«إن أقصى نقطة أردتُ الوصول إليها في الفن التشكيلي وجدتُ الخط العربي قد سبقني إليها منذ أمد بعيد»... مقولة شهيرة للفنان التشكيلي الإسباني الشهير بابلو بيكاسو، معبراً بها عن الجماليات التشكيلية في الخط العربي، وهي المقولة ذاتها التي يؤمن بها الخطاط التشكيلي المصري أحمد فهد، والتي يترجمها عملياً من خلال اللوحات الفنية الخاصة به، في تشكيلات تجريدية تُجبر عين المتلقي على أن تتوقف أمامها، وتتأمل فخامة الخط العربي وجمالياته.
وفي معرضه الحالي، الذي يحتضنه مركز سعد زغلول الثقافي بالقاهرة، ويستمر حتى التاسع من سبتمبر (أيلول) المقبل، يرسخ الفنان الأربعيني رؤيته التجريدية للخط العربي، مقدماً للجمهور نماذج من الخط وفن الحروفية المعني بجماليات الأبجديات وتوظيفها في اللوحة الفنية لتحمل الهوية واللمسة التراثية، معتمداً على الحرف العربي كمفردة تشكيلية تتجاوز الشكل الصريح المألوف للحروف، مع العناية بجمالياتها وهندستها وألوانها.
يقول الخطاط المصري لـ«الشرق الأوسط»: «أعمل أستاذاً في معهد الخطوط العربية بالقاهرة. ورغم أن المعهد يهتم بالنمط الكلاسيكي للخط، فإنني أؤمن بأن الحرف العربي يحمل قيمة جمالية كبيرة، ولديّ إيمان بأهمية أن يرى المتلقي ويلمس القيمة الجمالية للحرف العربي، ففكرة الجمال ليست فقط في النص المكتوب، بل إن الأبجديات قيمة جمالية في حد ذاتها، وهو ما أحاول جاهداً العمل عليه منذ سنوات. ورغم أن هناك كثيراً من الفنانين التشكيليين يهتمون بالخط العربي، فإنني أراه اهتمام ينصب على الشكل فقط، ودون دراية بقواعد الخط العربي وفنونه».
وتتسم أعمال «فهد» بعدد من السمات الفنية، فهو يحاول الاهتمام دائماً بهندسة الخط وجماليات الحروف، سواء كانت في انسيابية أو عبر التداخل بين بعضها البعض، مع إعطاء الدلالات الرمزية والتجريدية للوحاته، من خلال إعطاء الحرف حرية المساحة المجردة.
وتتكامل هذه السمات مع أسلوب الاهتمام باللون، حيث يقول: «لجأت للون كناحية تعبيرية في لوحاتي، حيث أوظف اللون للتعبير عن فكرة ما، وبما يؤكد تجريدية الحرف، كما أحاول أن أوجه نظر المتلقي من خلال الاعتماد على الألوان الساخنة، مثل الأصفر والأحمر والأزرق، وهو على عكس النمط الكلاسيكي الذي يهتم بالأحبار في المقام الأول، ولا يتم اللجوء إلى الألوان».
التجول بين لوحات المعرض ينقل للمتلقي رؤية الفنان التجريدية للأبجديات، وإتقانه لقواعد وفنون الخط العربي، وقدرته على الإبداع والابتكار في هذا الفن، فمن بين اللوحات تظهر لوحة بمفهوم احتياج البشر لله - عز وجل - حيث تظهر فكرة الحروف الصفراء التي تمثل الصحراء، بينما تظهر السحب كنقاط بيضاء وذهبية، دلالة على فكرة المنح والعطاء. وفي لوحات أخرى، تظهر الحروف على شكل دائرة، كدلالة رمزية للكون والوجود.
وعن الكيفية التي يستوحي بها أفكار اللوحات، قال فهد: «أحاول دائماً أن أستوحي مشهداً أو رؤية من حولي من خلال الحروف، بشكل غير مباشر، بعيداً عن محاكاة الرسوم، بمعنى أني أحاول تجريد البيئة من حولي عبر شكل الحروف، فالخط العربي رأس مدرسة التجريد، وهو ما ذهب إليه الفنان التشكيلي الإسباني بابلو بيكاسو».
ويرى الخطاط المصري أن انتشار التجريد حالياً هو اتجاه بالعالم العربي، لكنه يأمل أن يفهم الجمهور بشكل أوسع جماليات الخط العربي مجردة من النص، وتذوق الحروف كقيمة جمالية، كون الخط هو المعبر عن هويتنا، كعرب ومسلمين.
يذكر أن الفنان أحمد فهد من مواليد عام 1976، وقد درس بمدرسة الخطوط عام 1995، وبدأت مشاركته في الحركة الفنية منذ عام 2001، حيث مثّل مصر في أكثر من فاعلية ثقافية وفنية، وشارك في 26 معرضاً جماعياً، خارج وداخل مصر، ونال كثيراً من الجوائز الدولية.
فنان مصري يبرز القيم التشكيلية والجمالية للخط العربي
أعماله تحمل دلالات رمزية وتجريدية
فنان مصري يبرز القيم التشكيلية والجمالية للخط العربي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة