تساؤلات حول قيادة «القاعدة»

مع مرض الظواهري... وبعد مقتل حمزة بن لادن

أنصار بن لادن يحملون صورته في تايلاند بعد مقتله في أبوت آباد بباكستان عام 2011 (غيتي)
أنصار بن لادن يحملون صورته في تايلاند بعد مقتله في أبوت آباد بباكستان عام 2011 (غيتي)
TT

تساؤلات حول قيادة «القاعدة»

أنصار بن لادن يحملون صورته في تايلاند بعد مقتله في أبوت آباد بباكستان عام 2011 (غيتي)
أنصار بن لادن يحملون صورته في تايلاند بعد مقتله في أبوت آباد بباكستان عام 2011 (غيتي)

أدت وفاة حمزة بن أسامة بن لادن، إلى ترك مستقبل تنظيم «القاعدة» في وضع غامض أكثر من أي وقت مضى، إذ يُقال إن زعيمه الحالي أيمن الظواهري بات في حالة صحية سيئة، وذلك بالإضافة إلى وفاة خلفه حمزة.
ولطالما كان يُنظر إلى حمزة باعتباره وريث والده أسامة، الذي كان العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وظل قائد شبكة التنظيم في العالم حتى قُتل على يد القوات الأميركية في عام 2011.

وبعد أن كانت «القاعدة» هي التنظيم الإرهابي الأكثر خطورة في العالم، فإنه قد تم تهميشه في السنوات الأخيرة من قبل تنظيم «داعش» الإرهابي؛ لكن المحللين يعتقدون أن حمزة قد قدم صوتاً أصغر سناً للتنظيم الذي كافح قادته من كبار السن من أجل إلهام المقاتلين.
وأيمن الظواهري ما زال قائد تنظيم «القاعدة» في الوقت الحالي؛ لكن خبراء الأمم المتحدة قالوا هذا الأسبوع إن هناك تقارير تفيد بأنه قد بات في حالة صحية سيئة، مما يثير شكوكاً حول كيفية إدارة التنظيم لمسألة الخلافة.
وحسب لجنة من الأمم المتحدة، فإن مسألة بقاء الظواهري على قيد الحياة قد باتت موضع شك، مشيرين إلى أن تنظيم «القاعدة» أصبح أضعف من تنظيم «داعش» من حيث التمويل والإعلام والخبرة الإرهابية.
ويعتقد المسؤولون الأميركيون الآن، أن حمزة قد مات بالفعل، وذلك وفقاً لتقارير يوم الأربعاء الماضي، مما يلقي بالخلافة في مزيد من الفوضى.
ومن غير الواضح مَن الشخص الذي يمكنه تولي المهمة التي كان من المقرر أن يتولاها حمزة؛ حيث قُتِل الرجل الثاني للتنظيم، ناصر الوحيشي، في عام 2015، ولا يبدو أن هناك اسماً واضحاً قد حَل محله.
ومع ذلك، حذرت لجنة الأمم المتحدة من أن «القاعدة» ما زال قادراً على الصمود، وأن الجماعات التابعة له أقوى من «داعش» في اليمن والصومال ومعظم دول غرب أفريقيا.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن «القاعدة» قد يكون على استعداد للحصول على بعض الدعم من «داعش» بعد أن انهارت خلافة الأخير في وقت سابق من هذا العام.
كما حذرت اللجنة من أن يكون المجاهدين الذين سافروا إلى خلافة «داعش»، والذين يصل عددهم إلى 30 ألف شخص، لا يزالون على قيد الحياة، وقد ينضم بعضهم إلى تنظيم «القاعدة» والجماعات المرتبطة به.
وقد تم وضع حمزة بن لادن على القائمة السوداء للإرهابيين، من قبل إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، قبل فترة وجيزة من مغادرته منصبه في عام 2017.
وكتب العميل الخاص السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) والخبير في تنظيم «القاعدة»، علي صوفان، في الوقت الذي وُضع فيه حمزة في القائمة السوداء، أنه في ظل كون خلافة تنظيم «داعش» على وشك الانهيار، فإن حمزة كان الشخصية الأفضل لإعادة توحيد الحركة الجهادية العالمية. بينما قال مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية، إنه عازم على ارتكاب أعمال إرهابية تهدد أمن الرعايا الأميركيين أو الأمن القومي الأميركي.
وكان حمزة، الذي يُعتقد بأنه كان يبلغ من العمر 30 عاماً، أحد أبناء أسامة بن لادن الذين يبلغ عددهم 23 ولداً على الأقل، وكان يعيش مع والده في أفغانستان قبل أحداث 11 سبتمبر 2001. وقد تم تقديمه باعتباره عضواً في تنظيم «القاعدة» بواسطة أيمن الظواهري، وذلك في رسالة صوتية في عام 2015، وقد دعا إلى القيام بأعمال إرهابية في العواصم الغربية.
وكان الظواهري هو الرجل الثاني في التنظيم قبل وفاة أسامة بن لادن، وهو طبيب مصري، التقى بن لادن في منتصف الثمانينات عندما كانا في باكستان لدعم المقاتلين الذين يقاتلون السوفيات في أفغانستان.
ولكن فقد تنظيم «القاعدة» نفوذه تحت قيادته، وكان يُنظر إلى حمزة على أنه «الزعيم الصاعد» في التنظيم.
ويُعتقد أن حمزة كان رهن الإقامة الجبرية في إيران عندما أغارت القوات الخاصة الأميركية على مجمع أسامة بن لادن في أبوت آباد في باكستان، وقتلته بالرصاص في عام 2011. وأشارت الوثائق التي تم إيجادها في المجمع إلى أن مساعديه كانوا يحاولون لَم شمله مع والده مرة أخرى.
وقد تم العثور على فيديو لحفل زفاف حمزة في المجمع، وكانت وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) قد نشرته في عام 2017.
ومع ذلك، لم يتم تحديد مكان حمزة مطلقاً، ولكن قالت عدة تقارير مختلفة إنه كان في أفغانستان وباكستان وسوريا.
وفي مارس (آذار) من هذا العام، قال ضابط البحرية الأميركي الذي يزعم أنه أطلق الرصاصة القاتلة على أسامة بن لادن، إن حمزة كان مختبئاً في باكستان.
وخلال فترة وجوده في «القاعدة»، هدد حمزة باستهداف الأميركيين في الخارج، وحث الجماعات القبلية في منطقة الخليج على الاتحاد مع تنظيم «القاعدة» في اليمن، كما هدد بالانتقام لوفاة والده، ووعد بمواصلة حرب التنظيم ضد الولايات المتحدة وحلفائها في خطاب بعنوان «كلنا أسامة».
وبالإضافة إلى ذلك، فقد دعا إلى شن هجمات «الذئاب المنفردة» ضد المصالح الأميركية والفرنسية والإسرائيلية، في واشنطن وباريس وتل أبيب.
وفي مارس الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية أنها قد جردت حمزة بن لادن من جنسيته، قائلة إن القرار تم اتخاذه بأمر ملكي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.
وبحسب وسائل الإعلام الأميركية، فهو يُعتقد أنه قد مات بالفعل، وذلك على الرغم من رفض الرئيس ترمب تأكيد هذه المزاعم.
وفي مارس الماضي، رصدت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة قدرها مليون دولار لمن يزودها بمعلومات تؤدي إلى الوصول لمكان حمزة بن لادن.
وذكرت التقارير أنه قُتل خلال العامين الأخيرين في عملية شاركت فيها الولايات المتحدة. وتشير التقارير إلى أن حمزة ربما يكون قد قُتِل قبل فترة طويلة من رصد وزارة الخارجية مكافأة المليون دولار.
وتقول المديرة التنفيذية لمجموعة «سايت» للاستخبارات، والتي تقوم بتعقب المتطرفين، ريتا كاتز، إن حمزة لم يكن مستهدفاً لكونه ابن أسامة بن لادن فقط، ولكن لأنه كان أحد أعلى أصوات تنظيم «القاعدة» التي تدعو إلى شن هجمات في الغرب، وكان يعطي التوجيهات بذلك، كما كان يقوم بتأهيل نفسه، بمساعدة «القاعدة»، لقيادة حركة التطرف العالمية، وكان يُنظر إليه باعتباره القائد المستقبلي الذي سيوحد الجهاد العالمي، ولذلك فإنه في حال كان قد مات بالفعل، فإن وفاته ستكون بمثابة ضربة كبيرة للحركة، بحسب «الغارديان» البريطانية.
وقد كانت هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، هي أكبر خسارة في الأرواح على الأراضي الأميركية بسبب الإرهاب؛ حيث أودت بحياة 2977 ضحية. ويُعتقد أن التنظيم يحاول جذب القبائل المحلية في اليمن، في محاولة منه لترسيخ نفسه بين السكان المدنيين. وقد وجد تقرير لجنة الأمم المتحدة أن تنظيم «القاعدة» قد اشتبك مع «داعش» في اليمن، وذلك في محاولته للحفاظ على موقعه باعتباره التنظيم الإرهابي المهيمن على المناطق التي ينفذ فيها عملياته.
أما في ليبيا، فإنه يبدو أن «داعش» و«القاعدة» لديهما مناطق نفوذ متداخلة هناك؛ حيث يدعم ما يصل إلى 200 مقاتل «القاعدة».
وقالت لجنة الأمم المتحدة، إن التنظيم ما زال يعتبر أفغانستان ملاذاً آمناً لقيادته، معتمداً في ذلك على علاقته القوية طويلة الأمد مع قيادة «طالبان»، وأضافت أن أعضاء «القاعدة» يواصلون العمل بشكل روتيني كمعلمين عسكريين ودينيين لـ«طالبان».
وكان أسامة بن لادن في أفغانستان عندما حكمت «طالبان» البلاد في أواخر التسعينات، وقام باستخدامها كقاعدة لعملياته، وغزت الولايات المتحدة أفغانستان بعد 11 سبتمبر 2001 بفترة وجيزة، وذلك لعزل «طالبان» من السلطة، وإضعاف قاعدة دعم الإرهابيين في البلاد.


مقالات ذات صلة

حرب شوارع في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل رؤساء بلديات

شؤون إقليمية قوات الشرطة تمنع نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز ياووز يلماظ من دخول مبنى بلدية إسنيورت في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)

حرب شوارع في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل رؤساء بلديات

اندلعت أعمال عنف وشغب تخللتها أعمال حرق ونهب لمحال تجارية في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل 3 رؤساء بلديات منتخبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)

تونس: «عملية بيضاء» ضد الهجمات الإرهابية والتهريب على حدود ليبيا

كشفت المواقع الرسمية للداخلية التونسية أن وزير الدولة للأمن وعدداً من كبار المسؤولين أشرفوا في المنطقة الحدودية التونسية - الليبية على «عملية أمنية».

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال فاعلية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

إردوغان طلب من ترمب وقف الدعم الأميركي لأكراد سوريا

كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أنه طلب من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب وقف الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب الكردية» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

الجيش الباكستاني يبذل جهوداً كبرى لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين.

عمر فاروق (إسلام آباد)
شؤون إقليمية الطفلة نارين غوران راحت ضحية لجريمة قتل بشعة على يد أفراد من عائلتها هزَّت تركيا (مواقع التواصل الاجتماعي)

بدء محاكمة المتهمين في جريمة قتل بشعة لطفلة هزَّت تركيا

عقدت محكمة الجنايات العليا في ديار بكر جنوب شرقي تركيا أولى جلسات الاستماع في قضية مقتل وإخفاء جثة الطفلة نارين غوران التي هزَّت البلاد وشغلت الرأي العام لأشهر

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».