«حزب الله» يحمل على بيان السفارة الأميركية

نوابه يتواصلون مع زملائهم في «الاشتراكي»

TT

«حزب الله» يحمل على بيان السفارة الأميركية

أعلن عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله أن هناك تواصلاً بين نواب «حزب الله» ونواب «الحزب التقدمي الاشتراكي»، مشيراً إلى أن «المشكلة السياسية بالطبع يجب أن تُعالج»، وذلك غداة إعلان وزير يمثل «حزب الله» في الحكومة أن العلاقة بين الطرفين «ليست مقطوعة لكنها ليست سالكة، وهي في الوسط»، في وقت حمَل فيه «حزب الله» على بيان السفارة الأميركية الذي أصدرته قبل أيام بشأن حادثة قبر شمون.
يأتي ذلك في ظل أجواء من الارتياح تخيّم على المشهد السياسي اللبناني بعد لقاء المصالحة الذي عقد في قصر بعبدا بين رئيس «الاشتراكي» وليد جنبلاط، ورئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، وهو حليف لـ«حزب الله».
وأشار عضو تكتل «​لبنان القوي»​ النائب ألان عون إلى أن «​(حزب الله)​ وقف إلى جانب حليفه أخلاقياً لكنه لم يبادر إلى إفشال أي مبادرة»، مشيراً إلى أن «الحلفاء أعطوا الوقت اللازم ليحل الموضوع وعندما طال الوقت تصرفوا»، مؤكداً أن «رئيس الجمهورية ​​ميشال عون​ ورئيس ​مجلس النواب ​​نبيه بري​ تواصلا لحل المسألة».
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني أن «هناك عوامل عدة أفضت إلى ذلك؛ أكانت عوامل خارجية أو عوامل اقتصادية ومالية متعلقة بالوضع الدقيق أو مساع للتهدئة والانفتاح على النقاش». وقال في حديث إذاعي: «نحن في منتصف عمر العهد، ونحن واقعون في إحدى كبرى الأزمات الاقتصادية والمالية التي مرت بتاريخ لبنان، فلا يمكن الاستخفاف بهذا الموضوع، وهذا ما دفع برئيس الجمهورية ورئيسي المجلس والحكومة أن يتحركوا لإيجاد مخرج لهذا المأزق».
وتابع حاصباني: «هناك عوامل خارجية قد تكون لها علاقة بالموضوع، والأمر لم يقتصر على بيان السفارة الأميركية، بل كانت هناك حركة للدبلوماسية الأميركية لتوضيح وجهة نظر واشنطن بما يتعلق بالاستقرار السياسي للبنان. وأعتقد أن ثمة مؤشرات من دول أخرى تضغط من أجل عدم تعطيل مجلس الوزراء إذا الظروف تقتضي أن يجتمع ربما يومياً».
رغم ذلك، حمل «حزب الله» على بيان السفارة الأميركية الأخير حول حادثة قبر شمون؛ إذ قال رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» هاشم صفي الدين إن «بيان السفارة الأميركية دليل وقاحة وتدخل أميركي سافر وسيئ ووقح في الأمور اللبنانية»، فيما قال عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق «إننا ما كنا ننتظر من السفارة الأميركية إلا البيانات التي تؤدي إلى تعميق الانقسام، وتهدد الوحدة الوطنية، ولكن في هذا البيان إيجابية وحيدة، وهو اعتراف ضمني بتراجع دور ونفوذ السفارة الأميركية وأدواتها في لبنان»، عادّاً أن «البيانات والاتصالات الأميركية بشخصيات لبنانية، لن تغير من الأحجام والتوازنات والمعادلات الداخلية في شيء».
وفي الوقت نفسه، رحب «الحزب» بالمصالحة؛ إذ رأى قاووق أن «ما حصل أخيراً من مصارحة ومصالحة وجلسة لمجلس الوزراء، أشاع الارتياح والمناخات الإيجابية، التي تشكل مدخلاً ضرورياً لأجل الشروع في معالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية للناس».
بدوره، قال عضو كتلة الحزب البرلمانية النائب حسن فضل الله: «إننا ننظر بعين الارتياح إلى معالجة المشكلة السياسية الأمنية الأخيرة التي نتجت عن حوادث الجبل، وإلى عودة الحكومة إلى عملها، لأننا نحتاج إلى حالة طوارئ حكومية لمعالجة الملفات العالقة، وبالموازاة؛ فإن هذه المعالجة تركت العدالة تأخذ مجراها عبر القضاء».
وانسحبت الأجواء الإيجابية على مختلف الأفرقاء السياسيين؛ إذ رأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم أن «المصالحة الأخيرة تركت أجواء إيجابية بإمكان تعويض مرحلة التعطيل، وتكثيف اجتماعات الحكومة ومقاربة كل المشكلات والأزمات المتراكمة؛ خصوصاً الحياتية والإنمائية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.