حبة «بولي بل» يومياً تقي من أزمات القلب

دراسة بدأت منذ 20 عاماً

حبة «بولي بل» يومياً تقي من أزمات القلب
TT

حبة «بولي بل» يومياً تقي من أزمات القلب

حبة «بولي بل» يومياً تقي من أزمات القلب

ظهرت فكرة إعطاء الناس أقراصاً غير مكلفة تحتوي على عقاقير جينية تمنع حدوث الأزمات القلبية لأول مرة قبل 20 عاماً، ولكنها نادراً ما خضعت للاختبار، إلا أن دراسة جديدة أكدت أنها أدت لخفض معدلات الإصابة بالأزمات القلبية لأكثر من النصف بين أولئك الذين تناولوا هذه الأقراص بانتظام.
وفي حال توصلت دراسات أخرى يجري اختبارها الآن إلى نتائج مماثلة، فإن مثل هذه الكوكتيلات متعددة الأدوية التي تسمى أحياناً «Pollypills» التي تُعطى لأعداد كبيرة من كبار السن يمكن أن تغير جذرياً الطريقة التي يحارب بها الأطباء ارتفاع معدلات أمراض القلب والسكتات الدماغية في البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل.
وحتى لو تم اعتماد هذا المفهوم في النهاية، ستكون هناك معارك حول المكونات، حيث احتوت الأقراص، بحسب الدراسة التي شملت 6800 متطوع ريفي تتراوح أعمارهم بين 50 و75 عاماً في إيران، على ستاتين لخفض الكوليسترول، وعقاقير لضغط الدم، وأسبرين بجرعة منخفضة. لكن الدراسة التي نشرتها مجلة «ذا لانسيت»، الخميس الماضي، بدأت قبل 14 عاماً. وقد شككت الأبحاث الحديثة التي جرت في الدول الغنية في حكمة إعطاء بعض العقاقير - خصوصاً الأسبرين - إلى كبار السن الذين ليس لديهم تاريخ مرضي.
وتجدر الإشارة إلى أن نحو 18 مليون شخص سنوياً يموتون بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، ويعيش 80 في المائة منهم في البلدان الفقيرة ومتوسطة الدخل المهددة بارتفاع معدلات السمنة ومرض السكري وتعاطي التبغ والمعيشة غير المستقرة.
ومع ذلك، فإن خبراء الطب منقسمون بشدة حول مفهوم عقار «بولي بيل»، حيث يشير المدافعون عنه - بمن فيهم بعض أطباء القلب البارزين - إلى الدراسة كدليل على أن منظمة الصحة العالمية يجب أن تؤيد توزيع هذه الأقراص دون وصفة طبية لمئات الملايين من الأشخاص فوق سن الـ50 حول العالم. وقد قدر البعض أن الاستخدام الواسع النطاق يمكن أن يخفض معدلات الوفيات القلبية بنسبة 60 إلى 80 في المائة.
وبحسب الدكتور سليم يوسف، مدير معهد بحوث صحة السكان بجامعة «مكماستر» في كندا خبير صحة القلب في البلدان الفقيرة الذي لم يشارك في الدراسة، فإن «مفهوم البولي بيل مهم للغاية، ومن الغريب أن يستغرق الناس وقتاً طويلاً لقبوله».
لكن أطباء قلب بارزين آخرين يرون أن هذا النهج غير أخلاقي وخطير لأن الأسبرين والعقاقير المخفضة للكوليسترول وأدوية ضغط الدم جميعها لها آثار جانبية، كما لا ينبغي لأحد أن يأخذها دون تقييمه لعوامل الخطر، مثل ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع الكوليسترول أو التاريخ العائلي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».