كيفية النجاح كخبير استثمار مستقبلي

غاري بيكر
غاري بيكر
TT

كيفية النجاح كخبير استثمار مستقبلي

غاري بيكر
غاري بيكر

أصبحت الروبوتات تحل محل عمال المصانع، وأصبحت برامج المحادثة الآلية تحل محل موظفي مراكز الاتصال، ناهيك بأن الخوارزميات الرياضية أصبحت تحل محل المتداولين. وإذا ما أردنا استعراض الوظائف المتأثرة بالأتمتة والتقنيات، سنجد أن القائمة تطول. فما الذي يحمله المستقبل لخبراء إدارة الاستثمار وكيف يمكنهم النجاح في هذا الوضع الجديد؟
يواجه الخبراء في مجال إدارة الاستثمار إحلالاً تكنولوجياً متسارعاً، حيث يتوقع ما يقرب من نصف خبراء الاستثمار حول العالم الذين شاركوا في استبيان معهد المحللين الماليين المعتمدين لإصدار تقرير جديد بعنوان «خبراء الاستثمار المستقبليون»، أن تتغير أدوارهم بدرجة كبيرة خلال العقد القادم. ويجب على خبراء الاستثمار الحاليين والمستقبليين الاستعداد -من الآن- للنجاح في المستقبل الذي سيتزايد فيه الاعتماد على التقنيات التكنولوجية بدرجة كبيرة.
وبطبيعة الحال، تعد التكنولوجيا المالية (فينتك) من أهم عوامل الإحلال التكنولوجي في زماننا هذا. ودعونا نبدأ بذكر حقيقة أساسية: لا مفر من استمرار التغير الناتج عن التقنيات التكنولوجية في مجال أعمالنا. ويعني ذلك أن على خبراء إدارة الاستثمار تبني التكنولوجيا وإتقانها، بصرف النظر عن أدوارهم، والتركيز على تحقيق معادلة المهارات الجديدة، وهي الدمج بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري.
لقد أصبح الدمج بين هذين العنصرين أكثر أهمية من كل منهما على حدة، ذلك أن الدمج بينهما يتيح الاستفادة من مزايا كل منهما. ويتطلب التفاعل الجديد بين الإنسان والآلة أن يكون هناك تعاون بين العنصر البشري والذكاء الاصطناعي، ولا شك أن الخبراء الذين يتمكنون من تحقيق التوازن المناسب في هذا الشأن هم من سيجنون ثمار ذلك.
وفي ظل الأتمتة التقنية للعديد من الجوانب في عملية الاستثمار، يصبح هناك دور أبرز للمهارات الشخصية لدى خبراء الاستثمار، مثل: التواصل والقيادة والقدرة على الإنصات والتعاطف وبناء العلاقات والإبداع وغير ذلك الكثير. ويرجع ذلك إلى أن تلك المهارات ليست متعلقة بأدوار أو مناصب معينة، وكثيراً ما يكون هناك نقص فيها في مجال من المتعارف أنه يحتاج إلى المهارة التقنية والكمية. وقد أدى بنا هذا إلى عدم التوافق بين المهارات التقنية المتعمقة التي يكتسبها الخبراء وبين ما يتطلبه فعلياً العديد من العملاء وأصحاب العمل.
تتزايد أهمية الخبرة والقدرة على إصدار الأحكام عندما يكون للقرارات المطلوب اتخاذها تأثير أكبر وتنطوي على مخاطر أعلى. فلا يمكن لأي موقع إلكتروني أو تطبيق أو برنامج الدفاع عن مصالح المستثمرين مثلما يفعل الخبراء. ولا يمكن لأي روبوت التعامل مع الشكوك المحيطة بالاستثمار وقلة البيانات والمخاطر الضمنية مثل أي مستشار مؤتمن.
لذلك، يجب أن يتحول القطاع من تقديم المزيد وبوفرة من المنتجات إلى توفير حلول تلبي احتياجات العملاء. وبذلك، تصبح أهم المهارات المطلوبة في المستقبل هي المهارات القائمة على الحلول مثل فهم احتياجات العملاء بهدف تحقيق النتائج المنشودة.
من الملاحظ زيادة اتجاه المستثمرين من الأفراد والمؤسسات نحو المنتجات الاستثمارية ذات غايات أسمى. وسيتطلب هذا التركيز على الاستثمار المؤثر والاستدامة التدريب على التحليلات المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وعلى الإدارة الرشيدة على نطاق أوسع. وقد أظهر مستثمرو المستقبل -وأغلبهم من النساء ومن جيل الألفية- حرصهم الشديد على الاستثمار في تلك المنتجات.
لقد أظهرت أبحاثنا أن 73% من المستثمرين المشاركين في الاستبيان يضعون العوامل المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في عين الاعتبار. ونعتقد أن هذه النسبة سترتفع في السنوات القادمة. ولا شك أن هذا يمثل فرصة حقيقية في السوق، ويجب على خبراء الاستثمار المستقبليين الانتباه إليها.
ومن الأمثلة على ذلك أن تأثير التغير المناخي أصبح يلقى صدى كبيراً لدى المستثمرين. ففي الوقت الذي يتزايد فيه عدد المستثمرين الساعين لعدم التسبب في أي ضرر نتيجة استثماراتهم، يُتوقَّع من خبراء الاستثمار المستقبليين عدم الاكتفاء بالاهتمام بالعوائد المالية فقط عند إدارة محافظ الاستثمار، وإنما الانتباه كذلك إلى كيفية تأثير التغير المناخي على استثماراتهم ومدى نجاح الشركات في الحد من التأثير البيئي لها.
وقد أصبح بإمكان طلاب ماجستير إدارة الأعمال في الكليات الرائدة لإدارة الأعمال على مستوى العالم الحصول على دورات في التمويل المستدام، ويجب على الخبراء الماليين العاملين في المجال في الوقت الحالي تطوير خبراتهم في هذا الموضوع أيضاً. ولذلك، أطلقت جمعية المحللين الماليين المعتمدين في المملكة المتحدة مؤخراً شهادة معتمدة في الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لتلبية هذه الحاجة.
يتيح النمو المستمر في الاستثمار في السوق الخاصة -والانكماش المتزامن في الأسواق العامة- فرصاً لخبراء الاستثمار في مجال آخر. فإذا توسّعنا في تعريف الإدارة الفعالة لتشمل الاستثمارات غير المُدرجة، سنجد أن الاستثمار النشط موجود وناجح، حيث تلجأ المؤسسات الاستثمارية إلى الأسواق الخاصة من أجل تحقيق عوائد أعلى. وفي تلك الحالة، سيجد الخبراء الذين يتمتعون بالخبرة والمرونة التي تمكّنهم من تقييم هذه الأنواع من الأصول، حتى في عدم وجود نماذج مقارنة في القطاع العام، مجالاً لتطبيق مهاراتهم.
وفي ظل هذا التغير الكبير، تتزايد أهمية التعلّم المستمر طوال الحياة المهنية للشخص. فليست هناك نهاية لرحلة التعلّم طوال الحياة المهنية، ويجب على خبراء الاستثمار بذل جهد حقيقي في مهنهم واتباع نمط تفكيري يركز على النمو ويدفعهم إلى مواصلة التعلّم.
تشير تقديرات إحدى شركات الاستشارات، وهي شركة «أوبيماس»، إلى أن 90 ألف وظيفة في مجال إدارة الصناديق على مستوى العالم ستختفي خلال العقد القادم بسبب تبني الذكاء الاصطناعي. ومن الأمور الأخرى التي تبعث على التفاؤل، النمو الذي نراه في مجالات أخرى، خصوصاً في إدارة الثروات والأسواق الناشئة والتطور طويل الأجل للأسواق الخاصة كوسيلة استثمارية للأفراد على المدى البعيد.
وهناك شيء واحد مؤكد: في ظل التحول الذي يشهده مجال الاستثمار بسبب وتيرة التغير غير المسبوقة، يجب على خبراء الاستثمار المستقبليين مواكبة ذلك التحول ومواجهة التحديات الجديدة واغتنام الفرص المتاحة أمامهم للنجاح في عملهم. ورغم أن المهارات الاستثمارية الأساسية ستظل ضرورية، فإن القدرة على مواكبة هذا التحول ستكون حيوية هي الأخرى.
- محلل مالي معتمد والمدير التنفيذي لمعهد المحللين الماليين المعتمدين في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا ومتخصص في البحوث المتعلقة بالسياسات والقطاعات


مقالات ذات صلة

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

على امتداد أشهَر عامٍ اتسم بالتقلبات، حافظت واشنطن وبكين على نهج «التصعيد المحسوب»، بحيث ارتفعت وتيرة الإجراءات من دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

شهدت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات هادئة في جلسة ضعيفة السيولة عقب عطلة عيد الميلاد يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)

خفايا المواجهة: كيف صمد «الفيدرالي» في مواجهة ترمب؟

بينما كانت منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بتهديدات البيت الأبيض ضد استقلال البنك المركزي، كانت تجري خلف الأبواب المغلقة في فيلادلفيا معركة مختلفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

سادت حالة من الهدوء النسبي على «وول ستريت»، في مستهل تعاملات يوم الأربعاء، حيث استقرت المؤشرات الرئيسية بالقرب من مستويات قياسية في جلسة تداول قصيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الصين تُعلن إطلاق خطة عمل لـ«اليوان الرقمي»

تمثال ضخم في واجهة أحد المراكز التجارية بالعاصمة الصينية بكين ترحيباً بـ«عام الحصان» (أ.ب)
تمثال ضخم في واجهة أحد المراكز التجارية بالعاصمة الصينية بكين ترحيباً بـ«عام الحصان» (أ.ب)
TT

الصين تُعلن إطلاق خطة عمل لـ«اليوان الرقمي»

تمثال ضخم في واجهة أحد المراكز التجارية بالعاصمة الصينية بكين ترحيباً بـ«عام الحصان» (أ.ب)
تمثال ضخم في واجهة أحد المراكز التجارية بالعاصمة الصينية بكين ترحيباً بـ«عام الحصان» (أ.ب)

أعلن نائب محافظ «بنك الشعب (المركزي) الصيني»، لو لي، الاثنين، أن الصين ستطلق في 1 يناير (كانون الثاني) المقبل «خطة عمل» لتعزيز إدارة وتشغيل عملتها الرقمية. وكتب لي في «فايننشال نيوز»، وهي وسيلة إعلامية تابعة لـ«البنك المركزي»: «سيكون اليوان الرقمي في المستقبل وسيلة دفع وتداول رقمية حديثة، تُصدَر وتُتداول داخل النظام المالي».

وفي خطوة لاحقة نحو تحقيق هذا الهدف، سيطلَق «جيل جديد» من نظام اليوان الرقمي في 1 يناير المقبل، وفق لي، يشمل «إطاراً للقياس، ونظاماً للإدارة، وآلية تشغيل، ومنظومة متكاملة». وستشهد «خطة العمل» دفع البنوك فوائد على أرصدة عملائها باليوان الرقمي، في خطوة تهدف إلى تحفيز استخدام العملة على نطاق أوسع. وأشار التقرير إلى أن الخطة تتضمن أيضاً مقترحاً لإنشاء مركز عمليات دولي لليوان الرقمي في «المركز المالي الشرقي» لمدينة شنغهاي.

وسعت السلطات النقدية حول العالم في السنوات الأخيرة إلى استكشاف سبل رقمنة العملات، مدفوعةً بالنمو الهائل في المدفوعات الإلكترونية خلال جائحة «كورونا»، والشعبية المتصاعدة للعملات المشفرة مثل «بيتكوين».

ويعمل «بنك الشعب الصيني» على تطوير عملة رقمية منذ عام 2014، ويختبر استخدام «اليوان الرقمي» أو «e-CNY» في برامج تجريبية مختلفة. ويستخدم المستهلكون في جميع أنحاء البلاد بالفعل المدفوعات عبر الهاتف الجوال والإنترنت على نطاق واسع، ولكن اليوان الرقمي قد يتيح لـ«البنك المركزي» - بدلاً من شركات التكنولوجيا العملاقة - الوصول إلى مزيد من البيانات والتحكم في المدفوعات.

* اليوان يتراجع مع تحذير المضاربين

في غضون ذلك، تراجع اليوان الصيني مقابل الدولار للجلسة الثانية على التوالي يوم الاثنين، مبتعداً أكثر عن مستوى 7 يوانات للدولار ذي الأهمية النفسية، في ظل استمرار السلطات في كبح جماح الارتفاعات السريعة أحادية الاتجاه للعملة. وواصل «البنك المركزي» تحديد سعر صرف أضعف من المتوقع للحد من قوة اليوان المفرطة، بينما حذرت افتتاحيات وسائل الإعلام الرسمية أيضاً من المراهنة على تحركات أحادية الاتجاه لليوان بعد أن تجاوز اليوان في السوق الخارجية لفترة وجيزة مستوى 7 يوانات للدولار الأسبوع الماضي.

وقالت صحيفة «سيكيوريتيز تايمز» في افتتاحيتها على الصفحة الأولى يوم الاثنين: «بالنسبة إلى المشاركين في السوق، مثل الشركات والمؤسسات المالية، فإن تحركات أسعار الصرف غير قابلة للتنبؤ بطبيعتها». وأضافت الصحيفة الرسمية: «ينبغي للأسواق تجنب اتباع الاتجاهات بشكل أعمى أو المضاربة على تقلبات أسعار الصرف». في اليوم نفسه، حذّرت صحيفة «شنغهاي سيكيوريتيز نيوز» من المراهنة على ارتفاع اليوان بشكل أحادي، وسلّطت الضوء على حالة عدم اليقين المحيطة بمسار العملة المستقبلي، نقلاً عن خبراء في القطاع.

وقبل افتتاح السوق، حدّد «بنك الشعب الصيني» سعر الصرف المتوسط عند 7.0331 يوان للدولار، وهو أعلى مستوى له منذ سبتمبر (أيلول) 2024، ولكنه أقل بـ274 نقطة من تقديرات «رويترز» البالغة 7.0057. ويُسمح لليوان الفوري بالتداول بحد أقصى اثنين في المائة أعلى أو أسفل سعر الصرف المتوسط الثابت يومياً.

يُذكر أن «البنك المركزي» كان يُصدر توجيهات نقدية أقل من المتوقع منذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في خطوة فسّرها المستثمرون بأنها محاولة رسمية لكبح جماح الارتفاع الأخير لليوان، الذي كان مدفوعاً جزئياً بزيادة الطلب الموسمي وضعف الدولار بشكل عام. وقال تشو غونتشي، كبير محللي الاقتصاد الكلي في شركة «تشاينا سيكيوريتيز»: «لا يزال الاتجاه العام لارتفاع قيمة اليوان قائماً، مع احتمال كبير لتجاوز حاجز 7 يوانات». وأضاف: «مع ذلك، فسيخف ضغط ارتفاع قيمة اليوان الناتج عن تسويات العملات الأجنبية بمجرد انتهاء فترة التسوية». وعادةً ما يحول المصدرون جزءاً كبيراً من عائدات العملات الأجنبية إلى العملة المحلية لتغطية مختلف المدفوعات، بما في ذلك المتطلبات الإدارية ورواتب الموظفين، وذلك مع اقتراب نهاية العام وقبل عطلة رأس السنة القمرية. ويصادف رأس السنة القمرية، وهو أكبر عطلة في الصين، منتصف فبراير (شباط) 2026.

وبلغ سعر صرف اليوان في السوق المحلية 7.0105 يوان للدولار الأميركي في تمام الساعة الـ03:33 بتوقيت غرينيتش، بعد أن سجل أعلى مستوى له في 15 شهراً عند 7.0053 يوان الأسبوع الماضي. وارتفعت قيمة اليوان الصيني بأكثر من 4.1 في المائة مقابل الدولار هذا العام، ويبدو أنه في طريقه لتسجيل أكبر ارتفاع سنوي منذ عام 2020. وبلغ سعر صرفه في السوق الخارجية 7.0086 يوان للدولار الواحد عند الساعة الـ03:33 بتوقيت غرينيتش. وتتوقع بيوت الاستثمار العالمية على نطاق واسع أن يستمر زخم اليوان التصاعدي في العام الجديد، وأن يختبر مستوى 7 يوانات. بينما أكد «البنك المركزي» مجدداً التزامه الحفاظ على استقرار العملة في تقريره السنوي عن الاستقرار المالي الصادر مساء الجمعة، مشدداً على أنه سيتخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب مخاطر تجاوز سعر الصرف الحدود المسموح بها.

وفي هونغ كونغ، أظهرت سيولة اليوان بعض المؤشرات على ضيقها مع اقتراب نهاية العام، حيث قفز مؤشر يقيس وضع اليوان في المركز المالي، إلى 1.91136 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ 18 نوفمبر الماضي.


الأسواق الناشئة تستعد لإنهاء 2025 بأفضل أداء منذ 2017

رجل يلتقط صورة لمؤشرات بورصة البرازيل في ساو باولو (أرشيفية - رويترز)
رجل يلتقط صورة لمؤشرات بورصة البرازيل في ساو باولو (أرشيفية - رويترز)
TT

الأسواق الناشئة تستعد لإنهاء 2025 بأفضل أداء منذ 2017

رجل يلتقط صورة لمؤشرات بورصة البرازيل في ساو باولو (أرشيفية - رويترز)
رجل يلتقط صورة لمؤشرات بورصة البرازيل في ساو باولو (أرشيفية - رويترز)

ارتفعت أسهم الأسواق الناشئة في الأسبوع الأخير من عام 2025، مدفوعة بقوة الأسواق الآسيوية، رغم أن عطلات نهاية العام أدت إلى تراجع السيولة وإبطاء حركة التجارة العالمية. ويبدو أن هذا النوع من الأصول في طريقه لتسجيل أفضل عام له منذ 2017، مع تحقيق مكاسب كبيرة في الأسهم والعملات.

وارتفع مؤشر «إم إي سي آي» لأسهم الأسواق الناشئة بنسبة 0.4 في المائة، الاثنين؛ ما يجعل المؤشر على وشك إنهاء العام بمكاسب تقارب 30 في المائة. كما سجلت الأسهم التايوانية مستويات قياسية جديدة، بينما ارتفعت الأسهم الكورية الجنوبية بنسبة 2.2 في المائة إلى أعلى مستوياتها منذ أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، مع صعود الوون بنسبة 0.7 في المائة مقابل الدولار. في المقابل، شهد اليوان صعوداً محدوداً، لكنه كان متجهاً لتسجيل خسائر للجلسة الثانية على التوالي بعد تحذيرات وسائل الإعلام الحكومية بشأن مكاسب سريعة للعملة، وفق «رويترز».

وتباين أداء الأسهم الصينية؛ إذ يتجه مؤشر شنغهاي المركب لتحقيق أطول سلسلة مكاسب له منذ سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، بينما انخفض مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 0.4 في المائة. وأعلنت وزارة المالية الصينية أن السياسات المالية ستكون أكثر فاعلية خلال 2026؛ ما يعزز التفاؤل حيال أداء الأسواق في العام المقبل.

وفي جنوب أفريقيا، شهدت الأسهم والعملات استقراراً مؤقتاً بعد ارتفاعات متتالية بلغت 3.7 في المائة خلال الجلسات الست الماضية، مع تراجع الراند بنسبة 0.3 في المائة مقابل الدولار نتيجة انخفاض أسعار الصادرات الرئيسية مثل الذهب والبلاتين. من جهة أخرى، ارتفعت أسهم شركة «أسبن فارماكير» بنسبة 22 في المائة لتسجل أعلى مستوى لها منذ أكثر من أربعة أشهر، عقب إعلان بيع أصولها الرئيسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، باستثناء الصين، لشركة الاستثمار المباشر الأسترالية «بي جي إتش كابيتال» مقابل 2.37 مليار دولار أسترالي (1.59 مليار دولار).

وعلى الصعيد الجيوسياسي، يتابع المستثمرون من كثب التطورات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا، بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول اقتراب التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مع الإشارة إلى وجود بعض القضايا الشائكة المتعلقة بالأراضي التي لا تزال تحتاج إلى حل. وقد انعكس التفاؤل جزئياً على سندات أوكرانيا المقوَّمة بالدولار، التي شهدت ارتفاعاً طفيفاً.

وبشكل عام، يغلق عام 2025 الأسواق الناشئة على أداء قوي، بينما يبقى المستثمرون يقيّمون العوامل الاقتصادية والجيوسياسية قبل دخول 2026، مع توقع استمرار زخم المكاسب، خصوصاً في ظل الدعم المؤسسي والسياسات المالية المرنة في المنطقة الآسيوية.


ألمانيا تواجه 2026... تسريح العمال يتصدر توقعات جمعيات الأعمال

يعمل الفنيون في خط تجميع سيارات «فولكسفاغن» الكهربائية من طراز «آي دي.3» بدريسدن (رويترز)
يعمل الفنيون في خط تجميع سيارات «فولكسفاغن» الكهربائية من طراز «آي دي.3» بدريسدن (رويترز)
TT

ألمانيا تواجه 2026... تسريح العمال يتصدر توقعات جمعيات الأعمال

يعمل الفنيون في خط تجميع سيارات «فولكسفاغن» الكهربائية من طراز «آي دي.3» بدريسدن (رويترز)
يعمل الفنيون في خط تجميع سيارات «فولكسفاغن» الكهربائية من طراز «آي دي.3» بدريسدن (رويترز)

أظهر استطلاعٌ أجراه المعهد الاقتصادي الألماني «آي دبليو»، يوم الاثنين، أن غالبية جمعيات الأعمال الألمانية تتوقع تسريح العمال خلال عام 2026، مع استمرار الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد. وتضررت الصناعة بشدة جراء سياسات الحمائية العالمية وضعف الصادرات، ما أثّر على القدرة التنافسية للقطاع الصناعي.

وشمل الاستطلاع 46 جمعية أعمال، حيث توقعت 22 جمعية تقليص القوى العاملة في العام المقبل، في حين تتوقع تسع جمعيات زيادة التوظيف، و15 جمعية أخرى استقرار مستويات التوظيف، وفق «رويترز».

وتُعد صناعات السيارات والورق والنسيج من بين القطاعات الأكثر تأثراً، إذ أدت الحمائية العالمية وضعف الصادرات وارتفاع التكاليف المحلية إلى تآكل القدرة التنافسية السعرية لألمانيا. وعلّق مايكل هوثر، مدير المعهد، قائلاً: «سيُصاب أولئك الذين كانوا يأملون في نهاية سريعة وشاملة للأزمة الاقتصادية بخيبة أمل في عام 2026»، مؤكداً أن الاقتصاد «يستقر عند مستوى أدنى».

ولا تزال خطط الاستثمار ضعيفة، حيث أظهر الاستطلاع أن 11 جمعية فقط تتوقع زيادات في الإنفاق، بينما تتوقع 14 جمعية تخفيضات، وترى 21 جمعية ركوداً في الاستثمار عند مستويات منخفضة.

في المقابل، برزت بعض النقاط الإيجابية في القطاعات التي استفادت من زيادة الإنفاق الدفاعي، بما في ذلك قطاعا الطيران وبناء السفن. كما شهدت خدمات الأعمال تحسناً، مقارنة بالعام الماضي. وعموماً، أظهرت معنويات قطاع الأعمال تحسناً طفيفاً، إذ توقعت 19 جمعية ارتفاع الإنتاج عن عام 2025 مقابل تسع جمعيات توقعت انخفاضه، وهو أول توازن إيجابي في التوقعات منذ سنوات.

الاقتصاد في «صدمة»

يعيش الاقتصاد الألماني منعطفاً حرجاً وصَفه الخبراء بحالة «الصدمة»، حيث اجتمعت تداعيات أزمة الطاقة المستمرة، مع سياسة أسعار الفائدة المرتفعة التي كبحت الاستثمار، وضغوط ضعف الطلب العالمي على الصادرات الألمانية. هذا المزيج السلبي لم يؤدِّ فقط إلى تباطؤ النمو، بل أحدث تصدعات واضحة في سوق العمل وبيئة الأعمال.

وشهدت الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2025 ذروة غير مسبوقة في حالات إفلاس الشركات، وهي الأعلى منذ 11 عاماً. ولم يعد الأمر مجرد أرقام محاسبية، بل تحوَّل إلى أزمة اجتماعية؛ حيث يقدّر معهد «هالي» للأبحاث الاقتصادية (IWH) أن نحو 170 ألف وظيفة تأثرت في عام 2025، ارتفاعاً من أقل من 100 ألف وظيفة قبل جائحة «كوفيد-19».

هذه الموجة دفعت معدلات البطالة لتتجاوز حاجز ثلاثة ملايين شخص في أغسطس (آب) الماضي، مع ازدياد الضغط على سوق العمل بدخول 100 ألف باحث جديد عن عمل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة بالعام الماضي، مما يعكس اتساع الفجوة بين العرض والطلب على العمالة.

وفقاً لمعهد الاقتصاد الألماني «آي دبليو»، دخل الناتج المحلي الإجمالي في نفق مظلم؛ فبعد مخاوف من الانكماش، تشير التوقعات الحالية إلى نمو باهت لا يتعدى 0.2 في المائة لعام 2025. ورغم التفاؤل الحذِر بنمو 0.9 في المائة خلال 2026، فإن هذه الأرقام تظل دون المستويات المطلوبة لتحفيز التعافي الحقيقي، مما يضع ألمانيا في حالة من «الجمود الاقتصادي»، مقارنة بنظرائها في الاتحاد الأوروبي.

وفي خطوة استراتيجية لمواجهة الركود، وافقت الحكومة، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، على إصلاحات في نظام دعم البطالة، حيث جرى استبدال إطار جديد لدخل أساسي، بعد ثلاث سنوات، بالنظام الحالي. وتقدم التغييرات متطلبات أكثر صرامة وعقوبات أشد للمستفيدين؛ بهدف تسريع عملية توظيف العمال.