الأهازيج الشعبية المصرية لوداع الحجاج... تراث لا ينضب

تروج في الأقاليم... وكبار السن يحفظونها

رسومات الحج على بيوت المصريين
رسومات الحج على بيوت المصريين
TT

الأهازيج الشعبية المصرية لوداع الحجاج... تراث لا ينضب

رسومات الحج على بيوت المصريين
رسومات الحج على بيوت المصريين

يعد الغناء الشعبي والأهازيج جزءاً مهماً من الثقافة المصرية، استخدمه المصريون على مدى عصور في توثيق جميع جوانب حياتهم، من أعياد واحتفالات وانتصارات ونكبات، وحتى لحظات الحزن والوفاة، وكان لموسم الحج الذي يقدسه المصريون نصيب كبير ومهم من ثقافة الغناء الشعبي، وحظي بطقوس خاصة بدءاً من لحظة البشارة بالحج، مروراً برحلة الحاج إلى بيت الله الحرام، وحتى عودته مرة أخرى إلى بلاده بعد أدائه الفريضة المقدسة.
وقال الدكتور أحمد مرسي، أستاذ الأدب والفولكور الشعبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحج ارتبط في الذاكرة الشعبية المصرية بنوعين من الأغاني، الأول في الذهاب، والثاني عند عودة الحاج إلى وطنه»، مشيراً إلى أن «أغاني الذهاب كانت الأكثر شهرة وانتشاراً، وتسمى حنون الحجاج، وتغنيها السيدات».
وأضاف مرسي أنه «فور معرفة الحاج باختياره لأداء فريضة الحج، تبدأ السيدات في غناء أغاني التحنين، وهي أغانٍ تهدف إلى إشعار الحاج بالحنين إلى أهله حتى يعود إليهم»، موضحاً أن «الحج ارتبط في الماضي بكبار السن، وكان هناك اعتقاد شعبي أنه من الأفضل أن يكرم الحاج كبير السن بالوفاة في الأراضي المقدسة حتى تُغسل كل ذنوبه، ويذهب إلى الجنة، ويُدفن بجوار الرسول، صلى الله عليه وسلم، ولذلك جاءت أغاني التحنين لتشجيعه على العودة لأهله»، لافتاً إلى أنه «جرت العادة في القرى على إيصال الحاج للمطار أو الميناء بزفة ترفع الرايات البيضاء».
وتعد زفة الحجاج من أهم الطقوس الشعبية في وداع زائري بيت الله الحرام خصوصاً في الأقاليم، وتحفظ ذاكرة كبار السن أغنية مثل «رايحة فين يا حاجة... يا أم شال قطيفة»، و«اركبي يا حاجة وردي غطاكي... مايرعبكيش المالح»، و«ياوابور السفر لأحني قلوعك... سيد المرسلين يكتب رجوعك».
ورغم مرور الزمن، واندثار بعض هذه العادات أو الأغاني بين سكان المدن، فإنها ما زالت مستخدمة في بعض القرى، ومحافظات الصعيد، وفي الوقت الذي تراجع فيه ظهور زفة الحجيج للمطار بالرايات البيضاء والأغاني الشعبية، ما زالت الرسوم الجدارية للطائرات والسفن والكتابات التي تحمل عبارات تهنئة للحجاج محفورة ومنقوشة على منازلهم، ويحرص عدد كبير من أهالي الحجاج على أن تكون هذه الرسومات في استقبال ذويهم العائدين من رحلة الحج.
وقال مرسي إنه «عند عودة الحاج كان يتم تزيين واجهة المنزل، بالرسومات المرتبطة بالمخيلة الشعبية عن الحج، مثل الكعبة الشريفة، والطائرة، والباخرة والجمل، وغيرها»، مشيراً إلى أنه «وفقاً للحالة الاقتصادية للحاج وأسرته، كان يتم عمل احتفال يحْييه المداحون والفرق الشعبية وتغنى فيها أغاني في مدح الرسول عليه السلام».
واعتادت المطربة الشعبية المصرية فاطمة عيد أن تحيي حفلات استقبال الحجاج في الفترات السابقة، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إنها «كانت تُطلب لإحياء حفلات الحجاج في السابق»، مشيرةً إلى أنه «جرت العادة أن يتم إعادة طلاء المنازل، ورسم بعض الرسومات على منازل الحجاج، وتحضير الذبائح، وعمل حفل يشبه حفلات الزفاف في استقبال الحاج».
وأوضحت عيد أن «الحج لم يكن بالرفاهية التي نراها حالياً، وكانت الرحلة شاقة، فكان يتم التعامل مع الحاج على أنه وُلد من جديد، عند عودته من الحج»، مشيرةً إلى أنها غنّت الكثير من الأغاني للحج من بينها أغنية «يا قاصد الحرمين مبروك هنيالك رايح توفي الدين مولاك كتبهالك»، من كلمات عبد الرحمن سيد الأهل، وألحان شيخ الملحنين أحمد صدقي.
وقالت عيد إن «أشهر أغانيها والتي حظيت بشعبية كبيرة إلى الآن أغنية (حاجة حاجة يا أم شال قطيفة... رايحة فين يا حاجة ع الكعبة الشريفة... وادعيلي يامّا من فوق المنامة... ودعيتلك يا بني تيجي بالسلامة)، من كلمات عبد الرحمن الأبنودي، وألحان منير الوسيمي».
ومع بدء موسم الحج لهذا العام، ظهرت حالة من الحنين (النوستالجيا) على مواقع التواصل الاجتماعي لتراث الاحتفالات الشعبية بالحجيج، وبدأ عدد ممن تم اختيارهم لأداء الفريضة يتحدث عن رغبته في أن يحظى بالزفة الشعبية التقليدية للحجيج، وأن تخرج الحاجة في موكب يرفع الرايات البيضاء، ويغني لها مودّعوها «رايحة فين يا حاجة يا أم شال قطيفة».
واستمر توثيق رحلة الحجيج في العصور اللاحقة، وخرج من عباءة الفولكلور الشعبي إلى السينما، ولعل من أشهر أغاني الحج التي ما زالت منتشرة إلى يومنا هذا أغنية الفنانة ليلى مراد «يا رايحين للنبي الغالي... هنيا لكم وعقبالي» من فيلم «بنت الأكابر»، كما غنت سيدة الغناء العربي أم كلثوم للحج أغنية «إلى عرفات الله»، لأمير الشعراء أحمد شوقي، وأغنية «القلب يعشق» لبيرم التونسي، ويعد مقطع «دعاني لبيته... لحد باب بيته»، من أشهر مقاطعها.


مقالات ذات صلة

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

الخليج الأمير سعود بن مشعل أكد ضرورة تكثيف التنسيق بين كافة القطاعات لتهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

نحو تهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات وتسهيل طرق الحصول عليها وتحسين المرافق التي تحتضن هذه الشعيرة العظيمة، أعلنت السعودية عن بدء التخطيط الزمني لحج 1446هـ.

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

ألغت وزارة السياحة والآثار المصرية تراخيص 36 شركة سياحة، على خلفية تورطها في تسفير حجاج «غير نظاميين» إلى السعودية.

أحمد عدلي (القاهرة)
الخليج 7700 رحلة جوية عبر 6 مطارات نقلت حجاج الخارج إلى السعودية لأداء فريضة الحج (واس)

السعودية تودّع آخر طلائع الحجاج عبر مطار المدينة المنورة

غادر أراضي السعودية، الأحد، آخر فوج من حجاج العام الهجري المنصرم 1445هـ، على «الخطوط السعودية» من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة للطرفين عقب توقيع الاتفاقية (مجموعة السعودية)

«مجموعة السعودية» توقّع صفقة لشراء 100 طائرة كهربائية

وقّعت «مجموعة السعودية» مع شركة «ليليوم» الألمانية، المتخصصة في صناعة «التاكسي الطائر»، صفقة لشراء 100 مركبة طائرة كهربائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الثوب الأغلى في العالم بحلته الجديدة يكسو الكعبة المشرفة في المسجد الحرام بمكة المكرمة (هيئة العناية بشؤون الحرمين)

«الكعبة المشرفة» تتزين بالثوب الأنفس في العالم بحلته الجديدة

ارتدت الكعبة المشرفة ثوبها الجديد، الأحد، جرياً على العادة السنوية من كل عام هجري على يد 159 صانعاً وحرفياً سعودياً مدربين ومؤهلين علمياً وعملياً.

إبراهيم القرشي (جدة)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.