لماذا اندلعت احتجاجات هونغ كونغ؟... وما نتيجتها التوقعة؟

محتجون يضعون الأقنعة الواقية من الغاز في مطار هونغ كونغ (وكالة الصحافة الفرنسية أ.ف.ب)
محتجون يضعون الأقنعة الواقية من الغاز في مطار هونغ كونغ (وكالة الصحافة الفرنسية أ.ف.ب)
TT

لماذا اندلعت احتجاجات هونغ كونغ؟... وما نتيجتها التوقعة؟

محتجون يضعون الأقنعة الواقية من الغاز في مطار هونغ كونغ (وكالة الصحافة الفرنسية أ.ف.ب)
محتجون يضعون الأقنعة الواقية من الغاز في مطار هونغ كونغ (وكالة الصحافة الفرنسية أ.ف.ب)

تواجه هونغ كونغ أزمة سياسية هي الأخطر منذ عقود، إثر الاحتجاجات التي اندلعت في 9 يونيو (حزيران)، للتنديد بمشروع قانون حكومي يهدف إلى السماح بتسليم مطلوبين إلى بكين والتي اتسعت للتنديد بالحكومة المحلية الموالية لبكين، والمطالبة بإصلاحات. وتسبب الاعتراض على مشروع القانون في خروج أكبر مظاهرات سياسية منذ سلمت بريطانيا السلطة في هونغ كونغ إلى الصين عام 1997.
الصين تصف احتجاجات هونغ كونغ بـ«شبه الإرهابية»... وعودة العمل بالمطار
ونزل عشرات آلاف المتظاهرين وغالبيتهم من الشباب المعارضين لحكومة هونغ كونغ إلى الشارع مطالبين رئيسة الحكومة بالتنحي، ورافضين مشروع القانون. وصعّد المتظاهرون تحركاتهم مقتحمين مقر البرلمان في الأول من يوليو (تموز) بعد أن كسروا الأبواب الزجاجية الخاصة به واعتصموا في المطار الدولي منددين بـ«وحشية الشرطة» ضد المتظاهرين.
ورغم أن الحكومة المحلية علقت العمل بمشروع القانون لاحتواء غضب الشارع، فإن المحتجين طالبوا بإلغائه تماماً. واندلعت المواجهات قبيل انقضاء مهلة حددها المتظاهرون للحكومة لسحب مشروع القانون.
ولم تستجب رئيسة الحكومة كاري لام لأي من مطالب المحتجين، التي شملت مطالبتها بالتنحي عن منصبها، وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في «وحشية» الشرطة، ويقول المحتجون إنهم سيستمرون حتى تستجاب جميع مطالبهم.
وأدت عشرة أسابيع من الصدامات العنيفة المتزايدة بين الشرطة والمتظاهرين المؤيدين للديمقراطية، إلى التأثير سلباً على الشركات التي تتخذ من المركز المالي الآسيوي العالمي مقراً لها وذلك في أسوأ أزمة لهذا المركز منذ عاد من الحكم البريطاني إلى الصين في عام 1997.
هونغ كونغ... في سطور
ما زالت هونغ كونغ تتمتع باستقلاليَة عالية ونظام سياسي مختلف عن ذاك في البر الصيني، وذلك وفق مبدأ «بلد واحد، نظامان مختلفان» الذي يُكرِس للمدينة حكمها الذاتي. فللمدينة استقلالية قضائية تتبع هيكلها للقانون العام. كما أنَ لديها قانوناً أساسياً مستقلاً، وينصُ دستورها الذي وُضِعَ عقب نقل ملكيتها من بريطانيا إلى الصين على أنَها ستحوز «درجة من الاستقلالية» في كلِ جوانب الدولة. لها عملتها ونظامها السياسي وهويتها الثقافية.
وكثير من سكان هونغ كونغ لا يرون أنفسهم صينيين، بل هم من أهالي هونغ كونغ.
طُبِق نقل ملكية هونغ كونغ من المملكة المتحدة إلى جمهورية الصين الشعبية في الأول من يوليو عام 1997. لينتهي بذلك رسمياً الاستعمار البريطاني عليها الذي دام لـ150 عاماً. وأصبحت هونغ كونغ أول منطقة إدارية خاصة لجمهورية الصين الشعبية، وفق شبكة «سي إن إن».
وفي حين أن هونغ كونغ عادت إلى الحكم الصيني عام 1997، إلا أنها تتمتع بنظام قانوني منفصل حتى عام 2047 بموجب ترتيب «دولة واحدة ونظامان».
واليوم، ما زال النظام القانوني في هونغ كونغ يعكس النموذج البريطاني، ويمنح الشفافية والإجراءات القانونية الواجب تنفيذها.
قانون هونغ كونغ الأساسي يضمن الحريات غير المتاحة في البر الرئيسي للصين مثل الحق في الاحتجاج والحق في حرية الصحافة وحرية التعبير.
وأحد المبادئ الأساسية في القانون الأساسي هو أن هونغ كونغ لها الحق في تطوير ديمقراطيتها الخاصة. وقد تعهد المسؤولون الصينيون السابقون بعدم تدخل الحكومة المركزية في بكين في ذلك.
لكن في السنوات الأخيرة، أعادت بكين مراراً وتكراراً إعادة تفسير القانون الأساسي، معلنة أنها تتمتع «بولاية قضائية كاملة» على هونغ كونغ.
واشترطت معاهدة تسليم الملكية أن تبقى هونغ منطقة إداريَة خاصة، بحيث تحظى بدرجة عالية من الحكم الذاتي لمدة 50 عاماً على الأقل بعد نقل الملكية. وسيكون قانون هونغ كونغ الأساسي - المشتقُ من القانون الإنجليزي - دستور المنطقة بعد نقل ملكيتها.
ويقول العديد من سكان هونغ كونغ إن الصين بدأت بالفعل في التعدي على هذه الحقوق.
بماذا يطالب المتظاهرون في هونغ كونغ؟
شهد صيف مدينة هونغ كونغ منذ يونيو مسيرات سلمية ضخمة، إضرابات في مختلف المؤسسات المهنية، واعتصامات انتهت بمواجهات عنيفة مع الشرطة. ووضعت لافتة كبيرة على مقر البرلمان بعد اقتحامه، كتب عليها: «لا يوجد مثيرو شغب، ليس هناك سوى طغيان»، وفق «شبكة سي إن إن».
واعترض محتجون مؤيدون للديمقراطية أمس (الثلاثاء)، طريق المسافرين المغادرين في عدد من الممرات في مطار هونغ كونغ، واعتقلوا شخصين مطلقين سراحهما لاحقاً، غداة اعتصام أجبر السلطات على إلغاء كل رحلات الوصول والمغادرة.
ووضع كثيرون منهم أداة جديدة عبارة عن ضمادة على العين أو ربطة رأس، تكريماً لامرأة أصيب وجهها بشكل بالغ الأحد خلال مظاهرة.
وامتلأت باحات الوصول في المطار بالمتظاهرين الذين رحبوا بالمسافرين القادمين بشعار «ناضلوا مع هونغ كونغ، ناضلوا من أجل الحرية».
لماذا الاعتصام في المطار الدولي؟
اختار المحتجون المطار الدولي باعتبار أنه المكان الأكثر أماناً على الإطلاق من الشارع، لكن سرعان ما تحوّل هذا المكان إلى ساحة مواجهات مع الشرطة التي حضرت بشكل كبير إلى المطار في اليوم الخامس من الاعتصام فيه أمس (الثلاثاء).
وتطلّع المحتجون في اختيارهم مطار هونغ كونغ أحد أكثر المطارات ازدحاماً في آسيا، إلى نقل رسالتهم مباشرة إلى المجتمع الدولي. وقد وزّع المحتجون منشورات باللغات الصينية والإنجليزية والفرنسية والكورية واليابانية وغيرها على الزوار الوافدين، توضح أسباب الاضطرابات - كما يراها المحتجون - ومطالب المعارضة. ووزعوا على السياح منشورات تتضمّن معلومات عن «مناطق سياحية جديدة»، ونصحت السياح بما يجب عليهم فعله إذا تم القبض عليهم في الاحتجاجات أثناء زيارتهم لتلك المناطق. ورحبوا بالمسافرين القادمين بشعار «ناضلوا مع هونغ كونغ، ناضلوا من أجل الحرية».
وأعيد فتح مطار هونغ كونغ، اليوم، وسط تحذيرات من أن حركة الطيران ستظل متأثرة بعد أن قالت الصين إن الاحتجاجات التي اجتاحت المدينة خلال الشهرين الماضيين بدأت تبدي مؤشرات على «الإرهاب».
ماذا يعني هذا بالنسبة لاقتصاد هونغ كونغ؟
ألغت سلطات هونغ كونغ، الاثنين، نحو 200 رحلة طيران بعد احتجاجات كبيرة عمّت أنحاء مطار المدينة الدولي، وفق شركة النقل الرئيسية في هونغ كونغ «كاثاي باسيفيك».
ولكن، التجمعات الكبيرة هذه لم تسبب ازدحاماً وعرقلة في عمليات المطار فقط، بل لعبت دوراً كبيراً في التأثير سلباً على الشركات التي تتخذ من المركز المالي العالمي مقراً لها.
وانعكست الاحتجاجات التي هزّت شوارع هونغ كونغ منذ عدة أشهر، طيلة فترة الصيف، بشكل ملحوظ حتى الآن على اقتصاد المدينة.
وكانت قد أعلنت غرفة التجارة الأميركية في هونغ كونغ الشهر الماضي أن الشركات قد أبلغت عن «عواقب وخيمة بسبب الاضطرابات»، من بينها إيرادات مفقودة، وتعطيل سلاسل توريد، واستثمارات متوقفة.
كما واجهت الشركات في هونغ كونغ، على الصعيدين الدولي والمحلي، ضغوطاً واتهامات بالعمل أو التعاطف مع المحتجين. وطلبت سلطات الطيران الصينية كاثاي باسيفيك، بمنع الموظفين الذين يشاركون في الاحتجاجات من السفر إلى الصين.
وفي العام الماضي، سافر أكثر من 74 مليون مسافر عبر مطار هونغ كونغ الذي يتعامل مع 1100 رحلة ركاب وشحن يومياً، ويخدم نحو 200 وجهة حول العالم.
ووفقاً لما قاله وزير النقل في هونغ كونغ فرانك تشان في مايو (أيار) ، فإن المطار يساهم بنسبة 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لهونغ كونغ، بشكل مباشر وغير مباشر.
ويقول المدير العام ورئيس تحرير موقع AirlineRatings.com جيفري توماس، المختص في شركات الطيران، إن ما حدث هو «كارثة بالنسبة لهونغ كونغ، ستكلف عشرات الملايين من الدولارات».
ماذا تقول الحكومة؟
وفي بيان صدر اليوم (الأربعاء)، شجبت شرطة هونغ كونغ «الأعمال المتطرفة والعنيفة التي قام بها المتظاهرون» في المطار، ووصف متحدث باسم الحكومة ما حدث في المطار بأنه تجاوز «الحد الأدنى للمجتمع المتحضر».
وركّزت التغطية الإعلامية في الصين على الاشتباكات والفوضى بين الشرطة والمتظاهرين الذين تم وصفهم من قبل وسائل إعلام صينية بـ«الغوغائيين والعنيفين والمجرمين».
وكان الناطق باسم مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو في مجلس الدولة الصيني، قال إن المحتجين «المتطرفين» الذين دأبوا على مهاجمة رجال الشرطة في الأيام الماضية قد ارتكبوا جرائم خطيرة وبدأوا بإظهار «سلوك إرهابي». وأضاف: «هذا انتهاك صارخ لحكم القانون والنظام الاجتماعي في هونغ كونغ، وهو ما يهدد حياة وسلامة مواطني هونغ كونغ».
وفي مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، قال السفير الأميركي السابق لدى الصين ماكس باكوس: «إذا اعتقدت بكين أن بإمكانها إسكات المحتجين فإن ذلك لن ينجح، وأعتقد أنها تعرف ذلك وتحاول إيجاد مخرج».
ما رأي البلدان الأخرى؟
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس (الثلاثاء) إن «الاستخبارات الأميركية حذرت من أن الصين ترسل قواتاً إلى حدود هونغ كونغ»، وسط تصاعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في المدينة الصينية التي تتمتع بحكم ذاتي.
وكتب على «تويتر»: «يجب أن يبقى الجميع هادئين وسالمين».
وفي الوقت نفسه، أعرب النواب البريطانيون عن قلقهم إزاء الوضع «المزعج». وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية النائب طوم توغندهات إن «على المملكة المتحدة أن تنظر في مد حقوق المواطنة الكاملة لتشمل هونغ كونغ الصينية. وكان يجب أن يتم ذلك عام 1997 وهو خطأ يحتاج إلى تصحيح».
وكتب وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، في حسابه على «تويتر»، أمس (الثلاثاء): «تقلقنا رؤية ما يحدث في هونغ كونغ والصور المريبة للاشتباكات بين الشرطة والمحتجين في المطار».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.