كريمة لوبيز... العروبة في اسمها والمكسيك في أطباقها

من أصغر الطهاة في واحد من أهم مطاعم إيطاليا

الشيف المكسيكية كريمة لوبيز
الشيف المكسيكية كريمة لوبيز
TT

كريمة لوبيز... العروبة في اسمها والمكسيك في أطباقها

الشيف المكسيكية كريمة لوبيز
الشيف المكسيكية كريمة لوبيز

فلورنسا عاصمة توساكانا وأكثر مدينة إيطالية من حيث كثافة السكان، عندما تزورها تعجز عن وصف روعتها ولا تتعب من رؤية معالمها السياحية ومقاصفها التاريخية ومعمارها الجميل ولا تمل من المشي بين أزقتها التي تصطف المحلات التجارية على جانبيها ولا تخلو ساحاتها من المقاهي أو الـ«تراتوريا» التقليدية التي تعبق منها رائحة الأطباق الإيطالية التي تجذب المعدة قبل العين أحيانا.
وقد تكون فلورنسا من بين المدن التي لا تحتاج فيها إلى دليل يرشدك إلى أهم عناوين الأكل لأن جميع مطاعمها جميلة وتقدم الأطباق التي تشتهر بها توسكانا، إلا أن هناك إجماعا على عنوان لا بد من زيارته في فلورنسا لأنه بمثابة معلم سياحي إلى جانب كونه واحدا من أهم عناوين الطعام في المدينة يقع ما بين ساحتين : Piazza Della Signora وPiazza Di San Firenze في مبنى تاريخي يعود إلى عام 1337 كان في الماضي قصرا رسميا يضم غرفة التجارة في فلورنسا واليوم تحول إلى متحف لدار «غوتشي» للأزياء ويضم مطعم «غوتشي غاردن» الذي يستوحي أطباقه من الموضة والأهم من هذا كله معرفة أن الطاهية الرئيسية فيه مكسيكية تحدت التقاليد الإيطالية لتجعل من المطعم معلما يتهافت أهل المدينة وزوارها لتذوق أطباقها التي تحمل نكهة المكسيك ومنتجات إيطاليا وروح اليابان فيها مع لفتة شرقية تحملها كريمة لوبيز التي يعبق اسمها بالشرق وهذا ما جعلنا أكثر فضولا لمعرفة قصة هذه الطاهية التي قهرت الطهاة الطليان في عقر دارهم.
التقت «الشرق الأوسط» الشيف لوبيز فترة إقفال المطعم ما بين الغداء والعشاء، فهي شابة في الثلاثينيات من العمر، متحمسة وودودة، متواضعة وحرفية لأقصى الحدود، ملامحها مكسيكية ولكنها توحي بالشرق، فأول سؤال كان عن أصولها، فأجابت بلكنة لاتينية جذابة: «عائلتي من أصول لبنانية ولكن للأسف خسرنا لقبنا الأصلي ولا نعرف الكنية اللبنانية ومكان ولادة أجدادنا» وضحكت وقالت: «أنا لست بحاجة لمعرفة لقب عائلتي اللبناني الحقيقي لأن الدم الشرقي يجري في عروقي والنكهات اللبنانية جزء لا يتجزأ من حياتي عندما كنت أعيش في المكسيك وحلمي زيارة لبنان والتعرف إلى هذا البلد الجميل في أقرب وقت ممكن».
انتقلت للعيش في إيطاليا منذ نحو الثلاث سنوات وعملت إلى جانب الشيف ماسيمو بوتورا في مطعمه في مدينة مودينا، وشاءت الأقدار بأن تتعرف إلى زوجها الشيف كاكا وهو من أصول يابانية، تقول إنها تعلمت منه الكثير في المطبخ وهذا ما يجعل أطباقها مميزة من حيث المذاق الذي يضم نكهات تجمع الشرق بالغرب.
عندما انتقلت الشيف كريمة إلى إيطاليا لم تكن لتعلم بأنها ستصبح الطاهية الرئيسة في مطعم يعتبر اليوم أهم مطعم في فلورنسا، ولم يسبق لها أن عملت في أجواء لها علاقة بالأزياء ولو أن لديها خلفية فنية لأنها درست إلى جانب مهنة الطهي الفنون الجميلة، فتقول الشيف لوبيز إن الصدفة والعمل الدؤوب كانا السبب في توليها هذا المنصب، فتروي كيف تلقت خبر افتتاح «غوتشي غاردن» من الشيف ماسيمو بوتورا بعدما اتصل بها في أول يوم إجازة لها عندما كانت تتناول العشاء مع زوجها في أحد مطاعم مودينا فسألها عن مكان وجودها، وبعد أقل من عشر دقائق رأته أمامها يطرح عليها سؤالا غريبا «هل تقبلين بتولي مطعم (غوتشي غاردن الجديد في فلورنسا ؟) فأجابت بـ(نعم) من دون أي تردد».
واليوم وبعد عام ونصف العام على افتتاح «غوتشي أوستيريا» كما يطلق عليه في فلورنسا بدأت بتذوق نكهة النجاح الحقيقي بعدما أثبتت نفسها كأنثى في مجال ذكوري وفي بلد لا يزال تقليديا في مجال الطهي وتقبل الأجانب في عقر مطاعمه، تقول الشيف لوبيز: «أنا اليوم أتكلم باسم كل الطاهيات وأؤكد لهن بأن العمل الجدي لا بد أن يودي للنجاح بغض النظر عن الجنسية أو الجنس».
وعن سبب وقوع خيار الشيف بوتورا عليها لتولي مثل هذا المنصب، ترد لوبيز بأنه قد يكون أسلوبها في الطهي هو السبب، فهي تمزج ما بين التقليدي والعصري، تركز على المنتج المحلي وتخلطه مع نكهة من أقاصي بقاع العالم وهذه هي الفكرة من وراء افتتاح «غوتشي غاردن»، فعلى سبيل المثال استطاعت أن تحول طبقا إيطاليا تقليديا جدا وهو عبارة عن قطعة من لحم الستيك إلى طبق مبتكر تستخدم فيه لحم ما يطلق عليه اسم «كانينا»، إلى طبق جديد وأخف، فبدلا من استخدام قطعة كبيرة من اللحم، ابتكرت طريقة جديدة من خلال إخفاء اللحم تحت غطاء من المكونات الأخرى، محافظة على مذاق اللحم ولكن وبنفس الوقت استطاعت منح الطبق نوعا من العصرية ونكهات إضافية.
وتقول الشيف لوبيز إنها تعشق عملها لأنه يختلف عن أي عمل آخر وهذا لأن دار غوتشي مفعمة بالألوان ومهمتها تبني رؤية الدار ووضعها في قالب من نوع آخر، ولهذا ترى الأطباق مميزة من حيث طريقة التقديم واستخدام الألوان والمنتجات مع التشديد على استخدام المنتج الإيطالي مثل الطماطم التي تقول الشيف لوبيز إنه لا يمكنها تخيل المطبخ الإيطالي من دونه ولو أن أصوله أميركية.
وبرأي لوبيز، أي مطعم ناجح يجب أن يقدم تجربة تضفي نوعا من الفرح للزبون وليس فقط ملء البطون وهذا ما تسعى إليه في «غوتشي غاردن»، وتشير إلى الحائط خلفها إلى قطع أثرية تشبه النقود القديمة، وتقول: «يكفي أن كل زاوية في المبنى تحكي قصة تاريخية وهذه النقود كانت تستعمل في الماضي عندما كان هذا المبنى يسن القوانين لتجار الحرير والجلود وتحديد أسعار السلع»، وتضيف: «يكفي بأن تنظر إلى الديكورات الجميلة وعظمة المبنى الذي أصبح اليوم يضم غرفة لبيع التذكارات والمنتجات محدودة الكمية وغرفة للسينما وغاليري لعرض القطع الفريدة من تصاميم غوتشي».
وعن أكثر الصعوبات التي مرت بها، تقول إن أكبر مشكلة واجهتها أنها أنثى، ولكنها تخطتها من خلال عملها ولم يكن من السهل أيضا إطعام الإيطاليين أطباق التوستادا المكسيسكية والـ«بان» اليابانية، وتضحك وتقول: «مذاق التورتيلليني الذي ابتكرته قد يكون السبب في تقبل الإيطاليين لأطباقي العالمية».
وعن المشاريع الجديدة، تقول الشيف لوبيز إن الشركة تعتزم افتتاح فرع جديد في لوس أنجليس وستتولى مهمة تدريب الطهاة في الفرع الجديد لضمان النوعية والخدمة ذاتها.
وختمت الشيف لوبيز كلامها بالقول: «يجب تذوق أطباقي لمعرفة سبب نجاح المطعم، فسر أكلي يكمن في كمية الحب التي أضعها في مطبخي وعلاقتي بالطهاة الذين يعملون إلى جانبي».


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

فطور مصري (إنستغرام)
فطور مصري (إنستغرام)
TT

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

فطور مصري (إنستغرام)
فطور مصري (إنستغرام)

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق لعدة أسباب؛ على رأسها الشغف والحب والسخاء.

شوربة الفطر (الشرق الأوسط)

ألذ الأطباق المصرية تجدها في «ألذ» المطعم المصري الجديد الذي فتح أبوابه أمام الذواقة العرب والأجانب في منطقة «تشيزيك» غرب لندن.

نمط المطعم يمزج ما بين المطعم والمقهى، عندما تدخله سيكون التمثال الفرعوني والكراسي الملكية بالنقوش والتصاميم الفرعونية بانتظارك، والأهم ابتسامة عبير عبد الغني، الطاهية والشريكة في المشروع، وهي تستقبلك بحفاوة ودفء الشعب المصري.

شوربة العدس مع الخضراوات (الشرق الأوسط)

على طاولة ليست بعيدة من الركن الذي جلسنا فيه كانت تجلس عائلة عبير، وهذا المشهد يشوقك لتذوق الطعام من يد أمهم التي قدمت لنا لائحة الطعام، وبدت علامات الفخر واضحة على وجهها في كل مرة سألناها عن طبق تقليدي ما.

لحم الضأن مع الأرز المصري (الشرق الأوسط)

المميز في المطعم بساطته وتركيزه على الأكل التقليدي وكل ما فيه يذكرك بمصر، شاشة عملاقة تشاهد عليها فيديوهات لعالم الآثار والمؤرخ المصري زاهي حواس الذي يعدُّ من بين أحد أبرز الشخصيات في مجال علم المصريات والآثار على مستوى العالم، وهناك واجهة مخصصة لعرض الحلوى المصرية وجلسات مريحة وصوت «كوب الشرق» أم كلثوم يصدح في أرجاء المطعم فتنسى للحظة أنك بمنطقة «تشيزيك» بلندن، وتظن لوهلة أنك في مقهى مصري شهير في قلب «أم الدنيا».

كبدة إسكندراني (الشرق الأوسط)

مهرجان الطعام بدأ بشوربة العدس وشوربة «لسان العصفور» وشوربة «الفطر»، وهنا لا يمكن أن نتخطى شوربة العدس دون شرح مذاقها الرائع، وقالت عبير: «هذا الطبق من بين أشهر الأطباق في المطعم، وأضيف على الوصفة لمساتي الخاصة وأضع كثيراً من الخضراوات الأخرى إلى جانب العدس لتعطيها قواماً متجانساً ونكهة إضافية». تقدم الشوربة مع الخبز المقرمش والليمون، المذاق هو فعلاً «تحفة» كما يقول إخواننا المصريون.

الممبار مع الكبة وكفتة الأرز والبطاطس (الشرق الأوسط)

وبعدها جاء دور الممبار (نقانق على الطريقة المصرية) والكبة والـ«سمبوسة» و«كفتة الأرز» كلها لذيذة، ولكن الألذ هو طبق المحاشي على الطريقة المصرية، وهو عبارة عن تشكيلة من محشي الباذنجان، والكرنب والكوسة والفليفلة وورق العنب أو الـ«دولما»، ميزتها نكهة البهارات التي استخدمت بمعيار معتدل جداً.

محشي الباذنجان والكرنب وورق العنب (الشرق الأوسط)

أما الملوخية، فحدث ولا حرج، فهي فعلاً لذيذة وتقدم مع الأرز الأبيض. ولا يمكن أن تزور مطعماً مصرياً دون أن تتذوق طبق الكشري، وبعدها جربنا لحم الضأن بالصلصة والأرز، ومسقعة الباذنجان التي تقدم في طبق من الفخار تطبخ فيه.

الملوخية على الطريقة المصرية (الشرق الأوسط)

وبعد كل هذه الأطباق اللذيذة كان لا بد من ترك مساحة لـ«أم علي»، فهي فعلاً تستحق السعرات الحرارية التي فيها، إنها لذيذة جداً وأنصح بتذوقها.

لائحة الحلويات طويلة، ولكننا اكتفينا بالطبق المذكور والأرز بالحليب.

أم علي وأرز بالحليب (الشرق الأوسط)

يقدم «ألذ» أيضاً العصير الطبيعي وجربنا عصير المانجو والليمونادة مع النعناع. ويفتح المطعم أبوابه صباحاً ليقدم الفطور المصري، وهو تشكيلة من الأطباق التقليدية التي يتناولها المصريون في الصباح مثل البيض والجبن والفول، مع كأس من الشاي على الطريقة المصرية.

المعروف عن المطبخ المصري أنه غني بالأطباق التي تعكس التراث الثقافي والحضاري لمصر، وهذا ما استطاع مطعم «ألذ» تحقيقه، فهو مزج بين البساطة والمكونات الطبيعية واستخدم المكونات المحلية مثل البقوليات والأرز المصري.

كشري «ألذ» (الشرق الأوسط)

وعن زبائن المطعم تقول عبير إن الغالبية منهم أجانب بحكم جغرافية المنطقة، ولكنهم يواظبون على الزيارة وتذوق الأطباق المصرية التقليدية، وتضيف أن الملوخية والكشري وشوربة العدس من بين الأطباق المحببة لديهم.

وتضيف عبير أن المطعم يقدّم خدمة التوصيل إلى المكاتب والبيوت، كما يقوم بتنظيم حفلات الطعام على طريقة الـCatering للشركات والحفلات العائلية والمناسبات كافة.