7 سنوات مرّت على تجارب العلماء الأولى لاختبار تقنية تحرير الجينات المعروفة باسم «كريسبر» داخل الجسم، في محاولة لعلاج شكل وراثي من العمى ومرض السرطان، لكن المخاوف المتعلقة باستخدام تلك التكنولوجيا في خلايا التكاثر البشرية أو الأجنة بمراحلها المبكرة تتمثل في أن التغييرات ستنتقل للأجيال التالية، وفقاً لمجلة «التايم» الأميركية.
يهدف العلاج التجريبي إلى تزويد الأطفال والبالغين بنسخة صحية من الجين الذي يفتقرون إليه، وذلك باستخدام أداة تقطع أو «تحرر» الحمض النووي في مكان محدد.
والغرض منه هو العلاج لمرة واحدة، أي تغيير دائم للحمض النووي للشخص. ويمضي الأطباء قدماً بحثاً عن طرق لاستخدام التكنولوجيا الجديدة نسبياً لبدء علاج المرضى. ومن المقرر أن يبدأ المرضى في التسجيل بالدراسة الأولى للاختبار.
وستقوم شركتان، هما «إديتاس ماديسين» و«أليرغان»، باختبار هذه التجربة على ما يصل إلى 18 شخصاً في جميع أنحاء الولايات المتحدة، خصوصاً داخل مستشفى ماساتشوستس للعيون والأذن في بوسطن، وذلك بدءاً من هذا الخريف.
إن واحداً من أهم مخاوف الرأي العام الأساسية إزاء تقنية «كريسبر» هو إحداث أي تغييرات في الجينوم قد تؤدي إلى أضرار. ويرى الرأي العام أنه «يجب التأكد من أن تقنية كريسبر آمنة، وأن التعديل الجيني فعال».
في المقابل، حازت تقنية «كريسبر» على إعجاب العلماء لأنها طريقة بسيطة تستخدم لتحرير الجينات، رغم أنها جديدة لدرجة أن مخاطرها غير معروفة تماماً. لكن الباحثين يعتقدون أن لديها إمكانات كبيرة لعلاج كثير من الأمراض التي تسببها عيوب الجينات، وفق مجلة «التايم».
ويختلف هذا التحرير الجيني للأشخاص بعد الولادة عن العمل المثير للجدل الذي قام به عالم صيني العام الماضي، حيث قام بتغيير الحمض النووي للأجنة عند الحمل بطريقة يمكن أن تنقل صفات وراثية معينة إلى الأجيال المقبلة.
وأكد الباحث الصيني هي جيانكوي، وهو ضمن فريق من جامعة ثاوثرن للعلوم والتكنولوجيا في مدينة شنجن في الصين يعمل على تطويع الأزواج في محاولة لإنتاج أوائل الأطفال المعدلين جينياً، أن «زوجين قاما في التجربة بإنجاب فتاتين توأمين في نوفمبر (تشرين الثاني). وقد خطط الباحثون للقضاء على جين يدعى (ccr5)، على أمل جعل الأطفال مقاومين لفيروس نقص المناعة».
وأكد تقرير لمجلة «التايم» الأميركية أن «تغييرات الحمض النووي في البالغين التي تهدف الدراسة الجديدة إلى إجرائها لن تكون وراثية، أي لن تنتقل إلى أبنائهم في المستقبل».
وأمل العالم شارل ألبرايت في أن «تجيب التجربة على كثير من الأسئلة التي قد تكون حاسمة بالنسبة لمستقبل العلاجات المعتمدة من خلال كريسبر»، لافتاً إلى أن «التقنية تسمح للعلماء بتغيير أي جين يستهدفونه فعلياً، مما يفتح آفاقاً جديدة في الطب الوراثي بسبب قدرتها على تعديل الجينات بسرعة وفاعلية، وستمنح الأطباء إجابات أوضح عن جرعات العلاج، وكذلك الآثار الجانبية المحتملة».
كان علماء قد كشفوا في فبراير (شباط) أنهم تمكنوا من استخدام التقنية الرائدة المثيرة للجدل في تعديل الجينات «كريسبر» على مريض، من أجل إضعاف، ومن ثم القضاء على، مرض اضطرابات الدم الوراثية.
ووراء هذا المشروع شركة التكنولوجيا الحيوية السويسرية - الأميركية «كريسبر ثيروبيتكس فيرتكس» (CRISPR Therapeutics and Vertex)، التي تقول إنها أول من استخدم تقنية «كريسبر» على الإنسان، رغم أنه سبق استخدامه على مرضى السرطان في الصين.
ولفتت الشركة إلى أن «المريض المجهول في التجربة السريرية يعاني من الثلاسيميا بيتا، وهي مجموعة من اضطرابات الدم الوراثية نتجت بسبب نقص أو غياب سلاسل بيتا من الهيموغلوبين التي تؤدي إلى نتائج متنوعة، منها فقر دم شديد، ويُصاب به 1 من كل مائة ألف شخص، وهي أيضاً تعوق إنتاج الهيموغلوبين، وهو أمر ضروري لدفع الأكسجين في جميع أنحاء الجسم».
وخلال هذه التجربة، استنسخ فريق الباحثين مجموعة من الأجنّة من خلال خلايا جلديّة أخذوها من مرضى مصابين أصلاً بالثلاسيميا، وزرعوها في بويضات أُفرغَت من نواتها. وبنتيجة هذه العمليّة تطوّرت البويضات إلى أجنّة صغيرة ناشئة تحمل في طيّاتها تشوّه الثلاسيميا.
وعالجت الشركة المرض باستخدام التقنية التجريبية لتعديل الحمض النووي وتبديل الجينات المعيبة.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة سمرث كولكارني: «يعتبر علاج أول مريض في هذه الدراسة معلماً علمياً وطبياً مهماً، وهذا المريض لم يحتج إلى عمليات نقل دم خلال أربعة أشهر».
وكانت العالمة الأميركية جنيفر دودنا، وهي أحد أبرز العلماء الذين قادوا تطوير تقنية كريسبر للتعديل الجيني، قد حذّرت من وقوع هذه التقنية في الأيدي الخطأ.
تقنية «كريسبر» للتعديل الجيني: حل قد يحدث ثورة في ابتكارات الرعاية الصحية
تقنية «كريسبر» للتعديل الجيني: حل قد يحدث ثورة في ابتكارات الرعاية الصحية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة