إنهاء فترة الانتقالات بالدوري الإنجليزي في وقت مبكر خطأ فادح

المدربون في إنجلترا لن يشعروا بالراحة ما دامت الأندية في أوروبا مستمرة في التعاقد مع لاعبين جدد

إريكسن يمثل ثقلاً في تشكيلة توتنهام لكن رحيله قبل بداية الشهر المقبل أمر محتمل
إريكسن يمثل ثقلاً في تشكيلة توتنهام لكن رحيله قبل بداية الشهر المقبل أمر محتمل
TT

إنهاء فترة الانتقالات بالدوري الإنجليزي في وقت مبكر خطأ فادح

إريكسن يمثل ثقلاً في تشكيلة توتنهام لكن رحيله قبل بداية الشهر المقبل أمر محتمل
إريكسن يمثل ثقلاً في تشكيلة توتنهام لكن رحيله قبل بداية الشهر المقبل أمر محتمل

في البداية، دعونا نتفق على أن المدير الفني لنادي توتنهام هوتسبير، ماوريسيو بوكيتينو، كان محقاً تماماً في التصريحات التي أكد فيها أنه ليس من المنطقي أن تنتهي فترة انتقالات اللاعبين في إنجلترا قبل مثيلاتها في بقية البلدان الأوروبية بثلاثة أسابيع.
وبالنظر إلى الطريقة التي رحل بها المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو عن مانشستر يونايتد، لم يجد النادي الإنجليزي الوقت الكافي للتعاقد مع بديل جيد، ووجد نفسه مضطراً للتحرك لضم المهاجم الكرواتي ماريو ماندزوكيتش، البالغ من العمر 33 عاماً، وهو ما يعني أن أي مدير فني مسؤول عن تدريب فريق يضم لاعباً مرغوباً من أندية خارجية لن يشعر بالراحة حتى بداية شهر سبتمبر (أيلول)، وهو موعد انتهاء فترة الانتقالات الصيفية في البلدان الأخرى.
ومن بين هؤلاء اللاعبين بول بوغبا، وكريستيان إريكسن، ومورغان شنايدرلين، وعدد آخر من اللاعبين الذين ارتبطت أسماؤهم بكثير من الأندية الخارجية طوال الصيف الجاري. وكما يشير بوكيتينو، فإنه «ليس من المنطقي» أن نترك هذه المشكلة تؤثر على الأندية التي تترك لاعبيها، ولا يمكنها العثور على بديل لهم إلا في أقرب فترة انتقالات، أي في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل!
ولا يبدو أن ريال مدريد قد قرر التخلي عن فكرة التعاقد مع إريكسن الذي قد يعتمد مصيره على اللاعبين الآخرين الذين سيضمهم برشلونة وريال مدريد خلال الأسبوعين المقبلين، لكن لن يكون من الصعب للغاية تخيل رحيل بوغبا عن مانشستر يونايتد، رغم عدم رغبة النادي في التخلي عن خدماته. وفي هذه الحالة، لن يكون من الصعب أيضاً أن نرى المدير الفني لمانشستر يونايتد، أولي غونار سولسكاير، وهو يخرج لوسائل الإعلام بكل شجاعة لكي يعلن أن بوغبا كان لاعباً رائعاً، ويزعم أن الفريق سيواصل المضي قدماً من دون أي مشكلات، تماماً كما فعل بعد رحيل لوكاكو عن الفريق.
ومن المؤكد أن مانشستر يونايتد ليس مضطراً لبيع بوغبا، لكن من الناحية النظرية لم يكن النادي مضطراً أيضاً لبيع لوكاكو، خصوصاً أن النادي لم يتعاقد مع أي لاعب يمكنه أن يكون بديلاً للمهاجم البلجيكي الذي سجل 42 هدفاً خلال الموسمين الماضيين. في الحقيقة، من الصعب تجنب الشعور بأن سولسكاير يواجه خطراً كبيراً، وهو يبدأ أول موسم كامل له مع الشياطين الحمر، خصوصاً في ظل حاجته الملحة إلى مدير للكرة، أو مسؤول تعاقدات ذكي يمكنه المساهمة في تعاقد النادي مع لاعبين جيدين يقدمون الإضافة اللازمة للفريق. وقد اعترف النادي بحاجته الملحة لهذا الأمر منذ ستة أشهر، لكنه لم يفعل أي شيء حيال ذلك.
وغالباً ما تهيمن «الكوميديا» على التعاقدات التي يبرمها مانشستر يونايتد، وحتى على صفقات اللاعبين الذين يبيعهم النادي. وحتى في صفقة هاري ماغواير الذي تعاقد معه مانشستر يونايتد بسعر قياسي، كأغلى مدافع في العالم، جعل مسؤولي ليستر سيتي يشعرون بأنهم انتصروا في هذه الصفقة على حساب سمعة نائب الرئيس التنفيذي لمانشستر يونايتد، إد وودوارد، كمفاوض. لكن النمط العام في الأماكن الأخرى كان بعيداً كل البعد عن العقلانية والمنطق، لكنه ربما يكون معقولاً ومقبولاً، وفقاً للمعايير المتبعة في الدوري الإنجليزي الممتاز!
ولم يدعم ليفربول صفوفه، واكتفى بقائمة اللاعبين الذين قادوا النادي للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا، مدعومين بعودة عدد من اللاعبين الأساسيين من الإصابة، في الوقت الذي أبرم فيه مانشستر سيتي صفقتين رائعتين بمبالغ مالية طائلة. ولن يتمكن تشيلسي من استغلال المقابل المادي الذي حصل عليه من بيع نجمه البلجيكي إيدين هازارد في التعاقد مع لاعبين جدد بسبب العقوبة التي فرضت على النادي من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، بعدم التعاقد مع لاعبين جدد لفترتي انتقالات. واستغل آرسنال وتوتنهام هوتسبير هذه الفرصة، ودخلا سوق الانتقالات بقوة من أجل تدعيم صفوفهما.
ولفترة من الوقت، بدا الأمر وكأن التحركات كافة التي تقوم بها الأندية الستة الكبرى في إنجلترا قد تكون محدودة، بالمقارنة بما يقوم به نادي إيفرتون الذي ربطت بعض التقارير بينه وبين النجم الإسباني دييغو كوستا، قبل أن ينجح النادي في التعاقد مع النجم الإيطالي الشاب مويس كين، ثم محاولة التعاقد مع ويلفريد زاها. وبينما لم تكن مبيعات التذاكر الموسمية تسير بشكل جيد في إيفرتون، أعلن النادي عن التعاقد مع النيجيري أليكس أيوبي، وهو ما من شأنه أن يؤثر على هذه العملية بالطبع. ومع تقديرنا واحترامنا الكامل لأيوبي، يمكن القول إن آرسنال هو الطرف الفائز في هذه الصفقة، بعدما نجح في بيع اللاعب مقابل 35 مليون جنيه إسترليني! لكن ربما يكون العزاء الوحيد لإيفرتون هو أن يعرف أن المقابل المادي الكبير الذي حصل عليه آرسنال من بيع اللاعب لن يتمكن من استخدامه في التعاقد مع زاها، بسبب انتهاء فترة الانتقالات الصيفية في إنجلترا.
ويزعم كريستال بالاس أنه يسعى للإبقاء على خدمات زاها، بغض النظر عن أي مقابل مادي، لكن الحقيقة أن النادي لم يوضع في اختبار حقيقي في هذا الصدد، وكان من الواضح أنه دخل الموسم الجديد في الوقت الذي يشعر فيه زاها بسخط كبير بسبب رغبته في الرحيل. ويبلغ زاها من العمر 27 عاماً، ويعد أحد أبرز اللاعبين في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن الخيارات المتاحة أمامه الآن بالانتقال إلى نادٍ من الأندية التي تلعب في دوري أبطال أوروبا سوف تقل بمرور الوقت. ولا يمكن لآرسنال أو إيفرتون في الوقت الحالي أن يعدا زاها باللعب في دوري أبطال أوروبا، رغم أن العرض الذي تقدم به إيفرتون لضم اللاعب مقابل 60 مليون جنيه إسترليني كان عرضاً قوياً جريئاً للغاية، بالنسبة لناد في مثل هذه الظروف. لكن آمال كريستال بالاس في بيع زاها مقابل 100 مليون جنيه إسترليني في المستقبل لن تكون واقعية مع مرور الوقت وارتفاع سن اللاعب.
وربما كان أستون فيلا هو الاستثناء الوحيد للقاعدة العامة، فيما يتعلق بالإنفاق بشكل منطقي ومعقول، حيث قام النادي، على عكس الناديين الصاعدين معه إلى الدوري الإنجليزي الممتاز (نوريتش سيتي الذي لم ينفق أي أموال تقريباً على تدعيم صفوفه، وشيفيلد يونايتد الذي أبرم عدد محدوداً من صفقات الشراء بشكل دائم أو الإعارة)، بإنفاق 146 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع أكثر من 10 لاعبين جدد. وكان نادي فولهام قد قام بشيء مشابه على نطاق واسع خلال الموسم الماضي، وعانى من تداعيات وخيمة، رغم أن أستون فيلا يعتقد أن دين سميث سيستمر لفترة أطول في القيادة الفنية للفريق، وسيتمكن من التكيف مع الدوري الإنجليزي الممتاز بشكل أسرع مما حدث مع سلافيسا يوكانوفيتش.
ودائماً ما يكون من الصعب على الأندية الصاعدة حديثاً للدوري الإنجليزي الممتاز أن تنفق بشكل مناسب على الصفقات الجديدة، حيث يتطلب الأمر إجراء تقييم مسبق للكيفية التي سيسير بها الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز. لكن الوضع في الوقت الحالي يشير إلى أن الفريق الذي فاز بلقب دوري الدرجة الأولى، وصعد بصورة مباشرة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، لم ينفق تقريباً أي أموال على تدعيم صفوفه، بينما كان الفريق الذي صعد من خلال ملحق للتصفيات من بين أكثر الأندية الأوروبية إنفاقاً على الصفقات الجديدة خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية، وهذه هي غرابة الدوري الإنجليزي الممتاز! ففي هذه المرحلة من الموسم، لا أحد يعرف شيئاً عما يحدث.
وقال بوكيتينو الذي بدأ موسمه السادس مع توتنهام: «أشعر بسعادة كبيرة بتشكيلة فريقي، بعد أن انتهت فترة الانتقالات في إنجلترا، لكننا لسنا في وضع جيد بالمقارنة مع الأندية الأوروبية الأخرى، لأن أمامها ما يقرب من أسبوعين لمواصلة العمل (وضم اللاعبين)، وهذا خطأ فادح من رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز أن تسمح بذلك.
وبعد موسمين من تطبيق التجربة، أعتقد أن الدوري الإنجليزي الممتاز عليه أن يراجع قراره، إذا لم تغير باقي بطولات الدوري الأوروبية من قواعدها؛ يجب أن نعود للعمل بالطريقة نفسها».
وقال بوكيتينو إن الأمر يمس بشكل خاص الأندية الإنجليزية التي تنافس في دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي. وأضاف المدرب الأرجنتيني: «لا يجب أن تسمح رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز بمنح الأندية الأوروبية هذه الميزة. ربما تختلف الأمور لو لم تكن تنافس معهم أوروبياً، لكن إذا كنت تتنافس مع الأندية الأوروبية، فأعتقد أن هذا خطأ فادح».


مقالات ذات صلة

وولفرهامبتون يضم المهاجم لارسن على سبيل الإعارة

رياضة عالمية يورغن ستراند لارسن (رويترز)

وولفرهامبتون يضم المهاجم لارسن على سبيل الإعارة

أعلن وولفرهامبتون واندرارز المنتمي للدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، الثلاثاء، تعاقده مع المهاجم النرويجي يورغن ستراند لارسن على سبيل الإعارة لمدة عام واحد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية آرتشي غراي (رويترز)

الشاب غراي إلى توتنهام حتى 2030

قال توتنهام هوتسبير، المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه تعاقد مع لاعب الوسط آرتشي غراي من ليدز يونايتد المنافس في دوري الدرجة الثانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مارك جيو (نادي تشيلسي)

تشيلسي يضم المهاجم جيو نجم أكاديمية برشلونة

أعلن تشيلسي المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم الاثنين ضم المهاجم مارك جيو (18 عاماً) من برشلونة بعقد لمدة خمسة أعوام مع إمكانية التمديد لعام آخر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية سلوت (رويترز)

لماذا هذا الهدوء في ليفربول؟

بالعودة إلى الوراء 12 شهراً كان ليفربول قد تصرف بسرعة وحسم للتعاقد مع أهم أهدافه في سوق الانتقالات.

ذا أتلتيك الرياضي (ليفربول)
رياضة عالمية دان أشورث (د.ب.أ)

مانشستر يونايتد يتعاقد مع المدير الرياضي أشورث

اتفق نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي أخيراً على صفقة دان أشورث؛ ليكون مديراً رياضياً جديداً، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا).

«الشرق الأوسط» (لندن)

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
TT

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)

في مايو (أيار) 2004، قام طفل يبلغ من العمر 12 عاماً بشعر أصفر طويل ينتظره مستقبل مشرق، بوضع قميص ريال مدريد الأبيض بجوار أحد الأعمدة الموجودة في ملعب التدريب بالنادي الموجود به لوح من الغرانيت عليه العبارة الشهيرة «يحترم ماضيه، ويتعلم من حاضره، ويؤمن بمستقبله». وفي اليوم الأول من يونيو (حزيران) 2024، كان هذا الطفل، الذي أصبح رجلا يبلغ من العمر 32 عاماً بلحية رمادية وصنع تاريخاً حافلاً، يرتدي هذا القميص على ملعب ويمبلي، وقفز ليسجل برأسه في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ليقود النادي الملكي لاستكمال أعظم إنجاز في تاريخه على الإطلاق. وأشير بهذا إلى داني كارفاخال.

لقد مر عشرون عاماً تقريباً منذ ذلك اليوم في عام 2004. في ذلك اليوم، وقف كارفاخال، وهو طفل صغير في أكاديمية الناشئين، إلى جانب ألفريدو دي ستيفانو، البالغ من العمر 78 عاماً، والذي يعد أهم لاعب في تاريخ أندية كرة القدم، ورمزا لكل شيء: الرجل الذي غيّر وصوله عام 1953 ريال مدريد ولعبة كرة القدم إلى الأبد، والذي شكّل أسطورة النادي وهويته. والآن، عندما يتعلق الأمر ببطولة دوري أبطال أوروبا؛ تلك المسابقة التي يشعر ريال مدريد بأنها أصبحت ملكا له، أصبح كارفاخال يتفوق على دي ستيفانو. قد يبدو هذا سخيفاً للبعض، لكن هذا هو ما حدث مؤخراً.

عندما فاز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا عام 1960 بعد الفوز على إينتراخت فرنكفورت 7 - 3 في مباراة من أعظم المباريات عبر التاريخ (ب.أ)

لقد فاز عدد قليل من اللاعبين بنفس عدد بطولات دوري أبطال أوروبا التي فاز بها كارفاخال، حيث نجح خمسة لاعبين في الحصول على اللقب ست مرات، من بينهم أربعة من زملاء كارفاخال: فبعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية بهدفين دون رد على ملعب ويمبلي، انضم كارفاخال ولوكا مودريتش وناتشو فرنانديز وتوني كروس إلى باكو خينتو - الذي ظل رقمه القياسي المتمثل في أكثر اللاعبين فوزا بالبطولة صامدا لمدة 58 عاماً - كأكثر اللاعبين فوزا باللقب على الإطلاق. ويُعد كارفاخال هو اللاعب الوحيد من هذا الجيل الذي شارك أساسياً في جميع المباريات النهائية الست، على الرغم من أنه خرج مستبدلا في مباراتين منها. وقال كارفاخال والدموع في عينيه بعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية التي سجل فيها هدفا: «لقد جئت إلى هنا وأنا طفل صغير، والآن أنا هنا. سيكون من الصعب للغاية أن يكسر أحد هذا الرقم الذي حققناه».

لقد كان هناك كثير من الصور، وكثير من التصريحات، وكثير من اللحظات، التي ستظل خالدة في الأذهان بعد فوز «الميرنغي» بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الـ 15 – نعم المرة الخامسة عشرة، هل تصدقون هذا؟ لقد كانت هذه هي آخر مباراة للنجم الألماني توني كروس، الذي أعلن اعتزاله كرة القدم بنهاية الموسم الحالي. وسجل راقص السامبا البرازيلي فينيسيوس جونيور هدفاً أخر في المباراة النهائية للبطولة الأقوى في القارة العجوز، وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره، وهو الأمر الذي جعل المدير الفني لريال مدريد، كارلو أنشيلوتي، يرشح النجم البرازيلي للفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم لهذا العام، قائلاً: «إنه يستحق الكرة الذهبية بلا شك». وقال جود بيلينغهام، الذي لا يزال في العشرين من عمره، إنه ظل متماسكاً حتى رأى أمه وأباه بعد المباراة. وأشاد بيلينغهام بأنشيلوتي قائلاً: «إنه يعرف جيدا ما يفعله». لقد فاز ريال مدريد باللقب هذا الموسم، بنفس الطريقة التي رأيناها من قبل، حيث يبدو الفريق عرضة للهزيمة في بعض الأوقات، لكنه يعود بكل قوة ويحسم الأمور تماماً لصالحه في نهاية المطاف.

كارفاخال وفرحة افتتاح التهديف لريال مدريد (أ.ب)

لم يكن أحد يشك في قدرة ريال مدريد على حسم اللقب، لم يخسر النادي الملكي أي مباراة نهائية في هذه البطولة منذ عام 1981، فقد لعب الفريق تسع مباريات نهائية وفاز بها جميعا. وقال كروس: «يبدو أنه لا يمكن هزيمتنا في مثل هذه المباريات. إنه لأمر جنوني أن أتساوى مع خينتو كأكثر اللاعبين فوزا بلقب هذه البطولة، وهو أمر لم أتخيل أبدا أنني سأحققه». ولا يقتصر الأمر على فوز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة في تاريخه فحسب، لكن النادي الملكي فاز أيضا بست من هذه البطولات في آخر عشر سنوات: من لشبونة 2014 إلى لندن 2024. وسيبقى إنجاز خينتو - لاعب ريال مدريد الوحيد الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية في الفترة بين عامي 1956 و1960 قبل أن يفوز باللقب للمرة السادسة في عام 1966- خالداً.

ويظل فريق عام 1966 متفرداً للغاية، حيث كان ريال مدريد قد خرج من البطولة لأول مرة في عام 1960 - على يد برشلونة - وخسر المباراة النهائية في عامي 1962 و1964. وكان دي ستيفانو قد رحل، ولم يكن النادي في حالة جيدة من الناحية الاقتصادية. وكان الفريق الذي تغلب على نادي بارتيزان في نهائي عام 1966 مكوناً بالكامل من اللاعبين الإسبان. وإذا كان ذلك يساهم في عدم النظر إلى الفريق الحالي على أنه يحاكي الجيل الذهبي لريال مدريد، الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية، فهناك عناصر أخرى تدعم ذلك أيضاً، وهي أن ذلك الفريق هو الذي بنى وشكّل هوية ريال مدريد، وكان فريقا لا يقهر، وهيمن على الساحة الكروية بشكل قد لا يضاهيه أو يحاكيه هذا الجيل. وبدلاً من ذلك، فاز الفريق الحالي لريال مدريد ببعض بطولاته الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بصعوبة شديدة، بل وبقدر كبير من الحظ في نظر البعض. وكان هناك اتفاق على أن الفوز ببطولة عام 2022 كان «سخيفاً» بضع الشيء، إن جاز التعبير، ثم جاءت الخسارة الثقيلة برباعية نظيفة أمام مانشستر سيتي في العام التالي كأنها «عادلة» تماماً، لكي تعكس القوة الحقيقية للفريق.

ومع ذلك، وكما قال كروس بعد تلك الخسارة أمام مانشستر سيتي: «ليس من الطبيعي أن نفوز بدوري أبطال أوروبا طوال الوقت. آخر مرة سمعت فيها أن هناك نهاية حقبة في هذا النادي كانت في عام 2019، لذلك نحن بخير». لقد كان النجم الألماني محقا تماماً في تلك التصريحات، فقد كان ريال مدريد على ما يرام، بل وكان أفضل من أي ناد آخر. لقد فاز النادي بست كؤوس أوروبية في عقد واحد من الزمان، وهو إنجاز لا يضاهيه أي إنجاز آخر، بما في ذلك الإنجاز التاريخي الذي حققه النادي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. في بعض الأحيان تكون بحاجة إلى الابتعاد قليلاً عن التاريخ الذي تصنعه لكي تدرك حجم الإنجازات التي حققتها بالفعل. الزمن يغير التصورات: يُنظر إلى الماضي بشكل مختلف، وفي يوم من الأيام سيصبح ما يفعله النادي حالياً ماضياً، وسيُنظر إليه على أنه شيء استثنائي.

لم يكن ريال مدريد في الخمسينات والستينات من القرن الماضي فريقا غير قابل للهزيمة أيضا، لكن لا يوجد أي شيء يمكن أن ينتقص من حجم الإنجازات التي حققها ذلك الفريق. وخلال السنوات الخمس الأولى التي فاز فيها ريال مدريد بكأس أوروبا، كان بطلا لإسبانيا مرتين، في حين فاز أتلتيك وبرشلونة بلقب الدوري ثلاث مرات خلال تلك الفترة. وعندما فاز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة، كان أتلتيكو مدريد هو من فاز بلقب الدوري المحلي. وكانت خمسة فرق - أتلتيك وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وديبورتيفو وفالنسيا - أبطال إسبانيا عندما كان ريال مدريد بطلاً لأوروبا.

لكن ما المشكلة في ذلك؟ يكفي ريال مدريد فخرا أنه فاز بستة ألقاب لدوري أبطال أوروبا في عقد واحد فقط من الزمان! وفي الواقع، يمتلك الفريق الحالي لريال مدريد سجلا أفضل من الجيل الذهبي فيما يتعلق بعدد مرات الفوز بلقب الدوري. ويجب الإشارة هنا إلى أنه بعد عام 1966، بقي ريال مدريد 32 عاماً دون أن ينجح في الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. لقد عاد ليفوز باللقب الأوروبي في عامي 2000 و2002، على الرغم من أن الفرق التي فازت باللقب في المرات السابعة والثامنة والتاسعة كانت مختلفة بشكل كبير، والدليل على ذلك أن روبرتو كارلوس وراؤول وفرناندو مورينتس كانوا هم اللاعبين الثلاثة فقط الذين شاركوا في المباريات النهائية الثلاث لهذه البطولات، وسجل زيدان ذلك الهدف الخرافي في نهاية أول موسم له مع النادي الملكي.

أنشيلوتي أكد أن الفوز بدوري الأبطال للمرة الـ15 كان أصعب من المتوقع (أ.ب)

وكان النادي قد بنى فريقه الغلاكتيكوس (العظماء) الشهير، لكنه تعثر، وواجه صعوبة كبيرة في الفوز باللقب العاشر، وظل الأمر على هذا النحو لأكثر من عقد من الزمان. وعلى مدار ستة أعوام متتالية، لم يتمكن ريال مدريد من تحقيق الفوز في الأدوار الإقصائية. لقد انتظر النادي اثني عشر عاماً، وهو ما بدا وكأنه وقت طويل للغاية، لكي يصل مرة أخرى إلى المباراة النهائية في لشبونة في عام 2014. وكان الفريق خاسراً أمام أتلتيكو مدريد حتى الدقيقة 92، قبل أن ينجح سيرخيو راموس في إحراز الهدف القاتل بضربة رأس قوية، لتكون بالتأكيد اللحظة الأكثر تأثيرا بعد ذلك في تاريخ ريال مدريد. وقال بول كليمنت، مساعد أنشيلوتي، في وقت لاحق: «كل صباح كل يوم عندما كان راموس يأتي، كنت أشعر بالرغبة في تقبيله». لقد كان الفريق ينتظر النهاية الأكثر صدمة، وكان كل شيء على وشك الانهيار، قبل أن يتدخل راموس وينقذ كل شيء.

وبدلا من ذلك، كانت هذه هي نقطة البداية والانطلاقة الحقيقية. لقد فاز ريال مدريد باللقب للمرة العاشرة. وبعد ذلك بعامين، فاز باللقب ثلاث مرات متتالية، في إنجاز استثنائي بكل تأكيد. لقد بدا الأمر وكأن النادي لن يكون قادرا على تكرار ذلك الأمر، خاصة بعد رحيل النجوم البارزين - كريستيانو رونالدو، وسيرخيو راموس، وغاريث بيل، وكاسيميرو، ورافائيل فاران - وكذلك المديرين الفنيين، حيث أقيل أنشيلوتي من منصبه في غضون عام واحد، ثم رحل زيدان، الذي بدأ مساعداً لأنشيلوتي وأصبح بعد ذلك المدير الفني الأكثر نجاحاً في البطولة.

لاعبو ريال مدريد يواصلون احتفالاتهم في حافلة جابت شوارع العاصمة (أ.ف.ب)

وكان ريال مدريد يعاني من أجل العثور على بديل مناسب. وفي أحد الأيام، تلقى خوسيه أنخيل سانشيز، المدير العام للنادي، مكالمة هاتفية من أنشيلوتي حول إمكانية تعاقد إيفرتون مع بعض لاعبي ريال مدريد على سبيل الإعارة. وخلال المحادثة، سأله أنشيلوتي عن الكيفية التي تسير بها عملية البحث عن مدير فني جديد، وقال له سانشيز إن الأمور لا تسير بشكل جيد. وعندئذ، قال أنشيلوتي مازحا: «حسناً، هناك مرشح واحد واضح، وهو أفضل مدرب في العالم (يعني نفسه)»، وقال: «هل نسيتم من قادكم للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة؟»، وفي اليوم التالي، تلقى أنشيلوتي اتصالاً بشأن توليه قيادة ريال مدريد، وفي غضون ثلاث سنوات، رفع ريال مدريد الكأس ذات الأذنين للمرة الحادية عشرة والمرة الثانية عشرة، ليكون هذا هو أفضل عقد من الزمان لأكبر ناد في العالم، بقيادة المدير الفني الأكثر نجاحاً على الإطلاق في هذه المسابقة، وبمشاركة أربعة من أنجح خمسة لاعبين في تاريخ النادي. أما كارفاخال الذي وضع الحجر الأول في ملعب التدريب قبل 20 عاماً، فكان هو من وضع اللمسة الأخيرة على الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة، في إنجاز استثنائي!

* خدمة «الغارديان»