أنين الناي يجذب أجيالاً جديدة في مصر

إقبال شبابي على تعلم فنون عزف الآلة وصناعتها

أنطون رفعت
أنطون رفعت
TT

أنين الناي يجذب أجيالاً جديدة في مصر

أنطون رفعت
أنطون رفعت

قبل نحو خمسة أعوام، قرر الشاب أنطون الانتقال من مدينة الأقصر (جنوب مصر)، حيث كان يعيش، إلى رحابة العاصمة المصرية القاهرة، متتبعاً صوت الناي، تلك الآلة الموسيقية الساحرة التي باتت تجْتذب الأجيال الجديدة من الشباب في مصر.
واضطر الشاب الصعيدي لإبلاغ أسرته بذهابه إلى القاهرة لتعلم صيانة أجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية، إذ خشي أن يخبرهم أن رحلته هدفها البحث عن تعلم المزيد عن الآلة الموسيقية التي وقع في عشقها منذ نعومة أظافره.
وبعد سنوات قليلة تمكن عاشق الناي من تعلم الكثير ودراسة النوتة الموسيقية والمقامات، ليصبح مدرباً للعزف على الناي في استوديو كان طالباً فيه قبل سنوات، وعازفاً في أوركسترا الشباب والرياضة، كما عمل بجهد على تطوير موهبته في صناعة الناي، وحول إحدى غرف منزله بالجيزة (غرب القاهرة) إلى ورشة، وذاع صيت منتجاته التي أصبحت تباع في العديد من الدول الأوروبية والعربية.
يقول أنطون رفعت (31 سنة) لـ«الشرق الأوسط»، «عندما كان عمري 19 عاماً سمعت الناي في إحدى الحفلات، وخطفني صوته، ودخلت نغماته إلى قلبي مباشرة، ولم أكن أعرف اسمه، وفي نهاية الحفلة سألت العازف عن اسم الآلة، ونزلت في اليوم التالي لشراء الناي، وظللت نحو 20 يوماً أنفخ فيه دون أن أنجح في إصدار أي صوت، وبعد محاولات مستمرة خرج صوت نغمة أسرتني، فكيف لهذه الآلة البسيطة أن تصدر هذا الصوت العميق؟ ثم بدأت التدرب مع أشخاص يجيدون العزف».
وحول رحلته إلى القاهرة، يقول أنطون: «الأشخاص الذين تعلمت منهم في الأقصر كانوا هواة، ولم يدرسوا الموسيقى، ولا يعرفون شيئاً عن النوتة أو المقامات الموسيقية، وكنت أشعر أنني أحتاج إلى تعلم المزيد لتطوير موهبتي». وخلال الفترة التي قضاها رفعت في التدرب على عزف الناي بأحد الاستديوهات الفنية، لم يهمل موهبته في صناعة الناي، التي تدرب عليها ذاتياً، وساعدته الدراسة في معرفة التفاصيل الفنية المتعلقة بتركيب الآلة الموسيقية، فخصص غرفة في مسكنه للتصنيع، وحققت بضاعته رواجاً كبيراً، إذ يبيعها لمتاجر الآلات الموسيقية والعازفين الهواة، كما ساعدته صفحته التي أسسها على موقع «فيسبوك» في تسويق منتجاته خارج مصر في العديد من الدول العربية والأجنبية.
شغف أنطون بآلة الناي المتميزة، جعله بعد سنوات من العمل والتدريب، مُدرساً للناي في الاستديو نفسه الذي تعلم فيه، وأيضاً عضو في فرقة أوركسترا وزارة الشباب والرياضة، بجانب ورشته بالجيزة، التي يبدع فيها آلات يبيعها لمواطنين من دول عربية وأجنبية.
وأكد أنطون أن تعلم عزف الناي يلقى إقبالاً كبيراً من الأجيال الجديدة حالياً في مصر: «لديَّ طلاب في أعمار أقل من عشرين عاماً، وعلى الرغم من أنها آلة غير رائجة مقارنة بالآلات الموسيقية الأخرى، فإن الشباب يُقْبلون عليها لما تتمتع به نغماتها من سحر ووقع خاص على الأذن».
وتنتشر آلة الناي بشكل لافت في مدن وقرى جنوب مصر، وتستخدم على نطاق واسع في الحفلات الشعبية والفلكلورية والموالد، وهو ما عكسته بعض الأعمال الدرامية التلفزيونية المصرية التي تناولت «دراما الصعيد» في مصر.
أحمد عيد، شاب عشريني، شكّل مصدر إلهام لزميله بالمدرسة، مينا، الذي يصغره بثلاثة أعوام، فقبل سنوات كان عيد طالباً بالصف الأول الثانوي، يجلس على المسرح ويعزف قطعة موسيقية في حفل أقامته مدرسته، بينما كان زميله بالمدرسة نفسها التلميذ بالصف الأول الإعدادي يجلس بالقاعة مأخوذاً بالنغمات التي دفعته إلى البدء في تعلم عزف الناي. يؤكد عيد الطالب بكلية الآداب بجامعة عين شمس، أن نغمات الناي جذبته منذ أن كان صغيراً، ودفعته إلى ممارسة العزف عليها والتدرب على فنونها.
وتُصنع آلة الناي من الغاب الذي يسمى في مصر «بوص»، وينمو عشوائياً وسط الأراضي الزراعية، ويتراوح سعر الآلة الواحدة ما بين 300 إلى 1500 جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 16.5 جنيه مصري)، طبقاً لدقة التصنيع وجودة الغابة المستخدمة، وتُستخدم في صنعها أدوات بسيطة، منها مثقاب يدوي صغير لثقب فتحات النغمات، ومبّرد ناعم، وحجر جلخ يستخدم في تنعيم الأجزاء التي يتم قطعها.
واجتذب سحر الناي أيضاً، مينا روماني، شاب يبلغ من العمر 18 سنة، يستعد للانتقال إلى المرحلة الجامعية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في المدرسة الثانوية جذبني صوت الناي الذي كان يعزفه زميل لي، ومن كثرة اندماجي وتركيزي مع النغمات لم أنتبه إلى أنه كفيف، وفي اليوم التالي اشتريت ناياً بسعر رخيص للتدريب، ثم التحقت بأحد الاستديوهات الفنية».
يرى روماني أن حب آلة موسيقية معينة يجعلك لا يحتاج إلى تدريب كثيف، إذ تجد نفسك دائماً تريد العزف مهما كانت الظروف، كما تطلب مني عائلتي العزف في مناسبات مختلفة، وكذلك أصدقائي عندما نسهر سوياً.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.