انطلاق أحدث جولات معركة الرسوم بين واشنطن وبكين

تساؤلات حول إمكانية استمرار المفاوضات تحت الضغوط

انطلقت أمس أحدث جولات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين عبر تفعيل رسوم جديدة بين البلدين (أ.ف.ب)
انطلقت أمس أحدث جولات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين عبر تفعيل رسوم جديدة بين البلدين (أ.ف.ب)
TT

انطلاق أحدث جولات معركة الرسوم بين واشنطن وبكين

انطلقت أمس أحدث جولات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين عبر تفعيل رسوم جديدة بين البلدين (أ.ف.ب)
انطلقت أمس أحدث جولات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين عبر تفعيل رسوم جديدة بين البلدين (أ.ف.ب)

بدأت الصين والولايات المتحدة، أمس (الأحد)، فرض رسوم جمركية إضافية على السلع المتبادلة بينهما، وذلك في أحدث تصعيد في حرب تجارية مريرة، رغم الدلائل على أن المحادثات بينهما بشأن تلك القضية ستستأنف هذا الشهر.
وسرت الجولة الجديدة بدءاً من الساعة 04:01 (بتوقيت غرينتش)، مع فرض بكين رسوماً نسبتها 5 في المائة على النفط الخام الأميركي، وهي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف نفط الولايات المتحدة منذ بدأ أكبر اقتصادين في العالم حربهما التجارية قبل أكثر من عام.
وبدأت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم نسبتها 15 في المائة على واردات صينية تتجاوز قيمتها 125 مليار دولار، منها أجهزة التحدث الذكية وسماعات البلوتوث،‭ ‬فضلاً عن أنواع كثيرة من الأحذية. ودخلت رسوم جمركية إضافية على منتجات صينية تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، حيث يبدو الرئيس الأميركي مصمماً على انتزاع اتفاق تجاري من بكين.
ورداً على ذلك، بدأت الصين فرض رسوم على بعض السلع الأميركية، ضمن قائمة مستهدفة تبلغ قيمتها 75 مليار دولار. ولم تحدد بكين قيمة السلع التي ستفرض عليها رسوماً أعلى بدءاً من أمس.
وفرضت بكين رسوماً إضافية نسبتها 5 و10 في المائة على 1717 سلعة، مما إجماليه 5078 منتجاً أميركياً. وستبدأ بكين تحصيل الرسوم الإضافية على بقية السلع في 15 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وكانت إدارة ترمب قد قالت الشهر الماضي إنها ستزيد الرسوم القائمة، والمقررة بنسبة 5 في المائة، على واردات صينية بنحو 550 مليار دولار، بعدما أعلنت بكين عن رسومها الانتقامية على السلع الأميركية.
ومن المقرر أن تسري الرسوم التي تبلغ نسبتها 15 في المائة على الهواتف الخلوية وأجهزة الكومبيوتر المحمولة ولعب الأطفال والملابس بدءاً من 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويأتي ذلك بينما تواصل فرق تجارية من الصين والولايات المتحدة المحادثات، حيث ستلتقي في سبتمبر (أيلول) الحالي، لكن ترمب قال إن زيادة الرسوم على السلع الصينية المقرر أن تبدأ الأحد لن تتأجل.
وتسعى إدارة ترمب منذ عامين للضغط على الصين كي تحدث تغييرات شاملة في سياساتها بشأن حماية الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا إلى الشركات الصينية والمنح الصناعية والوصول إلى السوق. وتنفي الصين دوماً الاتهامات الأميركية بأنها تعمد إلى ممارسات تجارية غير عادلة، وتعهدت بالرد على الإجراءات العقابية الأميركية بتدابير مماثلة.
وأدى احتدام الحرب التجارية بين البلدين إلى تعطيل تجارة سلع بمئات المليارات من الدولارات، وتسبب في تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وأضر بالأسواق. وقال خبراء اقتصاديون من معهد «بيترسون» للاقتصاد الدولي، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، إن قيمة السلع التي ستُفرض عليها رسوم جمركية جديدة هي 112 مليار دولار. وتُضاف هذه السلع إلى منتجات صينية تفوق قيمتها 250 مليار دولار تخضع في الأصل لزيادة في الرسوم.
وبحلول نهاية العام الجاري، ستتمّ زيادة الرسوم على مجمل الواردات الصينية (تصل قيمتها إلى نحو 540 مليار دولار، بناء على أرقام عام 2018)، في آخر دفعة مرتقبة في 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتجاهل الرئيس الجمهوري، الذي يقوم بحملته الانتخابية لولاية رئاسية ثانية، التحذيرات الكثيرة بشأن التداعيات السلبية المحتملة على الاقتصاد والأسواق. والأمل في أن يغيّر ترمب موقفه ضئيل، إذ إنه استبعد مساء الجمعة فكرة إرجاء الزيادة على الرسوم إلى موعد لاحق.
ومع ذلك، بدا وكأنه يسعى إلى تهدئة القلق، عبر تأكيد حصول لقاءات بين واشنطن وبكين، وصرح: «ليس باستطاعتي قول أي شيء، لكننا نتحدث مع الصين. لدينا محادثات مع الصين. ومن المقرر عقد اجتماعات. هناك اتصالات جارية»، وأضاف: «أعتقد أن اجتماع سبتمبر (أيلول) لا يزال قائماً. لم يتم إلغاؤه. سنرى ما سيحدث».
ولم يؤكد الطرف الصيني حتى الساعة عقد مثل هذه اللقاءات أو الاجتماعات. ومنذ مارس (آذار) 2018، يشنّ ترمب حرب رسوم جمركية عنيفة لفرض التوصل لمعاهدة تضع حداً لممارسات تجارية يعدها غير عادلة، مثل النقل القسري للتكنولوجيا الأميركية، والإعانة الهائلة التي تحصل عليها الشركات الصينية الحكومية.
وتبدو هذه الاستراتيجية حتى الآن غير مجدية، رغم أنها تُثقل كاهل الاقتصاد الصيني. ورفضت بكين التفاوض تحت التهديد، وهي تظهر أنها صارمة في موقفها. وقد حذر صندوق النقد الدولي مؤخراً من أن هذا التصعيد الجديد في الرسوم الجمركية قد يتسبب بتراجع النمو الاقتصادي الصيني بشكل كبير.
وبالإضافة إلى الصين، سيتراجع كثيراً الاقتصاد العالمي الذي يعتمد بشكل أساسي على المبادلات التجارية، وفق صندوق النقد الدولي.
وفي الولايات المتحدة، يشهد النمو تباطؤاً. لكن ترمب يرى أن الرسوم الجمركية «ليست المشكلة»، منتقداً بشدة السياسية النقدية التي ينتهجها البنك المركزي.
ويلقي الغموض بشأن نتيجة هذا النزاع بثقله على استثمارات الشركات ومعنويات الأسر الأميركية.
وسجلت ثقة المستهلكين في أغسطس (آب) الماضي أقوى تراجع منذ ديسمبر (كانون الأول) 2012، بحسب دراسة أجرتها جامعة ميشيغن. وأوضح ريتشارد كورتن، الخبير الاقتصادي الذي يدير هذه الدراسة التي تُجرى مرتين في الشهر، أن «المعطيات تشير إلى تآكل ثقة المستهلكين بسبب السياسات المتعلقة بالرسوم الجمركية».
وفي مؤشر إلى أن إدارة ترمب تخشى ربما آثار هذا التصعيد الجديد، لن تُفرض رسوم على بعض المنتجات الرئيسية المتعلقة بالتسوق في موسم عيد الميلاد قبل 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وهذا الأمر يشمل الهواتف والحواسيب المحمولة وألعاب الفيديو، وعدداً من الألعاب وشاشات الحواسيب، وحتى بعض الأحذية والملابس الرياضية. وفي الولايات المتحدة، يعتمد النمو الاقتصادي بنسبة 75 في المائة على الاستهلاك.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.