حفلات متحف «الفن الإسلامي» التراثية تجتذب الجمهور في القاهرة

تقدمها فرق «قصر ثقافة الغوري» و«النيل للآلات الشعبية» و«التنورة»

عروض «التنورة» في حفلات ليالي السبت
عروض «التنورة» في حفلات ليالي السبت
TT

حفلات متحف «الفن الإسلامي» التراثية تجتذب الجمهور في القاهرة

عروض «التنورة» في حفلات ليالي السبت
عروض «التنورة» في حفلات ليالي السبت

في تقليد جديد يفتح آفاقاً مختلفة لأنشطة المتاحف المصرية التي تهدف إلى جذب قطاعات متنوعة من الجمهور، بدأ متحف «الفن الإسلامي» تنظيم حفلات فنية تحت عنوان «ليالي السبت»، بالتعاون مع وزارة الثقافة، تتضمن فنوناً تراثية وموسيقى شرقية في سهرات صيفية مفتوحة بحديقة المتحف جذبت جمهوراً متنوعاً. وشجع الإقبال الجماهيري غير المسبوق إدارة المتحف على تحويل السهرات الفنية إلى نشاط صيفي دائم يساهم في تعريف الجماهير بمقتنياته، والترويج للفنون التراثية والفولكلورية المتنوعة.
وتُمثل السهرات الفنية اتجاهاً جديداً، يسعى المتحف من خلاله إلى تحقيق العديد من الأهداف، بينها الترويج السياحي، وجذب قطاعات جديدة من الجمهور لتعريفهم بمقتنياته المتنوعة، والترويج للفنون التراثية.
تقام الحفلات مرتين شهرياً في ليالي السبت بحديقة المتحف بوسط القاهرة، وتتضمن فنوناً وفقرات فنية متنوعة تقدمها فرق تابعة لوزارة الثقافة، بينها فرقة الموسيقى العربية التابعة لقصر ثقافة الغوري، وفرقة «النيل للآلات الشعبية»، وعروض «التنورة»، وتعتزم وزارة الثقافة ضم فرق فنية جديدة إلى الحفلات التي تستمر حتى نهاية الصيف، إذ قررت إدارة المتحف الاستمرار في تنظيم السهرات في السنوات المقبلة، لتتحول إلى تقليد جديد يثري قطاع المتاحف.
وشهدت الحفلات إقبالاً جماهيرياً كبيراً، وامتدت صفوف الجماهير أمام بوابة المتحف في مشهد غير مألوف بالنسبة لرواد المتاحف، وجذبت السهرات قطاعات متنوعة من المصريين، بينهم سكان منطقة باب الخلق التي يقع فيها المتحف.
ويُنظم المتحف قُبيل الحفلات جولات للزوار للتعريف بمقتنياته والقطع الأثرية، يُشرف عليها متخصصون في الفن والعمارة الإسلامية والتاريخ، حيث يتولون شرح تاريخ القطع المعروضة وقصصها التاريخية.
الدكتور ممدوح عثمان مدير متحف الفن الإسلامي، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهدف من الحفلات الفنية جذب المزيد من الجمهور لزيارة المتحف، والترويج لمقتنياته المتنوعة، بجانب السعي إلى نشر الفنون التراثية والفولكلورية، وتنشيط السياحة الثقافية بشكل عام، وأيضاً تقديم أنشطة جديدة للجمهور تساعده على الاستمتاع وقضاء سهرات جيدة من خلال الفقرات الفنية التي تكون في أجواء أثرية وتراثية تضفي مزيداً من البهجة على الرواد».
بعض المواطنين قد لا يثير اهتمامهم المتاحف والقطع الأثرية، لكنهم بالطبع ينجذبون للحفلات الفنية، خصوصاً الأجيال الجديدة الذين يسعون إلى الاستمتاع بأوقاتهم، لذلك فكرنا في تنظيم السهرات الفنية لجذب هذه الفئات، فعندما يأتي الشخص لحضور حفلة فنية ويرى مقتنيات المتحف خلال الجولة التي تسبق الحفل، ستثير المقتنيات اهتمامه لأنها قد تكون زيارته الأولى لأي متحف، حسب عثمان.
آخر حفلات المتحف الفنية شارك فيها العديد من الفرق، بينها فرقة الموسيقى العربية بقصر ثقافة الغوري، وفرقة «النيل للآلات الشعبية»، وقدمت الفرق المشاركة فقرات فنية متنوعة من الأغاني التراثية والموسيقى الشرقية وفقرات عزف العود وعروض «التنورة»، وتسعى إدارة المتحف إلى التجديد في الفقرات الفنية خلال الحفلات التالية، لتتضمن فنوناً تراثية وفولكلورية متنوعة، بينها الفن النوبي، حيث يشارك الفنان النوبي المعروف حسن عبد المجيد في حفل الشهر المقبل.
وفاق الإقبال الجماهيري الكبير على الحفلات توقعات إدارة المتحف، وكانت مشاهد صفوف الرواد الذين ينتظرون دورهم للدخول مشجعاً جداً، وتسبب في زيادة حماس العاملين بالمتحف لاستمرار الحفلات لتصبح تقليداً يتم تنظيمه خلال الصيف كل عام، حسب الدكتورة ولاء النبراوي مسؤول إدارة التسويق والإعلام بمتحف «الفن الإسلامي»، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «الإقبال شمل فئات متنوعة من الشباب وكبار السن والنساء والأطفال الذي حضروا بصحبة أسرهم، وساهمت الأجواء التراثية الخاصة التي يتمتع بها المتحف في إضفاء طابع خاص على السهرات، خصوصاً أنها تقام بالحديقة، كما ساهمت الجولات التي يتم تنظيمها لرؤية بعض مقتنيات المتحف في إثارة حماسة وفضول العديد من الرواد، خصوصاً الذين يزورون المكان للمرة الأولى، وتنوعت أسئلة الجمهور خلال الجولات ما بين أسئلة خاصة بقطع أثارت اهتمامهم، وأخرى عن الفرق الفنية المشاركة، إذ إن الكثيرين لم يحضروا حفلات لفنون تراثية من قبل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».