات التي تدعمها وكالة الاستخبارات الأميركية، أن الانسحاب من أفغانستان من دون نزع سلاح «طالبان»، يعرّض مستقبل البلد إلى أخطار مكشوفة ويترك الولايات المتحدة من دون قدرة على مواجهة الجماعات الإرهابية». وعملت تلك الميليشيات في جميع أنحاء أفغانستان واستخدمت في ملاحقة الخلايا الإرهابية واستهداف قادتها، وقامت بمهام خطيرة ضدها.
وبدأت الولايات المتحدة تشكيل تلك الميليشيات منذ أن سقطت حكومة «طالبان» قبل نحو 18 عاماً، وحولتها إلى مجموعات قتالية، تطور بعضها إلى ميليشيات كبيرة مدربة ومجهزة بشكل جيد، عملت بداية خارج رعاية الحكومة الأفغانية.
وعبّرت حركة «طالبان» عن اعتراضها على تلك الميليشيات وعلى الدور الذي تلعبه ومستقبلها، خصوصاً بعدما تم ضمها إلى سلطة المخابرات الأفغانية، عبر توجيه الكثير من الضربات لها، وخصوصاً لمراكز الأمن الأفغاني.
ويسلط الخلاف القائم حول دور «سي آي إيه» في أفغانستان الضوء على الخلافات داخل صفوف الإدارة الأميركية بين الراغبين في تنفيذ انسحاب نهائي وآخرين يخشون تعرض الولايات المتحدة حال حدوث ذلك لهجمات إرهابية. ويعتمد هذا المقال على مقابلات أجريت مع ستة مسؤولين مطلعين على المناقشات الدائرة داخل الإدارة. وقد رفضت «سي آي إيه» من جانبها التعليق، وكذلك البيت الأبيض.
من ناحيتها، أوضحت «طالبان» أنها لا تفرق بين القوات الأميركية وضباط «سي آي إيه»، وتصر في إطار مفاوضات السلام على ضرورة انسحاب «سي آي إيه» إلى جانب القوات العسكرية الدولية خلال الشهور المقبلة أو على مدار السنوات القليلة المقبلة.
وتصاعد القتال في الأشهر الأخيرة منذ بدء محادثات السلام، حيث يحاول كل طرف تعزيز موقعه فيها. وشن مقاتلو «طالبان» هجومين في نهاية الأسبوع الماضي، بما في ذلك واحد في مدينة قندوز الشمالية، أدى إلى مقتل كبير المتحدثين باسم الشرطة وإصابة قائد الشرطة.
وفي مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الأسبوع الماضي، لمح الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الإبقاء على 8600 جندي أميركي من نحو 14 ألفاً، بعد التوصل إلى أي اتفاق مع «طالبان». وقال «إننا نحد من هذا الوجود إلى حد كبير، وسنكون دائماً حاضرين وسيكون لدينا ذكاء عال».
لكن ترمب أبقى غموضاً على مصير دور الـ«سي آي إيه» في ظل التباين بين أعضاء إدارته، حيث يدفع وزير الخارجية مايك بومبيو بمفاوضات السلام، في حين يعارض مستشار الأمن القومي جون بولتون اتفاق السلام الحالي؛ بسبب خوفه من مستقبل الجماعات الإرهابية في أفغانستان.


مقالات ذات صلة

بعد تصريحات ترمب عن غرينلاند وكندا... ألمانيا: لا ينبغي تعديل الحدود بالقوة

أوروبا ترمب في مؤتمر صحافي play-circle 00:27

بعد تصريحات ترمب عن غرينلاند وكندا... ألمانيا: لا ينبغي تعديل الحدود بالقوة

قال متحدث باسم الحكومة الألمانية اليوم الأربعاء إن ألمانيا على علم بتعليقات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن غرينلاند وكندا

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ ليفيلسبيرغر أطلق النار على نفسه قبل انفجار شاحنة «تسلا سايبرترك» في يوم رأس السنة الجديدة بلاس فيغاس (أ.ب)

منفذ تفجير سيارة «تسلا» في لاس فيغاس استخدم «شات جي بي تي» لتخطيط الهجوم

كشفت الشرطة الأميركية أمس أن الجندي الذي فجّر شاحنة «تسلا سايبرترك» خارج فندق ترمب في لاس فيغاس بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي استخدم الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)

تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

من الصين إلى أوروبا، ومن كندا إلى المكسيك، بدأت الأسواق العالمية بالفعل الشعور بتأثير تهديدات دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية بمجرد توليه الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد العلم الإيراني مع نموذج مصغر لرافعة مضخة للنفط (أرشيفية- رويترز)

«رويترز»: إيران تضغط على الصين لبيع نفط عالق بقيمة 1.7 مليار دولار

قالت مصادر مطلعة، 3 منها إيرانية وأحدها صيني، إن طهران تسعى لاستعادة 25 مليون برميل من النفط عالقة في ميناءين بالصين منذ 6 سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أميركا اللاتينية سفن شحن تتنظر دورها لعبور قناة بنما لدى بحيرة غاتون (أرشيفية - أ.ب)

بنما تؤكّد ردا على ترمب أنّ القناة «أعيدت إلى غير رجعة»

أكّد وزير الخارجية البنمي خافيير مارتينيز-آشا، الثلاثاء، أنّ سيادة بلاده «ليست قابلة للتفاوض»، وذلك ردّا على تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (بنما)

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.