«خيال مآتة» يُثير الانقسام بين جمهور «السوشيال ميديا» في مصر

انتقادات لاذعة للفيلم تقابلها حملات دعم لأحمد حلمي

بوستر فيلم «خيال مآتة» للفنان أحمد حلمي
بوستر فيلم «خيال مآتة» للفنان أحمد حلمي
TT

«خيال مآتة» يُثير الانقسام بين جمهور «السوشيال ميديا» في مصر

بوستر فيلم «خيال مآتة» للفنان أحمد حلمي
بوستر فيلم «خيال مآتة» للفنان أحمد حلمي

تسبب فيلم الفنان المصري أحمد حلمي الجديد «خيال مآتة» الذي ينافس به في سباق موسم الأضحى السينمائي، في انقسام جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، ما بين معجب به ومنتقد. وتعرض الفيلم الذي حقق إيرادات تتجاوز 20 مليون جنية في 4 أيام منذ طرحه، لحملة هجوم قاسية على مواقع التواصل الاجتماعي، وصفت الفيلم بأنه سيء، وأقل من توقعات جمهور حلمي، بينما تجاوز البعض انتقاد الفيلم، والترويج لأنه بداية انهيار شعبية أحمد حلمي، متوقعين له مصير محمد سعد نفسه بعد تمسكه بتقديم شخصية اللمبي حتى انهارت شعبيته.
في مقابل الانتقادات السلبية، اختار جزء كبير من الجمهور الوقوف إلى جانب الفيلم، ودعم بطله أحمد حلمي، بعد شعور البعض بأنه يتعرض لمؤامرة بدأت بتأخير عرض الفيلم يومين، ليكون عرضه الأول ثاني أيام عيد الأضحى، بالإضافة إلى إطلاق أكثر من شائعة عنه، أبرزها تسريب الفيلم على الإنترنت، وسحبه من دور العرض في وسط القاهرة، ومنطقة القاهرة الجديدة، (شرق القاهرة)، ومدينة 6 أكتوبر (تشرين الأول)، (غرب القاهرة) على غير الحقيقة.
وعلى مدار اليومين الماضيين، تصدر هاشتاغ أحمد حلمي، ترند «تويتر»، وكتب الجمهور كلمات إشادة بأحمد حلمي وبالفيلم، بالإضافة إلى جمل من التي قالها ضمن أحداث الفيلم، وتطورت حملة الدعم إلى وقوف عدد من المشاهير إلى جانب حملي، منهم أيمن بهجت قمر الذي كتب عبر حسابه بموقع «تويتر»: «وأنا كمان بدعم أحمد حلمي، مش كل يوم هيبقى عندنا فنان بقيمة وبفكر أحمد حلمي»، وكذلك مدحت العدل الذي قال: «هناك فرق كبير بين أحمد حلمي الذكي الفاهم ومحمد سعد الذي أحبه ولكنه كرر نفسه - رغم تحذيراتنا له - حتى استنفد رصيده لدى جمهوره... سيعود حلمي وتذكروا فهو فنان».
الناقد السينمائي طارق الشناوي، وصف فيلم «خيال مآتة» بأنه دون المتوسط على المستوى الفني، مؤكداً أن الإيرادات الكبيرة التي يحققها الفيلم تعود لقدرة بطله أحمد حلمي الهائلة على الجذب الجماهيري، فالأسبوع الأول للفيلم يعتمد في إيراداته على اسم النجم وقدرته على الجذب، لكن الحكم الحقيقي على الإيرادات يبدأ من الأسبوع الثاني.
ورفض الشناوي، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» وضع أحمد حلمي في مقارنة مع محمد سعد، مؤكداً أن الأول يتميز بالذكاء والقدرة على مواجهة الواقع، عكس سعد الذي لم يعترف قط بالواقع حتى انهارت شعبيته، بل كان يتهم كل من ينصحه بالتغيير بالتآمر، أما حلمي فهو لا يبرر الإخفاق ولا يلقيه على غيره، بدليل أنه بعد فيلم «صنع في مصر» اعترف بوجود خطأ، ومن المتوقع أن يفعل ذلك بعد انتهاء موسم الأضحى، لكن ليس من الطبيعي أن ينتظر أحد من نجم مهاجمة فيلمه وهو لا يزال في دور العرض، لأنه يريد للمنتج أن يستعيد أمواله.
ولم يتجاهل أحمد حلمي الأصوات الغاضبة من الفيلم، وعلق على أحد متابعيه بـ«تويتر»: «كنت أتمنى إنه يعجبك».
كما خاطبت صفحة الفيلم على موقع «فيسبوك»، الجمهور وقالت: «من الواضح أن هناك انقساما في الآراء على فيلم (خيال مآتة)، البعض صوره على أنه سيئ جدا، وفي المقابل هناك كثيرون يشيدون بالفيلم، وهناك من حاول الإمساك بالعصا من المنتصف، وهذا يذكرنا بالحالة التي صاحبت فيلم (آسف على الإزعاج)، عندما قدم أحمد حلمي فيلماً مختلفاً عن المعتاد منه».
مؤلف الفيلم عبد الرحيم كمال قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإشاعات التي تطال (خيال مآتة) منذ طرحه مرتبطة بالصراعات الإنتاجية وحروب شباك التذاكر التي تسمح لمنافس بضرب فيلم آخر (تحت الحزام)، لكنها ليس لها أي علاقة بجودة الفيلم والجمهور على الإطلاق بدليل نجاحه في تحقيق إيرادات كبيرة بمعدل يومي يصل إلى 6 ملايين جنيه».
وأكد كمال أنه «لا يعترف بما يكتب عبر مواقع التواصل الاجتماعي من انتقادات وإشادة، لأنها مجرد واقع افتراضي لا يعبر عن الواقع، ورغم ذلك نسبة الذين يعجبهم الفيلم أكثر بنسبة 300 في المائة من الذين لا يعجبهم».
تأخر عرض الفيلم لثاني أيام عيد الأضحى، جاء بسبب حرص صناعه على خروجه للجمهور في أحسن صورة ممكنة، وهذا يحسب لصناع الفيلم وتحديداً منتجه الذي ضحى بإيرادات قد تزيد على 10 ملايين جنيه في أول يومين في سبيل خروج الفيلم بصورة ترضي الجمهور، بحسب كمال الذي نفى تسريب الفيلم على الإنترنت، أو سحبه من بعض دور العرض. لافتاً إلى أنه يتعجب من وصول الصراعات المالية إلى درجة إيذاء الآخرين، فهناك بعض دور العرض تدعي عدم وجود تذاكر، أو عدم وجود الفيلم من الأساس، لكن في النهاية ورغم التضييق عليه والإشاعات، يحقق الفيلم معجزة بنجاحه في شباك التذاكر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».