رئيس صحوات العراق: فوجئنا بوجود أقراص معلومات بأسمائنا ورواتبنا لدى «داعش»

الحردان لـ {الشرق الأوسط} : نرحب بمشروع الحرس الوطني لكننا نخشى تسلل «المنتفعين» إليه

وسام الحردان
وسام الحردان
TT

رئيس صحوات العراق: فوجئنا بوجود أقراص معلومات بأسمائنا ورواتبنا لدى «داعش»

وسام الحردان
وسام الحردان

منذ أن تعرض الشيخ وسام الحردان، رئيس صحوات العراق، لمحاولة اغتيال في الثاني من سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، من قبل انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة هاجموا منزله في منطقة الحارثية الراقية ببغداد، وهو مجهول العنوان، واللقاء به يتم عبر اتصالات مع «أشخاص موثوقين» و«مقربين» منه، وقد يتطلب ذلك أياما عدة للوصول إليه، وهو يتحرك هنا وهناك، سواء في مناطق غرب بغداد وقريبا من مدينة الفلوجة التي ينحدر منها، أو في بغداد محاطا بأفراد حمايته وأبنائه، ومرافقيه من أبناء عشيرته.
الحردان، رئيس صحوات العراق، رحب في حديث لـ«الشرق الأوسط» ببغداد بمشروع تشكيل «الحرس الوطني» في المحافظات، مبديا تحفظاته على من سماهم بـ«المنتفعين والانتهازيين الذين قد يفشلون المشروع إذا تسللوا إليه».
وقال «نرحب بالحرس الوطني لكن نخشى أن يتسلل إليه الانتهازيون الذين ينتظرون دحر (داعش) والحصول على الأموال من القوات الأميركية أو الحكومة العراقية، وهؤلاء المنتفعون سوف يضيعون على العراقيين جهودا كبيرة تبذل من أجل حماية البلد».
وفي مستهل إيضاحه للتعريف بالصحوات، قال «كانت هناك صحوة الأنبار التي شكلت في عام 2006 من قبل عشرة أشخاص برئاسة الشيخ (الراحل) عبد الستار أبو ريشة، وأنا كنت نائبه وأطلقوا علي تسمية (مهندس صحوة الأنبار)، قبل أن يتم تعميم التجربة لتكون صحوة العراق، وهناك (مؤتمر صحوة العراق) وهو تيار سياسي يقوده الشيخ أحمد أبو ريشة الذي حوله إلى حزب سياسي شارك في الانتخابات البرلمانية، وفي 27 فبراير (شباط) العام الماضي تسلمت وبعد انتخابات شرعية قيادة صحوة العراق»، مشيرا إلى أن «تشكيل صحوة الأنبار جاء لمحاربة ما كان يسمى (التوحيد والجهاد)، الذي تحول بعد معركة الفلوجة إلى (تنظيم القاعدة) وسيطر على جميع فصائل المقاومة الوطنية التي كانت موجودة في الساحة، وانتهك كل الحرمات، وأعلن الدولة الإسلامية في الأنبار وفرض الإتاوات على الناس، فجاءت الصحوة كرد فعل منا وانتقاما وثأرا لمقتل أشقائنا وآبائنا».
ويضيف الحردان قائلا «عندما انطلقنا في القتال ضد (القاعدة) في منتصف سبتمبر 2006، شاركت معنا فصائل وطنية وهي كتائب ثورة العشرين، والجيش الإسلامي، بينما لم يشترك معنا (جيش المجاهدين) و(الطريقة النقشبندية)، إذ بقوا محايدين»، منبها إلى أن «المؤتمر الأول عقد بحضور الجنرال الأميركي، المتقاعد حاليا، جون ألن (61 عاما) الذي كان يشغل منصب قائد القوات الأميركية في أفغانستان وعمل في محافظة الأنبار في العراق بين عامي 2006 و2008، وأسند إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما أخيرا مهمة تنسيق الجهود الدولية في الحملة الجديدة ضد الإرهاب وتنظيم داعش في العراق وسوريا، واجتمعنا مع الجنرال ألن وبارك فكرة تشكيل قوات الصحوة، ولم نكن سابقا نستطيع عقد أي مؤتمر كونه يتعرض للهجوم من قبل (القاعدة) وتعهد بدعمنا مع أن القوات الأميركية لم تكن واثقة تماما من نجاحنا، وكانت غير واثقة من استمرار أي ثورة أو تنظيم عسكري شعبي ضد (القاعدة)، مع ذلك ساعدونا وكان نوع المساعدة وقتذاك هو حمايتنا من الاعتقال، ومساندتنا عسكريا عندما نبلغهم عن وجود أهداف كبيرة لضربها، وكذلك عندما نسيطر على منطقة كنا نتصل بهم لدعمنا»، مشددا على «انني لم أتسلم فلسا واحدا من القوات الأميركية، من تسلم الأموال هو الشيخ أبو ريشة باعتباره كان رئيسا لصحوة الأنبار، ولا أعرف إن كانوا قد سلموه أموالا بطريقة مباشرة أو عقودا ينفذها للاستفادة من مردودها، كما لم يزودونا بالأسلحة بل كنا نحصل على أسلحتنا من الغنائم بعد أن نسيطر على مناطق (القاعدة)، أما نحن وبقية المقاتلين فلم نتسلم حتى رواتبنا طيلة ستة أشهر، وانتهى مشروع صحوة الأنبار بتعيين 27 ألفا من مقاتليها في قوات شرطة الأنبار، بينما تم استنساخ تجربتنا في بغداد وديالى».
واستطرد الحردان قائلا «لقد دعمت القوات الأميركية صحوات محيط بغداد وديالى، إذ تم تزويدهم بأسلحة خفيفة ورواتب للمقاتلين تتراوح ما بين 150 و300 دولار وحسب خطورة المنطقة التي يوجدون فيها، واستعانوا بـ(أبو عزام التميمي) من الجيش الإسلامي و(أبو معروف) من كتائب ثورة العشرين، وكان وجودهم في حزام بغداد في الرضوانية وأبو غريب، واستمرت الصحوات حتى رحيل القوات الأميركية في 2011، إذ تم تسليم ملفات 103 آلاف مقاتل إلى دائرة نزع السلاح ودمج الميليشيات التابعة للحكومة، وقد تم تعيين أغلبهم بأعمال خدمية، بلدية (تنظيف الشوارع) لأنهم لا يحملون أي تحصيل دراسي، ولم يتقبلوا ذلك كونهم مقاتلين وأبناء عشائر، وهناك 34 ألف مقاتل بقوا تحت إشراف القوات البرية في الجيش العراقي».
وقال رئيس صحوات العراق «بعد أن حدثت الاعتصامات في الأنبار والفلوجة (الحراك الشعبي) في 2013، عادت صحوة الأنبار وزاد عدد عناصرها إلى 8662 شخصا، في الأنبار والفلوجة والصقلاوية والكرمة، وعندما حدثت الاعتصامات هناك من التحق بفصائله مثل الجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين، وهناك من التحق بـ(داعش) باعتباره يتبنى مطالب أهل السنة، وبقي معنا في الصحوة بحدود خمسة آلاف مقاتل، وتم تزويدنا من قبل الحكومة العراقية بأسلحة خفيفة، بواقع بندقية كلاشنيكوف مستعملة مع 20 رصاصة لكل 50 مقاتلا، أي تم تزويدنا بألف بندقية، لكننا بدأنا نسلح أنفسنا بطريقتنا الخاصة لأن الغالبية مطلوبون لـ(داعش) لأنهم قاتلوا تنظيم القاعدة سابقا و(داعش) لاحقا».
ويضيف الحردان «في نهاية العام الماضي عندما حدث هجوم الجيش على المعتصمين، وتم تهديم منصة الاعتصام واعتقال النائب أحمد العلواني، صارت هناك مواجهات مسلحة بين المعتصمين والجيش، وبقي رجال الصحوة في حيرة من أمرهم، إذ ليس لدينا ما يكفي من عتاد للقتال، وأنا دعوت الصحوات للبقاء في موقف محايد وعدم مقاتلة الجيش أو (داعش) واستخدام السلاح للدفاع عن أنفسهم فقط لأننا خشينا أن تكون هناك مؤامرة ضدنا ولتصفيتنا».
وأردف قائلا «خلال الاعتصامات كنا نحمي المتظاهرين وخيامهم، ولم تكن هناك خطة لدى الحكومة لإزالتها، بل إن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أبلغني بضرورة حماية خيام الاعتصام، إذ إن تنسيقنا كان مباشرا مع القائد العام للقوات المسلحة (المالكي)، لكن في قرار مفاجئ تم الهجوم من قبل الجيش لإزاحة الخيام وإنهاء الاعتصام وإلقاء القبض على النائب العلواني»، منبها إلى أنه «لم يكن في الخيام وقت ذاك أكثر من 20 شخصا، لكن عناصر (داعش) الذين كانوا موجودين بين المعتصمين وبقوة على ما يبدو استرقوا برقية هجوم الجيش، وراحوا يعدون العدة للهجوم والسيطرة على مبنى محافظة الأنبار، وفي أول هجوم جاءت 26 سيارة من (داعش) من الصحراء الفاصلة بين الأنبار وسوريا وسقطت المحافظة كلها». ويكشف الحردان عن أن «عناصر (داعش) كانوا موجودين في ساحات الاعتصام، وكلهم من العراقيين ومن أبناء الأنبار، وكانوا مدربين ومسلحين وممولين بصورة جيدة، ولم يكن هناك أي عنصر غير عراقي إلا بعد أن حصل هجوم الجيش حيث بدأت تدخل أرتالهم من الصحراء وكان أغلبهم من غير العراقيين، وهنا وقعنا نحن، عناصر الصحوة، بين سندان الجيش ومطرقة (داعش). من جهة الحكومة لم تسلحنا تسليحا جيدا لنقاوم (داعش)، ومن جهة ثانية بدأ (داعش) يقتل عناصرنا وأهلنا ويهدم بيوت رجال الصحوة، وللأسف وجدنا في ما بعد أن قوائم حكومية بأسماء رجال الصحوة ورواتبهم موجودة في الكومبيوترات المحمولة (لابتوب) لعناصر (داعش) في نقاط التفتيش التي يسيطرون عليها، فعندما تمر أي سيارة ويطلبون الأوراق الثبوتية للمسافرين أو العابرين ويطابقونها مع المعلومات التي عندهم ويتحققون من صحة المعلومات حول رجال الصحوة يذبحونهم في الحال، ولا ندري كيف وصلت الأقراص الخاصة بأسماء ورواتب رجال الصحوة إلى (داعش)، وصدمنا من هذا الوضع، إذ كيف لأشخاص ضعفاء في الحكومة أن يخونوا الأمانة ويسربوا تلك الأقراص لأعدائنا؟ كان هذا مؤلما للغاية بالنسبة لنا لأننا خسرنا المئات من الضحايا بسبب هذه المعلومات التي يفترض أنها كانت سرية للغاية، وهذا ما جعلنا لا نثق بالحكومة، وأصيب رجالنا بخيبة أمل، ومع ذلك نحن نقاتل (داعش) اليوم دفاعا عن أنفسنا».
وأكد رئيس صحوات العراق قائلا «نحن نستطيع أن ندحر (داعش) مثلما دحرنا (القاعدة) سابقا، وعدد رجال صحوة الأنبار خمسة آلاف إضافة إلى ما يقرب من ألفين هم من ثوار الأنبار والفلوجة، ونحن بحاجة إلى دعم الجيش، أولا من ناحية التسليح، وثانيا نحن لا قدرة لنا وليس من مهمتنا مسك الأرض بل هذه مهمة القوات المسلحة، أي نحن نستطيع تحرير المناطق التي يسيطر عليها (داعش) ويبقى للجيش أن يمسك ويسيطر على هذه المناطق».
وحول سهولة دخول «داعش» إلى الأنبار والفلوجة وسيطرته على مقاليد الأمور، يوضح الحردان «بعد فض اعتصامات الأنبار بالقوة لا نعرف كيف تم سحب الجيش من الأنبار والفلوجة، وجاءت أوامر مبهمة ولا نعرف مصدرها لشرطة الأنبار بإلقاء السلاح والانسحاب، وانسحب بالفعل 29 ألفا من قوات الشرطة، بينما بقيت قوات شرطة المناطق الغربية وأعني مدن: هيت وراوة وعانة وحديثة، صامدين ولم ينسحبوا، وهؤلاء لم يكونوا يشكلون قوة كبيرة إذ لا يتجاوز عددهم السبعة آلاف شرطي، و(داعش) سيطر أولا على مركز محافظة الأنبار والفلوجة والكرمة بدون أي مقاومة أو مواجهة من الجيش، وأنا شاهدت كيف تم إسقاط اللواء المدرع الأول في الجيش بالكرمة من قبل أربعين عنصرا من (داعش) وبواسطة أسلحة متوسطة وبسيطة، بينما ثلاثة أفواج مدرعة لم تستطع استعادة مركز شرطة الكرمة»، مشيرا إلى أن «(داعش) سيطر بواسطة العامل النفسي ونشر قناصيه على أسطح الأبنية العالية ومآذن المساجد في الفلوجة، ولا نعرف سر انسحاب الجيش فهو لم يقاتل حتى نقول إنه خسر المعركة، ولا ندري إن كانت هناك خيانة أو لعبة سياسية بهدف قصف الفلوجة والرمادي من قبل الجيش». وقال «نحن كصحوة الأنبار موجودون في محيط الفلوجة وليس في مركزها، ولا قدرة لنا على مقاتلة (داعش) بسبب عدم توافر التسليح المناسب».
وعن سبب تحول مدن الرمادي والفلوجة والكرمة إلى بيئة حاضنة لـ«القاعدة» سابقا ولـ«داعش» لاحقا، قال الحردان «الطابع العشائري البدوي الديني للناس هناك جعل من الأنبار حاضنة جيدة لـ(داعش) الذي أقنع العشائر بأنه داعم لمطالب أهل السنة الذين شعروا بأن هناك مظالم وقعت عليهم منها الاعتقالات العشوائية وتهميشهم والمخبر السري والاغتيالات التي تعرض لها بعض الضباط والكفاءات العلمية والمعاملة السيئة من قبل الجيش لأهالي المحافظة وفرض الإتاوات.. هذه المطالب التي همشتها الحكومة السابقة ولم تستجب لها بل واجهتها بالقوة للأسف، هي التي جعلت الأنبار وصلاح الدين والموصل تكون حاضنة لـ(داعش) الذين أقنعوا الأهالي بأنهم مجاهدون ومقاتلون من أجل تحقيق مطالب الناس هناك»، موضحا أنه «لم يكن وجود (داعش) قويا أو مؤثرا في ساحات الاعتصام في الرمادي، بل كان موجودا مثل بقية الفصائل الأخرى، ويرفع لافتات وطنية، وأتذكر في أحد الأيام أنهم رفعوا شعارهم على المنصة وحدثت معركة من أجل إنزاله، وكانت عملية مشاركتهم بالاعتصام مجرد غطاء لوجودهم واستخدمت فيه الشعارات الوطنية».



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.