توقعات باتفاق وشيك بين الثوار والعسكريين في السودان

مواكب حاشدة تجوب مدن البلاد للمطالبة بالقصاص العادل للشهداء... وسقوط 4 قتلى في أم درمان

احتجاجات حاشدة عمت شوارع الخرطوم ومدن سودانية تطالب بالقصاص لشهداء الثورة (أ.ف.ب)
احتجاجات حاشدة عمت شوارع الخرطوم ومدن سودانية تطالب بالقصاص لشهداء الثورة (أ.ف.ب)
TT

توقعات باتفاق وشيك بين الثوار والعسكريين في السودان

احتجاجات حاشدة عمت شوارع الخرطوم ومدن سودانية تطالب بالقصاص لشهداء الثورة (أ.ف.ب)
احتجاجات حاشدة عمت شوارع الخرطوم ومدن سودانية تطالب بالقصاص لشهداء الثورة (أ.ف.ب)

خرج السودانيون في مواكب حاشدة شاركت فيها أعداد تقدر بالملايين في معظم أنحاء البلاد، ونظموا مظاهرات هادرة أطلقوا عليها «القصاص العادل»، استجابة لدعوة «قوى إعلان الحرية والتغيير»، للتنديد بمقتل متظاهرين في مدينة الأبيض غرب البلاد، فيما أعلن كل من المجلس العسكري الانتقالي وقوى التغيير عودتهم للتفاوض على خلافات وصفوها بالوجيزة، متوقعين الوصول لاتفاق سريع.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن 4 محتجين قتلوا بإطلاق الرصاص الحي عليهم، وعلمت «الشرق الأوسط» أن شخصين آخرين أصيبا بالرصاص. وكان خمسة أشخاص بينهم أربعة تلاميذ، لقوا مصرعهم بالرصاص، الاثنين الماضي، قبل أن يلحق بهم السادس، الثلاثاء، متأثراً بجراحه، فيما أصيب 63 آخرون، وذلك على خلفية مظاهرات احتجاجية بسبب ندرة الخبز والوقود في مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان (360) كيلومترا غرب الخرطوم.
وأعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير عن قرب توصلها لاتفاق نهائي مع المجلس العسكري الانتقالي، وأن اللجنة القانونية الفنية المشتركة، تجاوزت معظم القضايا الخلافية، بما في ذلك معضلة نسبة تمثيل الحرية والتغيير في المجلس السيادي، وحصانات رئيس وأعضاء المجلس السيادي.
وقال القيادي في قوى الحرية والتغيير، وعضو اللجنة القانونية الفنية المشتركة ساطع الحاج في مؤتمر صحافي أمس، إن التفاوض مع المجلس العسكري على الإعلان الدستوري سيستأنف اليوم (أمس)، وأضاف: «الاتفاق النهائي أصبح وشيكاً».
وأوضح الحاج أن الطرفين توافقا على معظم النقاط الخلافية، بما في ذلك تكوين لجنة وطنية مستقلة تحقق في مقتل المتظاهرين السلميين أثناء عملية فض الاعتصام وغيرها، وعلى تكوين مجلس السيادة وصلاحياته، ومجلس الوزراء وصلاحياته، والاتفاق على حصانات «إجرائية» لأعضاء المجلس السيادي والمجلس التشريعي، وترفع بقرار من الأخير.
وقال الحاج إن الخلاف على نسبة التمثيل في المجلس التشريعي، والتي كانت محل خلاف لحظة توقيع الإعلان السياسي قبل زهاء أسبوعين تم التوصل لاتفاق حوله، والعودة للاتفاق القديم الذي ألغاه رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ونص على نسبة (67 في المائة) لصالح قوى التغيير، وترك نسبة (33 في المائة) للقوى المشاركة في الثورة من غير الموقعين على الإعلان المجمع عليه بين قادة الثورة.
وبحسب الحاج، فإن القضايا الخلافية المتبقية، تتمثل في النص على قوات الدعم السريع ضمن القوات المسلحة في الوثيقة الدستورية، وسيادة المجلس العسكري على أربع مفوضيات، وإعادة هيكلة القوات المسلحة والنظامية. وقلل الحاج من أهمية هذه النقاط المختلف عليها، وتوقع توصل وفدي التفاوض لتفاهمات حولها وفي وقت وجيز، وقال: «التوافق أصبح قاب قوسين أو أدنى»، وتابع: «نسعى للوصول لحل نهائي، ننتقل بموجبه للفترة الانتقالية»، وأضاف: «الفترة الانتقالية هي الباب الحقيقي الذي سيقفل من خلاله شلال الدم».
من جهته، قال عضو وفد التفاوض الممثل للحرية والتغيير مدني عباس مدني للصحافيين، إن العودة للتفاوض، لا تعني تكميم أفواه الجماهير ومنع حقها في الاحتجاج والمطالبة بالقصاص لدماء الشهداء، وتعهد بالمضي قدما في مساري التفاوض والاحتجاجات الشعبية، وأضاف: «مسار التصعيد السلمي سيتواصل بالتوازي مع التفاوض دون تجاهل دماء الشهداء».
وحمل مدني المجلس العسكري الانتقالي المسؤولية الجنائية عن سقوط شهداء، وقال: «لن تسقط مسؤوليته بالوصول لاتفاق»، وفي الوقت نفسه أبدى أسفه على سحب الحزب الشيوعي لممثليه في التفاوض ورفضه المشاركة في مؤسسات السلطة الانتقالية، وطالبه بالتراجع عن موقفه.
واتهمت لجنة تحقيق تابعة للمجلس العسكري الانتقالي، أفرادا تابعين لقوات الدعم السريع بإطلاق الرصاص على تلاميذ المرحلة الثانوية والمواطنين، وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع جمال عمر بالمجلس في مؤتمر صحافي الأربعاء، إن السلطات تعرفت على الأفراد الذين أطلقوا الرصاص على المتظاهرين، وتم عزلهم من الخدمة وتسليمهم للنيابة تمهيداً لتقديمهم للمحاكمة.
وخرجت المظاهرات المليونية التي دعا لها «تجمع المهنيين السودانيين» على الرغم من تحذيرات ومخاوف من اندلاع أعمال، وقال التجمع في بيانه إن المظاهرات تأتي لطلب القصاص لضحايا أحداث مدينة الأبيض.
وعند الواحدة ظهراً خرجت معظم مدن البلاد في مظاهرات حاشدة تندد بمقتل التلاميذ والمحتجين وتطالب بالقصاص من قاتليهم، وفي الخرطوم خرجت مواكب هادرة في كل مدن الولاية ونواحيها، شارك فيها الآلاف.
وتجمع محتجون في حي «بُرّي» الذي اشتهر بتأييده اللافت للثورة، قبل أن تلحق بهم مواكب قادمة من جنوب الخرطوم وشرق النيل، وعدد من المناطق، وسارت طوال شارع الستين الشهير، ومثلها شهدت كل من مدينة أم درمان ومدينة الخرطوم بحري حشودا من المتظاهرين الغاضبين، في مسيرات ضخمة نددت بقتل المحتجين السلميين.
وازدانت شوارع المدينة بأعلام السودان المختلفة الأحجام، واللافتات، وصور الشهداء والضحايا، وسط ترديد المحتجين شعارات تطالب بالثأر من قتلة المحتجين، ومن بينها هتاف: «الدم قصاد الدم ما بنقبل الديّة، الدم قصاد الدم لو حتى مدنية»، وغيرها من الهتافات الغاضبة.
وتظاهر مئات الآلاف في مدينة الأُبيض، التي شهدت مقتل تلاميذ المدارس، ومثلها خرجت مظاهرات في مدن بورتسودان في أقصى شرق البلاد، ومدينة ود مدني وسط، وسنار وسط، وحلفا وعبري ودنقلا شمالاً، والقضارف وكسلا.
وفشل قرار إغلاق المدارس الذي أصدرته السلطات في الحيلولة دون خروج أعداد كبيرة من المتظاهرين، بل تحدى سكان ولاية كردفان حظر تجول فرضه والي الولاية في أربعة من مدنها، بينها الحاضرة الأبيض، ونظموا مظاهرات ليلية احتجاجا على مقتل أبنائهم.



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.