«أوركسترا الورد» يعزف ألحان «بيتهوفن» في فضاء الطّائف

جدارية مرتفعة لـ{أوركسترا الورد» العالمية تعزف في منتزه الردّف التّاريخي بمدينة الطّائف
جدارية مرتفعة لـ{أوركسترا الورد» العالمية تعزف في منتزه الردّف التّاريخي بمدينة الطّائف
TT

«أوركسترا الورد» يعزف ألحان «بيتهوفن» في فضاء الطّائف

جدارية مرتفعة لـ{أوركسترا الورد» العالمية تعزف في منتزه الردّف التّاريخي بمدينة الطّائف
جدارية مرتفعة لـ{أوركسترا الورد» العالمية تعزف في منتزه الردّف التّاريخي بمدينة الطّائف

قدمت فرقة «أوركسترا الورد» العالمية معزوفاتها الغنائية في جدارية مرتفعة تجمّلت بأشكال الورود في متنزه الردّف التاريخي بمدينة الطّائف غرب السعودية، ضمن فعاليات «موسم الطائف» الذي يتزامن مع عدّة فعاليات ثقافية مصاحبة، في جميع أرجاء عاصمة الورد، حيث تناغمت أصوات العزف المتفرد بتفاعل الزّوار من كل الجنسيات.
قال الدكتور مشعل الرشيد، رئيس الشركة المنظمة لمهرجان قرية ورد لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار اسم (قرية ورد) جاء تقديراً لأهمية الورد كأيقونة لمدينة الطائف وقد بُني المحتوى وصُممت كل الأنشطة والفعاليات لتعزيز ما يمثّله ورد الطائف من قيمة تنافسية وميزة اقتصادية واجتماعية كبرى».
وأضاف الرشيد: «استُلهم تصميم عرض أوركسترا الورد المعلق من جمال جبال الطّائف الرائعة، وقد طُعّم بورودها الأخاذة، ومن كل وردة تطلّ علينا عازفة محترفة تحمل آلتها الموسيقيّة لتعزف جميعهنّ لنا مقطوعات سيمفونية مستوحاة من نغم الورد».
وأفاد الرشيد بأنّ الفرقة تتألف من عازفات من مختلف الجنسيات العالمية، وكان لكلّ واحدة منهنّ مساهمات وإثراءات دولية، وقد جرى اختيارهنّ بدقة عالية نتيجة مشاركاتهن في عواصم كثيرة، كان آخرها في قاعة «لندن هول» وفي بوخاريست، حيث استطاع الفريق أن يتواءم مع مكوّنات الورد وتصاميمه الهندسية الخاصة بالعام الحالي، التي ترجمت تفرّد مدينة الطائف وتصدّرها كأهم المدن السعودية جذبا للسياحة والفنون.
بدوره، قال الدكتور نايف البراق، عميد كلية الآداب في جامعة الطائف، إنّ المدينة تحمل خصوصية الثّقافة وعبقرية المكان وتمثّل أيقونة سياحية ثقافية تتطوّر عاما بعد عام لتواكب «الرؤية الوطنية 2030». وتستشرف رؤاها وتوجهاتها من خلال تلك الفعاليات التي تستقطب الضيوف والزائرين من كل أرجاء المعمورة.
وأفاد البرّاق بأنّ البرامج النّوعية هي التي تصبّ في برنامج جودة الحياة، وهو ما تأكد من خلال موسم الطّائف البهيج الذي قدّم صورة مشرقة للإبداع السعودي على المستويين الحضاري والثّقافي، وكل تطور يفرض عددا من التحديات؛ لذا فإنّ استحداث عدد من البرامج الأكاديمية والنوعية يسلّط الضوء على الفنون الشعبية السعودية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».